|
مواصفات رجل الدولة في خطاب المرجع اليعقوبي
احمد البديري
الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 10:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في دعوته المبكرة لأبناء الشعب العراقي للمشاركة الفاعلة في الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات أكد سماحة المرجع اليعقوبي على الحضور الواسع والاختيار الصائب لممثليهم في المجالس المحلية المرتقبة . وحرص المرجع في بيانه على سحب البساط من السياسيين الانتهازيين الذي سيدخلون الانتخابات برهان استغلال الدين ورموزه ابتداء من العلماء المراجع مرورا بدور العبادة وصولا إلى الاحتفال بالمناسبات الدينية للوصول إلى مراكز القرار في المجالس المحلية وبالتالي حصولهم على المزيد من النفوذ والتمكين لتحقيق المشاريع المؤجلة في جدول أعمالهم التوسعية الاستبدادية . وخلال خطابه الموجه إلى جميع العراقيين بشرائحهم المنوعة ومكوناتهم المختلفة حاول سماحته تشجيع أبناء المجتمع على المضي قدما في تحقيق الأهداف وعدم الالتفات إلى الوراء حيث الإحباط واليأس الذي زرعه القائمين على السلطة في العراق والذي تملك نفوس الكثيرين لان التجربة المريرة جلبت الكثير من المآسي الجديدة إلى الشعب ، وبين المرجع اليعقوبي أن الشعب كان معذورا في تجربته السابقة بسبب قلة المعرفة والخبرة بأولئك الأشخاص ومدى إمكانياتهم وقدراتهم والتي تكشفت بمرور الشهور والسنين وثبت عدم جدارتهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم وعجزهم عن استنقاذ البلاد من الاختناقات والعواصف والمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخدمية ... الخ ، رغم أن الشعب لم يقصر في واجباته تجاههم وقدم له كل ما يمكن من أشكال الدعم والإسناد وبذلت الأرواح الغالية في سبيل إنجاح العملية السياسية والتقدم بها إلى الأمام . وأوضح الشيخ اليعقوبي في رسالته إلى العراقيين إلى وجود أسباب أخرى ساهمت ووقفت حائلا أمام دقة الاختيار للعناصر الكفوءة كان في مقدمتها العنف الدموي الذي فرضته المزايدات الطائفية والقومية الرخيصة والتي اوجد بذرتها في وسط المجتمع العراقي (الذي لم يألف هذه الحالة سابقا) السياسين أنفسهم عندما لم يستطيعوا كبح أنفسهم الجامحة للشر وتفننوا في إطلاق التصريحات الهوجاء والخطابات التحريضية الرعناء والقتل العشوائي ليصل لظى هذه الممارسات الفاسدة إلى المجتمع العراقي بعد ان زاد حطبها وقودها الأفواج التكفيرية من خفافيش الظلام الناصبية التي قدمت إلينا من دول الجوار الشقيقة واستطاعت أيجاد حالة من الغليان الطائفي لم يشهد لها العراق مثيلا قبل ان تبدأ بوادر الحرب الطائفية بعد ذلك حين أستهدف الإرهاب التكفيري للمرقد الشريف للإمامين الهادي والعسكري ( عليهما السلام) قبل أن يطفئ نارها التي لا تذر ولا تبقي الله تعالى وبفضل حكمة المرجعية الدينية حين ألزمت جميع العراقيين في مؤتمر مكة بوقف الاقتتال وحرمة دم المسلم على المسلم. وعن مواصفات التي يجب توفرها برجل الدولة في الحكومات المحلية المقبلة وهي مما يجب مراعاته من قبل الناخبين فتنقسم إلى شرطين يجب ان يكتسبها المرشح وتعنى بجاهزيته للتصدي لمشروع قيادة المجتمع وهما الكفاءة والإخلاص هذان الشرطان و العنصران يجب أن يكونا أمام نصب عيني الناخب العراقي كي لا يقوده الإهمال لهما إلى عض أصابع الندم مرة أخرى فأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، وبالتأكيد فأن الكفاءة والإخلاص لا تعتبرا شروطا تعجيزية خصوصا لما يمتلكه العراق من طاقات بناءة تشهد بها سنوات العراق العجاف ووقوفهم بوجه كل المحن والويلات التي عاشوها في ظل الحروب الداخلية والخارجية طوال العقود الأربعة المنصرمة وبسالة صمودهم وصناعتهم للحياة وإعادة البناء في أقسى الظروف وأصعبها . ولا يفوت المرجع اليعقوبي الفرصة لتحذير المجتمع العراقي من الإقدام على ارتكاب الخطأ السابق لأن ذلك سيقودهم والعراق إلى مزيد من الانتكاسات والانتهاكات ومدعاة لتضخم وازدياد حجم الفساد الإداري والمالي المستشري والإهمال الخدمي والتخريب الاقتصادي والاستبداد السلطوي والقتل العشوائي وتمزيق وحدة البلاد والاعتداء على حرمات العباد بالإضافة إلى تحول العراق رسميا إلى ساحة حرب معلنة بين أمريكا وخصومها . أما عن الخصائص التي يجب توفرها فيمن يتصدى لتولي المسؤولية فيبين المرجع اليعقوبي ان الصفات التي بينها الله تعالى في كتابه العزيز لتبيان خصائص من يتولى أمر الأمة والتي كان مصداقها الرسول الكريم (صلى الله عليه واله) هي أساس التفاضل بين المرشحين ، ويقف في مقدمة هذه الصفات القيادية أن يكون ذلك المتصدي للمسؤولية من أبناء مجتمعه وممن عاش محنته ومعاناته والتي تجلت لنا نحن أبناء العراق بأوضح صورها أبان فترة النظام البعثي وذاق فيها العراقيون من صنوف البطش والتنكيل والحرمان والظلم والتهميش ما لم يذقه مجتمع على وجه الأرض . أما الخصائص الأخرى في المرشح فيجب ان يكون أيضا ممن عرف هموم شعبه ومشاكله وجل همه ان يساهم في إزالتها أو التخفيف منها ما استطاع إلى ذلك سبيلا بعدما عاشها معهم ولا ينفع أن يكون المرشح من صنف المسؤولين الذين تحصنوا بأسوار المحتل ولاذوا بحمايته ويعيشون أيامهم ولياليهم في فيافي قصور الطاغية صدام في المنطقة الخضراء ولا هم له سوى نفسه ولا يحرص إلا على زيادة مكاسبه ومؤيديه غير آبه بما يكتنف المجتمع الذي أوصله للسلطة من صعوبات ومحن بل يصرف جل اهتمامه ينصب بالدرجة الأولى لتقديم الخير لمصلحة حزبه وعشيرته بينما لا يألوا جهدا في تصفية الخصوم معنويا أو ماديا ولا يتورع عن إصدار الأوامر لانتهاك حقوق الناس وأخذ البريء بجريرة المذنب ... في ختام رسالته إلى الأمة العراقية يوجز سماحة المرجع اليعقوبي إلى إن أي اختيار بخلاف هذه الصفات والخصوصيات سيؤدي إلى الجناية على حاضر العراق ومستقبل أبنائه لان كل ما يتعلق بحياة المجتمعات الإنسانية من أمن وغذاء وخدمات وصحة وتعليم وعمل واقتصاد إنما يملك زمامه دنيويا من يتولى المسؤولية والقيادة في البلاد لذا وجب على من سيتوجه إلى صناديق الاقتراع أن يكون قد ضمن تحقق الصفات التي سبقت في من يمنحه صوته وتأييده . أن هذا الخطاب والرسالة القيمة التي صدرت عن المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي يجب أن تكون محل عناية كل عراقي حريص على بلاده وان يجعل منها برنامجاً يسعى إلى تطبيق مفرداته عبر صناديق الاقتراع بإرادة حرة وعم لا يلين من اجل إيصال الكوادر المخلصين والكفؤيين إلى مراكز القرار ولقطع الطريق أمام الانتهازيين والوصوليين وبعكس ذلك لا سامح الله فإننا سوف نكون من الذي تتحدث عنهم الآية الكريمة من سورة الكهف {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً }.
#احمد_البديري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تتجسد الوطنية في رجل ..عبد الكريم قاسم أنموذجا
-
تأجيل الانتخابات وإجهاض العملية السياسية في العراق
-
وزير النفط ولعبة المزايدات الإعلامية
-
ديمقراطية الوزير الجذماء
-
حكومة الوحدة الوطنية.. المشروع الذي لن يرى النور؟
-
أزمة الرياضة العراقية..أسبابها وآلية تلافيها
-
الدول العربية والهروب من الواقع الديمقراطي في العراق
-
قربان من نوع اخر....الى دعاة المدرسة اللاواقعية
المزيد.....
-
أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل
...
-
الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر
...
-
الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب
...
-
اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
-
الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
-
بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701
...
-
فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن
...
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|