|
امريكا مطالبة باعتذار تاريخي !!
سيار الجميل
الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنا دعوني اطرح أسئلة مباشرة على الولايات المتحدة الأمريكية ومن حقي أن أسألها ، فأنا مواطن عراقي تحتل جيوشها أرضه وأهله وبلاده ، علما بأنني لن اكرهها شعبا وثقافة ومكانة في هذا العالم . أقول : كيف يمكن إنجاح أي عملية ديمقراطية في بلاد تطوف في بحر من الدماء..وبعد افتقاد الأمن والنظام والاستقرار ؟؟ ونحن لا نعرف ما الذي تريده الولايات المتحدة ولماذا استعجلت بالانتخابات وإصدار الدستور ؟ لماذا يعّد كل ما فعله الأمريكيون في العراق على مدى خمس سنوات : حزمة خطط لا مجموعة أخطاء ؟ انهم يبررّون في صحافتهم أفعالهم في العراق كونها " مجرد أخطاء " ، في حين أن المنطق يقول بأن ما حصل هو نتيجة خطط مرسومة بدقة متناهية !! وعليه ، لماذا سمحت الولايات المتحدة الامريكية منذ اللحظة التاريخية الأولى بانطلاق الفوضى وأعمال السلب والنهب ؟ لماذا بقيت صامتة على مشهد اغتيال ثقافة العراق وممتلكاته وكنوزه وسحق ذاكرته التي لا تقدّر بثمن ؟ لماذا بقيت الحدود العراقية مفتوحة أمام كل من هبّ ودبّ لدخول العراق والخروج منه بلا أي مساءلة ؟ لماذا لم يحاسب كل المسؤولين على كل ما اقترفوه بحق العراق ومؤسساته وبحق العراقيين ومنظومة حياتهم ؟ علينا أن نطالب بمساءلة دولية عن جملة من الاخطاء أو الممارسات في قيادة العراق . لماذا استعجلت الولايات المتحدة الأمريكية إجراء الانتخابات التشريعية ؟ ولماذا وافقت على إصدار دستور لا يلائم العراقيين أبدا ؟ لماذا تعاملت الولايات المتحدة مع العراق كجماعات واقطاعات ومكوّنات ولماذا لم تتعامل معه كوطن ومواطنين بمعزل عن انتماءاتهم الأخرى ؟ لماذا استخدمت الولايات المتحدة ترسانتها الإعلامية في نشر وبث معلومات كاذبة عن العراق والعراقيين ومن دون أي وثائق وإحصاءات .. وقد تناقلها العراقيون عن سذاجة او عن سوء نية ورددوها منذ خمس سنوات بلا أي تدقيق ولا أي توثيق ولا أي تردد ، فأثارت بذلك الشقاقات والنزاعات والانقسامات ؟؟
لماذا تمّ الاعتماد على أحزاب ( عراقية ) دينية أو طائفية أو أثنية .. من دون الاعتماد على أحزاب سياسية مدنية فقط ؟ ولماذا جعل العراق منطقة انتخابية واحدة من دون جعله مناطق انتخابية عديدة ينتخب الناس من يعرفونه في ما بينهم بدل هذا السياق الذي لا يلائم العراق أبدا في هذه المرحلة والمعمول به في كلّ من جنوب أفريقيا وإسرائيل ؟؟ لماذا سحقت الولايات المتحدة كل مؤسسات العراق انسحاقا نهائيا .. واليوم تتخلى عن اعمار العراق وتتركه بلا اية استحقاقات نكثا بكل العهود بعد كل ما فعلته بالعراق وأهل العراق ؟ لماذا همّشت الولايات المتحدة الهوية الوطنية العراقية بالعزف على شعار ( المكوّنات الثلاثة ) التي يتمثّلها : شيعة وسنة وأكراد ؟ هل نجد في أي مكان من الغرب الديمقراطي أحزابا طائفية أو جهوية ؟ وأين هو المكّون العراقي الجامع لكل الاكثريات والأقليات معا ؟؟ لماذا فتحت الأبواب على مصارعها ليغدو العراق جاذبا للإرهاب ومصدّرا له ؟؟ إن هناك من يقاتل من اجل الحرية وضد المحتل في العراق .. ولكن بنفس الوقت هناك في العراق قتلة يقتلون الأبرياء العراقيين ، وقد ذهب نتيجة ذلك الآلاف المؤلفة منهم ظلما وغدرا .
