أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - المدخل الإنساني في العلاج والإرشاد النفسي(1)















المزيد.....

المدخل الإنساني في العلاج والإرشاد النفسي(1)


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 10:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أولاً: مقاربات ومصطلحات
لقد اجتاحت عالم علم النفس وخاصة مجال العلاج والإرشاد النفسي تغيرات وتطورات عديدة وجديدة، وذلك طيلة الثلاثين سنة الأخيرة من القرن العشرين، بعد أن تصاعدت تذمرات عديدة في عقد الخمسينات والستينات منه، مما أدى ذلك إلى إدخال تلك التطورات والتكنيكات والاستراتيجيات إلى مجال التطبيق، وعلى نحو بطيء في بادئ الأمر، ومن ثم بشكلٍ أسرع فأسرع.
فبعد إن كانت تتصدر أعمال المرشدين والمعالجين تطبيق الطرق والاستراتيجيات التحليلية والسلوكية، مع إضافة القليل جداً من المواد الجديدة هنا وهناك. فقد أخذت سفينة العلاج والإرشاد النفسي تبحر بعيداً بحيث كانت أحيانا تخرج عن تلك الأطوار. ومن تلك الجزر التي أبحر إليها المعالجون والمرشدون النفسيون بحثاً عن المعرفة الجديدة لمساعدة الآخرين ما يسمى بالمداخل الإنسانية(Humanistic Approaches) ، فبدأ يزداد استخدام طرق الدراما لاسيما مع الأطفال. وبدأ الناس يتحدثون للوسائد(Cushions)، ويضربون الوسائد، ويجلسون عليها بدلاً من الكراسي. وبدأت تطرق الأسماع مفردات جديدة مثل(الذات الحقيقية) و(أحزم طفلك) و(اجب ما وراء السؤال) و( قل أنا ليس أنتَ) و(أقتنِ موادكَ الأساسية) وما إلى ذلك.
وفي بداية تناولنا لهذا الموضوع لا بد لنا من أن نضع هذا المدخل(الإنساني) في مقاربات مع أطر المداخل القديمة والمعروفة، والتي جاء هذا المدخل كردة فعل عليها، وهي نظرية التحليل النفسي والمذاهب السلوكية بكل اختلافاتهما وتنوعاتهما. فلقد بدأ علم النفس الإنساني أصلاً كقوة ثالثة إزاء هاتين القوتين، وبقي متميزاً منذُ ذلك الحين. لذا لابد من إجراء عملية مقاربة بينه وبين تلك المداخل العلاجية الأخرى.
لذا فان أول شيء يمكن أن نلاحظه هو إن المدخل الإنساني يماثل التحليل النفسي في النظر إلى ما وراء السلوك أي إلى ما يؤدي إليه. وربما يبدو هذا غريباً لأولئك الأشخاص المتآلفين مع علاج روجر(Rogerian Therapy) أو علاج الجشتالت(Gestalt Therapy) أو علاج التركيب الشخصي، والتي تفصل نفسها بشكل واضح عن هذه الفكرة. لكن من حيث التطبيق فان كل هذه العلاجات الثلاثة لها في الواقع مدخل دينامينفسي(Psychodynamic)، وهو المدخل الذي يدعو الأفراد إلى استكشاف تلك المجالات الداخلية العميقة التي تكمن فيها الصراعات والصدمات المبكرة. وان كل ما تستطيع فعلهُ هو تسمية الأشياء بشكل مختلف نوعاً ما: " فالمادة المكبوتة" في التحليل النفسي تصبح "عملاً غير كاملاً " في العلاج الجشتالتي. وهكذا...
