وليد الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 11:05
المحور:
الادب والفن
حين قرأت في أحد أيام روسيا الباردة رواية صنع الله إبراهيم ( تلك الرائحة ) ، في طبعة تشبه كثيراً النشرات الداخلية لخلايا العمل السياسي السري في العالم العربي ، شعرت بقلق بالغ ، وكأنّ أحداً ما بعقل بارد ورتابة مقيتة ، يقف بإنتظار الرجل الذي سيخرج من تحت الصابون .
أما مع (ذات) فإنّ توتراً حارقاً يمتزج بشهوات مخبأة يغذيها الحرام بلذة موجعة ودفق إنساني معطل في ماكنة حياة لم يلمسها الزيت منذ الأزل ، (ذات) صراخ لا يسمع ، كلام مخنوق وبشر ماضون في عزلتهم . ذات : ذوات منفصلة تتعرف على نفسها وهي تجس لحم الولد الجالس بقربها في السيارة ، وتتخيل . ذات مخيلة جامحة محشورة في الأرشيف .
ومن يدخل معه ( اللجنة ) سيموت من الضحك مرات كثيرة ، وحين يصل البيت سيبكي ، ولن يجدي الأسيفال شيئاً ولا توسلات الأخوة والأخوات ، إن اللجنة – السلطة ، بإعتبارها عاملاً حاسماً في تقرير مصائر البشر تمارس قهراً مريضاً مزدوجاً ، ضد الآخرين بإعتبارهم تهديداً قائماً ، وضد عناصرها بإعتبار أنّ النفس البشرية أمارة بالسوء.
أما (وردة ) صنع الله إبراهيم ، هذه القدرة المدهشة على تحمل مصائر الشخوص ومتابعتها والإخلاص لها ، هذا التأريخ الحي لجوارنا العربي الذي لا نعرف عنه الكثير ، هؤلاء الظفاريون المشغولون بمقولات ماركس وتجربة هوشي منه والمدارس الحزبية ، هؤلاء الذين تركت حيواتهم على حواف الطريق ، دون التفاتة من رفاق الأمس الذين( صاروا وتصوروا) !! البنات اللواتي تركن بيوتهن مأخوذات بإسم المقدس : الكلاشينكوف ، الذي يذكرني إسمه بالتدخين والمعاطف وبخار يرتفع من أكواب الشاي . مع ( وردة ) تشعر بالحسرة ، وتلم من الشوارع البعيدة أحلام دهستها حافلة مجنونة براكب واحد وعشرات السائقين الثملين بجنون العظمة .
ليس ثمة من قنابل صوتية في روايات صنع الله إبراهيم بل رصاص حي يخرج من كواتم الصوت .
أما قصة الجائزة ، فالكل يعرفها .
#وليد_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