|
عندما يكون المثقف متبوعا عبد الوهاب المسيري نموذجا
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2339 - 2008 / 7 / 11 - 11:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفرق بين المثقف المتبوع والمثقف التابع كالفرق بين المرابي والقديس ، بين الانسان الحر والاخر العبد ، بين النفس المليئة بثقة قدراتها وقوة عطائها وتأثيرها والنفس المتهافتة المدعية المتسترة على امراضها بروائح الصحة المفقودة ، المثقف المتبوع يرى ويسمع ويتكلم بعزمه هو ، المثقف التابع لايرى ولا يسمع ولايتكلم الا عندما يبرمج بما يلبي نوازعه التي تتغذى على عطاءات الذين يتبعهم ، المثقف المتبوع لا يكتفي بالتفسير فقط وانما هو داعية للتغيير ، المثقف التابع يبرر ولا يفسر ويخيفه التغيير فيفتح قريحته للتخدير ، المثقف المتبوع يعيد تقييم نفسه ويراجعها وقد يتجاوزها نحو آفاق ارحب ، المثقف التابع لا يراجع نفسه الا اذا تغيرت سحنات من يتبعهم وقد ينقلب عليها ان ادعت ضرورات الربح والخسارة ذلك ! عندما يسود المثقف المتبوع تكون الدنيا بخير رغم ما فيها من صراعات وكوارث ، وتكون ابواب واجواء الاحلام والتجريب والمحاولة والمغامرة والمجاسرة والمقاومة مفتوحة وفيها براح من الحركة الهادفة رغم ما يبدو عليها من تعب ، اما عندما يسود المثقف التابع وبالتالي ثقافة التبعية فالاجواء تحمض والابواب لا تفتح الا باوامر السلطان ووعاظه ، وعندها ينتشرالفساد في الربوع كالاوبئة ! عبد الوهاب المسيري هذا التنويري العامل الفاعل هذا الاستاذ والتلميذ هذا المفكر المنظر المفسر، الداعية للتغيير هذا المنحدر من اصول ناقضها طبقيا نحو المعرفة الحرة ، قرأ وقارن وقارب وباعد حتى صاغ نفسه واخذ يشذبها ويثقفها بالممارسة ، اكاديمي يمتلك ادوات ومناهج مبدعة ،، المعرفة حسية كانت ام نظرية تكمل بعضها البعض في السير الحثيث نحو تحقيق التجاوز المطلوب ، لا تغيير مثمر دون تفسيير معمر بالتقليب والتمحيص والتجريد ، دون التعمق بخصائص الاشياء والحركات واشكالها وتفاعلاتها الطبيعية والارادوية او بطفراتها المتنوعة المحصورة بين الصدفة والضرورة بين العام والخاص بين الشكل والمضمون بين الجوهر والمظهر . الفيلسوف المسيري طراز مألوف من المثقفين المتبوعين في عصرنا وفي عصورلم نعشها كالذين عشنا مع اخبارهم في تراث امثاله المبثوث في بطون امهات الكتب والمصادر والمراجع والمدارس والجامعات والشوارع ، المسيري قدوة للثقافة غير الطارئة ، قدوة للثقافة الانسانية التي تقاوم القبح وتحلم بالجمال . مفكر تفوق في معرفة الاخر بعد ان تفوق في معرفة نفسه ، مقارب لا يؤمن بالعزلة والاجناس المشفرة محارب والمعرفة خير سلاح ، كان سؤاله الصعب والذي لم تتبلور الاجابة عنه طيلة مشوار حياته هو كيفية تحويل المعرفة الى سلاح فاعل في متناول جيوش التغيير ، ففي كل الحقول هناك من يحاصر المعرفة الحقة ،، السلطة والجهل ومثقفي التسعيرة والعولمة المتوحشة ، والمؤسسات المعلبة والتي وجدت لخدمة استمرار هذه السلطة ناهيك عن الاحزاب الخشبية والنقابات المشوهة والجامعات المحاصرة والاعلام المحاصر ، نعم لم يبقى الا الشارع ، فنزل اليه وكان من اوئل الصارخين بوجه السلطة ـ كفاية ـ ! ربع قرن وبعشق الباحث كتب اعظم موسعة جامعة عن اليهودية واليهود والصهيونية ، وكتب في حلول للمأزق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي العام والخاص لمصر ولعموم مجتمعات العوق المزمن . غيب الموت المسيري عنا لكن مسيرته لم تمت فهي حية في ذهن كل باحث رصين وفي كل صرخة يصرخها ضحايا فساد ديكتاتورية سلطة التبعية والانفتاح المنفلت ـ كفاية ـ انه حاضر في اي دعوة حقيقية للتغيير نحو مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية والاستقلال الحقيقي والسيادة الكاملة لارادة الشعب وليس لوكلاء الاحتكارات العالمية في مصر .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يعاهد من ؟
-
لاحصانة للعراقي في بلاده المهانة يوميا بالوجود الاحتلالي ؟
-
يوم الاجيء العراقي !
-
معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !
-
العالم يعيد اكتشاف جيفارا !
-
-صحوة- احزاب المنطقة الخضراء !
-
لا حِراك في الفطائس يا حراك !
-
كيف سيمررون اتفاقية الانتداب الامريكي على العراق ؟
-
انطباعات في الشيوعية الروزخونية !
-
أجل اسرائيل مسمى !
-
مئة عام من النفط = مئة عام من الدماء !
-
عبود يعبر الحدود !
-
الثوريناطح الثورة !
-
أيار العراقي
-
الطبقة العاملة العراقية تبحث عن حزبها فلا تجده !
-
خمسة أعوام من الارهاب الامريكي في العراق!
-
31 أذار يتوشح بالحزن !
-
الصهيونية عنصرية مدللة !
-
جنس من اجل البقاء !
-
8 اذار رفيق 1 ايار !
المزيد.....
-
قتل زوجته ورجل آخر في منزله.. شاهد نهاية رجل اتصل بالشرطة مد
...
-
من خلال عمليات توظيف رسمية.. جواسيس من كوريا الشمالية نجحوا
...
-
منذ 7 من أكتوبر.. 32 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة الغربية ا
...
-
تقارير: إصابة عشرات من عناصر حزب الله في أنحاء لبنان نتيجة ا
...
-
إعلام إيراني: إصابة سفير إيران في لبنان خلال موجة انفجارات أ
...
-
انفجار أجهزة -بيجر- خاصة بحزب الله.. مراسل CNN يفصّل ما نعرف
...
-
مصادر أمنية إسرائيلية: الأجهزة التي انفجرت في عناصر حزب الله
...
-
من هو جدعون ساعر بديل وزير الدفاع الإسرائيلي المحتمل؟
-
وكأن المحن التي تعصف بهم ليست كافية: انتشار القوارض والحشرات
...
-
-مئات الجرحى- بمناطق مختلفة في لبنان إثر انفجار أجهزة اتصال
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|