أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى غازي الأميري - الأحلام المحترقة














المزيد.....

الأحلام المحترقة


يحيى غازي الأميري

الحوار المتمدن-العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7 - 09:53
المحور: الادب والفن
    



بعد ان أنهى خدمته العسكرية الإلزامية والتي امتدت قرابة من عشر سنوات ، مشاركا ً بالحروب المدمرة التي خاضها بلده، رغم أنفه ، ليتلقفه بعدها حصار اقتصادي ثقافي اجتماعي سياسي ، لا تقل وطأته وقسوته ومدته من سنوات الحروب الماضية.

أنه في الأربعين من عمره ، أباه وأمه يلحان عليه بالزواج ، فهو أبنهم الوحيد المتبقي إذ قتل أو فقد أخاه الأكبر في إحدى سنوات الحرب ، لم يعثروا على جثته ، لكن السلطات أخبرتهم انه شهيد في إحدى ساحات القتال!

عام 2000 رتب حاله ورمم الدار وتزوج ،عمره أربعون عاما ً، يعمل عامل بناء، مهنة شاقة وتتطلب منه قوة بدنية ، لم يكمل دراسته ، يعيش مع أهله في بيت متواضع بغرفتين في مدينة مهملة بائسة مكتظة بالبناء والسكان.

يرزق بطفلين الأول بنت والأخر ولد، الولد يشبهه كثرا ً ، ولادة الطفل الثاني زادت من متاعبه وهمومه ، جاء الطفل إلى الدنيا وهو عليل، لف فيه الأطباء والمستشفيات ، أمل ضعيف في شفاءه ، نصحه الأطباء بعد كثرة مراجعات وتوسلات بان ابنه الصغير، لا يوجد له علاج يشفيه من مرضه في الوطن، لكن يمكن معالجته في خارج العراق.

من أين له المال ؟ كيف يجمعه ؟ كم يحتاج من المال للسفر والعلاج ؟ أصبح هذا الهم الجديد شغله واخذ كل تفكيره .

2003سقط النظام ، في قمة الفوضى التي تجتاح البلد و بعد السقوط بشهر، توفي والده " الجد " وهو بعمر 68 عاما ً بعد أن أعياه المرض.
زاد من ساعات عمله كي يحاول أن يجمع مبلغ من المال يعالج به طفله ، زوجته قررت أن تعمل كي تساعده و تجمع معه المال فتحت من بيتها باب أخرى على الشارع تبيع منها الخضار. الجدة رغم كبر سنها تحاول مساعدتهم في رعاية الأطفال والطبخ .
الرجل لا يهدأ يعمل ويجمع التقارير ويحاول إنجاز معاملات السفر ويتصل بالمنظمات الإنسانية والطبية ،فقد اصبح عددها كثير جدا ًبعد سقوط النظام ،علها تعينه في بلواه ، لكن دون جدوى ، لكنه لم يفقد الأمل.

بعد مراجعات مضنية قاربت السنة تمكن من الحصول على جواز السفر الجديد، له ولطفله العليل ، إحدى المنظمات تكفلت بتزويده بمجموعة من التقارير الطبية، ووعدته بمساعدته بعلاج طفله خارج القطر، لكن يتطلب الأمر ان يكون في الدور" السرة " فقبله مجاميع كثيرة تشبه حالة ابنه قد راجعت وتنتظر دورها . طلبوا منه أن يعطيهم رقم هاتفه، أعطاهم رقم هاتفه النقال" الموبايل"، أخبروه أنهم سوف يتصلوا به عندما يحين موعده !

2008 لم يزل البلد يغلي والاضطرابات تزداد ، المعاناة والمشاكل والفوضى تعم البلد ، هموم على هموم ، أعلن الإنذار في المدينة ، المدينة محاصرة ، أصوات المدفعية وأزيز الرصاص يسمع ليل نهار، قصف عشوائي، وقتل عشوائي، الطيران يجوب السماء قصف على الدور التي جنبهم، أمس سقط خمسة ضحايا من شارعهم.

ثلاثة مصابيح نفطية موزعة في البيت ، تبدد عتمة الظلام والرعب ، يجلسون مذعورين حول طباخ نفطي صغير، رن الهاتف النقال ألتقط التلفون، المكالمة من قريب له في طرف المدينة الأخر ، يخبره أن حريق هائل يضرب الأسواق والمخازن قرب منطقتهم ، فيما هو يهاتف قريبه، صوت انفجار مدوي يقتلع الأبواب والشبابيك، تتهاوى أجزاء من البيت، تعيق الحركة ، يحاول عبثا ً إنقاذ زوجته وأمه بعد ان تمكن من إنقاذ طفليه، حريق ينشب في الدار، تجمهرت الناس أخرجوا زوجته وهي تصرخ بهستريا أثار، الحروق على وجهها ، رويدا ً رويدا ً خفت صوت استغاثة و توسلات أمه وهي تصرخ لنجدتها ، تلاشى صوتها الخارج من تحت ركام الغرفة المتهاوية المحترقة، بعد ساعتان من محاولات نجدتها ، أخرجت من تحت الأنقاض جثة هامدة تشوهها الحروق، يقف كالمذهول ، كأنه يعيش في عالم أخر، عيناه تذرف الدموع ، لا يجيب الناس عن استفساراتها وأسئلتها الكثيرة ، لكنه لا ينقطع من الحديث مع نفسه، بصوت مسموع ، وهو يردد نفس العبارات " احترق البيت ، أحترق كل ما في البيت حتى المال الذي جمعته ، جوازات السفر الأوراق الثبوتية ،التقارير، أمي !"

قصة قصيرة كتبت في نيسان 2008



#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأتم عراقي مندائي من الذاكرة المهمومة
- محمد عنوز في كتاب من منشورات تموز
- احتفالية لبعث الأمل ب ( طراسة ) * رجل دين مندائي جديد في سور ...
- الشاعر السوداني الكبير محجوب شريف يكتب كي يوقظ الضمير الإنسا ...
- أكتب إلى مهدي و ذكريات مهدي وعيون مهدي وضحكات مهدي/الحلقة ال ...
- أكتب إلى مهدي و ذكريات مهدي وعيون مهدي وضحكات مهدي/ الحلقة ا ...
- أكتب إلى مهدي و ذكريات مهدي وعيون مهدي وضحكات مهدي
- تأملات وأحلام قبل وبعد سقوط النظام
- الشيخ الجليل وصديق الحق و المدافع عن حقوق المظلومين علي القط ...
- في مؤتمر زيورخ ... دونت شهادة الصابئة ومعاناتهم بأمانة للتأر ...
- مات المندائي العراقي ( أبو نبيل ) بعيدا عن أرض الرافدين موطن ...
- الصابئة المندائيون .. مصير مجهول يلفه الضياع والتشرد والتشرذ ...
- مؤتمر زيورخ : صوت من أصوات المضطهدين والمهمشين على مدى العصو ...
- المتنبي والشطري يتناغمان
- عام جديد وملايين شعبي تبكي على مأساة الحسين ومأساة الوطن
- الذكريات والأحداث وأهمية تدوينا،، نعيم بدوي ، يشوع مجيد في و ...
- صديقي يشوع فقدانك المروع قد زاد من آلامي وأحزاني
- لليدي دراور* .. من كاتبة قصص خيالية وخواطر قلميه إلى أكبر مس ...
- إلى الأستاذ المناضل عزيز سباهي
- ناجية المراني شمعة عراقية مندائية لم تزل تنير الطريق بثبات و ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى غازي الأميري - الأحلام المحترقة