حسن عبد راضي
الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 07:43
المحور:
الادب والفن
على ربوة بإزاء الغروب التقينا
تلمستُ قامتها،
وتوجستُ خوفَ انحناءِ النخيل
النّدى كانَ يقطرُ من شفَتَي عسقلان
وكانت تفلَّتُ من قبضةِ الوقت
تغمسُ راحتها في دم البحر
تقرأُ طالعَه في الرمال
وتهدل عن يتمها للزبدْ
رأيتُ إلى البحرِ طفلاً يُمطّي أصابعه
ويُغيرُ عليه النعاس
فيسقطُ إصغاؤُه كالزجاج
فينتبهُ النائمونَ كَأنْ لا أحدْ
ورأيت إليها تطوفُ المنائرَ
تلبسُ صوتَ المؤذن
تلثغُ في راءِ (أكبرَ)
أو تتفرطُ كالعقد بين الحوانيتِ والأرصفةْ
رأيت قوادمَها يتساقطنَ حباتِ رملٍ
تشتتُها الريح
كانت حمامةَ نوح
ولكنّ في فمها غصةً، وقميصَ دمٍ
صيَّرته البطولاتُ محضَ كفنْ
ورأيتُ الخفافيشَ تلعقُ جرحَ المسيح
تجذّ خيوطَ الضياءِ المدمّى
ليسقطَ قرصُ النهار
فتبدله بالمرايا
وتصنعُ من خشب الفُلْكِ نعشَ الوطنْ
وكان الحمامُ يهاجرُ من شرفاتِ البلادْ
إلى وجهةٍ في أقاصي الخرائطِ
من أرخبيلِ الرمادْ
فمن سيعيدُ إلى عسقلانَ حمائمَها؟
من سيمنحُ زيتونَها لونَهُ؟
ويكفكفُ عن جرحِها قطرتينِ من الدم والدمع
من سيردُّ لها شيبَها ومآذنها
والغيومَ التي- ذات يوم- بكتْ فوقها
ونشيدَ عصافيرها في صباحِ المدارسِ
أشياءَها المستحيلةَ والممكنة..؟
وها أنتِ تأتين ثانية
وأنا في سجونِ الدمستقِ
منذ ثلاثين عاماً
أعالجُ لاميةً في عتابِ ابن حمدانَ
واليأسُ يملؤني كالسقاء
وها أنت قربي تنوحين..
كُفّي عن النوح، ولنصنع الآن طائرة ورقية
تعالي لنحدث صوتاً، لنكسر قفلاً
لنمنحَ أسماءنا للهواءْ
تعالي، فإن السماءَ هوية
#حسن_عبد_راضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