المطلوب اليوم ان لا تكتفي اي دولة منتصرة بالاعتراف باخطائها فقط ، بل بتقديم الاعتذار التاريخي لجناياتها بحق المجتمعات التي سحقتها ، او استلبت ارضها ومواردها ، وهّجرت سكانها .. ان تجاوزات الطواقم الامريكية في العراق وضد العراقيين تفوق التصورات ، فالامر لم يقتصر على سحق البنية التحتية للبلاد ، وبعثرة الذاكرة التاريخية، وسرقة الكنوز الحضارية عن قصد وسابق ترصد ، بل قضي على مؤسسات العراق ودوائره وشّردت الالاف المؤلفة من العراقيين وغدوا بلا رزق ولا وسائل لديمومة الحياة .. وفتحت الحدود امام كل الاشقياء والارهابيين ليكون العراق بؤرة ارهاب وقد اخترق من عصابات ودول وجماعات ؟ من شجع الطائفية والتمردات الداخلية ؟ من جعل العراق معصرة للدماء ومكانا لتصفية الحسابات ؟ من استخدام المعابد والمساجد اماكن لراحة الجنود .. من نزع كرامة الانسان امام اهله وذويه ؟ من اهان العراقيين في عاداتهم وتقاليدهم .. الخ كلها اخطاء قاتلة ينبغي الاعتذار عنها للشعب العراقي وتعويضه عن كل التجاوزات القاتلة .. انني اعتقد بأنها ليست باخطاء كما اعترف بها الامريكيون ، بل انها ذنوب اقترفت بحق الانسانية . ويتساءل عدد كبير من العراقيين : لماذا لم نجد اي برامج لتأهيل العراق وفتح صفحة جديدة امام العراقيين ؟ لماذا استخدمت مثل هذه الاساليب في العراق ولم تستخدم في بلاد خسرت حروبها امام الامريكيين كاليابان والمانيا ؟ والزمن غير ذاك الزمن .. زمننا الذي توسّعت فيه الافكار والشراكات كان بحاجة الى ان يكون العراق بلدا نظيفا من كل الاوبئة لو احسن التعامل معه ومع شعبه .. وكان على العراقيين ان يدركوا حجم المأساة التاريخية التي عاشوها على امتداد خمسين سنة ، ليبدأوا تاريخا جديدا من خلال ثقافة الاعتذار .. العراق كان مقبلا على ان يفتح ابوابه التاريخية امام العالم لو احسن التصّرف معه ! انني أسأل : لماذا اختلف العراق في هزيمته عن كلّ من المانيا النازية وايطالية الفاشية والمانيا الشرقية .. وغيرها من الامثلة التاريخية ؟؟ اليست كل هذه التجارب بكافية كي تؤمن للعراق برنامجا سياسيا وحضاريا جديدا ؟ اننا نطالب باعتذار تاريخي للعراق . فهل سيحدث ذلك ؟ انني أشك في ذلك .
#سيار_الجميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة التحّول التاريخي من عالم بريطانيا القديم الى عالم امريكا
...
-
ثقافة الكراهية .. فجيعة التاريخ !
-
البرلمانيون العرب .. هل يمثلون مجتمعاتهم ؟
-
مار بولص فرج رحو : علامة تاريخية فارقة على طريق العراق
-
قمّة خطابية ام ورشة عمل قيادية !؟
-
ديميتري مدفيديف: الخروج من عباءة بوتين
-
كاسترو : استراحة آخر محارب
-
الى كبير اساقفة الموصل .. في محنته !
-
كوسوفو : الاستقلال أم الاضمحلال ؟
-
الظاهرة المدنية مستعارة والظاهرة الدينية مصنوعة
-
دمعة حزن على رحيل الصديق رجاء النقاش
-
ستشرق الشمس في بلاد الشمس
-
تقرير اتلانتيك : شرق اوسط جديد بعد العراق!
-
التدمير الخّلاق من أجل شرق أوسط جديد !
-
مكابدات تكنولوجيا الاعلام المعاصر
-
الموصل في اعناقكم جميعا مجرد اسئلة موجّهة الى المسؤولين الام
...
-
الديمقراطية : ضرورة تاريخية
-
متغيرات القوة في الشرق الاوسط
-
عبد الباسط يونس ذكرى صحفي من طراز خاص
-
هل عاد الرئيس بوش بخفيّ حنين ؟؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|