|
45عاما ًوعبدالجباروهبي (أبوسعيد) في عالم الشهادة
فارس البصري
الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 07:45
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تقول السيرة الموجزة للشيوعي الانسان أبوسعيد (عبد الجباروهبي) ان اذاعة بغداد قد أعلنت في يوم 21 تمــوز 1963عن اعدام هذا المناضل مع رفيقيــه جمال الحيدري ومحمد صالح العبلي . أبو سعيد ولد في مدينة البصرة ،وفيها نشأ وترعرع ،ودرس في مدارسها ثم بعث الى بيروت وتخرج من الجامعة الأمريكية متخصصا ً في الرياضيات وبنفــس الوقت درس الفلسفة. بعد عودته الىالعراق مارس مهنة التدريس في المدارس الثانوية.وفي عام 1946 انتسب وزوجته المناضلة (نظيمة وهبي) الى حـزب الشعب . وبعد اعدام فهد السكرتيرالعام للحزب الشيوعي العراقي والرفيقيين زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي عضوي المكتب السياسي في شباط 1949، تــرك حزب الشعب وأنتمى الى الحزب الشيوعي العراقي . في صفوف الحزب عمل أبوسعيد على تشكيل المنظمات الجماهيرية الديمقراطية وكان من قيادتها. وبعد ثورة 14تموز1958ساهم بكل طاقاته في حــركة أنصار السلام وفي مجالات الثقافة والأدب في العاصمة بــغداد . وبــعد اجازت "اتحاد الشعب" اليوميــة (صدرالعـــدد الأول في 25 كانــون الثاني 1959) أصبح عضوا ً في هيئــة تحريرها وتخصص في ركن يومي فيها(كلمـة اليـوم) في الصفحة الأخيرة .وكان أبـو سعيد في هذا ناقدا ً سياسيا ً فريــدا ً في اسلوبه البسيط العميق النافــذ الى قلوب الجماهير يعالج قضايا الشعب الهامـة والملحة باسلوبه الانتقادي الساخــر واللاذع . والحقائق التي كان قلم أبو سعيد يسطرها فرضت نفسها على فئات واسعة جدا َ،حتى على الذين كان يفضح مؤامرتهم ومواقفهم المعادية للتحولات الوطنية الجديدة في العراق .
بعد انتكاسة ثــورة تموزوبروز ظاهرة معــاداة القوى الوطنية والديمقراطية وارتفــاع صوت العناصرالدينية والقوميــة واستلامهم المراكز الحساسة في جهاز الدولــة ،ألقى القبض على أبــوسعيد واودع في السجن من دون تهمة قانونية،أوقــف في مديرية الأمن العامة في بغداد ،ثم في سجن رقــم (1) في معسكر الرشيد بأمــر من الحاكم العسكري لأن " أبـــو سعيد يشكل خطرا ً على أمن الجمهورية ...." هــذا ما هللت به الصحافة السوداء مثل: (الحرية) و ( الفيحاء) و( الفجر الجديد )، ويقـال ان عبد الكريم قاسم كان يسند بعض أصحاب هذه الصحف من طرف خفي في التهجم على العناصر الوطنية، ولاسيما بعد فتوى السيد محسن الحكيم الشهيرة "الشيوعية كفروالحاد" (أصدرها في 15شباط 1959) وتجدرالاشارة هنــا الى أن الصحفي"عوني جاسم الجميلي "صاحب جريــدة (الفجر الجديد ) البغداديــة كان له الدور البــارز في نشرهذه الفتوى ليس على صفحات جريدتــه فحسب وانمـا على شكل ملصقات احتوت الى جانب الفتوى صورة السيد الحكيم وتم توزيعها في كافة أنحاء العراق تقريبا ً. على كل حال فان أبو سعيد قضى شهورا ً طويلة معتقلا ً في بغداد والناس البسطاء الذين عبرعن أمالهم