|
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2319 - 2008 / 6 / 21 - 08:17
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كلنا على اطلاع نسبي على ما مرًت به المراة في العراق خلال الحقبة الماضية من حكم الدكتاتور و ما وصلت اليه حالهن من كافة النواحي و المجالات الاجتماعية الثقافية السياسية الاقتصادة، و التخلف الذي غيم عليهن مقارنة بالعهود و العصور السابقة و ليس مقارنة بوضع غيرهن في العالم و ما وصلن اليه. الحروب المتتالية التي اشعلها النظام القمعي كانت وقودها النساء ايضا و المتضرر الاكبرهن سوى كان مباشرة من خلال حياتهن ام غير مباشر كام و اخت و زوجة و حبيبة للمتضررين و تحملن الكثير بعد فقدان احبائهن، والوضع الاجتماع بما فيه العادات و التقاليد و الثقافة او الكلتور المقيد لكافة حريات المراة اجبرتهن على التضحية بما لا تحصى و لا تعد، و فوق كل ذلك استغلن و عوملن كبضاعة و في اكثر الاحيان رخيصة لاهداف عدة و اكثرها سياسة، و تلاعب النظام البعثي كثيرا بالالفاظ و الكلمات لخداعهن و تشدق بما يعمله من اجلهن و لكن عمليا و واقعيا راى الاجيال ما فعل بهن و فوق كل ذلك ذرف دموع التماسيح من جهة اخرى لاجل الماجدات! ما يخصنا هنا الوضع السياسي و ما كانت المراة فيه في العهد السابق، كانت هناك مجموعة صغيرة من النساء لا تحصى بعدد اصابع اليد في مواقع صورية و استغلن حزبيا لخدمة القمع و الظلم بدلا من خدمة العام و قضيتهن التي لازالت من اهم اركان الحالة المزرية التي وقع فيها العراق. ان التغييرات التي حصلت في العراق و من ضمنها تحركت مسالة حقوق المراة شيئا لا يُذكر و انما الجيد فيها ان الحركة رجًت الواحة الساكنة بما رمي الحجر فيها و ظهر الى السطح ما هو العصب الرئيسي لتقدم اي بلد، و لكن هذه المرة ايضا كما هو الحال و للاسف استغلت هذه القضية من قبل الاحزاب و التيارات لخدمة ايديولوجيتهم و ليس من اجل المراة ذاتها، و هذه القرارات فرضت ايضا من قبل امريكا و بشكل فوقي كما هو الحال في مسالة الديموقراطية و الحرية و حقوق الانسان المعلبة التي جاءت بها من دون دراسة الوضع العراقي بشكل دقيق و وافي و ما تتحمله الوضع من المفاهيم الجديدة . لو القينا نظرة فاحصة للشعب العراقي نراه غير خالية من المراة المثقفة الاكاديمية العالمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية، و فيهن من لديها القدرة الكاملة ان لم تكن اكثر من الرجل فليست اقل منه، و التاريخ شاهد على مجموعة كبيرة منهن و على اعمالهن و ابداعاتهن، الا اننا لو نكون و اقعيين هنا للمصلحة العامة فان عدد المبدعات نسبة الى الرجال لا يحصى و قليل جدا، و هذا ما نراه بوضوح و ليس السبب فيهن و انما الواقع فرض الكثير عليهن و ابعدهن عن الدوافع و الارضيات المتاحة للرجال . اذا كان الوضع الحالي الواقعي بعد التغيير هو بداية الخطوة لاقترابهن من عملهن و الحصول على حقوقهن فان الاخطاء التي حصلت ضرًت بهن و ان لم يلحقن الى ما يجب ان يعملن سوف يعاد وضعهن الى ما كانو عليه و هذا ما لا يريده اي منصف من المثقفين و السياسيين التقدميين ، فالغرابة في الامر ان ما هن عليه اليوم من التصاقهن بالافكار و الايديولوجيات التي هي اصلا السبب الرئيسي لبلائهن و لما هن عليه دون ان يعلمن ذلك، فنرى هن من يغمضن عيونهن عن الحقوق العامة لهن نظرا لافكارهن الروحانية و عاطفتهن التي تسيطر في اكثر الاحيان على تفكيرهن العقلاني، لمعضمهن و ليس لجميعهن. ان ما جاء به الوضع السياسي بعد التغيير و ما لعبت امريكا دورا فيه هو اقرار الكوتا في الانتخابات العراقية العامة ، و ما وصل به النساء الى مواقع كان بالامكان ان يستفدن منها كعمل من اجل المصلحة العامة و من ضمنها قضيتهن الخاصة التي فرضتها الظروف و التاريخ و التقاليد و الافكار و الايديولوجيات ، و للاسف معضمهن مرتبطات بهذه القيم المفروضة لحد اليوم . تحديد حصة المراة في القوائم الانتخابية و المواقع السياسية العامة كان له ايجابياته كما له سلبياته الكثيرة ،ليس في نص القرار و عمله فقط و انما لاستغلال هذه العملية لاجل دوافع ايديولوجية و فكرية التي هي اصلا سبب ماهن عليه اليوم، فالمحصصاتية التي اعتمدت عليها الانتخابات العامة و قوائم الاحزاب ضمت من النساء في هذه العملية ليس فيهن ما يمكن الاعتماد عليها لتغيير وضعهن على الاغلب و هذا واضح جدا للجميع و السبب هو ان الاحزاب لم تختر من يعمل لاجل هذه القضايا و انما اختارت من كانت منتمية الى افكارها و ايديولوجياتها و هي بالضد من مصلحة المراة دون ان تعلم او فيهن من تعلم و تقبل لغرض في نفس يعقوب ، و اكثرية هذه الاحزاب دينية قومية مذهبية و لا يوجد ما يمكن ان يطمان الانسان على ان اختيارهن هو لمصلحتهن و المصلحة العامة قبل اي شيء، فان التركيبة الاساسية العامة التي ظهرت القيادة السياسية و مكونات البرلمان من العضوات