|
سبل النهوض ببرامج القروض الصغيرة في العراق
فلاح خلف الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 2304 - 2008 / 6 / 6 - 08:41
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تعنى برامج القروض الصغيرة بتقديم القروض الصغيرة جدا (Micro Credit) للعائلات الفقيرة لمساعداتها على الانخراط في نشاطات منتجة أو لتنمية مشاريعها المتناهية الصغر. وتمثل هذه البرامج إحدى الوسائل لتحسين دخول للفقراء، وتخفيف معاناتهم الاجتماعية والصحية والتعليمية، التي تظهر كنتيجة للنقص في رأس المال وعدم القدرة على الإنتاج والحصول على عمل حر يدر دخلا، ومن ثم دخول الفقير في حلقة مفرغة للفقر.حيث يساعد هذا النظام الفقراء غير القادرين على الوصول الى مصادر التمويل الرسمية كالمصارف التجارية- التي تمنح قروضها عادة مقابل ضمانات مادية و/أو شخصية- من خلال منحهم القروض بدون ضمان وبالطريقة التجارية،أي بتسديد أقساط القرض، مضافاً إليها الفائدة أو رسوم خدمة الدين، رغم أن بعض الدول تكتفي باستيفاء المصاريف الإدارية وبحدود لا تزيد عن 2%.
نشأة برامج القروض الصغيرة تعود فكرة أنشاء هذه البرامج الى الاقتصادي البنغالي (محمد يونس) الذي كان رئيسا للبرامج الاقتصادية الريفية بجامعة تشيتاجونج في بنغلاديش ،الذي أدرك بعد قيامه برحلة ميدانية مع طلابه إلى الريف في العام 1974 وبعد أن قتلت المجاعة في ذلك العام آلاف الأشخاص أن ما يدرسه لطلبته في كلية الاقتصاد لا يحل مشاكل فقراء بنغلادش، ولا يعود عليهم بالفائدة ، فقرر أن يقدم حلولاً عملية لتلك المشاكل عن طريق تأسيس بنك القرية أو بنك الفقراء (Grameen Bank)عام 1976وخلال العامين الأولين لم يتجاوز عدد المستفيدين المائة شخص، ثم أخذ هذا البرنامج يحقق نجاح مضطرداً حيث وصل عدد المستفيدين في العام 1998 الى حوالي 2.5 مليون من الفقراء، منهم 96% من النساء، وبلغ عدد الفروع داخل بنغلاديش 1137 فرعا تغطي 39045 قرية، كما انخفضت حالات التعثر في السداد الى اقل من 2% من إجمالي عدد القروض ، وحقق هذا البرنامج انتشارا غير مسبوق، في معظم دول العالم وبخاصة في دول جنوب شرق آسيا وفي العديد من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.وأن نجاح جهود بنك جرامين في إبعاد خطر الفقر عن الملايين هو ما أكسبه هذا البنك لقب بنك الفقراء وقد دفع هذا النجاح وتلك الشهرة لجنة جائزة نوبل للسلام إلى منح الجائزة لعام 2006 مناصفة بين محمد يونس والبنك عن جهودها لخلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الطبقات الدنيا .
