أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة - نانكين أكبر مدن الصين














المزيد.....

قصة قصيرة - نانكين أكبر مدن الصين


مصعب فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 04:49
المحور: الادب والفن
    


إنه أغرب مدير مدرسة في العالم , دائما تراه والعصا بيده , وكلما رأى (حلزونا) ضربه بها وقال له ( نانكين إحدى أكبر مدن الصين) . فيرد (الحلزون) بضحكة مكبوتة قدر الإمكان( نعم يا أستاذ إحدى أكبر, إحدى أكبر ) .
قبل ذلك بمدة , نحن (الحلازين) ـ هكذا كان يسمينا المدير ـ قررنا أن هذا هو موسم الضحك انتقاما لتلك التسمية.
كان قد دخل المدير علينا كالثور الهائج , لم نكن قد رأينا وجهه غاضبا بهذا الشكل من قبل , وكذلك خصيتيه كانتا على الجانب الأيسر من فخذه , متورمتين بقدر لم نعهدهما من قبل أيضا, نحن الذين لم نره مبتسما في يوم من الأيام , كان الابتسام والضحك فعلين لا ثوريين ولا أخلاقيين وهما فعلان رجعيان لا يليقان بجدية الثورة ولا يتسقان مع أهدافها , نحن الذين كنا نعد كي نكون ثوارا و محاربين ضد الاستعمار والامبريالية اللذين لم نكن نعرف معناهما في مرحلتنا الابتدائية تلك ,أنا كنت أظنهم جراثيم تدخل من نوافذ وشقوق الوطن الذي كنت أظنه أيضا كالبيت له أبواب عادية كأبواب أي بيت ونوافذ كنوافذه.
و نحن لم نكن مجرد أطفال يعيشون ويمرحون برخاوة الحلازين , بل نحن طليعة الثورة التي تتجذر وتتجدد كل يوم , والتي مهمتها تحويلنا من حلازين رخوة إلى كواسر ضارية .
في الحقيقة لم يكن يعنينا الاستعمار ولا الامبريالية كان يعنينا الضحك واللعب أكثر من أي شيء آخر , ولم يكن يعنينا وجه المدير بقدر ما تعنينا خصيتاه , فمع مرور الوقت وبالتجربة كنا قد لاحظنا شيئا هاما, فعندما تكون الخصيتان على الجانب الأيسر من الفخذ كانت تنالنا العقوبات الشنيعة كالزحف على البطون وحك المؤخرات بالحائط , و ضرب بالعصا على الأصابع والأفخاذ وكذلك الصفعات القوية على الوجوه , كل ذلك حتى ولو كان وجه المدير يوحي بالهدوء , أما عندما تكون الخصيتان على الجانب الأيمن من فخذه كنا نطمئن حتى ولو كان وجهه غاضبا فالأمور لم تكن تتعدى بعض الصيحات والهوبرات التي كانت تبهجنا وتخلق لنا جوا جديرا بالمزاح والتهكم لا أكثر , لكن اليوم ما الذي سيحدث إذا اجتمع غضب الوجه وغضب الخصيتين معا وبهذا الشكل المريع؟!.
( فليخرج كل منكم ورقة وقلما ولتكتبوا أسماءكم أعلاها يا حلازين ) قالها المدير بجبروت وحنق قالها وخصيتاه تعلوان وتهبطان وكأنهما في بلعومه , ( عندكم مذاكرة إملاء , وليكن معلوما أن الغش مسموح أي تستطيعون أن تنظروا إلى أوراق بعضكم بعض ) قالها بانكسار و خصيتاه ساكنتان كحجرين قاسيين .
إنها أغرب مذاكرة رأيناها في حياتنا الحلزونية الرخوة تلك , لكن ما إن بدأ بتلاوة المذاكرة حتى كدنا ننفجر من الضحك , وبصعوبة بالغة كتمنا ضحكنا لأن اللعب الحقيقي قد بدأ للتو .
( اكتبوا يا حلازين .. بكين عاصمة الصين , نانكين إحدى أكبر مدن الصين , فيها الأستاذ و المدرسة ... انتهت المذاكرة , هاتوا الأوراق. ) سرت همهمات كثيرة وضحكات مكبوتة وابتسامات سرية في جميع الاتجاهات .
ثلاثة أيام لم نأخذ فيها درسا واحدا كنا نعاقب من بداية الدوام حتى نهايته بغية تحويلنا إلى كواسر.
في الحقيقة أنا وعدة طلاب أشقياء آخرين و قبل تلك المذاكرة بيوم واحد كنا قد قررنا كتابة عبارة على باب المدير كي ننتقم لتسميتنا بالحلازين , كتب كل منا حرفا من تلك العبارة , حتى تتوزع العقوبة بيننا في حال كشف أمرنا , كتبت أولا حرف النون ثم تتالت الأحرف الألف والياء والكاف والياء مرة أخرى ثم النون , نظرنا إلى بعضنا البعض و ضحكنا ثم كتبنا بقية العبارة (أكبر أستاذ في المدرسة ) بنفس الطريقة و بسرعة حتى لا يرانا أحد.
في الصباح رددنا الشعار ودخلنا صفوفنا الضيقة كصدور المعلمين في هذه المدرسة , ليدخل علينا المدير بتلك الهيئة وليلقمنا مذاكرة الإملاء الشهيرة تلك .
لم يستطع المدير أن يعرف من كتب تلك العبارة على بابه ولم يجرؤ أن يقول لنا ما القصة لأنه كان يظن أن حلزونا واحدا قد قام بتلك الفعلة أو اثنان على الأكثر, لكنه عاقب المدرسة كلها لمدة ثلاثة أيام , كنا حزانى على بقية الطلاب الذين عوقبوا بسببنا و لم نكن نجرؤ على الاعتراف إلا بعد مدة طويلة, ثم بدأ موسم الضحك الذي لن ينتهي .
صرنا كلما لمحنا المدير يمر بالقرب منا نتظاهر بأننا نتذاكر فيسأل احدنا الآخر( هل تعلم ما هو أطول نهر في العالم ؟) , فيجيب الآخر ( كلا ولكني أعرف أن نانكين أكبر مدن الصين ) , فيغضب المدير وتتورم خصيتاه ويصيح بأعلى صوته( ليست أكبر يا حلازين ليست أكبر, ولكنها إحدى أكبر مدن الصين ) , فنهز رؤوسنا مدعين استدراك الخطأ ( نعم نعم إحدى أكبر مدن الصين ).
في الحارة ونحن نمر أمام بيت المدير عندما كنا نراه دون أن يرانا ولكننا نعرف أن صوتنا يصل إليه , كان أحدنا يدعي سؤال الآخر سؤالا ما وليكن (ماهو طول خط الأستواء ؟) لتكون الإجابة طبعا هي (لا أعرف ولكنني أعرف أن نانكين أكبر مدن الصين ) , فيزمجر من وراء أشجار وورود حديقته ليقول لنا( يا حيوانات يا حلازين إحدى أكبر، إحدى أكبر وليست أكبر ) فنرفع أصواتنا البريئة ونقول له ( عفوا يا أستاذ ,نعم إحدى أكبر إحدى أكبر ), وهكذا أمضينا طفولتنا بالإجابة على أي سؤال يطرح علينا بعبارة ( لا أعرف ما هو الجواب ولكني أعرف أن نانكين أكبر مدن الصين ) فيخرج علينا المدير من تحت الأرض بالصدفة ليقول لنا(يا حلازين إحدى , يا حيوانات إحدى , وليست أكبر) . ثم وبالضربة القاضية , أصابه الانهيار التام في أحد الصباحات عندما رأى على جدران كل البيوت وكل جدران المدرسة وأسوارها عبارة ( نانكين أكبر مدن الصين ) مكتوبة بكل الألوان , وبكافة أشكال الخطوط وباللغتين الفرنسية والانكليزية أيضا بعد أن قمنا بترجمتها, موقعين تحتها بأحرف حلزونية كلمة ( الحلازين ) .
إنه أغرب مدير مدرسة في العالم , دائما تراه والعصا بيده , وكلما رأى (حلزونا) ضربه بها وقال له ( نانكين إحدى أكبر مدن الصين ) . فيرد (الحلزون) بضحكة مكبوتة قدر الإمكان( نعم يا أستاذ إحدى أكبر, إحدى أكبر ) .



