أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر الناشف - الزمن الرديء(2) غياب الرأي الآخر















المزيد.....

الزمن الرديء(2) غياب الرأي الآخر


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 2271 - 2008 / 5 / 4 - 09:30
المحور: الادب والفن
    


المشهد الثاني
( الجريدة)
(يدخل مالك إلى غرفة رئيس التحرير)
مالك : السلام عليكم .
عمران (يومئ برأسه متثائباً): وعليكم السلام , أظنك السيد مالك الذي حدثتني قبلاً بشأن العمل لدينا .
مالك : نعم , وها قد أتيت ملبياً دعوتكم الكريمة.
عمران : تفضل بالجلوس .
مالك : (يجلس) شكراً لك .
عمران (يشعل سيجاراً): ما هي أهم المواضيع التي تحاول التركيز عليها في رسوماتك.
مالك : عموماً أركز على الموضوعات السياسية وقليلاً على الاجتماعية , أما الاقتصادية , نظراً لمحدودية انتشارها , أحاول دمجها بالسياسة لشدة الترابط العضوي القائم بين السياسة والاقتصاد.
عمران (ينفث دخاناً بوجه مالك ): ما قلته أوافقك عليه , رغم أنك في بلد اقتصادي , والاقتصاد عندنا العصب الرئيس الذي يقوم عليه كيان الدولة , ولولاه , لما أتيت لهنا تطلب عملاً ودخلاً أفضل , أم تراني مخطئاً .
مالك (مبتسماً): بكل الأحوال يعز عليّ , أنا العربي بالحضور إلى بلد عربي شقيق هو بلدكم , بعيداً عن جميع الاعتبارات الأخرى من مالية واقتصادية وما إلى ذلك , ما يهمني أن لا تموت عقيدتنا التي نحملها في ذاتنا , وإلا فقدنا مبررات وجودنا .
عمران (ساخراً): أراك تتحدث بلغة الخمسينات و الستينات البعيدة كل البعد عن واقعنا .
مالك (يقف غاضباً): لا خمسينات ولا ستينات , لكنه واقع حي غير وهمي لا يمكننا الهروب منه مهما حاولنا فهو مغروس فينا منذ أمد بعيد , الأفعى الرقطاء تبدل جلدها باستمرار لتتكيف مع بيئتها الجديدة , وذلك عائد لأسباب فيزيولوجية , فهل تغيير جلدها يعني أنها رغم مكرها ودهائها انسلخت عن واقعها ؟.
عمران (بخمول وتلعثم): أي واقع تعني ؟ حتى الآن لم أفهم شيئاً مما قلت .
مالك (بحدة): واقعنا العربي , ألم تقل قبل قليل بأني أتحدث بلغة الستينات , ففي الستينات راجت فكرة العروبة في الأوساط الشعبية وبشكل لا يصدق ..
عمران (مقاطعاً ): وهل لا زلت تؤمن بكفر عفواً بفكر العروبة وتعبر عنه في رسوماتك؟.
مالك (يجلس منزعجاً) : العروبة بالنسبة لي أكبر من أن تعني هوية أضعها في جيبي , أو شعار أتغنى به كما يرفعه القوميون أصحاب النظرية القومية , وهي أوسع من مفهوم البداوة وعاداتها الطيبة , إنها حالة قديمة تسبق جميع الحالات الجديدة الطارئة من قومية مستهلكة أو بداوة متحضرة , هي الجذر الضارب في أعماق الأرض , أما الفروع التي نرى آثارها اليوم , لا تعنيني كثيراً مهما أساءت للجذر , لا تسيء سوى لنفسها , فهي زائلة أما الجذر فباقٍ .
عمران : دعنا من هذا الموضوع الذي تطول حلقاته ولا تنتهي , بناءً على ما فهمت , سأخصص لك مجالاً في صفحة الرأي , فهي بحاجة إلى كاريكاتير يومي , فبدون رسوم تغدو الصفحة جامدة .
( تدخل سلام )
سلام : أنعم صباحاً .
عمران (يستقيم في جلوسه): الصباح بدونك لا خير فيه , زميلنا الجديد مالك , فنان ورسام كاريكاتير سينضم إلى العمل معنا اعتباراً من اليوم .
