|
في لبنانْ .. كلُّ حزبٍ بما لَدَيهم فَرِِحونْ !!
حميد خنجي
الحوار المتمدن-العدد: 2301 - 2008 / 6 / 3 - 10:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
وضع اتفاق الدوحة أخيراً –كما رأينا- العربة على السكة في لبنان.. ولكن السؤال الآن من يحرك تلك العربة المليئة بالألغام ومصالح الأحزاب المتباينة المنطلقة أساسا من نظام المحاصصة الطائفية ، سيئ الصيت ؟! وكيف يجري تطبيق جميع بنود ذلك الاتفاق على الأرض وهنا تكمن الصعوبة الحقيقية ! صحيح أن لقاء الدوحة الأخير قد نجح في صيغة " لا غالب ولا مغلوب" بين الفرقاء اللبنانيين ، مما أبعد شبح حرب أهلية طاحنة ، كانت تطل برأسها وكادت أن تندلع حين غزت ميليشيات حزب الله بيروت الغربية في ذلك اليوم ، الذي سيدخل التاريخ ، كونه انعطافة سلبية تظل في الذاكرة الجمعية للبنانيين لفترة طويلة ! وسيحل أول يوم في رحلة الألف يوم، الذي يجري حثيثا- في نهاية المطاف- نحو بسط سلطة الدولة في لبنان على جميع أراضيها، الأمر الذي يعنى عمليا سيطرة الجيش اللبناني على أي سلاح خارج سلطته وهيبته والمقصود أولا سلاح حزب الله.. وهو البند الأساس (بسط سلطة الدولة) ضمن بنود انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي ؛ العماد ميشال سليمان ( الرئيس الثاني عشر والعسكري الثالث بعد فؤاد شهاب وإميل لحود) وتشكيل حكومة وحدة وطنية ، بصيغة محاصصة أعطت 16 حقيبة وزارية للموالاة ، 11 للمعارضة ، 3 لرئيس الجمهورية والاستعداد للانتخابات القادمة (حسب قانون الانتخابات العائد لسنة 1960). على أن تنفيذ هذه البنود الملتبسة على الأرض أمر آخر ، خاصة أعقد البنود ، المتمثل في بسط سلطة الدولة ، الأمر الذي ينظر ويؤول له حسب المصلحة والمزاج الحزبيين والطائفيين ، بل يجري ليّ عنق الواقع إلى درجة أن المراقبين(خاصة المثقفين) قد انقسموا وتخندقوا إلى فئتين صارا يتباريان في مسألة الفائز والخاسر في محصلة اتفاق الدوحة ! سنرجع في فرصة سانحة أخرى لتحليل هذه الظاهرة الملتبسة لدى الكثرة الكثيرة والتي في حاجة إلى معرفة الأصول الفكرية والفلسفية لمنهاج التفكير والتحليل لدى هؤلاء.
لقد حُلّ الإشكال الأهم ، المتمثل بإنتخاب "العماد ميشال سليمان" بأغلبية قلّ نظيرها في التاريخ السياسي اللبناني ؛ 118 صوتا من أصل عدد النواب الـ 127 ، مقابل 9 أصوات ؛ ضم 6 أوراق بيضاء اعتراضية و 3 أوراق تهكمية مكتوبة ، مجهولي الهوية ، عدا ورقة النائب "بطرس حرب" الذي اقترح جلسة سريعة للبرلمان اللبناني ، لتغيير البند المتعلق بالتصويت الرئاسي حتى لا تشوبه أية شائبة قانونية /دستورية ولكن رئيس البرلمان "نبيه بري" أسقط الاقتراح بجرة قلم ! بدا" سليمان" وهو يتلو خطاب القسم حكيما بالفعل في وقت تعتبر الحكمة مفقودة، بل عملة نادرة أكثر من أي وقت مضى. تتّسم شخصية الرئيس الجديد بخصال وميزات لا تتوفر دائما.. مثل؛ الاعتدال /الحزم/ التواضع/البساطة/ الإخلاص/التفاني، الأمر الذي انعكس في طرحه لسلة من البنود والمشاريع الواقعية، البعيدة عن الوعود والحلول السحرية، منوها أنه لوحده لا يمكنه تحقيق أي شيء! جاءت خلاصة البنود كالآتي : بسط سلطة الدولة/الاعتراف المتبادل للتمثيل الدبلوماسي مع سوريا/أولوية ملف المغتربين / الملف الاقتصادي والاجتماعي / إستراتيجية الدفاع والمقاومة الوطنية ضد العدو الإسرائيلي فقط / ضرورة وأولوية لغة الحوار بعيدا عن التشنج والبذاءة والتخوين / المحافظة على الحريات الشخصية والعقائدية المنطلقة من دولة المؤسسات الديمقراطية ..الخ. ومقارنة بين خطاب الرئيس" ميشال سليمان" وخطاب أقوى قطب سياسي ، أمين عام حزب الله؛ "السيد حسن نصر الله" ، نرى بوضوح كم أصبح "السيد حسن" بعيداً عن حركة الواقع وسمة العصر وعن موازين القوى الدولية والإقليمية ! جال في قوقعة غريبة، مقسما فئات الشعب اللبناني إلى سبعة أقسام ( قدسية النظرية السباعية الخرافية) معتبراً نفسه ومريديه أشبه بالفرقة الناجية السابعة، المخولين بأنفسهم للذود عن الوطن.. دخل في صومعة الانتشاء والذّوب في حاكمية "ولاية الفقيه" الغريبة عن العصر والمنطق!
