سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 11:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
امرؤٌ ينْظِمُ الكَـلِمَ ، شــاعرٌ اصطلاحاً ، آنَ غيابِ المصطلَح ، أو امرؤٌ يكتب ، آنَ الكتابةُ عائمةٌ غائمةٌ ...
هذا الشخص ، غيرُ الـمُسَـمّى ، والذي سيظل غيرَ مسَمّى بالرغم من كل شــيء ، قال لي في أحد الأيام شاكياً باكياً :
الناس لا يقرأونني . طبعتُ ديواني الأخير ، لكنه مكدّسٌ ، وقد أخبرني الناشــرُ أن الناس في المعارضِ يُعْرِضون عنه فيُضطَرّ ، أي الناشــر ، إلى دفع أجور الشحن ثانيةً ، ليعود بكتابي إلى المستودَعِ . أخيراً قال لي الناشرُ إنه لن يشحن كتابي إلى الـمَعارضِ ...
ماذا أفعلُ ؟
إنها حال الثقافة العربية !
لم تَعُدْ في هذه الأمّة ثقافةٌ .
*
أقول للرجلِ الآنَ ، لا وقتَ الحديث الأوّل :
لِمَ أنتَ مستغرِبٌ ممّا جرى لكتابك ؟
الناسُ على حقٍّ .
ألم تعرفْ ، حتى اليوم ، ما جرى لك أنتَ ؟
*
قبل خمسة عشر عاماً ، حين كان المستعمِرون يحومون حول وطنك ، بُغْيةَ إعادةِ استعماره ، اشتغلتَ معهم في صحافتهم ...
وحين وضعوك على قائمة الرواتب ، شعرتَ بسعادةٍ قُصوى .
وإذ أسّســوا إذاعتَهم ومحطة تلفزتِهم الموجّهتينِ إلى بلادك تمهيداً لاحتلالها ، كنتَ هناك ، تُدَرَّبُ على الخيانة .
مع طائراتِ المحتلّين الأولى دخلتَ .
وبين الأصواتِ القذرةِ الأولى كان صوتك .
وأنت ، حتى اليوم ، بعد الجرائم كلها ، والقتل كله ، لا تزال مع الاحتلال ...
ركلوك من العمل ، إلاّ أنك لا تزال تتبعهم ، كما يتبعُ المضبوعُ الضَّبُعَ :
لا تتركْني يا أبي ...
والضّبُعُ ماضٍ في سبيله ، يتبوّلُ على المضبوع ...
والمضبوعُ يتوسّل :
لاتتركْني يا أبي !
*
أيُّ وحشٍ معكوسٍ أنت ؟
*
ثم تأتيني لتلوم الناسَ .
تلومهم لأنهم رفضوك ، رفضوا أن يقرأوك ...
تقول إن ثقافةَ أُمّةٍ ، أمستْ غلطاً !
يا لَبؤسِكَ !
*
وأقول للقارئ :
لم أفْتَئِتْ على أحدٍ . لم أختلِقْ شخصاً أو شخصيةً . لكنني أحتفظُ بالاسم تَعَفُّـفـاً .
ومن يدري ؟
لعلّكَ ، يا قارئي العزيز ، تُفصِحُ أنت عن اسمٍ أو أســماء !
لندن 27 .04 .2008
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