|
كاظم الجاسم مختار الحزب في الفرات الأوسط/9
محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 2271 - 2008 / 5 / 4 - 10:30
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
أستشهاده بعد عودته من الدراسة الحزبية في موسكو،كانت السلطة الفاشية آنذاك قد شنت حملة هوجاء استهدفت الكوادر الشيوعية النشيطة،ووجهت ضربات قوية لمنظمات الحزب في المدن العراقية وخصوصا بين الطلبة والعمال،وأقدمت على اعتقال واغتيال العديد من القيادات الحزبية المؤثرة،أمثال الشهداء محمد أحمد الخضري،وستار خضير،وشنت حملة اعتقالات طالت عناصر طلابية وتعليمية ناشطة،وقد اخذ الحزب جملة من الأجراآت لمواجهة الحملة والتصدي لها"وقامت لجنة منطقة الفرات الأوسط العديد من الأجراآت لتفادي الضربات،وصيانة كادر الحزب ورفاقه،ومن ذلك إرسال العديد منهم في دورات حزبية خارج الوطن و بينهم أعضاء لجنة منطقة ومحليات،ومن هؤلاء الشهيد البطل (أبو عبيس) سكرتير محلية بابل وآخرين،وتقرر على نطاق لجنة المنطقة سحب الشهيد كاظم الجاسم عضو مكتب لجنة المنطقة الى النجف حفاظا على سلامته،،وتم تنفيذ هذا الأجراء إلا أن الشهيد وفي اجتماع لاحق للجنة المنطقة الذي أعقب ذلك الأجراء،عرض على الاجتماع بأن وجوده في محافظة بابل أكثر ملائمة لحركته وسلامته،وبناء على طلبه،وكون أن سلامته ستكون أكثر ضمانا في بابل استجاب رفاق المنطقة للاقتراح،بقيت في موقف المعارض إذ كانت خشيتي كبيرة على سلامته،إلا أن تقدير الشهيد نفسه وقرار الأكثرية وفي موضوع حساس يتعلق بالصيانة،كل ذلك أدى الى عودته الى بابل"نقلا عن مذكرات عدنان عباس المخطوطة. وذكر الرفيق سامي عبد الرزاق (أبو عادل)أنه أرسل رسالة الى الرفيق أبو قيود بعد عودته من الاتحاد السوفيتي مهنئا بسلامة الوصول،ووجه له دعوة للقائه وأن يعد له مأدبة فإذا كان يريد أن نذبح له خروف أو أعمل له (باجة)فأجابه برسالة(فلوس الطلي أندزها للحزب وسويلنا باجه) فجاءني هو وعبد زيد نصار وكان حاضرا في بيتي الرفيق جاسم الحلوائي (أبو شروق) والشهيد(أبو عبيس) وجليل حسون عاصي ووالدي وأخوتي،وبعد تناول الطعام أراد الذهاب الى قرية الكصيرات التابعة لناحية المدحتية لزيارة الرفيق تركي الهاشم(أبو عباس)فقال له عبد زيد نصار:أبو قيود أن مهدي السهيل متعاون مع الأمن والبعث،وعليك عدم المرور به،فأجابه أبو قيود حرفيا(أن زيارة واحدة مني أستطيع فيها أعادة المياه الى مجاريها) فقال له أبو شروق(أسمع ما يقوله عبد زيد نصار وعليك الحذر من هؤلاء) ولكن أبو قيود بطبيعته ألفلاحيه وشجاعته أو لا أباليته أضمر في نفسه عدم الالتزام بذلك،لأنه قد جلب هدية خاصة من الاتحاد السوفيتي إليه،وكان طريقه يمر بتلك القرية التي يسكنها مهدي السهيل،وعند مروره من هناك ذهب الى مهدي السهيل وقدم له الهدية التي جلبها من روسيا،وأصر مهدي على دعوته لتناول الطعام،وذبح له خروفا لما بينهم من علاقات قديمة تمتد لعشرات الأعوام،وكان أبو قيود متعبا من طول الطريق،فنزع ملابسه (السترة والصاية)وظل بدشداشته،وعلق مسدسه على الجدار قريبا منه،ويبدو أن مهدي السهيل قد قام بغفلة منه بتفريغ المسدس من العتاد،وأرسل أبنه (مطشر)الى أمن المدحتية ومنظمتها الحزبية لأخبارهم بوجود أبو قيود في منزلهم، فما أسرع ما استنفرت القوى الأمنية والحزبية قواتها وجاءت مفرزة كبيرة من الشرطة والأمن والبعثيين راكبين س سيارات مدنية(تاكسي) للتمويه على الناس خوفا من تسرب الأخبار الى الشيوعيين وإفلات الطريدة،وقد زينت أحدى السيارات بعلامات الزينة للإيهام بأنها(زفة عرس) وعند وصولهم الى القرية قاموا بتطويق الدار من جهاتها الأربع،واقتحمت مجموعة منهم المضيف الذي يجلس فيه الشهيد،وكان الى جانبه صاحب الدار وأحد أبنائه وعندما