صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2282 - 2008 / 5 / 15 - 11:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تطلع سائق سيارة الأجرة (الكيا) في وجوه الركاب بوساطة مرآته الأمامية حين انطلقت صيحة المرأة العجوز معترضة على الألفي دينار التي طلبها منهم كأجرة للنقل على خط الثورة ـ البياع متحدثة بلوعة وألم عن اضطرارها الى دفع ثمن أكثر من المقرر مع كل أزمة تمر واثر كل زيادة في أسعار الوقود.
وهكذا عبر الركاب الآخرون عن تبرمهم وامتعاضهم أمام اصرار السائق المختلط بحرجه معللا ً طلبه الزيادة بالوضع الأمني غير المستتب وغلق بعض الطرق خصوصا ً في مدينة الثورة ولجوئهم الى سلك طرق بديلة غير مبلطة. وهكذا ترتفع الأسعار عموما ً ومنها أجور النقل. المشكلة في الأسعار لدينا في العراق إنها لا تزيد ببطء مثلما يحصل في البلدان الأخرى بل انها ترتفع فجأة وعلى الفور وفي مدد زمنية قصيرة من المئتين وخمسين دينارا ً الى الخمسمائة ثم الى الثلاثة أرباع وفي بعض الخطوط قفزت الى الألف والألف والنصف وحتى الألفي دينار. وبصرف النظر عن ذكر الأسباب فان بإمكان الدولة أن تضع العلاج الناجع عن طريق اتخاذ إجراءات عدة منها استيراد أسطول للنقل العام وتزويد سياراته بالوقود مجانا ً من محطات تعبئة خاصة وهو الإجراء الذي لم تلجأ إليه الحكومة حتى الآن بالرغم من مرور خمس سنوات على التغيير الكبير في نيسان 2003 وبرغم توفر الأموال الهائلة من عائدات النفط كما ان بإمكان الحكومة ان تتفق مع سائقي سيارات النقل العام بتزويدهم بالوقود في أوقات محددة بأسعار رمزية على ان تفرض مقابل ذلك الالتزام بتسعيرة لخطوط النقل العام حسب أطوال الخطوط وعلى وفق إمكانية المواطن ومثل ذلك الإجراء لم تباشر به الحكومة أيضا ًحتى الآن. المفارقة هنا ان الزيادة في الأسعار تحدث في الوقت الذي تواصل قيمة الدينار العراقي ارتفاعها مقابل الدولار حتى وصل سعر الدولار الى الف ومئتي دينار ومن المفروض ان تنخفض الأسعار لا أن تزيد خصوصا وان اغلب الأشياء التي يستعملها المواطن ومنها الفواكه والخضر نستوردها من الخارج وانها ترتبط بأسعار الدولار!! ووسط كل ذلك يبقى المواطن وبالذات من ذوي الدخل المحدود يعاني الأمرين من زيادة الأسعار التي تمتص التحسن الذي طرأ على المستوى المعيشي بعد سقوط النظام المباد ويعاني من جراء ذلك اكثر من غيرهم فئات العاملين الذين لا ترتفع رواتبهم اقترانا ً بنسبة التضخم والناس الذين لا رواتب لهم اصلا ًالأمر الذي يستوجب المعالجة الجذرية خصوصا ً بعد تحسن الوضع الأمني في اغلب مناطق البلاد.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