إيجابيات برنامج القروض الصغيرة أ-التقليل من أخطار تعرض الفقراء للأزمات بتمكينهم من امتلاك بعض الأصول المنزلية أو الإنتاجية التي يمكنهم التصرف بها في حال حدوث الأزمات، كما تتيح القروض متناهية الصغر للفقراء أمكانية تعدد مصادر الدخل وبالتالي أمكانية مواجهة الأزمة حال تعرض أحد مصادر الدخل للتراجع أو التوقف عن ممارسة النشاط المعيشي اليومي بسبب الأزمات وتدهور الظروف الاقتصادية والمعيشية والأمنية . ب-زيادة الاستهلاك الفقراء الذين يعيشون على حافة الفقر يستطيعون أن يُحسنوا من إنفاقهم.واستدامة هذه الزيادة في الإنفاق تمكن الأسرة من تبني خطط أطول لتحسين الدخل والحياة للأسرة. ج- زيادة الدخل والتقليل من الفقر حيث سيتمكن المقترضون من زيادة دخولهم ، وكسر الحلقة المفرغة والبدء بتحقيق دخل ثابت يمكنهم من الدخول في استثمارات تساعد على زيادة دخولهم. د- تكوين التجمعات الإنتاجية الصغيرة كالصناعات الحرفية التي تمكنهم من المشاركة في الخبرات والأيدي العاملة؛ وإنتاج كميات أكبر من نفس المنتج وبأسعار تنافسية. ويفضل بناء هذه التجمعات بالقرب من الأسواق والطرق العامة ووسائل النقل لضمان نجاحها. سلبيات برنامج القروض الصغيرة : أ- من المشكلات الرئيسية لبرامج القروض الصغيرة هي فرض نسبة عالية للفائدة أو رسوم الخدمة، وقد لا يعود استثمار القرض بأي أرباح، وفي هذه الحالة فإن المال المطلوب لسداد الفوائد لا بد أن يأتي من مصادر أخرى للشخص المقترض، وفي غالب الأحوال يكون على حساب الاستهلاك داخل المنزل (التقليل من الإنفاق على المأكل والملبس والرعاية الصحية والتعليم)، أو من الاقتراض من الآخرين. ب- استغلال الرجال للنساء للحصول على القروض:وهي مشكلة شائعة وقد لا يستخدم مبلغ القرض لفائدة الأسرة،وقد لا تستفيد منه المرأة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بينما تظل مسئولة عن سداد القرض. ج- إحدى سلبيات برامج القروض الصغيرة هو اهتمامها بقطاع معين من الفقراء وعدم قدرتها على الوصول إلى الفئات الأشد فقراً في المجتمع بل أنها لا تستهدفهم في الأساس نظرا لشدة فقرهم. ح-أن نسبة الفوائد العالية وتعدد القروض لنفس المستفيد، تقود الى اعتماد المستفيدين كليا على القروض خلافا لما هو مطلوب،وهو تحقيق الاعتماد على النفس و زيادة الدخل وعدم الحاجة للاقتراض مجددا. خ-وجدت بعض المنظمات غير الحكومية في هذا البرنامج فرصة لتحقيق الربح السريع بمجهود قليل،إضافة إلى انهمار المساعدات الخارجية على المنظمات العاملة في هذا المجال، حيث تحصل المنظمات على رأس المال المستخدم في الإقراض كمنحة لا ترد من المؤسسات الدولية، في حين أنها تطالب الفقراء بدفع الفوائد أو رسوم خدمة الدين.
برنامج القروض الصغيرة في العراق :- لبحث إمكانيات تنفيذ برنامج القروض الصغيرة في العراق عقدت في دمشق الدورة التدريبية عن القروض الصغيرة للفترة من 9/3/2008 لغاية 13/3/2008 ،وبالتنسيق بين منظمة العمل العربية ووزارة العمل والشئون الاجتماعية في جمهورية العراق،والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ووزارة الشئون الاجتماعية والعمل في الجمهورية العربية السورية.وبعد دراسة تجربة المشاريع الصغيرة التي تشرف على تنفيذها الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات، توصل المشاركون إلى جملة من التصورات والمقترحات التي يمكن أن تساهم في تطوير تلك التجربة من أهمها:- 1-ضرورة الاهتمام بتجربة القروض الصغيرة واعتبار المشروعات الصغيرة أداة لتشغيل الشباب ووسيلة فعالة لامتصاص البطالة والمساهمة في زيادة قدرات الاقتصاد الوطني. 2- ضرورة العمل على إيجاد تشريع وطني ينظم عمل المشاريع وفقاً للأسس العلمية والمنهجية لتأمين الإجراءات الإدارية والمالية والفنية المحفزة على إقامة المشروعات الصغيرة وتطوير قدرات المبادرين. 