وفي النقطة الثانية نجد المعالجين الإنسانيين مثل المعالجين السلوكيين في وضع الكثير من التأكيد على الفعل أو النشاط(action) في كل من جلسات العلاج أو خارجها، وفي حالة العمل مع المجموعات بشكل خاص( إن كل ما ينطبق على العمل مع الحالات الفردية يمكن أن ينطبق أيضاً على العمل الجماعي(العلاج الجماعي) ، وذلك لان المعالج الإنساني يعمل دائماً تقريباً ضمن المجاميع فضلاً عن عمله بالمجال الفردي). ففي حالة المجموعة(العلاج الجماعي) يطلب من الأفراد اختيار أشكالاً سلوكية جديدة تكمن في المجموعة العلاجية. والمعالجون هنا يكونون أكثر اهتماماً بما يفعله الأفراد وما هم عليه وليس بما يقولونه، فهم يشجعونهم على ممارسة ما يتعلمونه.
وثالثاً يُسلم المعالجون الإنسانيون بأهمية العلاقة الفعلية الوقتية(اللحظية) ما بين المعالج والمريض. وللعديد من السنوات تنكر الكثيرين من الممارسين للمدخل الإنساني لهذا المجال بأكمله، لاسيما إذا ما كانوا يعملون بشكل رئيسي في مجاميع. لكن كلما بدءوا بالدخول أكثر في العلاقات الفردية الطويلة الأجل مع مرضاهم، كلما كانوا ملزمين أكثر بالاعتراف بها. وربما في الوقت الحاضر فقط القليل من مارسي المدخل الإنساني يحتفظون بالفكرة القديمة.
ورابعاً إن المعالجين الإنسانيين كما هم السلوكيين يحاولون استخدام الخيال الموجه وبشكلٍ واسع، وعموماً فالمعالجين الإنسانيين يستخدمون شكلاً اقل هيكلةً وتعقيداً من أشكال الخيال، لكن التداخل الواسع لازال موجوداً.
وخامساً يستخدم المعالج الإنساني المجاميع بشكلٍ كبير أسوةً بالمُعالج التحليلي على الرغم من اختلاف مداخل كل منهم نوعا ما. فالمجموعة النموذجية للتحليل الجماعي(العلاج الجماعي) تكرس قدراً كبيراً من وقتها في النظر إلى الظواهر الجماعية والديناميكيات الجماعية، كذلك مجموعة تافستوك(Tavistock Group) والتي تعتمدُ أساس على التفكير التحليل النفسي. بيد إن المجموعة المقابلة أو مجموعة السايكودراما(Psychodrama) ، أو مجموعة الجشتالت تهتمً أكثر بالقيام بالعمل الفردي في الإطار الجماعي، بطريقة مكثفة جداً، وباستخدام أعضاء مجموعة آخرين بغية المساعدة في العمل بطرق متنوعة.
وسادساً المُعالج الإنساني مثل المحلل النفسي في القول بان المُعالج يجب أن يعمل من خلال ذات نوع العلاج الذي يحاول ممارسته مع أفراد آخرين، وبخلاف ذلك، فانه سيكون هنالك افتقار بالمعرفة الضرورية بهذا النوع من العلاج الذي يمارسه، وبالتالي يؤدي هذا إلى كف تجاوب المريض مع طريقة العلاج ومع المُعالج.
وسابعاً يختلف المُعالج الإنساني عن كل من المُعالج بالتحليل النفسي أو ذو المدخل السلوكي، إذ إن المُعالج الإنساني يعتبر الجسد(Body) على انه وسيلة المريض للتعبير فهو يعبر كثيراً عما يقوم بفعله المريض، وما هو عليه لحدن الآن، ويحاول التوفيق مع لغة الجسد إلى حد كبير. هذا وان الكثيرين من ممارسي المدخل الإنساني يحاولون التعلق بأجساد مرضاهم ، سواء أكان ذلك ناتجا عن التعاطف الإنساني المعتاد، أو التشجيع على الارتداد، أو التدليك المثير الذي يهدف إلى أخراج المشاعر، أو عن تجديد الولادة.... الخ. لذا فان ممارسي المدخل الإنساني يتعين عليهم أن يكونوا على دراية أكبر بأجسادهم، ولابد لهم من أن يكونوا قد عملوا من خلال الكثير من مثل هذه المادة بأنفسهم قبل العمل مع الآخرين بهذه الطريقة.
