سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 2354 - 2008 / 7 / 26 - 03:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان ( خطتي من اجل العراق )
يطرح مرشح الحزب الديمقراطي للرئآسة الامريكية (باراك اوباما ) رؤيته
الخاصة بشأن العراق والتي يبدءها بوصف دعوة نوري المالكي لتحديد جدول زمني
لسحب قوات الاحتلال الامريكي من العراق بالفرصة الهائلة ! وفي الفقرة التالية
يضيف اوباما : ( علينا ان نغتنم هذه اللحظة لنبدأ اعادة نشر القوات على مراحل ،
وهو ما ناديت به منذ زمن ، والذي يعتبر ضروريا لنجاح طويل المدى في العراق ،
وللمصالح الامنية للولايات المتحدة ) ! ان اول ما نفهمه من كلام اوباما هذا هو ان
امر استمرار احتلال العراق قضية لاتخضع للنقاش او التعديل من حيث الاساس والمبدأ ؛
وان كل ما يمكن الحديث عنه بهذا الشأن هو بعض الخيارات والتعديلات التكتيكية
التي تخدم استمرار الاحتلال وتديمه ! وان ما عداها لن يتعدى حدود الرتوش التجميلية
التي تضفي عليه قناع التخفي والظهور بمظهر مغاير . ان اول ما يعنه كلام اوباما هو
ان قرار احتلال العراق وتخريبه واستمرار احتلاله ليس قرارا رئآسيا تفرد بصناعته
الرئيس بوش وعصبته من المحافظين الجدد في الخارطة السياسية الامريكية ، وانما هو
قرار يتعدى حدود البيت الابيض ومؤسساته الوزارية ذاته ليصل الى اصابع اللوبي الصهيوني
والشركات عابرات القارات (المتعددة الجنسية ) التي ترسم سياسات اغلبها ، اصابع
مساهميها داخل حدود الدولة العبرية . اذن ، لا اوباما ولا ماكين سيخرجان عن نهج استمرار احتلال
العراق الذي بدأه بوش ، وهذا يعني ان عملية تخريب العراق التي تنفذها احزاب الاسلام
السياسي - ادوات تنفذ سياسة الاحتلال – مستمرة والى اجل غير منظور . . وان قاعدة
المثال العراقي هذه ، هي احدى اهم قواعد السياسة الامريكية الخارجية الجديدة ، حيال
صورة الشرق الاوسط الجديد الذي تعمل على اعادة رسم ملامحه ، وفق مشروعها الامبراطوري
الجديد .
فأين الفرصة الهائلة اذن ؟!
الفرصة الهائلة التي توفرها دعوة المالكي تتركز في توفير الغطاء التمويهي لمشروع الاحتلال
المستمر ، هدف دوائر الاحتلال ومروجيه ، على حد سواء ، في واشنطن وتل ابيب
وبغداد . فدعوة المالكي ، غير الجادة طبعا ، هدفها تلميع صورته وصورة حزبه وكتلته
النيابية في عيون ناخبيه ، بعد ان تردت صورته في عين ناخبيه الى حضيض الحضيض .،
كما انها تمثل منح الشرعية والتغطية القانونية لوجود قوات الاحتلال ، تحت المسمى
الذي سيصاغ لوجودها لحقبة ما بعد الانسحاب الصوري المزعوم .
وفي فقرة تالية يقول اوباما : (في اول يوم لي في الرئآسة ، سوف اكلف الجيش بمهمة جديدة :
انهاء هذه الحرب ) ! وبغض النظر عما تنطوي عليه هذه العبارة من اعتراف بمسؤولية
ادارة الاحتلال عما يحدث في العراق ، الا ان اهم ما فيها هو انها تمثل اعترافا صريحا
بقدرة قوات الاحتلال على انهاء حرب العراق .. فهل بمقدور احد على انهاء حرب ان لم يكن هو صانعها
بقصد اشعالها وبهدف توفير المبرر لنفسها للاستمرار في وجودها كقوة احتلال ؟
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