أراد سحب مسدسه أمسكوا بيديه وأنقض عله المهاجمين حيث كبلوه بيشماغه،فالتفت الى مهدي السهيل قائلا(مع الأسف خنتم الزاد والملح والصداقة والعلاقة وغدرتم بالحزب الذي يناضل من أجلكم،ثم بصق بوجه صاحب الدار وهتف بأسم الحزب الشيوعي وحياة المناضلين،وقبل دخول الموكب المسلح لأزلام البعث الى مدينة المدحتيه كانت الإشاعة التي سبقتهم أن الشرطة تمكنت من إلقاء القبض على عصابة من اللصوص،خشية وصول الخبر الى الحزب وخوفا من حدوث هجوم على الأمن لإنقاذ حياة الرفيق،وعند دخوله المدينة هتف الرفيق أبو قيود بصوته الجهوري وهو بين أيديهم(يا أهالي المدحتية أنا كاظم الجاسم أبو قيود وليس لصا كما يقولون أخبروا الحزب أن الأمن قد ألقى القبض عليّ )وعندما سمع الأوباش ندائه كمموا فمه لمنعه من الكلام، وبعد ساعة أو أكثر وصل الخبر الى محلية بابل التي كان يقودها في تلك الفترة الرفيق جليل حسون عاصي (أبو نغم) فاتخذت المحلية قرارا باختطاف الرفيق أبو قيود أثناء نقله من المدحتية الى الحلة،على أن تشكل مفرزة من الرفاق المتمرسين بالكفاح المسلح لتقطع الطريق على سيارات الشرطة على الجسر الحديدي الضيق الذي يمر عليه القطار ولا يتسع لمرور أكثر من سيارة،وشكلت لجنة من ثلاثة رفاق تتولى نقل الرفيق الى منطقة آمنة،وكان الرفيق أبو عادل أحدهم وقد كلف بقيادة السيارة التي يهرب بها الرفيق،وتم رسم خطة محكمة ووزعت الواجبات والأماكن حسب الأصول،ولكن مديرية أمن بابل اتخذت خطة مضادة إذ أشاعت أن الرفيق أبو قيود قد جرى نقله مباشرة الى مديرية أمن بابل لأجراء التحقيق معه،مما جعلنا نتوقف عن العملية وبدأ الحزب بانتهاج الطرق الأخرى حيث اتصلت قيادة الحزب برئيس الجمهورية أحمد حسن البكر ونائبه المجرم صدام الذين وعدا القيادة بتحري الأمر وإطلاق سراحه،لعدم علمهم أين هو في الوقت الحاضر،وقد تبين أن هذه مجرد إشاعة للتغطية خوفا من حدوث مضاعفات من قبل الحزب،وقد نقل بعد أيام للحلة ومنها الى بغداد،وقد بذلت قيادة الحزب جهود مكثفة على أعلا المستويات لإنقاذه وإنقاذ آخرين كالشهيد عزيز حميد وجود عطيه ومحمد حسون ،وقد وعد البكر وصدام العمل على إطلاق سراحه ولكن دون جدوى،وقد تواردت معلومات شبه مؤكدة عن شهود عيان أعطوا أوصافه بأنه قتل بنفس المكان الذي قتل فيه الشهيد محمد الخضري،فيما قيل أنه أستشهد أثناء التعذيب في قصر النهاية لعدم أدلائه بمعلومات كان البعث يحاول الوصول اليها وخصوصا التنظيمات العسكرية التي كانت تشكل هاجسا لحكومة البعث،فيما قيل أنه أذيب في أحواض التيزاب ولم تسلم جثته لعائلته وظل أمره مجهولا حتى اليوم،ويقال انه عندما ادخل على مدير أمن الحلة قال له(أنا لست لصا أنا وطنيا قبل أن أكون شيوعيا،وعندما صرت شيوعيا شعرت بمسئولية أكبر اتجاه وطني)وهي مقولة الخالد فهد،وقد أعجب مدير الأمن بشجاعته وعامله بما يستحق من الاحترام،ومما يذكر أنه عندما كان معتقلا في المديرية جاءه شخص يحقق معه يدعى أديب جواد وكان رئيس نقابة الزراعيين عام 1970 وقال له (لماذا لا تعترف)فرد عليه أبو قيود بمبدئيته الشيوعية التي أكسبته أعجاب الأعداء قبل الأصدقاء"هذه أمور سياسية أكبر منك،لا يمكن لأمثالك أن يفهمها ،ولا تخصك بوجه من الوجوه". وبعد سقوط النظام البائد وانتهاء الحكم البعثي الصدامي،تم العثور على وثيقة عن إعدامه،وهي قرار لما يسمى بمجلس قيادة الثورة يحمل الرقم 919 صادر في 30 تشرين الأول 1973 يتضمن أسماء كوكبة من شهداء الحزب الشيوعي ،وهو قرار يحمل في طياته الكثير من الإشارات عن الممارسات اللانسانية لعصابات البعث ،حيث تتضمن القائمة أسماء(56) شهيد قتلوا في ظروف غامضة ولم يعرف مصيرهم فأقدمت القيادة البعثية على إصدار قرارها هذا لإنهاء متعلقاتهم،ولأهمية هذه الوثيقة