وثامناً يختلف المُعالج الإنساني عن كل من التحليل النفسي وعن المدخل السلوكي في تأكيده على المشاعر الطيبة(good feelings). إن معظم الزبائن يكونون غير قادرين تماماً عن الشعور بالمتعة العميقة مثلما هي الحال عند الاتصال بألمهم العميق. فمن خلال كشف العالم الداخلي الكلي والذي كان منغلقاً، يستخدم المُعالج الإنساني الكثير من وسائل الإشباع (التدليك الكلي للجسد، الاحتضان الكلي، الراحة الجسدية، الأغمار بالماء الدافئ، أعمال الترويض الجماعية، التأكيد على الخصال الجيدة والتحبيب العام ....الخ). وذلك لان هذا يعتبر بانه جانب علاجي كبير ومؤثر جداً في خلق التغيير الحقيقي. إذا ما تم استخدام الأسلوب الصحيح والمناسب، وهذا لا يعني الدعم أو إحداث الطمأنينة، بل يعني التغيير الجذري لكامل تركيب الشخصية.
وتاسعاً على خلاف من التحليل النفسي والمدخل السلوكي، فان المدخل الإنساني لا يعتمد نموذجاً طبياً، إذ انه لا يعتقد بوجود مرضٍ أو سَقَمٍ معين سيتم معالجة وفق أسلوب علاجي ملائم.
وعاشراً كذلك على خلاف من التحليل النفسي فان العلاج الإنساني لا يسعى إلى زيادة عُصاب التحويل(transference neurosis) ما بين المعالج والعميل، فالتحويل(transference) لا يستخدم كثيراً في عملية العلاج على الرغم من اعتراف المعالج الإنساني بوجوده وبأهميته الحقيقية.
وحادي عشر على خلاف من المدخل السلوكي فان المدخل العلاج الإنساني لا يعتمد المدخل الذي يقول بأن العميل يمكن النظر إليه كنوع من آلية عمل المثير والاستجابة والتي تتطلب معالجتها طريقة صحيحة للحصول على نتائج ثابتة، فالعميل في ضوء المدخل الإنساني لديه خيارات، وان الهدف من العلاج هو زيادة مدى هذه الخيارات، مع تشجيع العميل وتمكينه من التعامل وبشكل ناجح مع هذا المدى المتزايد من الخيارات. في حين يميل المدخل السلوكي إلى تقليل الخيارات والاختيار على الرغم من إن هذا هو ما يهدف له المُعالج السلوكي أو ما يسمى بمُعدل السلوك(Behavior modifier) .ويبدي (ويلس1972 (رأياً أساسياً حول هذا الأمر إذ يقول بأنه" إذا ما تعاملنا مع الشخص كآلة فإننا سوف نفتقد الحرية".
وأخيراً فإن كلاً من المدخل السلوكي والتحليل النفسي وبسبب توجههما نحو الخارج، فأنهما يميلان إلى أساليب البحث التي لا تسمح بأي من الأشياء التي تحدث في العلاج والتي يراد التعبير عنها. وان البحث وفق المدخل السلوكي والتحليلي يعمل على قياس المتغيرات بدلاً من اكتشاف ما يجري داخل الفرد، في حين يفضل العلاج النفسي الإنساني البحث للوصول إلى رؤية الأفراد من الداخل.
