|
ذَاتٌ مُغْتَرِبَةٌ
علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 10:56
المحور:
الادب والفن
مِنْ بَيْنِ غُيُومٍ دَاكِنَةٍ وَمَراثِيَ قُبُورٍ مُعَلَّقَةٍ فِي وَجْهِ الشَّمْسِ الآفِلَةِ عَلَى شَاطِئِ الأَحْلامِ ، تَسْتَيْقِظُ ذِكْرَيَاتٌ تَنَاهَتْ فِي عُمْقِ الْوجُودِ .. لِتُوقِد جَذْوَةَ حُبٍّ تَحْتَضِرُ فِي كَفَنِ الْغُرُوبِ ..!! هَذِه أَمْوَاجُ الْمَدِّ والْجَزْرِ تَعْلُو مِنْ جَدِيْدٍ ، تُجَرِّدُ أَقْلاماً تُقَاتِلُ بالْكَلِمَةِ وَتَحْيَا بِزَمْهَريْرِ الصَّمْتِ وَلَوْنَهِ الْخَضِيْبِ .. يا وَجْهاً يَأْتِي عَلَى صَفَحَاتِ مَوْجٍ ، يَأْخُذُ جَسَدِي فِي سَفَرٍ عَقِيْمٍ ، بَيْنَ نُعَاسِ رُوْحٍ لَمْ تَمُتْ وَدَيْمُوْمَةٍ تَمْتَصُّنِي تَصْهَرُنِي فَرَحاً طُفُوْلِيّاً عَلَىَ صَوارِي الرِّيْحِ .. وَتُبْقِي مَجَاعَتِي شِرَاعاً مُمْتَدّاً بَيْنَ زَهَرَاتِ اللوتُس الْمُدَمَّاةِ وَظِلّي الْمُنْتَحِلِ لَوْنَ عَيْنَيْكِ وقُدُومِ زَمَنٍ فَارِغٍ فِي عُمْرِيَ الْمَدِيْدِ .. فَكَيْفَ أَشْتَهِي مَاءَ زَمْزَمٍ ، وَمَدَائِنِي تُهَاجِرُ مُضَرَّجَةً بِأَكْفَانِ الْبُعْدِ الآخَر وَسَوالِفِ عَصْرٍ سَحِيْقٍ وَأُفُقٍ يُعَانِقُ الزَّنْبَقَ فِي الْوَرِيْدِ ..يَا وَجْهاً يَشْرَبُ دَمْعِي وَيَسْكُنُ ذُهُولِي وَيَهْفُو لِتَقْبِيْلِ ورُودي فِي الْخَرِيْفِ ..والشِّتَاءُ لا يُبَشِّرُ بِرَبِيْعٍ يَرْوي الْخَمَائِلَ وَيُعِيْدُ لِلفَرَاشَاتِ رَوْعَةَ التَّحْلِيْقِ ..!! قَدْ يُرْغِي الْبَحْرُ وَيُزْبِدُ ..فَهَذَا الْمَدَى الْمُمْتَدُّ بَيْنَ ذَاتِي الْمُسَافِرةِ وَالسَّمَاءِ ،يَسْتَصْرِخُ الصَّمْتَ مِنْ بَيْنِ حُرُوفِي وَيَسْتَنْجِدُ أَنَاشِيْدَ الْغَضَبِ وَيَدْعُوْنِي أَنْ أُكَسِّر الأَحْزَانَ ، أَنْ أَتَقَيّأ ظِلّي الْوَارِف فَوْقَ السَّحَابِ .. يَا وَجْهَاً يُشْرِقُ مِنْ بَيْنَ الرَّمَادِ ... حِيْنَ أَعْلَنْتُ أَنِّي سَأَكْتُب دَمِي رِسَالَةَ عِشْقٍ لأَمِيْرَتِي الْتِي تَصْحُو فِي فَجْرٍ آفِلٍ حَزِيْنٍ ..وأنِّي سَأَحْمِل جُرْحِي وَقَدَرِي وَكَلِمَاتِي الْبَلِيْدَةِ الْمَوْلُودَةِ مِنْ رَحْمِ ذَلِكَ الصُّبْحِ الْعَنِيْد .. كُنْتُ مُغَادِرَاً فِي قَوافِلَ الأَسْيَادِ والْعَبِيْد .. أَيُّها الصَّمْتُ لا تَخْدَعَنِي بِابتِسَامَتِكَ الزَّائِفةِ .. فَمَا أَنَا إلاّ حَالِمٌ وَمُحْتَضِرٌ عَلَىَ أَبْوَابِ الْمَوْتِ مَا زَالَ يَحْلُمُ وَيَهْذِي .. أَحْمِلُ فِي الْفُؤادِ أَرْزَاءَ حُبٍّ يَنُوءُ بِهِ الْقَدَر ..