|
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 8
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2321 - 2008 / 6 / 23 - 06:14
المحور:
الادب والفن
قصيدة " ولد الهدي " عندما كنا صغارا . في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات . كان ان قيل ان ام كلثوم ستغني في حفلتها قصيدة " ولد الهدي " لأمير الشعراء " شوقي " تهللت الاسارير وتهيأت الآذن والأفئدة بوحي من العاطفة الدينية لتستمع الي مدح الرسول صلعم . ايام كان الناس يعشقون الغناء الرفيع وينتظرون حفلات ام كلثوم . كما العيد . وكانت تطربهم أكثر عندما تغذي عاطفتهم الدينية وتشبعها بمدح الرسول .- وكان من يدمنون الحشيش الذي يحبون تناوله مع سماع أغاني أم كلثوم . يجدون حجة . بركوب الموجة الدينية ( بزعم تشوقهم لسماع قصيدة ولد الهدي – في مدح الرسول - ! . ) فتري هل قصيدة " ولد الهدي " وهو الاسم الذي اشتهرت به ، او " الهمزية النبوية " هل هي مدح حقا ..؟ أم هي نقد . وعلي اقل تقدير . ما لم تكن قدح ..؟ في الحقيقة أن كل الناس – او غالبيتهم العظمي - يقولون ان القصيدة هي مديح صادق الحب والولاء لمحمد صلعم . و بالطبع لو رات ام كلثوم . فيها شيئا آخر . لما غنتها . وهي المعروف عنها تدينها . فهل تلك القصيدة هي مديح حقا أم ماذا ؟ سوف نري .. في البداية يقول شوقي : ولد الهدي فالكائنات ضياء ** وفم الزمان تبسم وثناء طبعا مديح رائع .وهذا البيت هو غيض من فيض من المديح الجميل . اذ يقول أيضا : يا خير من جاء الوجود تحية ** من مرسلين الي الهدي بك جاءوا كل هذا جميل . الي أن يقول : بك يا ابن عبد الله قامت دولة ** بالحق من ملل الهدي غراء ولكنه يقول عن تلك الدولة : بنيت علي التوحيد وهو حقيقة ** نادي بها سقراط والقدماء ومشي علي وجه الزمان بنورها ** كهان وادي النيل والعرفاء أي أن الاساس الذي بنيت عليه دولة محمد . أساس قديم اغريقي فرعوني . من صنع هؤلاء الذين يعدهم الاسلام وثنيين كفارا ! وبنفس القصيدة يقول شوقي . علي سبيل المديح في محمد : داويت متئدا وداووا طفرة ** وأخف من بعض الدواء الداء ..! هنا علينا التوقف عند عبارة " وأخف من بعض الدواء الداء " .فهي عبارة عميقة تستوجب التوقف عندها والا ندعها تمر هكذا دونما تحقق مما بها . فالعبارة فيها حكمة كما هو واضح بقدر ما فيها من سخرية لاذعة .. فما الذي تعنيه بالضبط ؟ هل نفهم منها ان شوقي مع المداواة بالتؤدة – بالتدرج والتمهل - ام مع المداواة بالطفرة – أي بالقطع مرة واحدة لا بالتدرج - ؟ في الحقيقة أن كلا من الدوائين علي حدة قد يكون هو الانجع أحيانا وقد يكون العكس وان كانت كفة العلاج بالتؤدة هي الارجح في نسبة فرص النجاح . علي الا ننكر ان هناك قضايا يمكن ان يضيعها العلاج بالتؤدة اذ تحتاج حسما عاجلا وسريعا .. فمثلا قضية الرق .. عولجت في المحمدية – ان .. كانت قد عولجت .. – بالتؤدة . بالحث علي عتق الرقيق . – وعتق رقبة – وكانت النتيجة انه لم يقطع دابرها ولا حتي بعد مرور أكثر من ألف عام علي نفوق محمد .. ولكن بدواء الطفرة في بلاد الغرب ، بقرار الغاء الرق نهائيا كانت النتيجة المطلوبة والواجبة . وكانت دار الاسلام ومهده بمسقط رأس وممات محمد هي آخر البلاد التي الغي فيها الرق – ليس بالشريعة المحمداوية وانما اذعانا اضطراريا للقوانين الدولية – وكذلك المداوة بالتؤدة استخدمت