أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخمسي - الكتابة جبل ثلج














المزيد.....

الكتابة جبل ثلج


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 11:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


آيس بورغ: هل يحق للإنسان أن يبرر غلبة الذاتية على موضوع الكتابة؟ فينتقل بالقارئ من فكرة مركزة تركيزا تتطلب الإحالة والشرح، إلى فكرة أخرى أكثر تركيزا، تشحن المخيلة بمتطلبات إضافية من الحاجة إلى الإحالات. مما يرفع في آخر الكتابة مثلثا من الأفكار المكتوبة. ثلثه الأعلى ظاهر. وثلثاه كالجزء الأسفل من جبل الثلج يختفي تحت ماء الكتابة. ما بين السطور كما يقال!

إن الحيلولة دون استكمال الوضوح في الكتابة، يتدرج ضمن النفسية التي تكتب وهي تعتبر الحساسيات المحيطة. فمن ضمن الحساسية المعنوية، ما كان مفترضا أن يسمى هرما من الأفكار. باعتباره مجسما من ثلاثة أبعاد. بدل الوصف الهندسي المسطح الذي استعان بالمثلث عوض الهرم. والعائق النفسي هنا كون الذهنية العربية مشحونة بالمعنى الفرعوني للهرم وما تضيفه النرجسية المحدثة لدى جزء لا يستهان به من المصريين. إذ كلما وصف شخص منتوجه بالهرم، إلا وأوحى بالنرجسية الفرعونة المحدثة.

لذلك، تم وصف جبل الثلج، مشبها به، مماثلا لمثلث، تظهر زاويته العليا مع امتدادها داخل المثلث، في حين تغيب الزاويتان الباقيتان.

وعلى شاكلة هذا الاحتراز، ومن باب الثقة في الرصيد المحتمل لدى القارئ، في كل لحظة تقتضي الإحالة.

مثلا، عندما جعلت من المماثلة بين مصدق ومحمد بن يوسف قيمة تقدمية من زاوية الشرعية الشعبية وما قابله من مصالح الاستعمار بداية الخمسينات من القرن الماضي. جعلت الاستعمار الغربي، يسلك تجاه القائدين نفس السلوك في نفس الطرفية الدولية، حد التنسيق الخفي بين السلطات الأمريكية التي نفت مصدق وأبعدته عن الحكم (18/8/1953) والسلطة الفرنسية التي لم تتأخر عن نفي محمد بن يوسف في نفس الأسبوع الثالث من الشهر الثامن من نفس السنة (20/8/1953). والنقص الأصلي في شرح هذه الفكرة، هو كون الحركة الوطنية المغربية التي رفعت محمد بن يوسف إلى القمر، لم تره فوق سطح الأرض في نفس عطاء مصدق المنتخب ديمقراطيا من طرف الشعب الإيراني سنة 1951. وبقيت تستند إلى الخرافة والميطافيزيقا لتعبئة الشعب وراء المخزن بدل شد أزر الكيان السياسي بجدل العلاقة العضوية السياسية المعاصرة بين الدولة والشعب.

وعندما ارتأيت إمكان الاستفادة من الثنائي الفرنسي الألماني كنواة لبناء الاتحاد الأوربي على خلفية العداء المدمر عبر ثلاثة حروب (1870/1914/1939) وتجاوزه المعلن والمفكر فيه؛ لبناء استراتيجية المغرب الكبير للتجاوز العقلاني للعداء المزمن بين الدولتين في المغرب والجزائر، أيضا يكمن النقص المزمن في الفقر الثقافي للعقل السياسي المغاربي الذي يقتحم قضايا السياسة من منطلق المواقع والمنافع بدل مد المشاركة السياسية على طول المسافة الفاصلة بين سلوك القناعات (مبتدأ) وسلوك المسؤولية (خبر). عربونا للانتماء للحداثة السياسية بل الحضارية.

وعندما أضطر للمرور مر الكرام على مصطلح أوراسيا كخريطة طريق لفهم السياسة العالمية لقائدة العولمة (الولايات المتحدة الأمريكية) مقرونة بذكر عنوان كتاب "رقعة الشطرنج الكبرى" لصاحبه المستشار زبنغيو برجنسكي، أجد النقص مزمنا في المركزية الذاتية الملتفة حول الوطنية المغربية الضيقة أو حول القومية العربية الضيقة وما جاء بعدهما من قضايا عادلة مثلهما لكن بنفس ضيق الأفق الموسوم بالنظر في حدود الأقدام.

