أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2384 - 2008 / 8 / 25 - 08:17
المحور:
الادب والفن
الواقع أكثر قسوة من السينما، وأشد بؤسا.. ففي السينما يمكننا تغيير الواقع وتطويعه وفق إرادتنا وحسب أهوائنا، كما أن فرصة الإعادة والتجريب متوافرة مرة، اثنتين، أو حتي عشرة، أما في الواقع ليست هناك فرص للتكرار، الحياة مرة واحدة.
السينما فن يهدف إلى المتعة والتسلية، ورغم محاولات السينمائيين تذليل الفوارق الطبقية والاجتماعية بين البشر، ومحاولة إرضاء المحبطين بطول الأرض وعرضها؛ ظلت المسافات شاسعة ومهولة بين الأغنياء والفقراء، الجائعين والمتخمين، الأسياد والعبيد، الحكام والمحكومين، ولم تنتبه السينما أنها كانت أكثر طبقية وعنصرية من الواقع، لأنها في الوقت التي كانت تدافع عن حق الآخرين في الحياة والمساواة، كانت دون أن تدري تسن عملية تصنيف شديدة الخطورة، فمثلما كانت هناك أفلام للأغنياء وأخري للفقراء، كان هناك أيضا ممثلون يسند إليهم أدوار الصفوة، وآخرون يسند إليهم أدوار الطبقة الدنيا من عمال وفلاحين وصنايعية، وجري هذا التصنيف منذ بدايات السينما، وجاءت هذه القولبة وكأنها عرف سائد في تاريخ السينما، لم يحد عنه في حالات نادرة، أغلبها لم يلق قبولا عند الجماهير.
لم يكن مستساغا أن تري الجماهير فنانة مثل وداد حمدي أشهر خادمة في تاريخ السينما في دور سيدة صالون أو زوجة باشا وينطبق الحال علي زينات صدقي وثريا حلمي وسعاد مكاوي وآخريات، بينما كان هذا الدور محجوزا لفنانات مثل علوية جميل أو دولت أبيض أو زوزو حمدي الحكيم. ولم نر مثلا عبد الغني النجدي في دور غير بواب العمارة، أو محمد كامل في دور الجرسون، بينما كان سليمان نجيب أو أحمد علام يجسدون أدوار الصفوة. المسألة ليس لها علاقة بالغني والفقر، الشبع أو الجوع، أنما الملامح هي التي تحدد طبيعة الدور، حتي علي مستوي الأدوار الثانوية والكومبارس كان هناك تصنيف شكلي وليس موضوعيا، ولم ينج من هذا الحصار، إلا فئة قليلة سمحت لها ملامحها بهذا التنوع في الأدوار.
إذن تعاملت السينما بمنطق الناس اللي فوق والناس اللي تحت، وكان الجميع يعرف في أية أدوار يسكن فلان أو ترتان أو علان.
55
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