يطالبون باطلاق سراحه . وفي أواخرعام 1961 خرج من السجن الى شعبه ، الى مصدر قوته ، ولكن بعد أن حرم النظام الجمهوري صدور ( اتحاد الشعب) في تشرين الأول 1960. ومـن طرائف السياسة وأهلها في العراق فان هذا النظام لم يحرك ساكنا ً تجاه الثلاثي ( الفيحاء والحرية والفجرالجديد ) هذا الثلاثي الذي جعل من عام 1960 عام الفتاوي الدينية ضد الشيوعيين الى حد ان جريدة (الحـرية ) نشرت أكثـر من مرة رأى أحد مراجــع النجف العظام حـرم فيه على الشاب الشيوعي أن يــرث أباه ، وكذلك دعى المسلمين في العراق الى عدم شراء اللحم من القصاب الذي يؤمــن بالمبادئ الشيوعية، ورغم أن هذه الفتاوي كانت بالأساس موجهة الى "السذج والبسطاء من الناس الذين يطالبون بتحقيق العدالــة الاجتماعية في العراق " (هكذا وصفت فتوى السيد الحكيم شعب تموز )، الا أن تأثيرها كان محدودا ً في أوساط هؤلاء النـاس ، ومع هذا فان الزعيم عبدالكريم قاسم وحكومته قد استفادت من هذه الفتاوي في حملتها ضدالشيوعيين كما وان هذه الفتاوي كما ظهرفيما بعد مهدت الطريق للبعثيين الذيـن رفعـوا شعارهم الشهير:" اذبحوهم حتى العظم "بـعد انقلاب 8 شباط 1963 ،والنتيجة كما هو معروف قتل الآلاف من "سذج وبسطاء الشعب العراقي ".. شعب تموز...شعب أبوسعيد الذي قال عنه ذات مرة :" ان شعبي هو تموزنفسه هو اسطورة الأساطير". والأساطيرتقول: "ان تموز إله بابلي قديم ،هو نفسه دموزي الشاب الراعي الوسيم الذي أحبته عشتار لكنه قتل ، وهــو نفسه أدونيس عند اليونان وأنديموث عند الرومان، وتموزذو طبيعة مزدوجة إنسانية وإلهية في آن ،يموت ويولد من جديد عاما ًبعدعام ، يرمز بذلك الى ذبول الحياة في النبات وميلادها من جديد". اذن خلود الشعب العراقي هو جزء من خلود شهدائه. وأقول هنا: سلوانا في هذا الشهرأن نستعيد ذكرىأبو سعيد ونستعيد معه بعض حكايات ذلك الزمان .
في أحــد مقالاته يتحدث أبو سعيد عن اسلوبه الصحفي قائلا ً : من تجربتي خلال عام من عمرالصحافة الوطنية العلنية الحــرة ــ اطال الله بقاءهاــ مابقيــت جمهورتنا ..من تجربتي ..ان الكواليس والدهاليـز والمجــالس ..وهي "امانــات" والكتب والبرقيات و"التوجيهات" على اختلافها ..ارتفاعا ًوانخفاضا ً.. ليس فيها "خبــر" بمعنى الخبـر الصحفي .. ناهيك عن الخبر الصحفي "السجيـن" .. ذلك ان "اخبارها " ليست اخبارا يجهلها الناس .." فالشائـعة" عندنا .. في هذا البلد ، تسبق "الخبر" وتمشي أسرع منه حتى ليعجز الصحافي في بغداد ان يصطاد "شيئا ً" لم يسبق ان تهامس بــه الموظفون او جلاس المقاهي ..او استمع اليه المستمعون من اذاعات عالمية .غريب أمـرهذا البلد وغريب أمر شعب له ألف ألف اذن وعين !..تلك تجربتي ، واني اراهن عليها..وانطلق منها الى مذهبي في الصحافة..وطريقتي في الخبـر..الخبرالذي اسعى ان أجـده "سمينا ً وصغيرا ً وطريفا ًفي الوقت ذاته . وطريقتي ..اني ابحث عن الخبر ،لافي الكواليس والدهاليز المعتمة " الضيقة "..بل في عرض البحر ،وعند سطوع الشمس.. انا أذهب الى الشعب ..