رأينا نشرها كاملة. قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 919 في 30/10/1973 استنادا للمادة الثالثة والأربعين من الدستور المؤقت،وبالنظر لفقدان بعض المواطنين في ظروف غامضة وفي أزمنة مختلفة،ولمضي مدة غير قصيرة على فقدهم،ورغبة في تسهيل أمور ذويهم وتمشية معاملاتهم التقاعدية والأرثية وسائر المعاملات الأخرى الخاصة بهم التي تتطلب أبراز شهادة الوفاة من الدوائر الصحية المختصة،ولتعذر الحصول على هذه الشهادة في مثل الحالات المذكورة،قرر مجلس قيادة الثورة في جلسته المنعقدة في 30/10/1973 ما يلي: أولا:إعفاء الورثة الشرعيين للأشخاص المبينة أسمائهم أدناه من مستحقي الحقوق التقاعدية عن عيالهم من أبراز شهادة الوفاة الخاصة،ويعتبر تاريخ الوفاة المثبت في القسام الشرعي لمل واحد من هؤلاء التاريخ المعول عليه لتحديد سنة الوفاة، بالنسبة لكافة الأغراض التي تستلزم هذا التاريخ: عبد الأمير سعيد،عزيز حميد،خيري جاهل العكيلي،حسين علي عرار،محمد كريم،ماجد محمد حسن الخالدي،سامي محمد علي الجصاني،عبد الرحمن حسين،عبد الأمير رشاد،ماهر عليوي سعدون،رافع نافع الكبيسي،حبيب حسن ظاهر،علي صادق قادر،عباس عبود،محمد علي عبود،صنكور مطرود،علي حسن البرزنجي،فرنسيس بدر،صبر حسن العكيلي،عادل طه سليمان،هاشم شمس الآلوسي،نوري كمال العاني،مصطفى باقر،عماد حميد ناصر،موسى خاصر بطي،خالد محمود الأمين،المحامي فتح الله عزت،كاظم محمد عمار،محمد بكر القصاب،عبد الخالق البياتي،جواد عطية،محمد حسون الدجيلي،عبد اللله فائق خسرو،عبد الله صالح،أنور عثمان،متي هندو،ورده داوود،فائق الياس،طارق علي،محسن خطوط،عبد الله عليوي،محمد جودي،مجيد مناظير،لطيف محمد مراد،كاظم جاسم، عزيز فعل ضمد،صالح أحمد العبيدي،عادل مراد خطاط،جبار محمد علي الربيعي،أحمد محمد الحلاق،صالح رضا العسكري،كريم جبار،المهندس عادل كريم التميمي،جواد ثجيل محمد،محسن ناجي البصبوص،كشاش صكور،رهيف خزعل،علي عنيد. ثانيا:لا يعمل بكافة النصوص القانونية التي تتعارض وأحكام هذا القرار. ثالثا:يتولى الوزراء تنفيذ هذا القرار أحمد حسن البكر رئيس مجلس قيادة الثورة وقد تداول خبر إلقاء القبض عليه العديد من الإذاعات العربية والأجنبية،وصدر بيان عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مطالبا بإطلاق سراحه وتحميل الحكومة العفلقية مسئولية سلامته،وأذيع البيان من إذاعة صوت الشعب العراقي ووزع على نطاق واسع،وقد أصدرت بعض المنظمات الدولية مناشدات حارة للحكومة العراقية مطالبة بإطلاق سراحه،إلا أن الحكومة البعثية أصمت آذانها عن سماع هذه الدعوات ونفذت جريمتها الغادرة بإعدامه ،وكان استشهاده خسارة كبيرة للشعب والوطن والحزب الذي كان الفقيد من كوادره المؤثرة ،وأعضاءه المغاوير.
#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كاظم الجاسم مختار الحزب في الفرات الأوسط/10
-
حي ميت هندال أنريده
-
أين هي الطبقة العاملة في العراق
-
عبد الأئمة عبد الهادي(أبو نصار) رياضيا ومناضلا
-
عبد زيد نصار الماضي والحاضر
-
أخلاق الشيوعيين العراقيين
-
لا بل سألت الدار بعد تهوم
-
كاظم الجاسم مختار الحزب في الفرات الأوسط(4)
-
كاظم الجاسم مختار الحزب في الفرات الأوسط(5)
-
كاظم الجاسم مختار الحزب في الفرات الأوسط(3)
-
هذا الشبل من ذاك الأسد..( الشهيد قيود كاظم الجاسم)
-
الأفعى ذات الأفعى وأن بدلت جلدها
-
دور منظمة الحلة في عملية الهروب
-
طابوگه وأسمها عليها
-
( وحش الطاوة)
-
من الذاكرة
-
القص العراقي بعيدا عن سماواته
-
((كلمن يحوز النار لگرصته))
-
الشاعر زاهد محمد زهدي قامة شامخة في تاريخ العراق الحديث
-
مواجهة بين ألجواهري وسهيل إدريس
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|