|
من اجل اجتثاث ظاهرة التهجير من جذورها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2341 - 2008 / 7 / 13 - 06:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كلنا على علم بان حملات التهجير و الترحيل و التعريب و التسفير و التفريس و التتريك و الى غير ذلك من المصطلحات شان درجت عليها حكومات المنطقة منذ مدة غير قليلة و على نطاق واسع . و تجذرت هذه العمليات في عمل الحكومات المتعاقبة من اجل التغيير الديموغرافي لمناطق هامة و لمصلحة اصحاب السلطة. اما هذه الظاهرة في العراق بدات منذ الحاق ولاية الموصل الى الدولة العراقية سنة1925 و الغرض منها ايجاد التوازن القومي لاسيما بعد اكتشاف النفط فيها بكميات كبيرة و هنا السبب الاقتصادي الهام الذي دفع الحكومات العراقية المتتالية الى التصعيد و التوسيع في هذه الظاهرة باتجاهات عديدة و شملت البادية او الجزيرة و كركوك بشكل عام و شرق بغداد بما فيه مناطق ديالى الشرقية، و اشتدت وتيرتها اثناء الحروب الداخلية مع الحركات التحررية الكوردستانية و خارجية كما في حرب الثمان سنوات مع ايران. فبعد ثورة ايلول تم ترحيل و تهجير القرى الحدودية في المناطق الكوردستانية بعرض عشر كيلومترات و اثناء الحرب العراقية الايرانية تم تجفيف الاهوار و ترحيل اهله بشكل شيه كامل و كما تم تسفير الكورد الفيلية باستمرار من قبل النظام الدكتاتوري بحجج واهية، و اخيرا شاهدنا تدمير القرى الكوردية كاملة اثناء عمليات الانفال، في كل تلك العمليات كان الفاعل الرئيسي و الوحيد هو الحكومة العراقية المركزية و اخطرها النظام الدكتاتوري، اما ما يحز النفس و العقل بعد السقوط نم تنفيذ هذه الظاهرة من قبل المواطنين انفسهم و تغيرت المسارات و غرزت الظاهرة في كيان المواطنين و بتاثير خلفي لما قام عليه الدكتاتور و نتيجة لزرع الحقد و الكره بين اطياف الشعب العراقي و بفعل الدكتاتورية ايضان وما كان وراءه و لاسباب مذهبية التي كانت مكبوتة و التي تفشت في الوضع مابعد السقوط نتيجة تلك الموروثات و التدخلات الخارجية لتاجيج الوضع لاسباب معروفة، و هو عمل شاذ و ليس من اخلاقيات العراقيين الاصلاء من القوميات و المذاهب و الاديان المختلفة المتعايشة مع بعضها بسلم و امان و تعاون منذ امد طويل . من المعلوم ان المتضرر الاكبر هو الشعب العراقي بشكل عام و الطبقة المعدومة بشكل خاص التي هي وقود و ضحية كل الافات السياسية و الاجتماعية و التي تزيد هذه الظاهرة من حالاتهم بؤسا و قهرا، اما المتنعمين و المتريشين فيتوائمون و ينسقون مع السلطة و المتغيرات و المتنفذين و لم يشملهم كما يشمل الطبقة الكادحة او اذا اصابهم هذه العمليات بشيء فبامكانهم تسيير امورهم بامكانياتهم حتى وان لم يعجبهم الوضع في البلاد يستقرون في اي مكان في العالم فيطبقون القول ان الغنى في الغربة وطن و الفقر في الوطن غربة ، و في كل العمليات و ما يظهر من السلوك و الاساليب و المتغيرات السلبية كانت الطبقة المسحوقة في مقدمة المشمولين بما يضر بهم من جميع الفئات و الطوائف . كما نشاهد ان الوضع الامني بدا يتحسن شيئا فشيئا و من اجل اعادة الامور الى نصابها و عودة الاوضاع الى ما كانت عليه و اعادة ترسيخ التعايش السلمي لمكونات الشعب على الحكومة و المواطنين على حد سواء العمل الجبار من اجل اجتثاث و استئصال هذه الظاهرة من جذورها بالتعاون المتبادل بين الحكومة و الشعب و بين المواطنين انفسهم ، و يعتبر العمل على هذا الاتجاه واجب وطني كبير على جميع الافراد تنفيذها بشكل يساعد على استقرار الوضع اكثر و تعود روح الاخوة و الاحترام المتبادل بين كافة مكونات الشعب العراقي. و يمكن بخطو خطوات مهمة رسمية حكومية و شعبية تسهيل عودة المياه الى مجاريها و منها اتخاذ هذه الخطوات المهمة: اولا/ اقامة مؤسسات حكومية وثائقية تاخذ على عاتقها مسؤولية هامة و هي جمع و توثيق كل ما يتصل بعمليات التهجير و الترحيل و التسفير التي تعرض لها الشعب العراقي من اجل اعادة الحق لاصحابه بكافة الوسائل . ثانيا/ اظهار و بيان خطورة هذه الظاهرة المضرة بالاقتصاد و السياسة و الوضع