الى الجمهور الواسع من النـاس .." فأنـدس " بين صفوفهم ..وأستنطق آلامهم وآمالهم ،وأسطاد هنــاك .... في الشارع والمقهى ، والتاكسي ، والسينما ، والسوق والمعمل... اصطاد ما أشــاء من الأخباروالأفكار.وفي الحقيقة ان أبوسعيد كان يعالج مشاكل الناس السياسية والأجتماعية والمعاشية اليومية...أهل السياسة والدين الذين يدعــون الى ذبــح الشيوعيين كان لهم مكانهم في كتاباته ، وكذلك البصل والطماطة وفقدانها من الأسواق، وأعياد العراقيين وأفراحهم . كان يكتب باسلوب ساخرومشوق عن الصحافة السوداء والصفراء ،عن العملاء والمعاميل وعــن الأقطاب والأذناب ( ما أكثرهم يا أبا سعيد في بــلادنا هذه الأيام ) ،عـــن الجارة ايران وعنترياتها ، وعــن تراب الوطن من زاخو وحتى الفاو.ومرة أخرى أقول أليس من حقنا في هذه الأيام أن نتذكرأبو سعيد ابن البصرة ،ابن العراق،ابن شعب تموز،والتذكركما تقول الكاتبةالمغربية فاطمة المرنيسي :" كالسحر الأسود ،لايجري فعله إلا على الحاضر.وهذا الحاضرهوالذي يستطيع قول كل شئ بتلاعبه الدقيق بنقيضه: زمن الأموات والغائبين ،زمن الصمت.إن الماضي يمكن أن ينعش الحاضر.تلك فضيلة الذكرى، السحرة يعرفونه والأئمة كذلك ".ومادام الأئمة في هذه الأيام مخطوفين من قبل غيرنا فلنكن من صنف السحرة ونتذكر،تعالوا معي غير مجبرين الى شعب تموز الى حكايات أبو سعيد والى أيام ربما عادت وتعيد نفسها دائما ً في ظل طرائف وغرائب أهل السياسة والقطط السمان وفي ظل أحزاب الاستبداد الديني والعشائري.
* سارق الأكفان ( اتحاد الشعب ــــ 7/4/1960)
التقيت في البصرة بتاجر" وسط " كان حديثه يدور شأن الكثير من الناس ...في الشكوى من ارتفاع الأسعار .. الدهن اللحم ، صابون أبوالهيل.. السمك .. الصبور ..البصل بوجه خاص . شوف ابني ..كل أنوع المرق ..البذنجان ،الفاصوليا ، السبيناغ ، الطماطة ..ماعدى مرق "الشجر" تحتاج الى البصل ..وكذلك الدجاج المحشي ..والسمك المحشي .. وانواع الكبة والدولمة تحتاج اليه وسعر الاوقية ..يعني حقتين ونصف اسطنبول من البصل بـ 600 فلسا ً .. بينما السكر الانكليزي يصنع في بريطانيا العظمى ، ويدفع عليه " نول " للشحن ،واجور"حمالية" ..و"خانجية " و "دلالية " وكمرك ، وارباح تاجر جملة ومفرد ، ثم نشتريه بنصف سعرالبصل ،شفت ابني ..هذى اين ومتى صارت ؟ قلت : اذا لم يبق شئ غير البصل تفكر فيه من "أشياء " في البصرة .. رغم لـذة ا لبصل مع الدجاج المحشي ..و" لــذة" البصل مع الخبز الناشف في طعــام بعض الناس .. فاني لاأرى رأيك في التشأم من سعر البصل ...ان "ضجة"البصل تشبه "رائحة" البصل فهي اكبـر واضخم من حقيقتها ..البصلة صغيـرة ورائحتها تملأ البيت ..وضجتها تملأ المدينة .. وآكل البصلـة يفضح نفسه اذا نطق أليس كذلك ؟ وفي اعتقادي ايها العم ان فقــدان البصل من الأسواق مسألـة بسيطة .. يكفي جلب 100طن الى البصرة أعني عشرة " شاحنات " قطار وبعدها عشرة ..فيعود سعر البصل الى وضعه ...