اوضحت للجميع مدى توجه العملية السياسية و استغلال هذه الشريحة لاهداف ضيقة و بعضها لا يمكن ذكرها هنا و ليس لاجل قضيتهن الاساسية، و ضعف نشاط العضوات و القيادات منهن و هن في مركز القرار اثبت مدى صورية هذا القرار و بعده عن خدمة المساواة و حقوق الانسان و المراة الطبيعية، و ليس غريبا ان ترفض المراة في دول اخرى هذا التوجه و علمهن مسبقا بانه ليس في صميم طريقة و صولهن المثلى الى ما وصل اليه الرجل و انما هن اللواتي ذكرن بان محاولتهن لتغير الوضع العام و الثقافة العامة كفيل لايصالهن الى ما يجب الوصول اليه و ليس عمل من صنع من هو السبب في تاخرهن، و هذا ما نحن نؤمن به، و حتى ان وصلت المراة بهذه الحال الى نصف مكونات مراكز القرار لا يغيرشيئا من القضية، و لكن من جانب اخر و بشكل واضح نسبيا بانت وجوه و ظهرت الى السطح من كانت قادرة اصلا على العمل و انما هذا التوجه ساعدها الى الوصول فط و انما العمل هو نتاج قدرتها و امكانياتها، اي نصل الى ان الكوتا في الوضع الاجتماعي العام ان استغل لدعم من لديها القدرة على العمل و من وضع المراة المتمكنة في المكان المناسب و ليس لاملاء الفراغ فقط التي تفرضها قرار الكوتا و استغلالهن لافكار معلومة و حصص معتمدة على الانتماء القومي الديني المذهبي،سيكون مفيدا بعض الشيء و الا ستبقى المراة اسيرة و عالقة في هذا الحال الى ما يتوصل اليه المستوى الثقافي الاجتماعي العام للشعب ، و هو الكفيل لخدمة حقوق المراة من كافة النواحي و يتطلب ذلك وقتا و جهدا من قبل الشعب ككل و المراة بشكل خاص، و اليوم نرى الشعب العراقي فيه من المستويات الجيدة من النساء وان كان القمع الدكتاتوري اضر بهن الا ان انشغال الرجال في العمل العسكري و حروب الدكتاتورية وفًر المجال الاوسع للنساء للعمل في المجالات العلمية و يجب عليهن استغلال هذه النقطة العفوية الايجابية التي فرضتها الظروف الموضوعية، و بجمع جهودهن و عملهن ينتج ما يطمحن اليه و يمكنهن من قصر الوقت و الوصول الى المبتغى في وقت قياسي و ليس اعتمادا على قرارات فوقية مفروضة لاغراض سياسية معروفة. الخطوة العملية الاولى لنجاح المراة في الحصول التدريجي على حقوقها الكاملة هي دخولها العمل في كافة المجالات و عدم الالتصاق بالموقع السياسي كما يدعن اليوم و اصبح مودة العصر، اي الالتزام بالاختصاص و الانتشار في العمل بما يجعلهن متواجدات في كافة المجالات وليست المواقع الرقيقة، يفرض مدى اقتراب المراة من الرجل في مساراة الحياة، و عندئذ يمكن ان تحصل المراة على المواقع السياسية الحساسة بجهودها و هي غير اعتيادية و خاصة في هذا العهد الذي يتيح الفرصة امامهن في الانخراط في كافة الاعمال، و عندئذ لا تحتاج المراة العاملة المتواجدة في كل اركان الحياة الى قرار خاص منحاز لها و يعتبر شفقة بها و هذا الامر يجب ان لا تقبله المراة لانها تستحق الحصول على حقوقها بعرق جبينها و ليس ان يُشفق عليها بحقوق و هي مستحقة بها.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
-
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
-
الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا
...
-
الجبهة الوطنية ام التعاون السياسي
-
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
-
هل يُرضي ديمستورا جميع الجهات لتطبيق مقترحاته؟
-
اي نظام سياسي نريد ؟
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى المثقفين اكثر من السياسيين
-
السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
-
الضغوطات منعت نيجيرفان البارزاني من المضي في بعض العقود النف
...
-
الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
-
الاهتمام بالمظهر دون الجوهر في حكومة اقليم كوردستان العراق!!
-
الفكر و مصداقية الحكم في العراق!!
-
هل تترسخ مسالة قبول الآخر في العراق؟
-
لم يقرر الشعب بعد!
-
نيجيرفان البارزاني والعمة(بوره مه نيج)
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: الاغتصاب يُستخدم كسلاح حرب ضد النساء في السود
...
-
بمكالمة فيديو ..ممرض مغربي ينقذ حياة امرأة حامل بتوليدها
-
بوروشينكو يتهم زيلينسكي باغتصاب السلطة عبر تمديد الأحكام الع
...
-
الأمم المتحدة: الاغتصاب يستخدم -سلاحا- في الحرب بالسودان
-
في السودان.. نزوح 13 مليون شخص خلال عامين من الحرب
-
شهيدة الإنقاذ.. وفاة الطبيبة المناضلة السودانية هنادي النور
...
-
اغتصاب طفل/ة كل نصف ساعة في شرق الكونغو الديمقراطية?
-
ميليندا غيتس تبلغ 60 عامًا الآن.. إليك نصيحتها للنساء في عمر
...
-
دراسة تقدم حلاً واعداً للحفاظ على صحة العظام لدى النساء!
-
سرّ جديد لتحسين الحياة الجنسية لدى النساء
المزيد.....
-
كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات،
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
المزيد.....
|