أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان كوتاري - وهم














المزيد.....

وهم


حنان كوتاري

الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 03:58
المحور: الادب والفن
    


إن نظرت جهة اليمين رأيت مطبخا صغيرا يتكون من أوان بعضها قديم و آخر جديد .. و من قنينة غاز صغيرة لا يعرف أهميتها في ذلك المكان سوى صاحبها.. و من برميل ملأته بالماء أيادي بيضاء سكن قلبها الصغير حب كبير لصاحب الغرفة ..
و إن التفت جهة اليسار وجدت غرفة جلوس أثاثها حصير.. و مائدة متوسطة الحجم و قليلة الارتفاع وضع فوقها مصباح..
و إن اتجهت إلى وسط الغرفة فأنت في غرفة نوم سريرها لحافان سميكين فرشا فوق الحصير.. و صوانها حقيبة و رزمتان رتبت بجانبهما كتب و جرائد و مجلات .. و غير بعيد عنها على الحائط علق لوح خشبي اتخذه صاحبه سبورة بعدما غير ملامحه بطلاء أسود ..
***
لم أصدق عيني حينما رأيت اسمي ضمن لائحة المقبولين في مركز تكوين الأساتذة.. و لا أذكر الوجوه التي كانت بجانبي يهنئ بعضها البعض أو يواسيه.. كل ما أذكره أن اسمي كان لامعا لمعانا شديدا لم يخفه عني سوى بريق دموعي ..
غادرت مبنى نيابة التعليم في اتجاه المنزل .. استقليت سيارة أجرة فلم يكن بمقدوري انتظار الحافلة ، كنت أتعجل إبلاغ أمي بنبأ نجاحي ، و قد كانت فرحتها عظيمة .. سجدت لله شكرا ، و أغدقت علي قبلاتها بسخاء .. و جادت لي ببعض النقود .. و طافت أرجاء المنزل و هي تزغرد.. فعلت أشياء كثيرة .. و بعدت أن هدأت جلسنا سويا نضع خطة المستقبل ..
تحدثنا عن حاجتي إلى ملابس جديدة و مصروف شهري .. و عن الأوراق اللازمة لإتمام التحاقي بمركز التكوين .. و اتفقنا على أن تحملي أجرة الكراء وحدي أفضل بكثير من الاشتراك في المسكن مع أناس لا نعرف شيئا عن أخلاقهم .. و لم تنس أن توصيني بالاتصال هاتفيا بخالي في القرية لأبلغه الخبر ....
كان حديثنا طويلا و مضطربا .. لكن في الوقت ذاته كان حديثا مفعما بالأمل ينبئ القلوب بأن موسم جني الثمار قد اقترب
***
انقضت سنة التكوين و التدريب و حانت لحظات انتظار تعيين منطقة العمل ..
كان الفصل صيفا و مدينة الدار البيضاء مكتظة الشوارع و الأزقة و الشواطئ و الأسواق و المقاهي ...
شعرت بالضيق و الاختناق و وددت الرحيل إلى مكان بعيد علني أفر فيه من السؤال المؤرق المحير الذي يطاردني في كل الأحيان
ترى ما المصير؟ و إلى أين المسير ؟
ظهرت النتائج .. اتجهت إلى مصلحة الموارد البشرية لأسأل عن منطقة عملي، سرت في الممر الطويل بقلب تتسارع ضرباته و برجلين تصطدم الواحدة منهما بالأخرى من شدة الخوف ، كانت أغلب المكاتب مغلقة الأبواب لأن موظفيها في عطلة، و في نهاية الممر وجدت المكتب رقم 15 ، دخلت و ألقيت السلام و قبل أن أتم كلامي سألني الموظف عن رقم بطاقتي الوطنية، كان يعلم ما أريد .. فما أكثر السائلين في هذه الفترة عن مناطق عملهم.
بحث في الحاسوب ثم قال لي عينت ب ......؟؟؟
ظللت صامتا برهة من الزمن أنظر إليه ببلاهة.. و عندما أفقت من الصدمة سألته : لمن سأدرس اللغة الإنجليزية هناك؟
ابتسم و أحس بمصابي فحاول التخفيف عني بضرب المثل بكثيرين عينوا في مناطق ( لي مشى ليها عمروا ما يرجع) لكنهم ذهبوا ثم عادوا
***
سافرت إلى هناك .. حيث الغرفة متعددة الأدوار .. أستيقظ متأخرا من النوم .. أتناول وجبة الفطور .. ثم أتسلى بممارسة هوايات تعلمت أسرارها مع ما تعلمته من الحياة هناك ..
في العصر يحضر إلي أبناء القرية لألقنهم الدروس الأولى في اللغة العربية .. و بعد أن أودعهم أستلقي فوق فراشي أتأمل .. أفكر .. أسترجع أيام الطفولة و اللعب في الزقاق .. و سنوات الدراسة .. و يوم وفاة والدي .. و احتفالات الجامعة بالمتفوقين .. و أصوات المهنئين و المواسين يوم القبول في مركز التكوين .. و صورة والدتي و هي تبكي و تحوقل و تدعو على مجهول قاس القلب فرق بينها و بين ابنها ..
و قد أعد وجبة العشاء أو لا أعد ..!!..
و قد أستمع للمذياع أو لا أستمع !!....
و قد أقرأ كتابا أو لا أقرأ ..!!..
لكن الأكيد أنني أنام طويلا .. أحلم باليوم الذي أبعث فيه من جديد إلى الحياة .. بعدما دفنت تحت أنقاض مدرسة وهمية .. وضع حجر أساسها و لم تبن بعد.



#حنان_كوتاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد حكم الإعدام.. حكم جديد ببراءة مغني الراب الإيراني توماج ...
- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...
- تونس: الحكم بالسجن أربع سنوات على مغني الراب -كادوريم- وحرما ...
- 60 فنانا يقودون حملة ضد مهرجان موسيقي اوروبي لتعاونه مع الاح ...
- احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا ...
- ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم ...


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان كوتاري - وهم