أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - غزل التراب














المزيد.....

غزل التراب


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2285 - 2008 / 5 / 18 - 04:13
المحور: الادب والفن
    


كائنٌ شغله الشاغل : الانتظار ، حلمه المتحقق : الماء ، يتناسل متسلسلا ما لم تعِقه قوة خارجة فتؤجل ولاداته.
من اشتراط وجوده فضاءٌ حرٌ هو الآخر حبلى بالهواء وهذا بالغازات . وحيث تتلاقح الحبالات .. تحبل السماء بالغيوم ثم بالندى الذي تفخره البروق فيتناسل مطرا.. هل حقا تشخب السماء ومن أية مزاريب إذن ؟
تبكي السماء ؟ من أية موق ؟ الريح الخافقة تأتي من حنجرة سحرية .. أي ساحر ذاك الذي يقضي جل وقته يسد فاه الانتظار؟ نسخ ( سين- ليكي- أوننّي) Sin-leqe-unninni ملحمة كلكامش على الطين فيما بنى كلكامش سور الوركاء منذ منتصف الألف الثالث قبل الميلاد بصلصال الطين وما تزال بقاياه ماثلة لحد الآن.
الانتظار يترصده الموت ليأتي على الحرث والنسل.
يموت الترابُ ثم يحيى .. تسبت البذور ثم تستفيق. سطح الماء يتناسل مع الريح فيولد الموج. أن تموت الأشجار ينشأ نبتٌ جديد. يمطر الإنسانُ على حرثه ، منجزهُ الابتدائي مثلما ينفض سمك السلمون على غيمات أنثاه في الضد من التيار.
التراب يتلاقح أيضا مع الريح ، تضج به فيرقى في الأعالي .. هل يعلن عن حالة ما فيستقر في كثبان؟ أي موسيقى تجمعُ ألوانَ الجبال ؟ أو أشنات أو دقائق عالقة من غبار أو بكتيريا أو فيروسات مخبولات!

الترابُ باردٌ كذلك الماء .. يتلاقحان فينجبان حرارة .. مؤكد ذلك هو تفاعل.
تعود الحرارة ُ إلى الطين تجمّله ، تصلصله فيقسو ولكن بصيغ أخرى ..
تنمو شجيرة الورد متخذة من الشكل الواحد ( التراب) أشكالا متفردة في تكوين سيقانها. تنمو السيقان محتضنة أشواكها التي تقسو بحرارة الانتظار كلما تصلبت أعوادها.
السيقان ترتدي أثوابها بلون التراب . لم التراب يأكل نفسه ؟ من أين تأتي ديدان جثث الموتى أذن؟ ترمُّ ثم تموت!
إن مات زوج لعارض ما لا يسمح للزوجة بالزواج من بعده حتى يجف تراب قبره.
تقوم المرأة في الريف برقية طفلها من الحسد ، تمسك قبضة كفها ترابا تدور به حول رأس الطفل فيما تقرأ التعاويذ.
للأرض رحمٌ يغلي ..للمرأة رحم يمور! ما بين البين زمن يتقلص ويمتد بمزاجية غريبة!
لم النخلة تحتاج خمس سنين حتى تعلن عن حملها البكر؟
لم كل ذلك الزمن حتى تلد سفينة الصحراء؟
لم عمر العطر هكذا قصير؟
تضع كفك على المقلاة دقيقة واحدة تحس بها ساعة من الزمن وإن وضعتها ساعة كاملة على جسد امرأة جميلة كأنها دقيقة ٌ واحدة ؟
ما تريد قوله شجيرة الورد إذا ما تثاءبت بجمبدة وردتها القرمزية ؟ ربما (شكرا) بالطريقة المعروفة. تبتسم ، تذبل ، تذوي ، تموت لكن على بذورها. وإن تخوفت ، مدّت سويقات جديدة!
الكروم تمنحنا من سقي عناقيد كراتها اللؤلؤية ، العصير .. إن تـُُهدد بالموت تسترسل عجلى وإن بصرخة كبيرة. أية رسالة لدى الكرمة ؟
الموت والحياة توأمان متداخلان متغازلان متفاهمان .. ولا اعتراض!
إن أختلّت الموازين حلت الحروب. حل الشيطان . ذلك المتناسَل العقيم . يستقوي إن منحناه فرصته. فرادى وجموعا يمكننا تطويعه والاستفادة من طاقاته. ما الضير من محاورته وتوظيفه ؟ لم افتعال الجدران الفاصلة إن كان لديه من امتيازات نفتقر لها بسبب كلنا نعيه ونعرفه ؟
النار تجمّل الطين فتحيله إلى صلصال. هو الداخل في صحن الفخار، في كوز الماء وزير المخللات ودن العسل. فينا يتنفس معنا ولكن باتفاق. إن صاحبنا الغباءُ له الغلبة ومن ذلك التعاشق الغبي تثار وتتناسل العداوات والحروب. ان تمرّنا على الانتباه والتفكر بحكمة سرعان ما ينصاع لما نريد ، فنمده مع أسفلت الشارع ونوقد به شمعة ونهيئ به موقدا وتنورا نسجره منه. نصهر به الحديد ، نصنع منه مسمارا وسلّما ونسكّ النقود ونعمل أرجوحة ً للصغار.
التراب قدر الإنسان .. يحاوره ، يساقيه ويسقيه ، يحيلهُ إلى طين .. يفـْخره ، يصنع منه الناي ، يناجي الشمس الآفلة يمنحها وعدا بالشروق.
إن توفى أحدنا نبكيه . أليس بالدموع ؟ نسقي التراب في وعد بالعودة من جديد.
تنزل دموعنا مدرارا إلى التراب كما يفعل المطر. هناك وعد ، حلم لا بد من أن يتحقق .
ما طحين الحنطة سوى تراب ، ألم نأكله ممزوجا ترابا زمن الفرجة والضحك على الذقون؟ تلك مهزلة ذات مغزى.
ذلك هو غزلٌ لا ريبة فيه!



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باول العرب .. قبل أن يغبطك الغرق
- رصاصٌ راجع
- خطابات في الضد من الحرب: خمس سنوات كثير جدا لحرب!
- كو أن ، الأدب والانتصار على لعبة الألم
- أحلى ما في ضحكتها
- مالِكُ الحزين
- هل ستشهد عملية الموصل القضاء على مهنية المقاومة بذريعة القضا ...
- تميمة ٌبأمرالفقر
- كزار حنتوش : دعهم يقولون الشعر.. ليتطهروا !
- هلاّ تجالسني...
- خمسة مليون شكرا
- معلّقات في معلّقة
- خطأ ما
- سركون بولص – حين ترتاح الفرائس
- ليست بقدم ٍ للماموث*
- يعلّبوننا ثانية !
- دمدمي نارنا الأزلية وأَُريهم
- نزهة ُرغيف القمر
- أمريكا- إيران ووليمة الثعلب واللقلق
- عند بلاد النَعْناع حيث يغفو الحب ويتكئ القمر


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - غزل التراب