|
سلطة اقليم كوردستان العراق تلغي دور الشعب
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 02:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يدقق في كيفية تسيير اعمال السلطة في اقليم كوردستان العراق و سيطرة الحزبين الرئيسين عليها من دون فسح اي مجال لاي كان من الاحزاب الاخرى و المستقلين و الشعب بشكل عام في ابداء و لو حتى رايهم، يجعل المتتبع ان يعتقد و بكل ثقة ان السلطة هشة لحد بحيث يمكن ان تنهار بين لحظة و اخرى و ذلك من جراء اخطائهما و هفواتهما و الحزبية الضيقة التي يمارسانها، و باتحاد جميع فئات الشعب و القوى المتعددة يمكن ايقاضهما من النوم قبل ان يحرق الاخضر و اليابس معهما كما شاهدنا تاريخيا انهيار العروش و المماليك الدكتاتورية المنفردة بالسلطة بهزة بسيطة . انني هنا لست بالضد من حكم المستحقين بالعدالة الواقعية و بما يفيد الجميع ومن اجل التقدم و الازدهار و العيش الرغيد لابناء الشعب و لكن لو القينا نظرة فاحصة على كيفية وضع الحزبين لقبضتهما بشكل و قوة على زمام الامور باهتمامهم بالربح و الريع و توزيع المناصب و المواقع المهمة الحساسة على الحزبين فقط من دون اية التفاتة ولو بسيطة لابناء الشعب و ما فيه من المستقلين الكفوئين و فئاته المستحقة ايضا، يتجلى للجميع ما يكنه افراد المجتمع من فوران الغضب و الحقد الدفين و عدم الرضا من قبل جميع الاطراف من دون استثناء تجاه من لا يعرف الا الأخذ من دون ان يفكر بما يضر المجتمع و المكونات الاساسية السياسية و المهنية و الثقافية و الاجتماعية، و كل ذلك من اجل التحزب و تقسيم الغنائم فيما بينهما و به كوًن الحزبان البون الشاسع بينهما و بين الشعب. كما نعلم للحزبين ايادي طويلة في المناورات و الحيل و اللعب على الذقون في جميع المجالات و بالاخص السياسية الاقتصادية ، كما نشاهد انهما اللذان يتمسكان بكل ما يمت بالعلاقات السياسية بكل جوانبها و يتصرفان بالمال العام كما يهويان ويستغلان السلطة من اجل مكتسباتهما الحزبية و الشخصية و لا يحتاجان الا الى المتملقين ليفيدانهم و يشفقان على الطبقات الكادحة و الفئات المعدومة بما لديهما من فتات ما يتبقى من تحت ايديهما و كأنهما يتصدقان على المجتمع المغلوب على امره . كما هو افعالهما و افكارهما و سياستهما في كوردستان العراق، هكذا يتصرفان في المركز، اي انهما يتعاملان مع الحكومة المركزية و ينتفعان بما يُهب لهما و يستاثران بمواقعهما التي تتقاسمانها فيما بينهما من دون اي اعتبار لاحد، فنرى الوزارات المستغَلة من قبل الحزبين في اقليم كوردستان و بغداد على حد سواء و حتى المواقع البسيطة من مراتب الموظفين يقسماها على كوادرهما الحزبية من دون الاعتماد على الكفاءة و التاريخ و انما تزكيتهما تكفي لاي منصب الذي يتقاتلان عليه في الحكومتين، وكما هو الحال في المحاصصة الطائفية و القومية للمناصب في حكومة بغداد، فالمحاصصة القومية التي تسيطر عليها الحزبان يحصران توزيعها على حزبيهما ، و غدرا ينعت بالمحاصصة القومية و انما هي محاصصة حزبية و للحزبين المهيمنين على السلطة فقط ، و القومية الكوردية براء من هذه المحاصصة، و شاهدنا كيف وُزٍع السفراء و الدبلوماسيين و الموظفين البسطاء في كل سفارة و ما آلت اليه الحالة من التخبط في العمل الدبلوماسي في جميع دول العالم . اما ما يهمنا وعلينا ان نوضحه للجميع هو كيفية سيطرة سلطة اقليم كوردستان على ارادة افراد الشعب و الغاء دور المجتمع كليا من خلال الحزبين الرئيسين عن طريق الترغيب و الترهيب، فالتاريخ شاهد على كيفية تعامل الحزبين مع المعارضين كما شاهدنا ما عملو تجاه الحزب الشيوعي العمالي من قتل و تشويه سمعة، و نشاهد اليوم ما يتعملان مع الاحزاب الصغيرة الاخرى من قطع الميزانيات و كم الافواه و الضغوطات التي مارساها تجاه ابسط تعبير و اقل انتقاد لسطة الحزبين، و اخيرا تلمسنا ما اخذا من رد فعل تجاه مجموعة من الاحزاب التي قدمت