المسألــة بسيطـة ولا ينبغي تكبيرها .. ولاينبغي الاصغـاء للشائعات التي يروجها اعداء الجمهورية والجواسيس (.....) قال : شوف ابني نحن.. انا وأولادي لانتعاطى السياسة وليست لنا مداخلات ... والحمد لله وشكره. ونحن لهذا السبب لانبيع بالكمبيالة ولا أعطي دينا ً بفلس أحمر .. بـل أبيع نقدا ً ، أنا أضع نقودي في الجيب وأنـام مرتاح البال . ولكـن ماتفضلت به من وجـود الجواسيس وأهل الطمـع والرشوة وآكلي المال الحرام ( أبا سعيد ما أكثرهم هذه الأيام في البصرة ) هو صحيح ..وهو سبب المشاكل . أحكي لك "سالفة " في المعنى الذي في فكري ، يقال ..ان ولدا ً يتيما ً كان يسمع الناس ،من كل صوب يشتمون ويلعنون اباه ،وهولايدري سببا لغضب الناس على أبيه .."المرحوم " .. وكان يسأل أمـه عن السبب فلا يبقي عندها الجـواب حتى زهق وضاق ذرعا ً بالحياة وبالناس فراح يهدد أمه ويضيق عليها الخناق لتكشف له السر..حتى أخبرته بان الوالد "المرحوم " كان ينبش القبور ، ويسرق أكفان الموتى فاحتقره الناس وكرهوه ،وشتموه ولعنوه ،حيا ًوميتا ً. وراح الولد ابن الملعون يفكر ...كيف " يحسـن " سمعة أبيه ويخلص روحه من اللعنة فذهب الى المقبرة وصار " ينبش " القبور ويسرق أكفان الموتى ـ كما فعل أبوه من قبل ـ ويزيد على ذلك بان يمثل بأصحابها حتى اشتهرت فعلته ...وصار الناس يترحمون على أبيه .. فقد كان أبوه يسرق الكفن ..رحمه الله ، ولايمثل في الجنازة ..هكذا صار يتحدث الناس !! شوف ابني أبوسعيد.. ان بعض الموظفين وغير الموظفين عندنا .. عندنا وربما في بغداد أيضا ً .. يريـدون ان يترحم الناس على أرواح .. عبد الاله ، ونوري ، وابنه صباح ..هذه هي المسألة ! ( ياأبا سعيد هل تدري على من يترحم الناس هذه الأيام ..؟؟؟) . قلت :"السالفة" لطيفة أيها العم ، ومفيدة للذين يريدون ان يفهموا..لكن "السوالف" وحدها لاتكفي ..خصوصـا ً وان الانكليز والامريكان والجنيهات والــدولارات موجودة (......) وكلها تؤثر في العقول والقلوب و" الضمائر " وعليه ينبغي ان تكون على حذر . فليس اخبث من الاستعمار في الدنيا وليس اخبث من جواسيسه . والمسألة عندي أيها العم ! ليست في أسعار البصل ، أو اللحم والدهن (....... )بل هي في "أصابع " الاستعمار .. "الأصابع " التي ينسى وجودها البعض .. ولا ننساها، نحن الشيوعيين ..وهذا وعد انني سأظل أذكر الناس بالاستعمار!! ووعد آخر اني سأنقل بأمانة،الى الشعب ..الأفكار والسوالف النافعة .( يا أباسعيد تغيرت الدنيا ومن عليها .. تغيرت مواقع اليمين واليسار..الاستعمار والعمالة والتجسس هذه المفردات وغيرها والتي كانت في زمانك وفي زمن غيرك من شهداء الوطن، تعبر عن العار وانعدام الشرف والوطنية ، صارت هذه الأيام في بلادنا من مفردات الحداثة في عالم أهل السياسة ، أيها الشهيد الخالد لاتغضب دعني أكمل...عالم أهل السياسة هو عالم خاص ومحصن ...أما شعبك ..شعب تموز...الشعب العراقي الأصيل الذي كنت تقول عنه دائما ً انه يقرأ الممحي فهو لايزال خارج هذه الحصون المحمية ... لايزال يقرأ الممحي ويلغي من ذاكرتـه هذا وذاك ولسان حالــه يقول : اغرسوا بدل سماسرة السياسة أشجارا ً ليكون جو العراق أكثر نقاء ).