الاجتماعي و الديموغرافي و مستقبل الشعب العراقي من خلال التواصل مع المؤسسات و المنظمات الانسانية و الامم المتحدة و وكالاتها بشكل عام. ثالثا/ اعلان و بيان و توضيح خطورة هذه الظاهرة من خلال التكثيف الاعلامي و تسخير وسائل الاعلام لرصد كافة الحالات و ما يتصل بها و مواقعها و تهيئة الراي العام العراقي لمحاربة هذه الحالات الشاذة عليه. رابعا/ العمل بجد و بكافة الوسائل لتوعية المواطن و العمل على ابعاد الحقن الطائفي و اهمية التعايش السلمي الاخوي كما كان عليه المواطنون على الرغم من سياسة الحكومات المتعاقبة . خامسا/ استخدام كافة الطرق المادية و المعنوية لاعادة اللحمة بين فئات الشعب و استئصال الفكرة من كيان المواطن و توضيح الامر على انه حالة شاذة وردت الى الوطن من خارج البلاد و من افعال الحكومات الغاشمة و من اجل افكار عنصرية ليس لها اي فائدة للشعب بشكل عام . سادسا/ اعادة المهجرين الى سكناهم الاصلية و تشجيع اعادة اللحمة بكل الوسائل المتاحة ، و مساعدتهم على تصفية النيات و عدم احتقان الكره والعمل على قول عفى الله عما سلف. سابعا/ اقامة مجمعات سكنية حكومية او اهلية عديدة و الاخذ بنظر الاعتبار خلط مكونات هذه المجمعات من كافة مكونات الشعب القومية و الدينية و المذهبية . ثامنا/ عقد الندوات و الاجتماعات و اللقائات الكثيفة للمواطنين من قبل الحكومة و الشخصيات المعتدلة و للنخبة المثقفة لاعادة التركيبة الاجتماعية الثقافية الى ما كان عليه . تاسعا/ اعلان دعم حكومى للاختلاط و الزواج المختلط بين كافة مكونات الشعب. عاشرا/ بناء النوادي و المواقع الاجتماعية الثقافية المتعددة و المنوًعة لاقبال جميع افراد الشعب اليه دون التفكير بما يضر بمعيشة الناس و محاربة البطالة و اشغال اوقات الفراغ بالاعمال العامة في اماكن مفيدة للجميع. حادية عشر/ الاهتمام بالمناهج العلمية و خاصة للاطفال في المدارس، لبيان اهمية العيش معا من دون التفرقة و شرح و تفسير كيفية معيشة الشعب و تاريخه المشترك من دون اي فروقات او افكار واردة حديثا . و بهذه الخطوات الابتدائية و بتعاون الجميع يمكن عودة الاوضاع و اللحمة للمكونات الرئيسية للشعب العراقي و نخطو الخطوة الاولى لاجتثاث هذه الظاهرة المستوردة و الشاذة عن الشعب العراقي من جذورها.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة الحوار
-
اين اليسار الكوردستاني في الوضع الراهن
-
العراق و ثقافة الخوف
-
الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
-
من يفوز في مرحلة مابعد الراسمالية
-
رسالة الى المراة العراقية
-
سلطة اقليم كوردستان العراق تلغي دور الشعب
-
تدويل القضايا العراقية لمصلحة مَن؟
-
كيفية اعتماد المعايير الاساسية لمقترحات ديميستورا
-
دغدغة سورية لقهقهة اسرائيلية
-
قراءة سريعة لمفاوضات الكورد مع الحكومات المركزية العراقية
-
اهم القضايا التي تحتاج الى التحليل و الحل
-
هل حقا استقر الوضع في العراق ؟
-
الاهتمام بمجاهدي خلق من تناقضات السياسة الامريكية
-
المسؤولية الاخلاقية للسياسي المبدئي
-
لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
-
هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
-
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
المزيد.....
-
بعد رفضها الامتثال للأوامر... ترامب يجمّد منحًا بأكثر من 2.2
...
-
أوكرانيا تعلن القبض عن أسرى صينيين جُنّدوا للقتال في صفوف ال
...
-
خبير نووي مصري: طهران لا تعتمد على عقل واحد ولديها أوراق لمو
...
-
الرئيس اللبناني يجري زيارة رسمية إلى قطر
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف
-
الرئيس اللبناني: 2025 سيكون عام حصر السلاح بيد الدولة ولن نس
...
-
ابنة شقيقة مارين لوبان تدعو وزير الخارجية الفرنسي لتقديم است
...
-
نتنياهو يوضح لماكرون سبب معارضته إقامة دولة فلسطين
-
في حدث مليوني مثير للجدل.. إطلاق أول سباق عالمي للحيوانات ال
...
-
بيان وزارة الدفاع الروسية عن سير العمليات في كورسك
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|