عبد الصمد المغربي
الحوار المتمدن-العدد: 2322 - 2008 / 6 / 24 - 09:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مند أن ظهرت أولى تجليات القضية القومية الامازيغية الى الوجود بالمغرب ، بدا واضحا مدى سريان الروح الاصلاحية داخل الحركة التي أفرزتها بما يتفق مع طبيعة القوى البرجوازية التي إتخدتها تعبيرا لها . و لاتزال الحركة القومية الأمازيغية لحد اليوم رغم التحولات الهائلة الجارية داخلها مند أزيد من ثلاث عقود سجينة الطرح البرجوازي الصغير دو الطبيعة التساومية . و رغم مساهمة اليسار البرجوازي في حقنها ببعض المرتكزات و المبادئ التقدمية ، لاتزال هده الحركة حتى الان سائرة في الابتعاد عن سيرورة الإتجاه الكفاحي الشعبي الكفيل بانماءها من جهة ومد مجمل الحركة الثورية المغربية بطاقات كفاح جبارة كامنة داخلها من جهة اخرى . ما يعوق تأطير قواعدها الناشئة دات الاصول الفلاحية في الغالب داخل الخط الطبقي الثوري على الاقل في المرحلة الراهنة من الصراع الطبقي و يهدد بتحويلها الى خزان آخر للثورة المضادة .
و بينما لاتزال الحاجة ملحة الى طليعة عاملة داخل اوساط الفلاحين الفقراء المغاربة لأجل تقديم مشروع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ، يظهر حجم الاهدار الحاصل بسبب انجرار ابناء الفلاحين وراء الشعارات البراقة و المدغدغة للشعور القومي ووقوعهم في مستنقع ايديولوجية القيادات البرجوازية الصغيرة المشوشة والانتهازية . ما ينمي صعود خط فاشي يعتمد طروحات مفعمة بلغة البروباغاندا التي تستميت في إنكار قاعدة الصراع الطبقي و معاداة الايديولوجيا الشيوعية و البروليتاريا .
من المؤكد أن هدا يؤشر في الحقيقة على مظهر من مظاهر ازمة الحركة الشيوعية المغربية التاريخية ، وليس يرد فقط الى نتاج هده الأزمة التي تتمثل إحدى مظاهرها في ضعف توجه الشيوعيين حتى الآن الى فلاحينا الفقراء و فشلهم في فك التطويق القمعي و الحصار الإقتصادي الدي ظلت تتعرض له البادية المغربية من قبل تحالف الكومبرادور وبقايا الاقطاع المسيطر لتاريخ مديد . لدلك على الماركسيين اللينينيين الماويين التصدي لاسباب هده الفشلات و اعطائها حقها من البحث و التفسير لتجاوزها ان هم ارادوا حقا ربط نضال الطلائع البروليتارية المغربية مستقبلا بحركة فلاحين حليفة قوية و ثورية تسند الكفاح العمالي بدءا بمكافحة الاقطاع الرجعي و مواجهة جشع الراسمالية على الارض و ثرواتها ، وصولا الى مهمة انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية و مهامها. وهوما لن يتاتى دون ايقاظ الروح التحررية لدى فلاحي الشعب الفقراء والاستفادة من كل تلك التقاليد الانتفاضوية التي راكموها عبر كفاحهم المرير، ضمن برنامج التحضير و التحويل الديمقراطي باتجاه بناء و إخراج المجتمع الجديد .
لن يكون دورالشيوعين هنا غير الانصهار المنظم في اوساط الفلاحين الفقراء و المعدمين ، و مواصلة اعمال الدعاية و التحريض و تامين الوعي الطبقي داخلهم . انها مهمة حاسمة من اجل تدراك التاخر و التفاوت الحاصلين بين اقطاب التحالف الثوري و تحصيل التقدم الضروري نحو الثورة الوطنية الديمقراطية و الدي لن يصير ممكنا مالم يجري تحفيز قوى الفلاحين الفقراء و توجيهها أولا لخدمة مصالحهم الآنية الملموسة .
ان استجلاب الفلاحين الفقراء الى حزب الشعب الثوري القائد و لحم قوى التغيير الثوري ، يقتضي قبل كل شيء دعم نضالات الفلاحين على الارض و تحريكهم بوعي ضد اعدائهم لاجل ارساء التحالف الطبقي الثوري . وهدا يحتاج اول ما يحتاج الى ابتكار تكتيكات لتجاوز كل ما يهدد بتشويه وعي جماهير القرى و تخليصها من هيمنة الايديولوجيا البرجوازية المضللة التي بدأت تتسرب إليهم من جماعات القوميين الأمازيغ الليبراليين.
انه حول هده القضية بالدات يقف مستقبل تمكين الفلاحين من تشكيل تنظيماتهم الجماهيرية مرحليا، و عليها تتوقف هزيمة التحالف الطبقي المسيطر داخل مختلف الجبهات. ان مستقبل تعزيزمشروع بناء الأداة الثورية الصلبة و المنظمة يجب ان يوازيه حتما التمهيد لتحرير الفلاحين الفقراء من مفعول ايديولوجيات الاحزاب و الحركات التي تبقيها بعيدة عن الشيوعيين - لا وبل تواصل بث دعاوى التحريض السامة ضدهم في اوساطها - و من ثم مساعدتهم باتجاه تلمس طريق التحرر الوطني .