أما فيما يتعلق بردود الفعل المتنوعة بإعادة تكليف "فؤاد السنيورة" لرئاسة الحكومة ، فإنها تعبر عن حالة الاحتقان السياسي التي سوف تستمر، وخاصة وان المعارضة مجبرة الآن على قبول شرب هذا العلقم(التعامل مرة أخرى مع ثعلب سياسي في وزن فؤاد السنيورة)، وذلك بسبب توقيعها على اتفاق الدوحة أمام الملأ ، ولا يمكنها الرضوخ عن ذلك وان كانت تريد ذلك في قرارة نفسها ! اختير "فؤاد السنيورة" ليرأس الحكومة الانتقالية القادمة بـ 68 صوتاً ، هي مجموع أصوات "الموالاة " ضد بقية الأصوات "المعارضة" الـ59 ، التي امتنعت جُلّها عن تسمية أحدٍ ، عدا قلة سميت أشخاصاُ آخرين !
في اعتقادي المتواضع أن اختيار السنيورة جاء كضربة معلم ولو أن فريق الأغلبية أكد على عدم كيدية ذلك الاختيار، الذي أُخذ فيه بعين الاعتبار عدة أسباب وجيهة.. أولا جاء اختياره لدهائه السياسي المتمكن ، حيث بان السنيورة واضحا في خطابه المعتدل ، فلم يأتِ بكلمة في غير محلها (سابقا أو لاحقا) بالإضافة إلى أنه ورقة مستعملة ، من الحكمة الاستمرار في الاستفادة منها ، بُغية تهيئة " سعد الحريري" أو غيره للدورة القادمة . وحتى لحظة كتابة هذه السطور لم يفلح بعد الأفرقاء المتنافسون من الاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية بل أن العملية التي قيلت أنها لا تستغرق أياماً معدودات ، سوف تستغرق أسابيع! والخلاف الآن يتركز على الحقائب السيادية والخدماتية ، لعل أهمها ؛ حقيبة الداخلية التي قد تؤول إلى شخص محسوب على رئيس الجمهورية . أما الحقائب الأربع الباقية (الخارجية والدفاع والمال والعدل) فستتناصف بين المعسكرين اللدودين !
#حميد_خنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كادت أن تفعلها -أسِيل-.. لكنها لُجِمَتْ ب-كعبِ أخِيل-
-
عندما تَطْعِن - المقاومة- اللبنانية ظهرَها !!
-
لبنان .. على صفيحٍ ساخن !
-
مسيرة الأول من مايو/ أيار .. العابرة للطوائف الجامعة للشعب ا
...
-
مؤتمر النقابات العمالية الأول في البحرين تدشين لانطلاقة جديد
...
-
مقدمة عن تعثّر موجة التغيير ودَمَقْرطة الأنظمة العربية
-
سِحرُ سَمرٍ قادمٌ من قلبِ الصحراء
-
مرة أخرى.. المعضلة الإيرانية إلى أين؟
-
إيران إلى أين.. من خلال انتخابات البرلمان؟
-
المكر والمغامرة وجهان لعملة واحدة !!
المزيد.....
-
تضارب بين البيت الأبيض وترامب حول مدة إعادة توطين سكان غزة
-
هل يؤثر تصريح ترامب عن غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟.. مسؤو
...
-
تطوير أرضية للطرق ذاتية الإصلاح تحاكي عملية التئام الجروح
-
خبير يوضح كيف يتم التجسس عبر الهاتف
-
الحيتان القاتلة تصطاد أحد أخطر الحيوانات البحرية المفترسة!
-
علويون في سوريا ينددون بهجمات عليهم ويطالبون بالعدالة بعد سق
...
-
إسرائيليون يسخرون من خطة ترامب للسيطرة على غزة: -غير واقعية-
...
-
وساطة إماراتية بين روسيا وأوكرانيا تنجح بإطلاق 300 أسير
-
اصطدام في 10 دقائق.. الكشف عن سبب -الأخدود العظيم- على القمر
...
-
فيديو يرصد خطف عامل في مصر والفاعل -غير متوقع-
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|