ولم يقف الأمر عند ذلك وإنما لابد من محاولة غربلة المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في مجال العلاج النفسي. وإن أول مصطلح غالبا ما يتم تبادله هو مصطلح الطب النفسي(Psychiatry) وهو مجال تخصصي طبي بحت حيث يحصل فيه أطباء الطب(وعادة ما يكونون من حملة البكالوريوس في الطب) على مؤهلات إضافية في مجال الأمراض العقلية. فالأغلبية الواسعة من الأطباء النفسانيين في بريطانيا يصفون العلاجات(أي الأدوية) ويطبقون المعالجة بالصدمات(Shock treatments) والعلاج النفسي(إلى أدنى حد)، بيد أنهم ليس لديهم أي تدريب في العلاج النفسي من أي نوع. فكان الإرباك أو الخلط يغلف هذا المصطلح، وذلك لان المحللين النفسيين في أمريكا كانوا دائما تقريبا عبارة عن أطباء، وعليه يطلقون على أنفسهم تسمية الأطباء النفسانيين(Psychiatrists). ولذلك نلاحظ الكثير من الأفلام الأمريكية تعرض أشخاصاً يقولون: " لقد راجعت تواً طبيبي النفساني" ، وذلك عندما يذهبون لمراجعة المحلل النفسي الذي يعمل في الممارسة الخاصة أو الأهلية. في حين إن معظم الأطباء النفسانيين في بريطانيا يعملون في خدمات الصحة الوطنية. وبذا فأن الكثير من الإحالات إلى الطبيب النفساني يجب أن تكون حقاً إلى المحلل النفسي. لكن في بريطانيا والعديد من البلدان الأخرى يعتبر الكثير من المحللين النفسيين عبارة عن أخصائيين في علم النفس، أو إن لديهم أشكال أخرى من التدريب الأساسي، ولذلك فهم لا يدعون أنفسهم كأطباء نفسانيين على الإطلاق.
وأما المصطلح الثاني الذي يجب أن نتطلع فيه فهو مصطلح التحليل النفسي(Psychoanalysis). وهو بطبيعة الحال معبر عن المدخل الذي جاء به سيغموند فرويد(Sigmund Freud) 1856-1939 مؤسس التحليل النفسي. وتوجد هناك بعض الاعتراضات فيما يتعلق بكون بعض أتباع (فرويد) يعتبرون راشدين إلى حدٍ يكفي لتسميتهم باسم المحللين النفسيين، لذا فليس من السهل رسم خط فاصل في هذا الجانب. كما إن هنالك فارق ما بين طقس التحليل النفسي(وهو الرقود خمسة أيام في الأسبوع) والعلاج النفسي الموجه بالتحليل النفسي(وهو الجلوس على الكرسي لمدة ثلاثة أيام أو يومين أو حتى يوم واحد في الأسبوع). وهذا فارقٌ واضح لكن في الوقت ذاته فان كلا هذين الشيئين عادةً ما يقعان تحت العنوان العام (العلاج النفسي).
والعلاج النفسي هو أي مدخل يسعى من خلاله المختصون لتقليل من حدة الاضطراب العقلي، والذي يشمل على تشجيع الشخص المريض على كشف ومواجهة مشاكله والعمل على حلها بطرق بناءة. وعادة ما يشمل هذا على الكلام بشكل رئيسي، لكنه يمكن أن يشتمل على العمل الجسدي أيضاً. ويمكن أن يكون العلاج النفسي ذو مدرسة واحدة، وفي هذه الحالة نقول بان المعالج هو معالج بسيكولوجيا الجشتالت(Gestalt Psychology)(وتسمى بسيكولوجيا الكل وهي دراسة الإدراك والسلوك من زاوية استجابة الكائن الحي لوحدات أو صور متكاملة مع التأكيد على تطابق الأحداث السيكولوجية والفسيولوجية(المورد2008)، أو المعالج بالطاقة الحيوية(Bioenergeticist)...الخ. أو انه يمكن أن يكون اختياريا أو اصطناعيا بحيث يربط أو يجمع بين أكثر من مدخل واحد. والميل في السنوات الأخيرة هو أن يصبح المعالجون اختياريين أكثر، وذلك بسبب العدد الكبير من الطرق الفاعلة التي تم تطويرها خلال السنوات الممتدة منذُ عام 1960 ولحد الآن. وأحياناً ما يقوم المحللون النفسيون بوضع تمييز زائف ما بين العلاج التشجيعي(Supportive Therapy) والعلاج الكشفي (Uncovering Therapy). بحيث يفيدون بان التحليل هو العلاج الكشفي الحقيقي الوحيد، ولكن في حقيقة الأمر بانه ليس هناك ما يسمى بالعلاج التشجيعي(وهل هو يشجع على العُصاب) وأن الحقيقة هي إن كل علاج هو علاج كشفي.