تختلف السياسة الشيوعية عن سياسة جماعة القوميين الامازيغ ، كون الأخيرة تصدر عن نقطة انطلاق قومية بافق اصلاحي ، فيما تصدر الأولى عن قاعدة انطلاق ثورية طبقية واممية . لدلك فمهمة الماركسيين الليننيين الماويين لن تكون حتما التغطية عن حقيقة التمايزات القومية في المجتمع بل العمل معها من اجل قلب اوضاع الاضطهاد و الاستغلال التي تعيش الطبقات الشعبية في كنفها . لدلك يتوجه نضال الشيوعيين بلا شك الى الغاء الكبث القومي الدي يتعرض له الامازيغ من ابناء الشعب من طرف الطبقات المسيطرة و التحريض الحقير الدي تقوده ابواقها و اجهزتها الايديولوجية ضد مشروعية الكفاح من أجل حقوقهم الديمقراطية القومية .
ان الكدح الامازيغ المغاربة الدين هم الاشد عرضة للغبن الطبقي و شتى اصناف جرائم العقوبات الجماعية ، و الدين ظلوا رغم كل اوضاع الاضطهاد و التمييز القاسية تلك خزانات لاتنضب لكفاح الشعب ، لا يمكن ان يكونوا بحكم موقعهم الطبقي الا الى جانب مشروع الثورة الوطنية الديمقراطية . بما هي الكفيلة و حدها باخراجهم من اوضاع البؤس و القهر وضمان حقوقهم القومية المسلوبة عبر تمكينهم من تقرير مصيرهم بانفسهم على اساس طبقي ديمقراطي .
من المفهوم تماما ان التقدم من هده الناحية وحده الدي سيقود الى حل المسالة القومية ببلادنا حلا جدريا و نهائيا ، لدلك يتحتم تعميق الموقف الجدلي العلمي منها و ووضع حقيقة حجم ارتباطها بالتناقضات الطبقية المحركة للصراع داخل المجتمع الطبقي ككل على بساط التحليل و الممارسة . فضلا عن مواصلة الكشف عن انعكاساتها المتخفية داخل الحركة الجماهيرية داتها . لكل دلك لا ينبغي التقليل من أهمية النضال بخصوص هده القضية حتى لا يتوقف النضال لأجل الحقوق القومية الأمازيغية عند منتصف الطريق و يتحول الى غير اهدافه ، سواء لخدمة سياسات نظام تحالف الطبقي المسيطر في تكريس و رعاية الطابع الانقسامي في صفوف كادحي شعبنا و تابيد سيطرتها ، او خدمة لمصالح ضيقة لفئات معينة من البرجوازية الإنتهازية المتقنعة بقناع الغيرة القومية المضلل و قياداتها .
ان الشيوعية وحدها هي الضمانة النهائية لكل تجاوز ثوري نهائي للمسالة القومية .بما هي البديل الوحيد كدلك لانهاء الاستغلال و التمييز القومي بين الجماهير و الشعوب . لدلك فلا مناص من مواصلة الصراع الثوري عبر كل الجبهات بما فيها جبهة الصراع الايديولوجي سواء ضد الطبقات الحاكمة او ضد القوى التحريفية و الاصلاحية ، ولن تستثنى من دلك القيادات القومية الامازيغية التي يجب فضح تناقضاتها و طبيعة برامجها الاصلاحية السائرة على خط التعاون الطبقي و التي ستنتهي بها ان عاجلا او اجلا - بسبب طبيعتها البرجوازية - الى الارتباط بالطبقات السائدة المغرقة في الرجعية و الوفية حتى النهاية لنهجها الشوفيني . و ضمن هدا الاطار تقع بالضبط مهمة طرح المسالة القومية الامازيغية على ضوء البرنامج السياسي الشيوعي .
ان قضية القومية الامازيغية بالنسبة للشيوعيين يجب ان تساهم - لا كما يريد لها البرجوازييون الاصلاحيون كعنصر كبح و تجميد للأوضاع القائمة - ، في تاجيج الصراع الطبقي بصورة اعمق و من ثم تعزيز الجبهة الثورية بهدف القضاء على النظام الملكي الرجعي ، وانتزاع ليس الأرض و الثروات من ايدي التحالف الطبقي المسيطر وفقط بل من اجل انتزاع الحقوق القومية الامازيغية ايضا ، عبر تحطيم و انهاء تحكم نظام تحالف طبقات بقايا الاقطاع و الملاك العقاريين الكبار و الراسمالية الكومبرادورية اللا شعبي ببلدنا و تدمير ايديولوجيته المركزية الشوفينية .
ان حركة تلجؤ قياداتها الى النفود الامبريالي و مؤسساته السياسية ولا تطرح في برامجها غير حلول كادبة : تعديل تلك الخرقة المسماة دستورا والتحيزاللامشروط لنمط الإنتاج الرأسمالي ، لا يمكن باي حال ان تسهم في حل القضايا القومية و الديمقراطية للقسم الامازيغي من شعبنا ! . و هي فوق كل هدا تحمل بدور الاستعداد للانحراف الى مستنقع التنظيمات الانتهازية يظاف الى دلك ما يتسبب فيه اعتمادها وسائل الاستقطاب الرجعي: العنصري و الشوفيني من ضرر فادح على وعي الجماهير وتحوله الى حائل مكشوف ضد مصالحها المتجسدة في الثورة المغربية . لدلك كله فالمناضلون الشيوعيون مدعوون الى طرح بدائل تتجاوزها مستقبلا و العمل بشكل دؤوب لصياغة اطار سديد و علمي بصدد المسالة القومية الامازيغية خلال هده المرحلة بما يكفل اخد زمام النضال الوطني الديمقراطي من اجلها ، ماداموا ( الشيوعيون) يطرحون على عاتقهم مهام الدفع بمشروع إنجاز الثورة الديمقراطية إلى الامام .
#عبد_الصمد_المغربي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