النفط في دورته الجديدة

عزيز العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اغلب المواقف السياسية يمكن تبريرها , او ايجاد الحجة لها , لوضعها في اطار التفاعل السياسي , ويمكن ان نكون متفائلين جداً في ايجاد التفسيرات لتسعة وتسعين في المئة من المواقف حتى وان تكن معادية . ورغم هذه النسبة المجنونة من التفاؤل , الا اننا لايمكن ان نضع رسالة وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان السيد آشتي هورامي الى مؤتمر النفط العالمي التاسع عشر المنعقد في مدريد الا في خانة الواحد في المئة المتبقية , والتي لايمكن ايجاد تبرير لها . وقد نسى السيد هورامي انه وزير اقليم يقع شمال وطن واحد اسمه العراق , وجزء من مجموعة بشرية تعرف في كل لغات العالم باسم الشعب العراقي , ورئيس دولته المركزية السيد جلال الطالباني رئيس ثاني اكبر حزب كردي , وثلث سلطة الحكومة المركزية هي بيد الاكراد , ولن تستطيع القيادات السياسية الكردية ان تحقق هذا الوجود في ادارة الدولة حتى لو استقلوا في كردستان لولا وجود العراق الموحد . ومنذ خروج الاقليم من سلطة صدام في بداية التسعينات من القرن الماضي - رغم مطالبات الجماهير الكردية والاحزاب العراقية الحقيقية واغلب المثقفين الاكراد والعرب العراقيين في توحيد الادارة الكردستانية - الا ان القيادات السياسية لم تتمكن لحد الآن من توحيد الادارة , ولاتزال الخمسة وزارات الرئيسية تحدد وجود كلا الادارتين في اربيل والسليمانية .

كنا نأمل من التجربة الفيدرالية الكردية ان تكون القاطرة الجبارة التي ستحمل اثقال حل المسائل القومية – وليس الكردية فقط – في عموم منطقة الشرق الاوسط المتنوعة اثنياً . وبدل من ان تعمق التجربة الكردستانية الثقة بالحل الفيدرالي وتنتهج سياسات معقولة في لملمة وحل مشاكل العراق , نجد الوزير الكردستاني يحرض الشركات النفطية الكبيرة على وزارة النفط العراقية . وبغض النظر عن تأثير او عدم تأثير تحريض هورامي , فمن المؤلم ان تجد اتهامات بقايا عصابات البعث وحثلات القوميين العرب وغير العرب للاكراد صدى لها في هذه الممارسات . ينتقد الوزير هورامي اقتراح بغداد ابرام عقود خدمات ( وليس مشاركة ) مع كبرى شركات النفط الدولية في حقول نفط وغاز عراقية وقال " ان تلك الاتفاقات الخدمية ستفشل على الارجح , ولن نشجعها , لانها لاتصب في مصلحة العراق ولا الشركات " . وما هو سبب حرصك على فائدة الشركات بنفس فائدة العراق ؟ ايها الوزير العراقي ؟! التقرير منشور في صحيفة " الحياة " يوم 20080702 .

طيلة الفترة الماضية تمت مناقشة الفرق بين عقود المشاركة وعقود الخدمة , وساهم فيها اقتصاديون ومختصون في النفط وجمهرة واسعة من المثقفين والسياسيين . وتم اقناع وزارة النفط بعقود الخدمة بعد ان كانت الوزارة مع عقود المشاركة , واعتبرت هذه الحصيلة من المناقشات ثمرة عراقية حقيقية , وتم الاتفاق تقريباً داخل الحكومة والبرلمان واغلب الكتل السياسية برفض عقود المشاركة لانها تمنح الشركات الاجنبية حق التملك ( طابو ) مع العراقيين . وحتى الموالين الف في المئة للقيادة القومية الكردية ناقشوا : هل ان حكومة الاقليم لها الحق في عقد العقود النفطية بشكل مستقل عن موافقة الحكومة المركزية ام لا ؟ ولم يناقشوا نوعية العقود لانهم يدركون ان عقود المشاركة خسارة لكل العراقيين .

وزير النفط العراقي السيد حسين الشهرستاني اعلن يوم 20080630 ان وزارته فشلت في التوصل الى اتفاق مع كبريات شركات النفط في العالم لابرام عقود دعم تقني على المدى القصير لرفع انتاج النفط العراقي وقال " الشركات رفضت عرضنا تقديم استشارات لتطوير الانتاج النفطي , ويطلبون بالمقابل عرض المشاركة بالانتاج لكننا لانزال نتفاوض معهم " موضحاً ان " العقد النموذجي الذي سيعلنه العراق سيكون عرض خدمة وليس عقد مشاركة في الانتاج , لان العراق صاحب هذه الثروة ولا نسمح لاحد بمشاركة العراقيين في نفطهم ".
الا ان محامي شركات النفط السيد هورامي تساءل باستنكار لكلام الوزير العراقي " منذ متى تعتبر كبرى الشركات مستشارين ؟" وحذر الشركات الكبرى بروحية المحامي الحريص على اخذ نسبته ان ربح القضية , وقال بالنص " انه فخ " . واضاف , كاشفاً خوفه من ان تنجح وزارة النفط في توجهاتها " ان اي شخص عاقل لايوقع مثل تلك العقود " , و" نصح " هورامي شركات النفط العالمية ب " عدم اعتماد العقود المعروضة من وزارة النفط من دون مناقصة مفتوحة لانها لاتصب في مصلحة العراق " . وفي الجملة الاخيرة لايعرف السيد هورامي ان يفرق بين ان يدافع عن مصلحة الشركات , ام انه يطلب من الشركات عدم التوقيع لحماية مصالح العراق . فجاء كلامه اقرب للهلوسة من الكلام المفهوم , لكون حتى الطفل يدرك ان اي من الطرفين ( العراق والشركات ) يحاول الحصول على امتيازات اكثر من الآخر , وبما اننا عراقيين فمن مصلحتنا ان نحصل على هذا الاكثر , ودع عنك الوطنية والاخلاص لانجاح التجربة الفيدرالية .
[email protected]

#عزيز_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات