عقبة البطاح
الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 00:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دفعتني على الاستطراد في خط هذه السطور كلمة قالها لي أخي و قدوتي الأديب الكبير أحمد الهواس عندما كنت ألبي عنه دعوة على العشاء ( الحمام المحشي ) و كنا نتحدث عن الواقع الذي نعيش فيه و علاقة الرئيس و المرؤوس فقال الأستاذ أحمد
يا أخي العزيز أنا لا أحقد على النظام و لا أكره رجل المخابرات فهم رجال يقومون بواجبهم أنا أكره الناس التي تخوض بما يعنيها و ما لا يعنيها و أكره المخبر فهو غير مكلف و لا مهمته نقل أخبار الآخرين
فتأملت هذه الحياة التي هي أشبه ما تكون بالبحر المتلاطم الأمواج و تخيلت مشقة عمل هذا الربان الذي يقود السفينة إلى بر الأمان و النجاح و ما يعانيه من مشقة و محنة لماذا إن نجت السفينة لا يشكر أو يعتبر هذه واجبه و مطلوب منه رغما عن انفه إيصالها و إن أوشكت على الهلاك لا يكفر و لا يتحمل النتائج إلا الربان هل الربان بمفرده المسؤول عن السفينة لا طبعا, فطاقم السفينة كبير جدا و ما هو إلا فرد تصدر منصة القيادة و القيادة عمل بسيط إذا مهد له الطاقم سبل النجاة من سرعة المياه و ارتفاع الأمواج و الجهات و المسافات حاله حال الحاكم الذي يقود الدولة إلى المجد و الرخاء و الاستقرار إذا أكرمه الله بطاقم ( بطانة ) صالحة و تعينه و تحثه و تجمل له غير ذلك إذا كانت البطانة سيئة و الحاكم بشر
و لكن رغم ما نعانيه من متاعب و مشاق في هذه الحياة لا يزال الأمل موجودا في أبناء هذه الأمة البررة و الذين يدعون لإصلاح حال الرعية قبل الراعي و لكن خطأنا نحن العرب و منذ العصر العباسي ألقاء اللوم و تحميل المسؤوليات الجسام على عاتق الخليفة و الأمير و الحاكم .
إن الحياة تتقدم يوما بعد يوم و المدنية غزت العالم و طغت على الحضارة و العلم جعل من العالم قرية صغيرة جدا و الذين حكموا و قادوا الأمة في القرن الأول الهجري هم أشخاص و بسر مثلهم مثل هؤلاء الأشخاص الذين يحكمون اليوم لم يكونوا ملائكة و لم يكونوا من أمم أخرى و اعتلائهم منصة الحكم له نفس الظروف الحالية فقد كان هناك مؤيد للوالي و كان هناك المعارض و هناك من اعتزل الحياة السياسية من يأتي أهلا و من يذهب برفقه الله و عقول البشر كبصمات الأصابع مختلفة يصعب تأمين حاكم يعمل ما يتمنى الجميع فالواقع غير الخيال فالأب مع أبناءه الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة قد يختلف مع أحدهم بأمور شتى و هذا لا يعني عدم حب الأب بأبنائه أو تمييز أحدهم على الأخر إنما يكون تمييز الأب بتقدير و مكافأة من يقدم ما لا يستطيع تقديمه الآخرين أكراما لولده و حثه على السير قدما إلى الإمام و تشجيع الآخرين مثله مثل الحاكم الذي يتمنى أن يكون أبناء شعبه أفضل الشعوب فنجاحهم يزيده قوة و عزة و رفعة
للأسف الشديد المواطن العربي تاركا وراء ظهره كل ما يستطيع انجازه و ملقيا باللوم على النظام فإذا ارتفعت أسعار المواد الغذائية تشتم النظام و إذا ازدادت البطالة تشتم النظام و إذا ارتفع معدل القبول الدراسي تشتم النظام بل حتى إذا جلس منتصف الليل ليذهب إلى الخلاء يشتم النظام و لا يعي إن بناء الدولة مسؤولية جماعية و ليست مسؤولية نظام و إن انتشار الرفاه و السعادة إنما هو بالعلاقة الجيدة مع النظام فما هو مكسب الحاكم من ارتفاع الأسعار و ما المردود العائد له من انتشار البطالة كلها هموم تؤرقه و هموم تلاحقه ليلا و نهار لأنها تزلزل أركان دولته و تجعله بموقف الضعيف داخليا و خارجيا و هذا ما لا يرضاه فالحاكم يسعى بكل جهده الى أن يكون المواطن بأحسن حال و انعم بال
و الحاكم فرد من أفراد الشعب امتحنه الله بالسلطان لا يستطيع قيادة و تأمين مطالب أمة عددها الملايين إلا بمشورة و توجيه هؤلاء الأبالسة من شياطين الإنس ( البطانة ) فمشكلة الشعوب العربية مشكلة بطانة و ليست مشكلة نظام أو نحمله القليل من المسؤولية لعدم المبالغة بسبب عدم استبدال هذه البطانة ( و لكن على ما يبدو البطانة في عصرنا الحاضر نوع واحد لا يوجد بطانة وطني المتوفر كله أمريكي )
فعندما كنا نصنع البطانة الوطنية كان الحال على ما يرام فالبطانة الوطنية كما يقال بالعامية ( جلدها متين ) لا تخجل و لا تستحي فقد كانت تردع حتى عمر ابن الخطاب و ما أدراك ما ابن الخطاب ترتعد من أسمه جبابرة الفرس و الروم
هذه البطانة صنعها الاستعمار و قدمها لمحبيه أثناء فترات الظلم و الاستبداد و يبدو إنها ذات عمر طويل و لا تبلى بمرور الزمن ( غسيل و لبس ) و أقنع الاستعمار بوجهه الآخر الشعوب العربية إن الحكم لديكم فردي مطلق و إنه الملاك المخلص لكم مما تعانون
و ما مثال العراق الشقيق الجريح ببعيد أين العراق و أين المواطن العراقي أين أرض الرافدين أين أحفاد علي و الحسين أين الشرفاء كلهم في الشتات
يا من حملوا صدام مشاكل الدنيا و الأخرى ذهب صدام ستبكون الدماء باعه الأنذال و بكوه و نعوه الشرفاء
فبعد أن مات صدام ذلك النمر الذي يقف أمامه الغرب كالأرانب و الكلاب بعد أن بكته عيون الشرفاء و زغردت العاهرات لم يخسر و لم يدفع الثمن باهظا إلا الشعب الشريف و الرجال الصادقين والأحرار و النساء الماجدات
فلا تحملوا الحكام المسؤولية و انظروا إلى البدائل يذهب الحر و يأتي عبد أصبروا على الأحرار و لا تتبعوا العبيد الفجار
يا أحباءنا و أخواننا في بقاع الوطن الحبيب من المحيط إلى الخليج رحم الله من قال (( لا تسبوا الولاة فإنهم إذا أحسنوا كان لهم الأجر و عليكم الشكر و إذا أساءوا فعليهم الوزر و عليكم الصبر و إنما هم نقمة ينتقم الله بها ممن يشاء فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية و الغضب و استقبلوها بالاستكانة و التضرع
و أسألوا الله أن يرزق حكامنا و جميع حكام المسلمين مساعدون أكفاء و قادة شجعان و وزراء محنكين و رجال علم و ورع يأخذون بيدهم إلى الطريق الصحيح أن نسوا ذكروهم و أن تذكروا أعانوهم و الله على ما يشاء قدير
# عقبة_البطاح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