|
البسيط والهيئة العليا - 27 - سيرة
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 08:16
المحور:
الادب والفن
كان شارع sanfrancisco ومحيطه الحي الذي يتجمع فيه المغاربة ويقيمون ببعض منازله . لأنه أيضا تجمعا سكنيا للمهاجرين الإسبان القادمين من منطقة الأندلس وكاليسيا وبوركوس وغيرهم من المناطق الفقيرة باسبانيا آنذاك. فكان هؤلاء المواطنون الإسبان الباحثين عن حياة أفضل في شمال إسبانيا يستضيفون شخصا أو شخصين بين ظهرانيهم مقابل بضعة عشرات من البسيطات في الأسبوع . وكان بجانب هذا الشارع فضاء يطلق عليه las cortes وهو ماخور تصطف الحانات على جانبيه وأينما ولجت تجد المكان مؤثثا بنساء الحياة كما يقول الإسبان نفسهم Mujeres de vida نساء الحياة . وكانت بينهن نساء مغربيات لكنهن كن قليلات يحسبن على رؤوس الأصابع . هذا الفضاء يستقطب ليلا مختلف الشرائح الإسبانية والبحارة الذين تقف بواخرهم على أرصفة ميناء Bilbao وكذا بعض المهاجرين الذين يهوون التسكع ليلا والتخلص من الكبت من حين لآخر . كنا جميعا نتسكع ليلا في هذا الفضاء وكنا نأتي على رصيد الأسبوع برمته خلال ساعات من وجودنا بهذا الماخور . فكنت رغم توصلي بأجرتي كل سبت .وبمجرد أن أدفع أجرة المأوى أجدني أندفع لتبذير ما لدي دون أن أفكر في وجبات الأكل خلال الأسبوع الطويل وما أحتاجه من مصاريف أخرى ضرورية .لأنني كنت قادرا على تدبر الأمر بخصوص الأكل فكل الأماكن هناك أستطيع أن أقضي بها حاجتي دينا أسدده آخر الأسبوع بدون تماطل. وأحيانا ألتجيء إلى صديقي - ميكي - الذي كان يفك أزمتي ويصبر علي إلى حين . وذات يوم وكان يوم إثنين أصبحت خالي الوفاض ومن حسن حظي زار الورشة المقاول الذي شغلني فقصدته قائلا ( أريد قرضا ياسيدي .. إذا كان ممكنا ) فاستغرب أمري قائلا ( حقيقي لا أصدق .. كيف يمكن أن تتوصل بأجرتك يوم السبت وبعد غد أو بعد غد تطلب القرض ؟ .. هل تذهب إلى las cortes ؟ ) قلت نعم سيدي . دس يده في جيبه وناولني ورقة نقدية من فئة ألف بسيطة وقال لي ( هذه ليست قرضا . ولكنني أقرضك نصيحة وهي - إذا لم تكن تدخر قسطا من أجرتك ياولدي عليك أن تنتحر برصاصة في رأسك - ) وقد فكرت كثيرا في نصيحته ورأيتها بديهية ومعقولة . لكنني لحد الساعة لازلت كما كنت ولم أتغير . لم أتعود إدخار شيئ في حياتي رغم المال العميم الذي هدرته و هدرته بكل عبثية . ولحد الآن لم أفكر في الإنتحار . لأنني أحب الحياة وأرى أنها تستحق كل عبثي هذا ولا مبالاتي بخصوص هذه الأشياء التي يحرص عليها الناس كما لو يحرصون على حياتهم . فالإنسان سوف يموت في المستقبل إذن الإنسان ليس له مستقبل . ذلك ما قاله - كنفاني - . كل الطرق على السواء كما قال - سارتر - .لكن المقاول el gayego لا يفكر بنفس الأسلوب الذي أفكر به . ومع ذلك هو على صواب . في هذا الفضاء المؤثث بالنساء الجميلات تعرفت على سيدة حسناء وشقراء وكانت أكثر سنا مني كان عمرها ضعف عمري أو أكثر وكانت تقول لي دائما بأنني أشبه إبنها كثيرا ولا أدري لماذا كانت تروقني وأفضلها على الأخريات الشابات . وأصبحت زبونها المفضل وكنت عندما أضاجعها كنت أقبلها في فمها ليبقى فمانا متلاصقان إلى آخر الشوط. كانت رائعة بشكل رهيب وكانت لا تتأفف من لعابي وأنا ثمل . قالت لي يوما ( سنتضاجع بطريقة الكلاب ) – stilo perro - وفعلا ضاجعتها من فرجها لكن من الخلف . كل هذه الأحداث كنت أحكيها لفتاتي وصراحتي تجعلني أبدو مجنونا في نظر الغير لكنها كانت تتحملني لأنها كانت تحبني وعندما تحبك المرأة إفعل بها ماشئت إنها الحقيقة . أتذكر يوما إقترح علي صديقي- فارس – أن ألبس ولو يوما واحدا لباسا أنيقا وكان هو مولع بالأناقة اعترضت أول الأمر لكنني رضخت لإقتراحه اخيرا . لبست سترة جديدة وبانطلون رائع وقميص أبيض وكرافتة زاهية وحداء لامع أعارني هوكل شيء . وانطلقنا في شوارع المدينة . كنت أثير إنتباه الناس بشعري المنفوش وشاربي الأسود وملامحي الغجرية وأناقتي التي أضفت علي منظرا رائعا . قال لي صديقي أن الناس لم تعد تلتفت إليه كما من قبل. كنت أشعر كما لو أنني نجم شغل المارة . ففكرت أن أعرج على فتاتي لأتباهى بشخصي كالطوس . فاجأتها وهي بمقر عملها بشركة تدير خزائن ومستودعات تجارية وكانت موظفة إدارية بتلك الشركة administrativa سألت عنها وبعد هنيهة حضرت وما أن رأتني حتى إنبهرت بقيت مشدوهة فهي لم ترني على تلك الحال قط وطالبتني مرارا كي أتأنق وأرمي بالأسمال جانبا فكنت أرفض . يومها أحسست بها أنها ستطير من الفرحة وجرتني من يدي وأدخلتني عنوة إلى مكتبها وقدمتني إلى رفيقاتها في العمل وكن أوانس في ريعان شبابهن وأجمل منها بكثير. لم يكن هناك مبرر لإدخالي للمكتب لكنها فعلت وطلبت الإذن وخرجنا معا قبل وقت مغادرتها المعتاد. سرنا ثلاثتنا نحو مقهى راقي ( la arriaga - هناك جلسنا نشرب ( el batido ) كنا ببلادنا لم نكتشفه بعد . كما أنه بتلك المقهى يباع بثمن مرتفع . أخذتني ما يشبه غيبوبة تفكير في الوطن والأسرة ولما استعدت يقظتي سمعت فتاتي تخاطب رفيقي( فارس ) قائلة ( سأقدم لك صديقة جميلة سوف تتعرف عليها وتحبها . وفعلا تم ذلك لكن الفتاة تبرمت من تصرفاته ولم تكن تتحمل مثل الأخرى . كان سلوكنا مع الفتيات شرقيا في طبيعته .
- يتبع -
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البسيط والهيئة العليا - 26 - سيرة
-
العصفور - ترجمة ابراهيم درغوثي للفرنسية -
-
العوسج المكلوم
-
العصفور
-
البسيط والهيئة العليا - 25 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 24 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 23 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 22 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا- 18- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا -20 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا-19- سيرة
-
رسالة إلى المطلق - من إقتراح الأستاذ رشيد المشكوري
-
البسيط والهيئة العليا -14- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 15- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 17 - سيرة
-
الرياح الوثنية
-
البسيط والهيئة العليا -16-سيرة
-
سارق الضوء
-
البسيط والهيئة العليا - 13 - سيرة
-
الدائرة
المزيد.....
-
فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
-
عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر
...
-
الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
-
6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد
...
-
-في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام
...
-
واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
-
“الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2
...
-
طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
-
-الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال
...
-
نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت
...
المزيد.....
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
المزيد.....
|