أما السيكولوجيا السريرية(علم النفس السريري أو العيادي)(Clinical Psychology) فيمارسها الاختصاصين الذين لديهم درجة معينة في علم النفس، والذين قد حصلوا على مؤهلات إضافية في مجال العمل في مستشفى الأمراض العقلية. إذ أنهم معتادين على أن ينغمسوا بشكل رئيسي في إجراء الاختبارات الروتينية للأطباء النفسانيين، لكن في الوقت الحاضر فان الكثير منهم قد انغمس في طرق العلاج المختلفة وخصوصاً تلك الأنواع من العلاجات التي تعتبر مقبولة أكثر لدى المؤسسات الطبية مثل العلاج السلوكي أو تعديل أو تقويم السلوك(Behavior Modification). ويستند العلاج السلوكي على عمل(بافلوف Pavlov1849-1936 ) و(واطسونWatson1878-1958 )، والذي تم تطويره من قبل طبيب من جنوب أفريقيا يدعى(جوزيف وولب). وان من أنصار هذا العلاج المعروفين في بريطانيا هم (أيسينك) و(راجمان)، وقد نجح هذا العلاج لاسيما في معالجة الفوبيا(Phobias) أي الرهاب أو الهلع المرضي، وكذلك حالات الاستحواذ(Obsessions) أي القلق بسبب الهواجس. وخاصة عندما تكون هناك مشكلة سلوكية واضحة، ونتيجة واضحة عندها يتم حل تلك المشكلة. كما يمكن صياغة ملاحظات مماثلة حول تعديل أو تقويم السلوك وعلى أساس عمل (ب.ف. سكنر) في أمريكا. ومدخل العلاج السلوكي يعمل بشكل أفضل حينما يكون ممكناً الوصول إلى أهدافٍ سلوكيةٍ واضحةٍ.
هذا وان الإرشاد النفسي(Counseling) يغطي مدى واسع جداً من النشاطات في مجال المساعدات النفسية، بما في ذلك الاختبارات والتوجيهات..الخ، فضلا عن العمل العلاجي. فالكثير من الأساليب الفعلية للإرشاد هي بالضبط ذات الأساليب المستخدمة في العلاج النفسي. وان الإرشاد الذي يمارسه كارل روجرز هو بالضبط ذات الأسلوب العلاجي الذي يمارسه كارل روجرز. ويعتبر (كارل روجرز) الرائد الأول والكبير في توحيد هذين المجالين معاً(أي الإرشاد والعلاج النفسي). وبالرغم من وجود بعض الاختلاف بينهما إلا إن الفارق الكبير جداً هو في مجال التطبيق: حيث إن طول فترة التدريب تختلف تماماً، فغالباً ما تكون دورات أو كورسات تدريب الإرشاد قصيرة جداً، وهناك القليل من مثل هذه الكورسات التي تستغرق العامين أو الثلاثة أعوام، لكنها نادرة جداً في الوقت الحاضر. أما كورس العلاج النفسي من ناحية أخرى فهو يغطي نظرية عميقة للتطور الشخصي، كما انه يشمل العمل العميق على ذات الشخص، ويتضمن عملية المراقبة أو الأشراف الشخصي للحالات على مدى عامٍ أو عامين في الأقل. لذا فان المرشد من المحتمل أكثر أن يقف على نقطة ما بين التغيرات السطحية نسبياً مما هو عليه بالنسبة إلى المعالج النفسي. وغالباً ما يتعامل المرشد النفسي مع مشكلة محددةٍ نوعاً ما. وعندما يتم التغلب على تلك المشكلة المعنية يتوقف الإرشاد. بيد انه في الواقع إن كلاً من المرشد والمعالج النفسي يتحددان بما هما مستعدان لمعالجته على أساس خبرتهما وتدريبهما وموهبتهما.
