أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صادق الازرقي - العنف الجمعي.. نتاج الاستبداد















المزيد.....

العنف الجمعي.. نتاج الاستبداد


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بدءا نقول؛ يمكن النظر إلى العنف كإحدى الممارسات التي ترافقت مع حياة الكائنات الحية تعبيرا ً عن غريزة استعمال القوة ضد الآخر وإيذائه, ينسحب الأمر حتى على بعض النباتات التي تقوم باقتناص فرائسها ما ان تحط عليها.
ولا يشذ الكائن البشري عن تلك الممارسة وعن ذلك النزوع .. والفرق بين بني البشر وبين الحيوانات مثلا ً فيما يتعلق بموضوعة العنف هو وعي الكائن البشري وتطور دماغه الذي يهيئه للنظر الى العنف في ظروف التصرف الصحيح كأنموذج سلبي يعمل بالتالي لإزاحته والإتيان ببدائله الملائمة.
من المهم الإشارة ونحن نتناول موضوع العنف الى انه متشعب ويحتاج الى دراسات متواصلة ومعمقة غير اننا اكتفينا في مقالتنا هذه بالإشارة والتلميح الى بعض جوانب تأثيره على حياة الشعوب وبالأخص شعوب منطقتنا في هذه المرحلة التي لم يزل فيها شعبنا يلعق جراحه المتولدة عن استعمال العنف في أقصى مدياته في ظل النظام المباد وكذلك بسبب العنف الناجم عن أعمال الإرهاب و العمليات المسلحة التي لم تزل تجري لحد الآن.


مقدمة مقارنة لموضوعة العنف بين اوروبا والشرق
في بلدان (الشرق) وبلداننا العربية تحديدا ً كان للعنف واستعماله دورا ً حاسما ً في مدد تاريخية كثيرة ارتبطت مع حياة المجتمعات المعاصرة بوشائج قوية أخذت في بعض الأحيان طابع التصفيات الجماعية لمجموعات بشرية بأكملها مثلما حدث في جمهورية رواندا الافريقية.
وفي البلدان العربية كان العنف وما زال الوسيلة الشائعة لتصفية الحسابات في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا ً وهي المرحلة التي نشير إليها باعتبار أن اللجوء الى العنف كممارسة في المدد اللاحقة ارتبط حصرا ً بهذه المرحلة.
بعد ان صحا العالم من صدمة الحرب العالمية الثانية وبعد ان خلفت الحرب عشرات الملايين من القتلى ودمارا ً هائلا ً, حدث التطور المفاجئ المتعلق بنتائج تلك الحرب على الصعيد الأوروبي, وبرغم انقسام أوروبا الى معسكرين في حينه فان جميع دول اوروبا الغربية ـ التي بات يضمها الاتحاد الأوربي الآن ـ قد تعزز لديها المنحى الديمقراطي وودعت تاريخ العنف والحروب والإيذاء وبالتالي فان العنف وممارسته من قبل حكومات تلك الدول لم يعد قائما داخل بلدانها وان كانت قد واصلته في البلدان الأخرى التي لم تنل استقلالها بانتهاء الحرب العالمية الثانية أما العنف على صعيد المجتمع فغدا مرفوضا من قبل الشعوب ومتركزا فقط في نشاط منظمات متطرفة محدودة العدد مثل (الألوية الحمراء ) الايطالية و (بادرماينهوف ) الالمانية و (الجيش الجمهوري الايرلندي السري), وحتى أعمال العنف التي كانت تقوم بها مثل تلك المنظمات فانها تلاشت في مراحل لاحقة فلم نعد نسمع بمعظمها كما ان معظم تلك المنظمات اندثرت بدورها مع تعزز الديمقراطية وحرية الفكر إذ لم يعد هناك أي مبرر لاستعمال العنف بعد ان ترسخت حرية القول والعمل.
في مجتمعاتنا الشرقية حصل العكس تماما ً إذ اخذ العنف الحكومي خطا ً تصاعديا ً مع مرور الوقت فلم تكتفِ الحكومات المتنفذة التي استولت على السلطة بطريقة عنفية بالإصرار على اغتصاب السلطة والبقاء فيها بالقوة بل انها أخذت تسعى الى المبالغة في استعمال العنف حتى ضد من يشهر سلاح القول فقط من دون ان يلجأ الى العنف فأصبح التفوه بكلمة ضد رئيس الجمهورية مثلا يقود مطلقها الى الإعدام الفوري.
لقد أدى ذلك الى زيادة التشنجات والتوترات في تلك الدول وكذلك في علاقاتها مع الدول الأخرى من خلال إصرار الحاكم العنيف على إدامة حكمه وزخم سطوته فيلجأ الى تسريب مشاكله ومطالبة الجماهير له بالديمقراطية والتنحي ليديم حكمه بخلق الاشتباكات والحروب المباشرة مع الدول المجاورة وكذلك يقوم بخلق أعداء (دائمين) من الدول البعيدة تحت يافطة (معاداة الامبريالية) و (محاربة الرجعية) وتبني ( التقدمية) فيوغل في ممارسة القمع وإرهاب الدولة والعنف ضد مواطنيه عندئذ لا يجد الكثير منهم بدا ً من اللجوء الى العنف المقابل.