#مصعب_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - ( G . O ) بلدي أو ( B . B ) بلدي
- قصتان قصيرتان - كحول في السماء - هذيان بنفسجي بلحظة شرود
- قصة قصيرة - عندك نمل ؟
- قصة قصيرة - مرشّحهم
- قصص قصيرة جدا - ثلاث فراشات
- قصص قصيرة جدا - واضح وصريح ومباشر
- قصة قصيرة - قريب جدا بعيد جدا
- قصة قصيرة - بووووه هااااه
- قصص قصيرة جدا - أجمل مكان في العالم
- قصة قصيرة -أخلاق الأيدي
- قصة قصيرة - شاعر دالية وقصائد عنب
- قصة قصيرة- دبكة ودبّيكة وطبّال
- قصة قصيرة - الأنثى والريح
- قصة قصيرة-غياب متدلٍ كأرجوحة
- قصة قصيرة - غياب متدل كأرجوحة
- قصتان قصيرتان جدا-مهنة-تحميلة
- قصة قصيرة - الشيء
- قصة قصيرة -عند مفترق الرموز
- قصة قصيرة - رائحة على شكل قلب
- -قصة قصيرة بعنوان- ذبابة واحدة ويكتمل القرصان


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب فريد حسن - قصة قصيرة - نانكين أكبر مدن الصين