|
البسيط والهيئة العليا - 26 - سيرة
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 07:49
المحور:
الادب والفن
وصلت ( بيلباو ) واتجهت مباشرة إلى شارع - سانفرانسيسكو- حيث يقيم ويجتمع المهاجرون المغاربة فالتقيت بأصدقائي ومنهم ( فارس ) و ( الحادوش ) و( سي مصطفى الملقب ب – الشريف -) وعدد آخر من رفاق الحي. وهناك تعرفت على ( ميكي ) الذي سيصير صديق العمر . والذي كان آنذاك أصغرنا سنا . إلتحق ( البرنوصي ) أيضا بنا . وكان قد إلتحق ب ( بيلباو ) مصحوبا ب ( فارس ) بعد أن إلتقيا في العاصمة ( مدريد ) . كنا نتلاقى في حانات شارع ( سانفرانسيسكو) بشكل يومي . البعض كان يشتغل والبعض الآخر لا زال يتسكع وكان – محمد الطنجاوي - متزوج بإسبانية وله معها بنتين واحدة لازالت رضيعة . كان هذا الشخص رجلا كريما وطيبا وسكيرا أيضا وكان هو الملاذ دائما لمن تقطعت به السبل من الرفاق . وقد حكى لي يوما أن صديقا لنا إسمه ( السوسي ) إستضافه ببيته فجاء يوما ثملا ولم يجد ما يأكله فأكل عصيدة الرضيعة ولما استيقظت الزوجة ليلا لم تجد ما تعطيه للرضيعة لأن عصيدة إبنتها أكلها الضيف . فقام الزوج بطرد ه من البيت في جنح الليل . تعرفت على ( ميكي ) في حانة - إلخيطانو - وهي حانة البؤساء من الإسبان والمهاجرين يؤمها الجميع لأن الوجبات كانت بخسة وكذلك النبيد . فرغم مجيئي من فرنسا ومعي بعض النقود لكنني استهلكتها عن آخرها ولم يبق لدي سوى ساعة جميلة وجيدة بمعصمي تطلعت إلى بيعها لأفك بها عوزي . وكان – ميكي - حينذاك يشتغل في نقل العمال بواسطة عبارة على ضفتي نهر - بيلباو – وكان هو ملجؤنا في اقتراض الفلوس منه ريثما تفرج أزمتنا . أما( فارس )لما كان بالعاصمة كانت له خليلة عجوز إسبانية الجنسية تدفع له مقابل نزوتها الجنسية . ولما إلتقى مع – البرنوصي - إستضافه ببيت عشيقته العجوز وطلب منها وجبة للطرفين فغضبت غضبا شديدا وقالت له بلغتها الإسبانية ( veneis a chulearme los dos ! ) وقامت بطردهما من بيتها فالتحقا ب – بيلباو – وكنا نضحك كثيرا من هذه الواقعة . أما ( الحادوش ) فكان يعشقه رجل شاد وكان هذا الأخير يشتغل في الحانة فكان ملاذا لنا جميعا نأكل ما نشاء ونشرب ما نشاء ولا نسدد شيئا . حتى أنه إكترى بيتا على نفقته ووضعه تحت تصرفنا . وكان( الحادوش ) يكرهه لأنه يحب النساء ويكره الشواد . أما - ميكي - فقد كان فتى يافعا ويتحفظ في مشاركتنا تسكعنا ولم تتوطد علاقتي به إلا مستقبلا عندما عدنا كلانا إلى تطوان بصفة نهائية . هاتفت فتاتي وضربت لها موعدا ورافقني - فارس - أثناء لقائها . وبالصدفة تعرفنا على فتاة أعجبت برفيقي فضربنا موعدا آخر في الغد بحانة – las claveles - المقابلة لمفوضية الشرطة بمكان يسمى – siete calles - في الغد وصلنا في الساعة المحددة . لاحظنا أثناء دخولنا الحان فتاتينا تتحدثان لشخص مجهول لدينا وكان إسبانيا لم يكن ذلك تصرفا منهما مشبوها بل كان عاديا . غير أننا تصرفنا حسب تقاليدنا المتخلفة . تجاهلنا الفتاتين وأخذنا ركنا بعيدا عن الفتاتين المنتظرتين . وكان ذلك كافيا ليشوش ذهنيتيهما وقد أثار ذلك حنق الشخص الذي كان شرطيا سيئا . فتقدم نحونا وجلس مشتركا معنا الطاولة وبدأ يحدق فينا بطريقة لا تطمئن . ثم أقدم – فارس – على التحدث إليه بنوع من الإطرا ء فظننا أننا نخشاه . فأقدم على صفع رفيقي - فارس – لكنني قلت لرفيقي ( إتركه لي ). سحبت علبة السجائر من جيبي وقدمت له سيجارة قائلا ( خذ لك سيجارة لتهدأ أعصابك ) وبحركة من يده أسقط العلبة أرضا . ثم أضاف ( أنتما - macarras ) ومنذ شهور وأنا أتتبع خطواتكما ) لكنه كان يكذب فأنا لم أصل - بلباو- إلا في ظرف أسبوع واحد وكذلك هو الشأن بالنسبة لرفيقي . إذن هذا المريض سقط في الفخ . قلت له ومن تكون حتى تتبع خطانا ؟ قال ( إنني شرطي ) استويت واقفا وضربته بقبضة يدي الإثنتين المتلاحمتين ورميت به نحو الخلف . كنت غاضبا بشدة سقطت كؤوس من طاولة بالجوار وصرخت الفتاتين الجالستين بتلك الطاولة المجاورة تدخل نادل سمين فرميت به جانبا كما ترمى قطعة قماش . وصل رجال الأمن على الفور . حينذاك رمقت فتاتي تنظر إلي بفم مفتوح وهي مشدوهة أمام الحدث الغير المرغوب فيه . خاطبني الكومسير قائلا ( لا ترغمني على استعمال العنف ) . اتجهنا نحو المفوضية هناك تأكدت أن الرجل المضروب شرطي بثياب مدنية وصار يردد مقولته السابقة ففندت كلامه بالإدلاء بالجواز الذي يحمل تاريخ عبور الحدود الفرنسية مع إسبانيا وكذا بطاقة الإقامة فتبين جليا أن الرجل كاذب ومفتر ي . أما صديقي فقد صرفوه لحاله لكي لا يكون شاهدا وضحية الشرطي السيء وأضاف هذا الأخير مشيرا إلى لباسي ( أنظر إليه كيف يلبس ) أجبت الكومسير ( أنظر إليه كيف يريد أن يلبسني لباسا على ذوقه وعقليته ) كان جليا وواضحا أن هذا الحمار خائب كبير وكنت أحس بأنني قوي وانتصرت على إبن الكلب الذي أراد أن يسخر منا فنال عقابه . سمعت الكومسير يوجه سؤاله له ( هل تريد متابعته ) قال الخائب وعلامة الخيبة تشرق من وجهه ( أنا لا أريد أية متابعة ) . وضع الكومسير يده على كتفي واتجهنا معا نحو باب المفوضية وخاطبني بهدوء ( لا أريد أن أراك بمقدار نصف كيلومتر من هذه الحانة ) اتجهت صوب البار وأخرجت فتاتي واختفينا . في الغد رجعت إلى نفس الحانة وطلبت كأسا من الويشكي وأخذت جرعة جيدة وخرجت بالكأس في يدي ووقفت في الباب المقابلة للمفوضية وصرت أحملق في إتجاههم . لم يتحرك أحد منهم لينفذ الوصية . كنت أعلم جيدا أن وصية الكومسير لم تكن حكما صادرا عن القضاء . لذا فالأمر تافه ولن يجد من ينفذه . - يتبع -
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العصفور - ترجمة ابراهيم درغوثي للفرنسية -
-
العوسج المكلوم
-
العصفور
-
البسيط والهيئة العليا - 25 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 24 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 23 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 22 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا- 18- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا -20 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا-19- سيرة
-
رسالة إلى المطلق - من إقتراح الأستاذ رشيد المشكوري
-
البسيط والهيئة العليا -14- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 15- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 17 - سيرة
-
الرياح الوثنية
-
البسيط والهيئة العليا -16-سيرة
-
سارق الضوء
-
البسيط والهيئة العليا - 13 - سيرة
-
الدائرة
-
البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|