*فولاذ .. وحديد .. وقوة ..( اتحاد الشعب ــ 24/12/1959 )
ليست من عندي هذه الكلمات الرجعية المجلجلة . ولهذا فليطمئن بعض اولئك الذين ارهبتهم ثورة تموز وشعب تموز من الخونة والمأجورين والمنتفعين من مظالم العهد المباد ومفاسده .. بل هي من كلمات فاه بها نائب ايراني اسمه "الدكتور شاهكار " تحت سقف المجلس في طهران قبل أيام . قال النائب المحترم مخاطبا ً رئيس الوزراء : رجائي ان تبلغ حكومة العراق عن لساني بصفتي نائبا ً ومواطنا ً من ايران ، بأن خصمهم في موضوع الخصومة انما هو الحديد والفولاذ والقوة ! . وحسنا ً فعل هذا النائب المحترم ، حين أعلن بلسانه لا بلسان الشاه ان ايران تفضل أن تخاطبنا بلغة الفولاذ والحديد ...وانها ترسل الى أطراف عبادان بعض دباباتها ومصفحاتها لأن النائب بهذا الاسلوب من الاعلان ، استطاع أن ينسب الى الشاه مالا يجرأ رجل ينسبه الى نفسه منذ قال شاهكار : ان ايران يقودها رجل من أكابر الدبلوماسيين في العالم ... لتنتظر الاشارة وهي تقف خلف هذا القائد ..الشاه ..للرد على أعداء ايران . كان هذا الحديث جزء من برنامج اذاعة راديو طهران في20 /12/1959تضمن بالاضافة الى ماسلف ،اقوالا وافكارا ً نشرتها الصحافة واليك هذا المثال : ان الأتراك العثمانيين كانوا يسيئون الى اكراد العراق ، لذلك كان الأكراد يرغبون في العودة الى وطنهم ايران !!! ..ولاندري بهذا الصدد لماذا لاتشير هذه الأقوال الى تركيا اليوم ،وهل هي فردوس للشعب الكردي المحروم حتى من الكلام بلغته. وأقول : فما بالهم سكتوا يـوم كان العراق مستعمرة انكليزية ،ثم عضوا ً في حلف بغداد ؟ ويقولون : ان تعيين حكام الأماكن والعتبات المقدسة كان يجري في العهد العثماني بموافقة الحكومة الشاهية !!. وأعود الى الفولاذ والحديد والقوة ....من كلمات النائب المحترم الدكتور شاهكار ، فأتخيله لا بسا ً دروع الفولاذ والحديد ..شاهرا ًعلينا سيفــه "النادري" ..على طريقــة "دون كيشوت " الذي سمعنا به ورأيناه في السينما يهاجم قطعان الغنم وطواحين الهواء ، ولربما كان من وزن بعض الدكاترة الذين عرفناهم ..الجمالي ، جابر عمر..ومن تعلم علمهم ولف لفهم ! هــذا الدكتور ينسى قوانين الحيــاة وهي أقـوى من الفولاذ والحديـــد وعضلات " الزورخانجية " وهي التي قررت في الماضي انهيارالامبراطوريات، وقررت منذ سنة ونصف قيام جمهوريتنا .. ولعــل تلك القوانين حينما تحكم بانهيار حـكم العملاء والخونة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط..ألا يندهش الدكتور شاهكار . وبودي أخيرا ً أن أطمئن هذا الدكتور وزملائه وأولياء نعمتهم جميعا ً ، باننا سمعنا حديث الفولاذ والحديد والقوة ،وسمعنا التهديد ، وسمعنا التحريض على القتل وسفك الدماء من أفواه أخرى على جانب آخر من الحدود..لاكننا اذ لانبالي بالنباح ، لايفوتنا ان نفتح جيد ا ً عيوننا ، وفي أيدينا وفي طاقاتنا كل ماهو ضروري لوضع الحجر في مكانه من فم كل نابح . ( يا أبا سعيد ..ذهب ذلك الزمان ومقولته الشهيرة ..القافلة تسيرولايهمها نباح الكلاب ، في هذه الأيام ايران لا تمارس النباح من خلف الحدود، فعلى أرض الوطن هناك من يجيد النباح والطــرب الفارسي أكثر منــها ..ورحم الله الامام الشافعي الذي قال ذات يوم : ليت الكلاب لنا كانت مجاورة........ وليتنا لا نرى ممن نرى أحدا إن الكلاب لتهدا في مربضها ...........والناس ليس بهاد شرهم أبدا والسؤال هوهل ان الشافعي قصد بهذا الروم أم الفرس.. ؟ لا أدري..ربما هناك أكثر من جواب في تاريخ ايران القريب والبعيد ... والله أعلم )