في تحريم الخمر لدي العقيدة المحمداوية – علي مرحلتين الأولي لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري والمرحلة الثانية تحريم تام للخمر - والنتيجة أنه لم ينتهي الناس عن تناول الخمر لا من ايام محمد حيث يوجد بكتب السيرة ما يدل علي ذلك . ولا في ايام الشاعر " بشار بن برد " الذي قتلوه لأسباب دينية ذات صلة بشرب الخمر . ولا أبو نواس ولا عمر الخيام وحتي أحمد شوقي نفسه الذي كان يشربها كما بينا من شعره – فيما سبق من الحلقات – والي يومنا هذا توجد الخمر بقصور الملوك والامراء الزاعمين لتطبيق الشريعة ببلدهم ( تطبيقها علي عامة الشعب البسطاء ) . وهكذا نري ان مداواة مشكلة تناول الخمر بالتؤدة في الاسلام لم تفلح . . وأكبر دليل ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين بعد أكثر من 1400 عام علي رحيل محمد . اليكم حال شرب الخمر ببلد محمد ومن واقع احدي صحف بلده – جريدة الوطن . السعودية - : (( لفت الهويمل إلى أن الهيئة – هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - تمكنت من القضاء على ما يقارب 285 مصنعا في جدة و200 مصنع في الرياض و67 في عسير، إضافة إلى 65 مصنعا ( بالمنطقة الشرقية، وذلك خلال الأشهر الستة الماضية - كلها مصانع خمور - )) http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2817&id=58596&groupID=0 - ونشكر من وافانا بهذا الخبر والرابط من خلال نشرته : Secular Dialogue ([email protected])
لذا نعود لنسال : اي الدوائين قصد شوقي بقوله " واخف من بعض الدواء الداء " ؟ دواء التؤده الذي قال أن محمدا اتبعه . أم دواء الطفرة . ؟؟ وبعد المديح الكثير والغزير الذي ساقه شوقي لمحمد في قصيدته تلك والتي يسعد الجميع به . فاذا بشاعرنا ينفي بلباقة كل ما اغدقه من المديح علي محمد !! ويؤكد انه لم يكن مقصودا منه ذاك المديح ! – يعني : سحبه ..- ! وانما كان قصده الدعاء عن قومه الضعفاء الناعمين في قيودهم . كما يقول : ما جئت بابك مادحا . بل داعيا *** ومن المديح تضرع ودعاء ادعوك عن قومي الضعاف لأزمة *** في مثلها يلقي عليك رجاء الا يعني ذلك سحب مديحه بالقصيدة كله بوضوح وبلباقة وبرقة ووسط قدر من المجاملة أيضا – وكأنه لم يسحب كل ما قدمه من المديح ؟ !! . ثم يقول : أدري رسول الله أن نفوسهم *** ركبت هواها والقلوب هواء متفككين فلا تضم نفوسهم *** ثقة ولا جمع القلوب صفاء رقدوا وغرهم نعيم باطل *** ونعيم قومي في القيود بلاء وهكذا ختم شوقي قصيدته أو ما يسمونه : " مديح نبوي " بتلك الأبيات بعد أن نفي قصده امتداح محمد. وكانه يقول لمحمد ، وبرقة الشاعر ما معناه : انظر الي غرسك السيء كيف حاله !. وانظر الي اتباعك وحالهم ! وهل ثمة حصاد طيب من وراء غرسك لعقيدتك تلك سوي ذاك الحال المخجل لامة محمد ؟! ولعله هكذا يكون ما قدمه شوقي في قصديته تلك ليس مديحا نبويا . بل هو قدح . بلغة الرقة التي يتكلم بها الشعراء . -- -- -- من تعليقات القراء علي الحلقات السابقة : : سامي يوسف
