أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد جان عثمان - حوار الهوية والاختلاف














المزيد.....

حوار الهوية والاختلاف


أحمد جان عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 717 - 2004 / 1 / 18 - 05:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أن كنا حواراً
وكان باستطاعتنا أن يسمع بعضُنا البعضَ الآخر...

هولدرلن

قبل أن نشرع في "الحوار"، ينبغي القيام بتفكيكه (أو تحليله) إلى عناصره الأولية، وذلك لكي نتجنب الوقوف أثناء الكلام في ما يسميه الشاعر حسين عجيب ب"الموقف التفسيري".

 

أولاً، لم ينهض الحوار، فيما مضى، إلا وفق استجابة الأقدمين لأزمة الهوية. تتجلى هذه الأزمة في أن البشر، من حيث هم أفراد، ليسوا سوى مجموعة من الاختلافات تفتقر إلى هوية تتوّسطها حتى تتحقق الوحدة الإرادية بالفعل (وليس بالقوة). إذ لن تقوم للحوار قائمة ما دامت هناك قوة. أنطولوجياً فإن الاختلاف هو أولى سمات الفرد، فلهذا السبب قال محمد بن عبد الجبار النفري، قبل أكثر من عشرة قرون، في كتاب المواقف: "أنت مختلف لأن الاختلاف صفتك". أما الهوية فهي اختيار يقوم على أساس الاعتراف بمبدأ الحرية. إذاً فإن الحوار، قبل كل شيء، هو وليد حاجتنا إلى هوية ينخرط فيها، بمحض إرادته، كل منا بوصفه المختلف.

 

ثانياً، الهوية، وفق ما تقدّم من تحليل، هي انتخاب. حيث يغدو كل مختلف مدعوّاً إلى المشاركة والإدلاء بالرأي. نقول [مدعوّاً] لأن الفرد، عبر وعيه بالاختلاف، يهفو إلى هوية يحقق من خلالها وجوده. هكذا يصبح الاختلاف شرطاً أوليّاً للوجود الذي انبثق، في زمن موغل في القِدم، ما إن شارك الأقدمون في الهوية. نقول [شاركوا] وذلك عندما قام كل منهم بإدلاء رأيه. فالهوية هي انتخاب الوجود، هذا الوجود الذي بدونه يبقى الفرد، كمختلف، رهناً للعزلة.

 

ثالثاً، الحوار هو الخروج من العزلة، من تلك الكهوف العريقة، نحو "مدينتنا الفاضلة" التي تسمّى الوجود. عبر هذه المسافة، الممتدة من الكهوف إلى المدينة أو قل من العزلة إلى الوجود، يتحقق الحوار. إذن، فإن العزلة والوجود هما حدّا الحوار. هكذا، عندما نستحيل، نحن المختلفين، إلى خيوط الهوية / العنكبوت المتشابكة، عندئذٍ، عندئذٍ فقط، نستطيع أن نقول إننا في الحوار.

 

الحوار، حتى يظهر، يحتاج إلى الاختلاف / العزلة من جهة، وإلى الهوية / الوجود من جهة أخرى. فالاختلافات شرط أساس للهوية كوسيط، وأما الوجود كاستحقاق فلن يدخل حيّز الواقع ما لم يتم الاعتراف بمبدأ العزلة. هنا تنتفي صفة التقديس عن الوجود كموضوع للانتخاب كما تتأرجح الهويّة على هاويةٍ سحيقة بين القبول والرد. نقيم في الهويّة إقامة مؤقتة لكي نكون، ثم يقفل كل منّا عائداً إلى كهفه العريق، مكان إقامته الدائم، سقيمَ اللا كينونة. وذلك عندما تصبح الهويّة جديرة بالشجب. فيختفي الحوار إلى حين.

 

متى تصبح الهوية جديرة بالشجب؟

في الحالتين. الأولى: عندما يبدأ طغيان الهوية لطمس الاختلافات كأصل. إذ ينقلب الفرد من كونه ذلك الجزء الحيويّ في الشبكة إلى تابعٍ لها، فيختل توازنُ العلاقة بين الذاتية والموضوعية لصالح الأخيرة. ويبدأ عصرٌ شيمتُه سيادة الأعراف اجتماعياً، دكتاتورية شموليّة سياسياً، وحضور السياق بقوة ثقافياً. وما للفرد، عندئذٍ، إلا أن تغادره صفتُه الأنطولوجية / الاختلاف، لينمسخ كائناً تابُوِيّاً، ومسماراً صَدِئاً في آلة القمع، و"مبدعاً " في الشأن العام بالوكالة. باختصار، لا يسع الهوية في هذه الحالة إلا توقيف الذات للتحقيق معها، ومن ثم محاكمتها والحكم عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو، في أحسن الحالات، إطلاق سراحها بضمان! أما الحالة الثانية: فعندما يكفّ الوجود عن كونه مناخاً اختيارياً للعزلة، حيث يفقد قدرته، بوصفه زمناً، على إمكانية الصعود على سلالم المكان. نقول، بعبارة نيتشه، إن هذا الوجود يخون، عندئذٍ، ميثاق العود الأبدي. هكذا، فما لنا إلا أن نعلن الشجب وننسحب، من جديد، إلى كهوف العزلة.

أما الباقون في الهويّات المشجوبة، فلهم شخصية موحَّدة بتجلياتها الثنائية، كما وصفها الشاعر حسين عجيب:

1 سيكولوجية الطفالة؛ فهم سليلو أعرافٍ تبدأ من العائلة وتنتهي في المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

2 ذهنية التفسير؛ فهم جندرما السياق، الاجتماعي والسياسي والثقافي، لتوقيف كل إبداعٍ يواجه الهوية المشجوبة بالاختلاف.



#أحمد_جان_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد جان عثمان - حوار الهوية والاختلاف