4- ضرورة توفير مصادر تمويل مستقلة وتسهيل إجراءات حصول المشروعات الصغيرة على القروض. 5- ضرورة تطوير وتحديث المناهج التدريبية على إدارة وتشغيل المشروعات الصغيرة في المجالات الإنتاجية والتجارية والخدمية والزراعية والإرشادية وتصميم برامج تدريبية لما بعد استثمار القرض لتطوير الكفاءة العملية في المجال التسويقي والتنظيمي وبما ينسجم واحتياجات سوق العمل العراقي . 6- ضرورة تعزيز قسم دراسة الجدوى الاقتصادية بالكفاءات الاختصاصية في مجالات اختيار طبيعة العمل المناسبة على ضوء الخصوصية الجغرافية والاجتماعية والتسويقية . 7- ضرورة تفعيل دور الجهات الداعمة لتوفير أجواء عمل مشجعة كوزارة الصناعة ، وزارة التجارة ، وزارة الزراعة ، وزارة التخطيط ، اتحادات الصناعات ، غرف التجارة ، نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني . 8- تحديث معلومات سوق العمل وتصنيف العاطلين حسب المهنة والعمر والتحصيل العلمي والجنس والمستوى المعيشي لتكوين قاعدة معلومات تغذي الجهود المبذولة في تطوير برنامج المشاريع الصغيرة واعتماد التقنيات الحديثة في إنجاز المعاملات وربط الفروع في المحافظات بالمركز الكترونياً . 9- العناية بعمليات تسويق منتجات المشروعات الصغيرة بإيجاد آليات مناسبة للدعاية والترويج وإقامة المعارض في الداخل والخارج للتعريف بالمزايا النوعية للمنتوج الوطني . 10- تشجيع أقامة حاضنات الأعمال الصناعية والتجارية وتكوين روابط تنظم العلاقة المهنية بين أصحاب المشروعات الصغيرة وتعمل على تطوير ثقافتهم الاستثمارية والمهنية . 12- الاهتمام ببرنامج تمكين المرأة ودعم النساء المعيلات لأسرهن من النواحي المالية والتنظيمية والمهنية واستهداف ذوات الاحتياجات الخاصة القادرات على العمل جزئياً واقتراح برامج تشغيلية مناسبة لدرجات العوق . 13- ربط المستفيدين من إعانة العاطلين عن العمل بالدورات التدريبية والتأهيلية تمهيداً لإقراضهم مالياً وإحلال منهم بحاجة الى خدمات شبكة الحماية الاجتماعية كالعجزة وكبار السن . 14- ربط المستفيدين من القروض بفرع الضمان الاختياري وإيجاد آلية لاحتساب الاشتراك الشهري في الضمان الاجتماعي . 16-توسيع مجالات الإطلاع على تجارب القروض الصغيرة الرائدة من خلال الزيارات والدورات والمعارض الإنتاجية .
#فلاح_خلف_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القطاع الصناعي في العراق بين الأهداف العامة وأهداف المشروعات
...
-
دورشبكات الحماية الاجتماعية في حماية الفقراء من مخاطر الخصخص
...
-
عملية توريق الاصول كوسيلة لتسوية الديون المصرفية المتعثرة في
...
-
ظاهرة الاحتقان الطائفي في العراق بين التفسير الاقتصادي والسي
...
-
اتجاهات التطور في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد العراقي
-
تقييم تجربة التنمية الصناعية في العراق
-
المشكلات التي تواجه مؤسسات الكفالة المصرفية في العراق والمقت
...
-
سبل معالجة ظاهرة البطالة في العراق
-
دور الجهاز المصرفي في تنشيط سوق العراق للأوراق المالية
-
دور صناديق الاستثمار في الاقتصاد العراقي
-
دور شركة الكفالة المصرفية في تمويل المشروعات الصغيرة العراق
-
مبررات وشروط التحول نحو اقتصاد السوق في العراق
-
ظاهرة غسيل الأموال وسبل التصدي لها في العراق
-
تطور ظاهرة التضخم في الاقتصاد العراقي
-
إجراءات السياسة المالية وأثرها على أداء القطاع المصرفي في ال
...
-
دعوة إلى تأسيس المنتدى الوطني للحد من أخطار الكوارث في العرا
...
-
استراتيجية وأسلوب الخصخصة الملائم للاقتصاد العراقي
-
مراحل تطور مفهوم المجتمع المدني
-
مشاركة القطاع الخاص في التنمية في العراق بين الأهداف والقيود
-
قطاع النفط في العراق بين الواقع والأفاق المستقبلية
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|