الانقلابات العسكرية كمظهر للعنف
في المدة الممتدة من بداية خمسينات القرن الماضي الى بداية السبعينات منه شهدت البلدان العربية عدة انقلابات عسكرية قام بها ضباط تبوءوا مراكز مهمة في جيوش بلدانهم وفي الحقيقة فان تلك الانقلابات والتي أطلق على اغلبها اسم الثورات كانت استمرارا ً لدورة العنف بأشكال أخرى فلقد كانت تعبيرا ً عنفيا ً عن رفض الواقع الذي كان مارس العنف بدوره على عكس ما يحاول إثارته البعض بالادعاء بان الوضع السابق لتلك التغيرات كان أفضل؛ فبالنسبة لتاريخنا العراقي كانت تصرفات نوري السعيد واجرءآته غير الديمقراطية التي أغلق بموجبها البرلمان وحل الاحزاب وادخل الناس في سجونه المرعبة ممهدا ً طبيعيا ً لما حدث في الرابع عشر من تموز 1958 وتعاطف الناس مع القائمين بالتغيير, لقد تولد العنف من العنف السابق. وما حدث في العراق كان قد حدث في مصر وحدث بعد ذلك في سوريا وليبيا وبلدان عربية أخرى. والمفارقة هنا ان كل من يأتي الى الحكم في معظم تلك البلدان يهاجم العنف السابق المستعمل من النظام الذي انقلب عليه في حين لا يتطرق الى العنف الذي يمارسه هو والذي يكون في أحيان كثيرة أبشع من العنف السابق.
وطيلة المدة المذكورة التي تجاوزت الخمسين عاما من تاريخ العراق والمنطقة أزهقت أرواح مئات الألوف بل الملايين من الناس ارتباطا ً بأعمال قتل يراها الحاكم ضرورية لإدامة بقائه الذي يزعم انه بقاء للوطن فيما يرى المعارض ان اللجوء الى العنف المقابل من قبله هو ضروري لدفع عنف الحاكم ومجابهته, ولقد ظل العنف مستشريا ً حتى الآن في جسد المجتمعات العربية من خلال استمرار ذات الحكام طيلة تلك السنين بسياساتهم الخاطئة التي لم تستفد من دروس التاريخ ولم تتكيف مع الوضع المعاصر عصر الانفتاح والديمقراطية فظلت متخلفة عن عصرها بانتظار التغيير سواء عن طريق شعوبها الذي سيأتي لا محال رغم بطئه او عن طريق تفاعلات العلاقات الدولية والظروف الخارجية مثلما حدث في قضيتنا العراقية حيث جاء التغيير الذي تم بمساعدة أميركية (عنفيا ً) أيضا بسبب إصرار الحكومة السابقة على التشبث بالسلطة مهما كانت النتيجة وهي لم تتخل عنها إلا بعد أن أحست بعقم مقاومتها أمام إصرار الشعب وقواه المعارضة على التخلص منها مهما كان الثمن.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارع الطالبية!
- التجاوز على الناس .. وباء يستشري
- عام الإعمار الذي لن ينتهي!
- (رهاب النقل)!
- المتباكون على خروج العراق من البند السابع !!
- نظام القائمة المفتوحة .. أم نظام آخر!!
- أسلوب جديد في إهانة المواطن
- شركات الاتصالات تواصل سرقة ما في الجيوب
- حزب الكهرباء!!
- خزينة الدولة يجب أن تصب في خدمة المواطن
- وزارة البلديات والأشغال تدعو الإعلاميين وتتركهم في العراء!
- البيئة العراقية هل غدت ضحية الفوضى الإدارية والمالية؟
- المواطن العراقي بحاجة لساعات كهرباء وليس (ميغاواطات)!
- هل بمقدور الحكومة السيطرة على الأسعار؟
- هل الخدمة العسكرية الإجبارية ضرورية للعراق؟
- نشاط ملحوظ للدبلوماسية العراقية
- صفقة اليمامة والصفقة الصربية
- لماذا يخشون التداول السلمي للسلطة؟!
- أحداث البصرة الدامية والحاجة الى التعالي على الأحقاد
- فائض المال .. وإملاق الحال


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صادق الازرقي - العنف الجمعي.. نتاج الاستبداد