مذكرة تحتوي على طلب الخدمات الاساسية للشعب و الاصلاح السياسي الاجتماعي الاقتصادي الى ما وصل الى قطع الميزانيات و تحديد الطريق امام المنتقدين، اما ان تكون معي و لا تنتقد و لا تتكلم عن حقوق الشعب او تكون ضدي و الجميع اعلم من يكون ضدي و ما يجري وراءه، وحتى المذكرة التي قدمت اعتبرت خروجا من الطريق على الرغم من تناقض نفسيهما و ازدواجية المعايير لما يتشدقان به، و الموقف الرئيسي الذي اتخذاها هو اما ان تكون مشاركا بالاسم فقط في السلطة الكوردستانية ومن دون انتقاد او طلب حقوق الشعب او تكون خارج السلطة اي عدم المشاركة حتى بالمواقع البسيطة في الوقت الذي يتناسيان انهما رفعا مذكرة مشابهة الى الحكومة العراقية المركزية و ينتقدانها و يطلبان ما حرٍما منها و نسيا انهما مشاركان في الحكومة المركزية و في نفس الوقت لم تتعامل الحكومة المركزية معهما كما تعاملا مع الاحزاب الكوردستانية اصحاب المذكرة المشاركين بموظف بسيط في حكومتهما و من اجل الميزانية فقط لا كاعتراف بحكومتهما ، و راى الشعب الكوردستاني كيف قامت الدنيا و لم تقعد لان الاحزاب الصغيرة طلبو حقوقهم و حقوق الشعب المنسي، و في هذه الخطوة ايضا اثرا على حزب عريق فلم يوقٍع المذكرة في اخر لحظة مع الاحزاب الاخرى لانتهازيته الواضحة في التعامل السياسي في تاريخه. ان كانت الاحزاب في خطوة بسيطة لطلب حقوق الشعب فيتعامل الحزبان معهم هكذا و بهذه القساوة التي هما اللذان لا يريدانها من الحكومة المركزية، فكيف يتعاملان مع الشعب و فئاته و طبقاته المعدومة، فنرى انهما دخلا في كافة المجالات بالاغرائات و الترهيب و الترغيب، فهما يتعاملان حتى مع المثقفين و بالاخص من الصحفيين و الادباء و الشعراء و الكتاب و الفنانين الذين يعتبرون انفسهم مدافعين عن الفقراء و يدعون استقلاليتهم و لكمٍ افواههم خُصص لهم الرواتب الشهرية السرية المجزية من قبل الحزبين، هذا من جانب الترغيب، فكم منهم حوربوا بكل الوسائل و دخل منهم السجن كترهيب و منهم اصرًوا على مواقفهم المبدئية، و هذا ينطبق على كافة الفئات الاخرى من الاكاديميين و المهنيين و المفكرين و الخبراء و الوجوه العشلئرية و الشخصيات العامة. بهذه الطريقة المتخلفة في تسيير الامور و السلطة السياسية مزًقو فئات المجتمع و الغوا دور الشعب بشكل كامل في اداء عمل السلطة مما يوضح ان هكذا تعامل كيف اثًر سلبيا على نزاهة السلطة و ما ادى الى استشراء الفساد في كافة ثنايا هذه السلطة و لم نر التقدم الموعود الا المظهري منها، و هذا ما يبين لنا يقينا ان السلطة التي تتعامل بهذا الشكل و لا تعتمد على قوة و امكانية الشعب بل الغت الدور الفعال له في العملية السياسية الديموقراطية و في مراقبة السلطة و انتقادها و في تصحيح الخطوات الخاطئة و عدم اشراكه الفعلي و عدم قناعته بها و انعدام الثقة بينهما بل ارتبط البعض بالسلطة من اجل المصلحة الذاتية فقط، سيكون مصيرها التشقق و السقوط و يكون مستقبل الحزبين بشكل لا يحسدا عليه.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تدويل القضايا العراقية لمصلحة مَن؟
-
كيفية اعتماد المعايير الاساسية لمقترحات ديميستورا
-
دغدغة سورية لقهقهة اسرائيلية
-
قراءة سريعة لمفاوضات الكورد مع الحكومات المركزية العراقية
-
اهم القضايا التي تحتاج الى التحليل و الحل
-
هل حقا استقر الوضع في العراق ؟
-
الاهتمام بمجاهدي خلق من تناقضات السياسة الامريكية
-
المسؤولية الاخلاقية للسياسي المبدئي
-
لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
-
هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
-
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
-
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
-
الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا
...
-
الجبهة الوطنية ام التعاون السياسي
-
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|