أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية: تأصيل المفاهيم!














المزيد.....

النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية: تأصيل المفاهيم!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مايزال الحديث عن التنمية الإنسانية المستدامة والحكم الصالح (الرشيد) في مرحلتهما الأولى، خصوصاً في عالمنا العربي والإسلامي، فحتى عهد قريب، وربما قبيل صدور تقارير الأمم المتحدة الإنمائية، كان المقصود بالتنمية هو النمو الاقتصادي، الذي اختُزِل في تحقيق بعض النجاحات الاقتصادية، ثم استُبدل التركيز على النمو الاقتصادي، بالتركيز على التنمية البشرية ثم امتد إلى التنمية المستدامة كما أصبحت تسمّى في ما بعد، أي الانتقال من الرأسمال البشري الى الرأسمال الاجتماعي وصولاً إلى التنمية الإنسانية ببعدها الشامل، أي الترابط بين مستويات النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي كلها، بالاستناد إلى نهج متكامل يعتمد على مبدأ المشاركة والتخطيط الطويل الأمد في حقول التعليم والتربية والثقافة والإسكان والصحة والبيئة وغيرها، ويتوخى هذا التوّجه قدراً من العدالة والمساءلة والشرعية والتمثيل في إطار حكم القانون والمؤسسات.
من هنا نشأت العلاقة بين مفهوم الحكم الصالح (الرشيد) والتنمية الإنسانية المستدامة، لأن الحكم «الرشيد» هو الضامن لتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية إنسانية مستدامة. ومع ذلك فقد ظل المفهوم بحاجة إلى تأصيل وتهيئة، خصوصاً في المنطقة العربية، التي تعاني ضعف المشاركة ومركزية الدولة الشديدة الصرامة وعدم اعطاء هيئات الحكم المحلي دورا كافياً، ناهيكم عن إبعاد مؤسسات المجتمع المدني عن المساهمة، وعدم توفر بيئة صالحة سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية لذلك، سواءً على صعيد التشريعات أو بسبب ضيق مساحة الحريات الخاصة والعامة، وبشكل خاص الحريات الأساسية، أو بسبب الكوابح والمعوقات الاجتماعية والموروثية والعادات والتقاليد المقيدة والنظرة الدونية إلى المرأة وحقوقها وغير ذلك.
وهنا لابد من طرح السؤال التالي: ما الذي نعنيه بالتنمية؟ فهناك المفهوم الضيق المتداول أحياناً، لاسيما حينما نستخدمه ببعده التقليدي، الذي يُقصد منه التنمية الاقتصادية، في حين يقابله المفهوم الواسع، الذي يستند إلى فكرة التنمية الإنسانية ببعدها الشامل، وكذا الحال بالنسبة لفكرة الحكم الراشد أو «الحكم الصالح» أو «الجيد» أو «الرشيد» والذي شاع استخدامه في السنوات الأخيرة، فالمفهوم الضيق للحكم الصالح، والذي تُفضل أدبيات البنك الدولي استخدامه، يعتمد على فكرة الإدارة الرشيدة بدلالة النمو الاقتصادي، وذلك عندما يتم التطرق إلى التنمية، في حين أن المفهوم الواسع يرتفع إلى مستوى السياسة، فيعالج مسألة الحكم والعلاقة بين عامة الناس والإدارة الحاكمة،أي العلاقة بين الحاكم والمحكوم وسبل اختيار الحكام واستبدالهم وتغييرهم وفقاً لانتخابات دورية على أساس التعددية، بما يدخل في ذلك مسألة الشرعية والمشاركة والتمثيل والمساءلة. إضافةv إلى الإدارة العامة الرشيدة باعتبارها مكونات للحاكمية الراشدة (الصالحة) كما يذهب إلى ذلك تقرير التنمية الإنسانية العربية، الذي أخذ منذ نحو خمس سنوات يناقَش في العديد من المحافل ويترك تأثيراته على السلطة والمعارضة أحياناً، وأعتقد أن ما سيحدثه من تراكم سيكون له دور مستقبلي كبير.
وتبرز الحرية كفكرة جوهرية ومركزية في عملية التنمية الإنسانية، خصوصاً إذا اعتبرنا التنمية الإنسانية «عملية توسيع خيارات الناس»، وبهذا المعنى، للناس ولمجرد كونهم بشراً، حق أصيل في العيش الكريم مادياً ومعنوياً، جسداً وروحاً ويترتب على ذلك:
-1 شمول مفهوم التنمية مبدأ المساواة وعدم التمييز بين البشر وفقاً لأي اعتبار اجتماعي او اقتصادي أو ديني أو قومي أو لغوي أو جنسي، أو غير ذلك.
-2 اتساع مفهوم التنمية ليشمل الجوانب المعنوية، مثل الحرية واكتساب المعرفة وحق التمتع بالجمال واحترام الكرامة الإنسانية والمشترك الإنساني، وبهذا المعنى فالتنمية لا تعني الوفرة المادية فحسب، ولكنها تتطلب أيضاً بناء القدرات البشرية المطلوبة لتحقيق الرفاه والتوظيف العقلاني لهذه القدرات في مجالات النشاط الإنساني والإنتاج والسياسة والمجتمع المدني.
إذن، فالتنمية لا تعني مجرد تنمية الموارد البشرية، ولا حتى تنمية بشرية فحسب، أي تلبية الحاجات الأساسية، لكنها تنمية إنسانية شاملة في البشر والمؤسسات المجتمعية لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
والمفهوم الواسع للتنمية الإنسانية يضيف إلى الحريات المدنية والسياسية (بمعنى التحرر من القهر ومن جميع أشكال الحطّ من الكرامة الإنسانية، مثل الجوع والمرض والفقر والخوف) الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ليصل الى قاعدة عريضة تعتمد على مبادئ حقوق الإنسان، لاسيما إذا أضفنا إليها مبادئ الحق في التنمية، والحق في السلام، والحق في بيئة نظيفة، والحق في الاستفادة من منجزات الثورة العلمية والتقنية، والحق في الديمقراطية والتعددية، وهذه الحقوق أصبحت اليوم حقوقاً جماعية وفردية في آن.
أما الحكم الصالح فلابد أن يعتمد على عدد من المحاور الأساسية منها: صيانة الحرية، أي ضمان توسيع خيارات الناس، وتوسيع المشاركة الشعبية والمساءلة الفعالة والشفافية الكاملة في ظل فصل السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون والقضاء المستقل والنزيه والكفء، الذي تنفّذ أحكامه من قبل السلطات التنفيذية.
ولعل هذا الأمر يتكامل ما بين التنمية الإنسانية بمعناها الشامل والحكم الصالح، لاسيما بتضافر ثلاثة قطاعات: قطاع الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص (رجال الأعمال)، ولكي يتحقق قدر من التعاون الضروري بين القطاعات المختلفة وفي إطار تعاون دولي، لابد من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتكريس البنية القانونية، والتحلي بمبادئ الإدارة الرشيدة المؤسسية بعيداً عن التسلط الفردي والهيمنة، وهذا يتطلب تداولاً للسلطة ومكافحة للفساد وفقاً لمساءلات قضائية، وفي إطار مجتمع مدني حر وعلاقات دولية تتسم بقدر من الاحترام لقواعد القانون الدولي وفي إطار المصالح المشتركة.
*