سلام ( تجلس قبالة مالك) : أهلاً بك زميلاً عزيزاً علينا , وأرجو لك التوفيق في عملك .
عمران (يشير بيده لمالك): الآنسة سلام محررة وكاتبة ثقافية تميل إلى السياسة أحياناً عندما تكون مواضيعها ساخنة .
سلام : ومنذ متى كانت السياسة في عالمنا العربي باردة , مقياسها الحراري دائماً بارتفاع حد الانفجار .
مالك (يومئ برأسه مبتسماً): نعم , نعم , السياسة عندنا أشبه بالبركان الثائر , فإما أن يخمد فجأة أو يلقي بحممه الثقيلة تجاهنا .
( يدخل سونيلا )
تاتا : أستاذ عمران , أخبرني السيد ناجي أنه ينتظر زيارتك له بفارغ الصبر في مركز دراساته الجديد .
عمران (ينهض من وراء طاولته متثاقلاً): آه , نعم لقد فاتني ذلك , عن إذنكما , على أي حال تستطيع الاتكال على زميلتك سلام , واستشارتها بكل ما يتعلق بالجريدة وبعملك , إلى اللقاء (يخرج)
سلام : انتظر قليلاً يا سونيلا (تشير لمالك) ماذا يحتسي الأستاذ مالك ؟.
مالك : أرغب باحتساء القهوة .
سلام : إذاً , أحضر لنا كوبين من القهوة الساخنة.
سونيلا : سأحضرها حالاً . ( يخرج)
سلام : كم صار لك في دبي ؟.
مالك : منذ ثلاثة أيام .
سلام : وهل تقيم هنا ؟.
مالك : لا , بل أقيم في الشارقة مع مجموعة من الأصدقاء العرب تعرفت
إليهم من خلال أحد أصدقائي .
سلام : أي نوع من الكاريكاتير ترسم ؟.
مالك : غالباً في مجال السياسة .
سلام : هل سبق لك أن عملت في جريدة أخرى ؟.
مالك ( عابساً): أنتم أول جريدة أتعاقد معها رسمياً , في السابق أقمت عدداً من المعارض في أكثر من بلد عربي , وجميع المواضيع التي طرحتها كانت سياسية بامتياز ولشدة الواقع الذي عكسته , منعت من دخول بعض البلاد العربية , لذا , أرجو أن ينتظم عملي معكم.
سلام : هذا يعني أنك تتعمد تشويه صورة الحكام , بدلاً من أن تشوه صورة
خصومهم .
مالك (بحدة) : ومَن هم الخصوم؟ قد نكون نحن خصومهم , أراهن أنهم يعتبروننا أشد خصومهم , أتريدين مني تشويه صورتي وصورتك إرضاء لهم ؟ إن فعلنا هذا نكون كمن ينقد نفسه ولا يجرؤ على نقد الخطأ وهو يراه كما يرى الشمس بعينه, أعلمي بأني لا أتخذ من الفن وسيلة للتشويه والتجريح , للآن لم أشوه صورة أي حاكم ولن أفعل , لكني أنقد وأحرك مياههم الراكدة فينا , قدر ما استطعت .
سلام : كلامك بدأ ينفض الغبار المتراكم حول رأسي ويثير الزوابع في نفسي , كيف نكون خصومهم ونحن نعيش في كنفهم ونتفيأ تحت ظلالهم , أين ذهب خصومهم الذين يجيشون الجيوش لردعهم , إذا كنا الخصوم , فهذا يعني أننا الذئاب وهم الحملان .
مالك (مطأطئاً رأسه بأسى): عندما يدخلون التاريخ من ذات البوابة التي خرجوا منها , عندها سيكون لهم خصوم أشداء غيرنا , يبدو أن الخروج من التاريخ في هذا العصر الصعب أفضل من الدخول إليه , لذلك تجدينهم كأهل الكهف يغطون في نوم عميق هانئ ويحيطون غرف نومهم بحرس قديم لا ينام , خشية أن نقرع بابهم , ونقول لهم .. هيا عودوا بنا إلى التاريخ الذي ورثتموه عن أجدادكم ولم تحافظوا عليه.
( يدخل سونيلا حاملا القهوة )
سونيلا: تفضلا القهوة .
سلام : شكراُ ياسونيلا. ( يخرج )