* ابوشوارب (اتحاد الشعب ــ /12/4 /1960 )
"..... في صباح أول عيد الفطر المبارك ، صعدت الى تاكسي في البصرة ..قاصدا ً العشاروجلست وانتظرت وطال انتظاري ولـم يأت ركاب آخرون ... فتنحنحت ، واشعلت سيكارة ..فالتفت السائق الي ،بوجه أصفر ناحل ،و شوارب سوداء ضخمة وعينيين اختلج فيهما الحياء ..الحياء الذي يفهمه البصريون ، في انفسهم،ويعرفونه ويقدرونه . قلت للسائـق : امشي على حسابي ! ولكن قل لي بربك أليس اليوم.. يوم الاول من العيد ؟ فأين الأطفال ـ على الأقل ـ الذين يذهبون الى العشار في الصباح؟ ..هل تغيرت العادة ؟ أنا لم أرى البصرة منذ سنوات !!. قال : لا ولكن الناس ما مرتاحين ..عمي ..الناس تريد عيشه ، والشرطة والأمن ردوا مثل أول ..مثل نوري السعيد . قلت : مكافحة الشيوعية ! ؟ قال : نعم ..وياليت يمشون عالقانون ! أتصدق ..عمي ان معاون البصرة أراد توقيفي بتحريض من سيد (....) المحاسب في دائرة (...) وهذا السيد كان قد اشترى مني سيارة قبل ثمانية اشهر ومازلت اطلبه بقية المبلغ ..أما هوفقد حرض صديقه المعاون على توقيفي لأتنازل عن الطلب ،وبكل صراحة ..وقف الاثنان في الشارع ..هو والمعاون واعترضا سيارتي ، واراد المعاون أخذي الى المركز بعد أن رفضت التنازل عن الطلب،لكني هربت وواجهت الحاكم .. وهو انسان شريف فخلصني من التوقيف .. و"رزل" المعاون وفي الليل جاءت الشرطة .. مسلحة ،وأخذوني الى المركز من البيت وأول كلمة قالها المعاون : ولك ! انت صاير ستالين ؟ شنو هالشوارب ؟ انت شيوعي ؟ ! ثم صار يهددني ويشتمني ، ولكن وأنا أعرف قصده ، ولا أخاف من تهديده ولا أتنازل عن الطلب، واعتقد بالله .. راح أربي شواربي وأسويها مثل " دعامية " الفتـر ..عمي .. نحن لا نخاف ! قلت : وماذا حصل ؟ قال : طلعت في نفس الليلة ..وبقي في الموقف كثير من العمال والطلاب ولكن من يدري ، ربما يوقفني المعاون مرة ثانية ..ويمكن تلفيق التهم مثل أول ويمكن ارسالي الى العرفي ...ومع ذلك أنا لا أتنازل عن الطلب ..ولانحن نسوان حتى " نزين " شواربنا ..! فضحكت طربا ً واعجابا ً بالرجل البسيط الطيب .. أبو شوارب . قلت : أتوافق على نشرهذا الخبرعنك في الجريدة ؟ قال : اوافق ! قلت: ألا تخاف ؟ قال : ولماذا أخاف ؟ أنا واحد من الشعب . هـذا الخبر نموذج " للصيد " في البحر أهديه الى الأصدقاء والزملاء الصحفيين .. فلعلهم يتوجهون بانفسهم الى الشعب لاستقصاء الخبر الصغير النابض ..الخبر الذي يسد فراغا ً في بعض الأحيان ". ( أخي القارئ ـ وخاصة القارئ اليساريـ ــ ...هل تتفق مع رأي أبو سعيد في الذهاب الى الشعب .. أم ان على الشعب ان يركض وراء الصحفي،واليك هذه اللقطة التاريخية: في زمن أبو سعيد وصل توزيع اتحاد الشعب الى 23 ألف نسخة يوميا ً، مع انه لم تكن هناك في العراق صحيفة تبيع أكثر من ألفي نسخة يوميا ً. وربما هذه اللقطة عادت بنفسها من جديد في زمن أبو كاطع ،وربما أكثر.أما الآن فلا أدري ماذا أقول !!! فالصيد في البحر يحتاج الى صياد ماهرولو من طراز "الشيخ" في رواية ارنست همنغواي ).
#فارس_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماضي والحنين اليه....
-
عبدالجباروهبي(أبوسعيد) قلم اليسارالعراقي اللاذع
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|