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمّة روما والأمن الغذائي
- المعاهدة العراقية-الأميركية: هل التاريخ مراوغ؟
- ماذا بعد وثيقة الإعلام العربية؟!
- مفارقات العدالة الدولية
- أزمة الرهن العقاري الأميركي... ما انعكاساتها على العالم العر ...
- مهنة الدبلوماسية!
- حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية
- الإعلان العربي للمواطنة
- الصمت الآثم: «المبشرون» وغسل الأدمغة!
- حقوق الإنسان: الهاتف الغيبي!!
- الجولان والوساطة التركية
- حقوق الإنسان: اعتذار أم حالة إنكار؟
- الأمم المتحدة والضحايا الصامتون!
- احتلال العراق وقصة الانتحال والمخابرات “العظيمة”
- معاهدة عراقية - أمريكية سيعلن عنها في يوليو
- المحاكمة: المنظور والمحظور!
- الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية
- المعاهدة الأميركية - العراقية: ابتزاز أم أمر واقع؟!
- جدلية الإصلاح العربي: الساكن والمتحرك!
- ثقافة الخوف والإرهاب!‏


المزيد.....




- ??مباشر: مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار في غزة واستمرار المخ ...
- استقالة رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية على خلفية تعاملها مع ...
- شهيدان وعدة جرحى في قصف إسرائيلي على مخيم بلاطة شرقي نابلس
- -تحول استراتيجي- في علاقة روسيا والصين.. ماذا وراء التدريبات ...
- أكسيوس: ترامب تحدث مع نتانياهو عن الرهائن ووقف إطلاق النار
- قراصنة إيرانيون يستهدفون حملتي هاريس وترامب
- نعمت شفيق تعلن استقالتها من رئاسة جامعة كولومبيا بعد أشهر من ...
- استقالة نعمت شفيق من رئاسة جامعة كولومبيا على خلفية احتجاجات ...
- رئيسة جامعة كولومبيا تستقيل بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية ...
- بايدن مازحا خلال لقاء في البيت الأبيض: -أنا أبحث عن وظيفة-


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية: تأصيل المفاهيم!