لقد كان شوقي علمانيا مافي ذلك أدني شك , لقد دعا إلي فصل الدين عن الدولة في قوله: الدين للديان جل جلاله لو شاء ربك وحد الأقواما وهناك بعض الأبيات التي كتبها من منظوره للإديان: في القدس قامت ضجة بين أحمد والمسيح هذا بناقوس يدق وذاك من مئذنة يصيح ليت شعري من الصحيح أما عن نظرته إلي إداء الشعائر الدينية كنوع من الحفاظ علي المظاهر فقط , فهناك الأبيات التي سطرها عندما نشرت صحيفة الأهرام صورة أحمد رشدي باشا وخصمه السياسي , عدلي يكن باشا يصليان معا في أحد المساجد في مناسبة رسمية , وكان ذلك في العشرينيات من القرن الماضي , وقت أن كان لورد أللنبي المعتمد البريطاني في عهد الملك فؤاد الذي كان حاضرا الصلاة , ويبدو أن صلاة عدلي ورشدي معا كانت كنوع من أداء الواجب . ماذا كتب أحمد شوقي؟ عدلي ورشدي يصليان معا سبحان ربي اللهم إبق فؤادا حتي يصلي أللنبي! تحية للكاتب صلاح الدين محسن علي مقالة جميلة ومثرية في ذات الوقت. سامي يوسف ------- -- و من الكاتب الاستاذ / زهير سالم – يوم 19-6-2008 : تحية واحتراماً سأل أمير الشعراء عن تخلف المسلمين بالرغم من وجود القرآن والسنة في حياتهم فقال: بإيمانهم نوران : ذكر وسنة ** فما بالهم في حالك الظلمات؟ من جهة ثانية نجد أن شوقي غير مقنع بفريضة الحج ويفضل أن تنفق نقودها في فريضة الزكاة تحليل مشوق وجديد للأستاذ / صلاح الدين محسن http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=138252 -------------- From: mesbah Elhaq , June 17, 2008 10: Subject: أحمد شوقي 5 لأستاذنا الرائع نرفع قبعتنا احتراماً، ونقول بأنك فعلاً ملهم وحصيف. مداخلات من أروع ما يمكن قدمتها لنا على حلقات رشيقة وضاءة! أشكرك بكل وجداني. / مصباح الحق –ملحوظة : الأستاذ مصباح الحق يكتب مقالات بالحوار المتمدن – –======= تعليق : مجدون : عزيزي الاستاذ صلاح انا متتبع مقالاتك وحسيت بنفسي اني كنت اهبل لكن كنا نعرف الحاجات دي ازاي ومن مين ؟؟؟ -- -- وتعليق بالانجليزية : From : 1400 Great article .We learn more about ancient Egyptian history from your articles and Shawky poems -- -- أعزائي القراء . باقي من هذه السلسلة من المقالات حلقتان فقط . ونظرا لمطالبة كثيرين من القراء باكمال مقالات سابقة يرون أنها تستحق سلسلة من المقالات كسلسلة " العلمانية في شعر شوقي " لذا نستأن في الاكتفاء لكي نعود لمقال " علمانيون يساندون الارهاب . ألا يدرون ؟ " لاكمال حلقاته . ويمكن لمن يريد الاطلاع علي الحلقتين الباقيتين من " العلمانية في شعر أحمد شوفي " أن يجدهما علي هذا الرابط : http://nefrtity.blogspot.com/
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 7
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 6
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 5
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 4
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 3
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 2
-
فقح الحجازيون وصأصا المصريون
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 1
-
مذكرات مسلم
-
ليبراليون يساندون الارهاب . ألا يدرون ؟! 1/2
-
فيروز و أم كلثوم
-
في ظلال تطبيق الشريعة الاسلامية
-
نوادر بوكاسا ( مسرحية ) الحلقة 7
-
بل العرب والعروبة تمييز ضد كل الجنسيات الأخري
-
الناس والحرية - 7
-
هل الدين لعبة ؟
-
اغتصاب اسلامي لأطفال العراق
-
الحروب أنواع وأخطرها محاربة البيئة
-
ستون عاما شجار ومرار . فلسطين / اسرائيل . والارض لمن ؟
-
من المغرب لسلطنة عمان مرورا بالمخروسة!
المزيد.....
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|