سلام : لقد أثرت فضولي بمعارضك التي على ما يبدو أنها شديدة النقد والتحريض , حبذا لو تحضر لي بعض رسوماتك التي عرضتها سابقاً .
مالك : لك ما أردت, في المرة القادمة سأجلب ما هو موجود لدي , وتأكدي أنك ستعتادين على رؤية رسومات أخرى , أشد نقداً وتحريضاً سأنشرها في هذه الجريدة.
سلام : ولهذا تتمنى الانتظام في عملك معنا , أنا مع حرية الرأي والتعبير في أي مجال ونحو أي موضوع , لكن ضمن سقف محدد لا يشكل تجاوزه انتهاكاً لخصوصيات الآخرين .
مالك ( مشيراً بيده): حريتك تبنيها على المبدأ القائل .. تنتهي حريتنا عندما تبدأ حرية الغير .
سلام ( تومئ برأسها موافقة): نعم , هكذا يجب أن تكون تصوراتنا حول مفهوم الحرية .
مالك : بكل الأحوال , مفهوم الحرية لا يتحدد بمبدأ أو مبدأين , لأنه فضفاض , فأي اتجاه يمكن لك أن تذهبي إلى نهايته , بالقول إنها حريتك , بينما يخالفك آخر بالقول إن الاتجاه القويم هو الاتجاه الذي يسلكه , والنتيجة الدخول في دوامة من الجدل الطويل اللامتناهي .
سلام : هذا يعني أن الحرية في اعتقادك مطلقة وليست نسبية , طالما اعتبرتها فضفاضة؟.
مالك ( معلقاً بهدوء) : مَن يقول بأن الحرية مطلقة يعني أن الكون مفتوح على بعضه بدون قيود أو حدود , يستطيع الحصول على ما يريد و استباحة ما يشاء , وقطعاً الضعيف لا تتاح له رؤية العالم مفتوحاً , بينما القوي يسوده اعتقاد مسبق بأن قوته المطلقة تدعمها حرية مطلقة تشحذها وتدفع بها للسيطرة على ما تريد , ويبدو لها الكون صغيراً،علماً أنها أحد أجزاءه , أما الحرية النسبية فبعكس المطلقة تماماً.
سلام : أحياناً الضعيف يطالب بالحرية المطلقة من موقع أنه لا يوجد ما يخسره , وليس كل الأقوياء شرهين في امتلاك كل شيء .
مالك (يلتفت يميناً وشمالاً ويتأفف): ما قلته حول مفهوم الحرية , تعمدت قوله من وجهة نظر سياسية بحتة , تنظر إلى العالم وكأنه ملعب يتبارى فيه الأقوياء على ملعب الضعفاء , كما قلتُ لكِ وأصر على ما قلت وأتحمل مسؤوليته ... مفهوم الحرية مفهوم فضفاض .
سلام : أشرب قهوتك , لقد بردت .
مالك (مبتسماً): عندما تبرد القهوة مذاقها ألذ .
سلام : كما تشاء .
مالك : بعد قليل سأباشر عملي في صفحة الرأي , فهلا اصطحبتني إليها ؟.
سلام : بكل سرور , وأنا ذاهبة أيضاً لأن بحوزتي مقالاً , وسأسلمه
للأستاذ جمال .
مالك : فلنذهب إذاً .
سلام : هيا تفضل . ( يخرجان)



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفاق باسم القدس
- مناعة لبنان في تدوليه
- متى تعترف حماس بفلسطين؟
- متى تعترف حماس بفلسطين ؟
- ضياع المعارضة السورية بين الحقيقة والحرية
- الزمن الرديء (1) قلوب شتتها الحروب
- استباق سوري لآتٍ أعظم
- يداً بيد مع إسرائيل
- حوار العميان في لبنان
- لماذا الخوف من المحكمة ؟
- الاستقتال على الحقيقة
- لغز المناورات الإسرائيلية
- معارضة (علوية) مزيفة
- معارضة علوية مزورة
- تجار الحرية في سورية
- تعالوا لنرحل إلى إسرائيل !!
- هاتف صدام بلا ثمن
- أحاجي إيرانية - إسرائيلية بدون حل
- أين وصلت القومية العربية ؟
- براءة إسرائيل من دم العرب


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر الناشف - الزمن الرديء(2) غياب الرأي الآخر