وأما مصطلح النمو الشخصي(Personal Growth) فهو ما يحدث عندما يقرر الشخص السليم- الذي ليس لديه أية مشكلة واضحة جداً- القيام بعملية استكشاف الذات(Self-exploration) لغرض الفهم الذاتي، من اجل أن يكون أكثر قدرةً. ولان مثل هؤلاء الأشخاص لديهم عموماً ما يدعى باسم الأنا القوية(strong ego) ، فان من الممكن استخدام مدى واسع جداً من الأساليب معهم. وفي النمو الشخصي يمكن استخدام كل طرق العلاج النفسي وكل طرق الإرشاد، والتي تتميز بالضبط وذات الأثر(النتيجة)، حيث يتم الكشف عن المشكلات ومعالجتها، وتتم إزالة العوائق، وإزاحة الحواجز، والتوصل إلى العديد من حالات الاستبصار(insights) وما إلى ذلك. أن هذا له الأثر العميق في إطلاق وتحرير الطاقات التي كانت مقيدة ضمن الصراعات الداخلية وأنماط هزيمة الذات. مستندين في ذلك إلى إن ليس هنالك أو هنالك القليل جداً من الأشخاص الأسوياء أي بمعنى الأصحاء نفسيا ًوالذين ليس فيهم أياً من العوائق النفسية أو العقلية.
وبعد أن تم تناول هذه المصطلحات الأساسية وبشكل مقتضب جداً، يمكننا الآن أن نقول بان الممارس بالمدخل الإنساني يُعنى بالعلاج النفسي وبالإرشاد النفسي وبالنمو الشخصي. على انه لا يهتم بالطب النفسي أو بالتحليل النفسي أو بالعلاج السلوكي أو بتعديل السلوك. فممارس العلاج الإنساني لا يستخدم العقاقير أو العلاج بالصدمات، ولا يقوم بأكثر من الاستخدام العرضي للتحويل(transference) وهو الآلية الرئيسية للعلاج بالتحليل النفسي، وانه لا يقوم بأكثر من الاستخدام العرضي لمبادئ الكف العكسي أو المتبادل(reciprocal inhibition) وإزالة الحساسية بشكل نظامي(العلاج السلوكي)، أو استخدام مبدأ التقوية أو التعزيز(reinforcement) وهذا هو(التعديل السلوكي). ونادراً ما يقوم ممارس العلاج الإنساني باستخدام الاختبارات، بيد انه يمكن أن يكون مُعالج إكلينيكي( سريري) طالما كانت هنالك حرية واسعة مسموحٌ بها وبشكلٍ معقول.
كما إننا يمكن أن نقول بان ممارس العلاج الإنساني يرى إن العلاج النفسي والإرشاد والنمو الشخصي على إنها كلها تستخدم ذات الطرق وذات المداخل. والمدخل الإنساني في العلاج والإرشاد النفسي يتضمن أنواع عديدة ، ومن أهم هذه أنواع والرئيسية من العلاجات هي: العلاج والإرشاد المتمركز حول العميل (علاج كارل روجرز)، والعلاج الجشتالتي، والعلاج الوجودي. والتي تتمثل بالعديد من التقنيات والفنيات الفرعية الأخرى.








#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموسيقى والإرشاد والعلاج النفسي
- مدخل باب الوهم نظرية في العلاج والإرشاد النفسي
- الإنسان والعراق والديمقراطية
- إرشاد ولكن!!!!!
- إيران والمنطقة والضربة الموعودة...,وجهة نظر
- إهداءُ من القلب
- فكر معي رجاءً
- التخيل والإرشاد والعلاج النفسي
- متعةٌ ولكن!!!!!
- البحث العلمي وأنواعه
- العراق والفكر ألاستئصالي
- طرق ومصادر المعرفة
- العلم والتفكير العلمي
- المعرفة الانسانية وأنواعها
- وجهات نظر: أفيون ولكن !!!!!
- وجهات نظر: امرأة واحدة ولكن!!!!!
- وجهات نظر: نظرية أنسانية ولكن....


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - المدخل الإنساني في العلاج والإرشاد النفسي(1)