وَشَوْقَاً يَخْرُجُ مِنْ تُخُوْمِ الْمَوْتِ مُوَرَّداً مِنْ دَمٍ يَجْرِي يَنَابِيْعَ عِشْقٍ وَمَسَافَاتٍ تُخْتَزَلُ فِي طَرِيْقِ يَطُولُ وَيَطُول .. فَحَوافِرُ خَيْلِي أَنْهَكَهَا الانْتِظَارُ فِي الأَزْمِنَةِ الْمُهَاجِرَةِ وَفُصُولِ الْبَعْثِ الْجَدِيْد .. مِنْ عُيُوْنٍ مُتَدَفِّقَةٍ رُسِمَتْ لَوْحَةَ إشْرَاقٍ بَلَوْنِ شَفَقٍ يَدْمِي وَعِشْقٍ مُنْتَشِرٍ فِي الأَضَاحِي مَغْرُوسٍ بِدَمِ إِنْسَانِيّةٍ عَلَىَ حَافَةِ السِّقُوْطِ وَغُرْبَةِ رُوْحٍ فِي دُنْيَا الْحَجَرِ عَالَم الأَصْنَامِ والرّقِيْق ، وَسُفُنٍ تُبْحِرُ تَائِهَةً فِي عَرْضِ الْمُحِيْطِ تَبْحَثُ عَنْ أُسْطُورَةٍ لِلُغْزٍ وَلِيْد..!! اسْتَيْقِظُ مِنْ حُلُمِي لأَمُوتَ مِنْ كَأْسِ خَمْرٍ مُعَتَّقٍ وَأَغَارِيْد الْعَصَافِيْر الْيِتِيْمَةِ الْمُرْتَعِشَةِ مِنْ ثُلُوجٍ وَشِتَاءٍ لا يُنْبِتُ غَيْرَ أَعْشَابٍ تُسَامِرُ الْقَمَرَ .. وَوَابِلَ مِنْ ضَجَرٍ وَمَهْدٍ مِنْ نَارٍ وَحَدِيْد !! الْمَاضِي بَيْنَنَا نَبْحَثُ عَنْهُ فِي لَيْلٍ رَهِيْب ... نُحَاورُ الْمَدَى وَيَهْمِسُ لَنَا الصَّدَى .... هَلْ هِي نَسَمَاتُ الشَّمَالِ أَمْ رِياحُ الصَّبَا ... نَحِنُّ إِلَى الآتِي .. وَهَلْ خَرِيْفُ الْعُمْرِ يُعِيْدُ الصِّبَا ...حُلُمٌ جَمِيْلٌ تَرَاءَى .. هَلْ هُوَ أَضْغَاثُ أَوْهَامٍ .. أَمْ رَبِيْعٌ آخَرُ ..أَزْهَرَ فِي رُبُوعِ الْوَفَاء ؟! إِلى أَنْ يَحِيْنَ زَمَنٌ آخَر أَجِيءُ إِلَيْكِِ مُتَوَحِّداً كَالْعِشْقِ الأَخْضَرِ فِي ثَوْبِ رَاهِبٍ قَدْ تَمَرَّدَ فِي مَعَابِدَ النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وارْتَدَتْ أَشْلاؤهُ طُقُوسَ تَعَبُّدٍ لِلمَوْجِ الْقَادِمِ مِنْ رَحْمِ فَجْرٍ لا يُوْلَدُ فِيْهِ غَيْرَ زُهْدٍ وَعُمْقٍ وَكَائِنَاتٍ تَتَبَوْأُ الْمَدَى وَمَسَاحَاتِ صَمْتٍ وَتَرْسُمُ لِلفَجِيْعَةِ لَوْحَاتٍ أُخْرَى وَمَشَاهِدَ غّبْرَاءَ لِلقَصِيْدَةِ ... لِنَمْضِ قُدُماً نَبْحَثُ عَنْ فَرَحٍ آخَرَ ... عَنْ نُوْرٍ يَأْتِي بَعْدَ أُفُوْلِ الدُّجَى ..
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سَكَراتُ الْمُوْت
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|