وعندما يحلو لبعض الأصدقاء الحديث المسهب حول فوائد الاعتدال في مدرسة الاشتراكية الديمقراطية وعن آفاقها المفتوحة في مختلف مناحي الحياة السياسية، لا أجد لمحور الاعتدال امتدادا. لا على الصعيد الأفقي العملي ولا على الصعيد العمودي النظري. وما دامت نخبنا مميزة بالطابع المفرنس، لم اسمع يوما أن ملكيينا يحزهم القرف لتمكن جمهورية فرنسا من هزم مملكتنا. ولا سمعت يوما جمهوريينا تحدثوا عن مثالب النظام الجمهوري المنبثق عن الثورة اليعقوبية الفرنسية الحازمة، والاستعمار والمركزية الشديدة من مميزاته. ليدعموا اليوم ما كان الاعتدال الجيروندي يدعو إليه ضمن صفوف الثورة الفرنسية من ميل نحو تطبيق الجهوية لربح الدعم الأمريكي،بدل دكتاتورية باريس، والابقاء على الملكية لربح المودة البريطانية بدل "التطرف" الجمهوري. والحال أن القيم الغربية الأصلية منذ عهد اليونان، لم يعد أحد يحفظها في الذهن، الشجاعة والاعتدال والعدل والحكمة. فقد أصبح الارتباط بقواميس المدارس السياسية جزءا من البريستيج السهل وسجادا أحمر نحو المواقع والمنافع.

هذا الوصف الذاتي لما تكرر من طرف من تمكنوا من معاودة القراءة للمكتوب، مصورا بدرجة من الغموض، ليس ترفا الآن. بل جدل يفرض نفسه على الذات الكاتبة لتفهم الذات القارئة حول مطلب الوضوح في موضوع الكتابة.

وجوهر الجدل هنا بصدد مطلب الوضوح يتجسد في الميل نحو درجة دنيا من الكثافة ونحو حد أقصى من التبسيط. وللتدليل على مكمن القضية في نوعية القراء وعلاقتهم بالثقافة السياسية، أتذكر الكاتب المختفي المعروف ب مصطفى النهيري في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات. لمن يتذكر ثلاثية الخصوصية في غرابة كتابته آنئذ: حرصه على شحن اللغة بالمصطلحات المركبة المقحمة إقحاما في النص. وحرصه على الإخراج الشكلي البالغ الأناقة حد إلهاء القارئ عن "القضايا" الموضوع. وحرصه على الصيغة التبشيرية الفردانية بالتجاوز للسياقات المؤسسية والجماعية المعروفة وقته.

أتمنى أن يأتي اليوم الذي تتوضح لي ضرورة النقد الذاتي بصدد طريقة الكتابة. لكن هرم الكتابة المقلوب الصحفي يحق له في رأيي أن يترك للقارئ الحق في الكشف عن الجزء الأسفل من جبل الثلج، ليتقاسم القارئ مع الكاتب عملية بناء المعنى الشامل من داخل المبنى اللغوي الماثل. فالكتابة ليست فقط آيس كريم، سهل التذوق. على الأقل، في رأيي!



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
- عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
- التهامي الوزاني يحضر المهرجان
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا
- الحمالة والحطب والتاريخ
- عندما تمسح أوساخ العالم على وجه -الشمال- المغربي
- خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب
- تأمل في تمثال عبد الكريم الخطابي
- (II)أحلام من الخيال العلمي تأمل في تمثال الزعيم
- قراءتين في -كتاب الأمير-
- سطحية السياسة المغربية في الصحراء وفي السياحة سواء
- حديث الروح
- هل يدشن التقرير الإصلاح الشامل في الاتحاد الاشتراكي؟
- شروط الانتقال من الزوبعة في الفنجان إلى التغيير
- حتى لا نصب الغاز على نار زيارة خوان كارلوس للمدن المغربية ال ...
- موقع النقد الذاتي في بنية العقل السياسي المغربي
- الدرس من مكناس أو العقد الاجتماعي المرتقب
- مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخمسي - الكتابة جبل ثلج