أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصباح الغفري - الظلمُ مرتعُه و بيلُ














المزيد.....


الظلمُ مرتعُه و بيلُ


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 701 - 2004 / 1 / 2 - 07:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


   والظلمُ من طَبْعِ الجبانِ        فكلّ طاغيَةٍ جبانُ
  بدوي الجبل
 " أيها السجناء في كل مكان، ابعثوا لي بكل ما عندكم  من رعب وعويل  وضجر إنني أعِــدّ ملفاً ضخماً عن العذاب البشري  لأرفعه إلى الله، فور توقيعه بشفاه الجائعين وأنات المحرومين  لكن جلّ ما أخشاه أن يكون الله أمياً !"
  (محمد الماغوط )

قبل أكثر من ربع قرن، كتبَ محمد الماغوط قصيدته التي اقتطفت منها في بداية هذا المقال، وكان الظلم العربي في بداياته الخجولة المتواضعة،  لم يكن قد تحوّل إلى مؤسسة حقوقية معترف بها في أكاديميات المخابرات أو في المدارس الفكرية لتجار المخدرات. كان الظلم في تلك الأيام يثير الاستنكار لدى الناس، كان من العسير على مخلوق يعمل في أجهزة القمع أن يجد فتاة تقبل به زوجاً ، أو أن يجد أباً يرضى لابنته هذا المصير المؤلم .

وصرنا إلى زمن تحوّل فيه الجلاد إلى فارس أحلام، صار الأب يفتخر أن صهره مسؤول في أحطّ وأحقر المؤسسات التي أنتجها الفكر البشري ، ألا وهي أجهـــزة الأمن والمخابرات !  ولا عجَب ، فهذا عصر الدفع عدّاً ونقداً، عصر لا تقبل فيه الشيكات ولو كانت مصدّقة، ذلك أن عناصر وضباط أجهزة القمع العربي لم يعودوا موظفين براتب لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بل أصبحوا شركاء للتجار والمستوردين وجميع أصناف اللصوص، الحاكم أطلق أيديهم في السلب والنهب ، ليطلقوا يديه في الإستبداد حياً وميتاً ، هو لا يسألهم عن الثروات الأسطورية التي جمعوها من الفساد ، وهم لا يجرؤون على سؤاله عن أي شيء !
 أليسَ صحيحاً أن هناك موتى يجب قتلُهُم ؟
سيكتب التاريخ أن النصف الثاني من القرن العشرين كان العصر الذهبي للمافيا العربية التي تسلقت كراسي الحكم فأهلكت الحرث والنسل وجعلت من الناس خولاً ومن أموال الشعب دولًا، هزئت هذه المافيا بجميع القيم، أذلّت الجميع، وجعلت الخيار واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار : إمّا... وإمّا...

لم يعرف تاريخ النوع الإنساني منذ خروج الإنسان من الغابة قمعاً وإرهاباً كالذي عرفه في العقود الأخيرة من السنين في هذا الشريط الممتد بين الرباط وجبال كردستان، الجنرال فرانكو يعتبر تلميذاً مبتدئاً غبياً إذا قيس بأي جنرال عربي استولى على السلطة، تشاوشيسكو يعتبر من أئمة الديموقراطية والعدالة والنزاهة إذا قورن بأي حاكم عربي ، سواء كان من أهل اليمين أو من أهل اليسار، لذلك يحق لهذه الأمة أن تفتخر بهذا السبق على جميع الدكتاتوريين في العالم .

مئات الألوف من السجناء السياسيين قضوا ويقضون عشرات السنين في سجون الدول العربية دون محاكمة، ومئات الألوف من الذين اختاروا المنفى هرباً من سياط القمع والإذلال، والملايين من الناس على الأرض العربية تعيش كالأنعام، لا تعرف لون السماء لفرط ما انحنت منها الرقاب .  أطفال ولدوا في السجون وبقوا فيها مع أمهاتهم، وأطفال أصبحوا رجالاً قبل أن تتاح لهم فرصة رؤية آبائهم، فهذه بلاد المفقودين والمخطوفين والسبايا .

الديكتاتور العربي ، مهما كان الاسم الذي يطلقه على نفسه أو يطلقه عليه الناس، ديكتاتور متخلف أمي لا يقرأ، ولو قرأ هذا الديكتاتور التاريخ لتغير الأمر، فالظلم مرتعه وبيل، والسكرة بخمرة السلطة تعقبها ورطة، وعندما ينفجر غضب الشعوب فانه سيكنس جميع الطغاة فلا  يُبقي منهم ولا يذر، عندما يأتي اليوم، وهو آت لا ريب فيه، لن يجد أصحاب القصور قبراً على هذه الأرض، سيحاسبون عن كل ما جنته أيديهم، يومها لا ينفع مال ولا بنون، لن تحميهم يومها السيارات المصفحة ضد الرصاص ولا جيوش واشنطن، يومها سيكون الأمر كما قال الجواهري في قصيدته التي رثى فيها أخيه جعفر :
          سـيُحا سَبون فلا وراءٌ يحتوي              ذنباً ، ولا شُرَطٌ تحوم أمامُ              
سينكـس المتجبرّون رؤوسَـهم       حتى كأن رؤوسَــــهم أقدام

في مطلع العام الجديد يلتقى الديكتاتور العربي مع أولاده، يُحيي سهرة رأس السنة الجديدة مع زوجته وأصهاره، فهل يتذكر هذا الديكتاتور الأطفال الذين لم يروا آباءهم منذ زمن طويل ؟ وهل يُفكّر أن راس السنة القادمة قد لا يكون كرأس هذه السنة ؟

الطغاة العرب الذين يطمئنون إلى أجهزة مخابراتهم وشرطتهم وتنظيماتهم ينسون دروس التاريخ القريب، ينسون أن بضعة ملايين من الرومانيين كانت تحمي نظام نيقولاي تشاوشيسكو وأن هذه الملايين من السيكيوريتات وأعضاء الحزب ذابت كفص ملح عندما وقعت الواقعة، ينسون أن عدد أعضاء الحزب الشيوعي السوفياتي كان عشرين مليوناً . إنهم مصابون بفقدان الذاكرة ، فهم لا يتذكرون كيف أن جهاز السافاك لم يستطع حماية شاه إيران، وأن صدام حسين لم يجد مخبأ إلا في وَكرٍ  كَوكْر الضب ، لم يُدافع عنه حتى الحرس الجمهوري الذي كان يدخره للملمات .

ملف الطغاة من الحكام العرب وأعوانهم وأقاربهم سيفتح إن عاجلا ً وإن آجلاً، حساباتهم السرية والعلينة في مصارف سويسرا والولايات المتحدة ستوضع تحت تصرف الشعوب، الأموال القذرة التي جمعوها وغسلوها ستعاد إلى أصحاب الحق، لكننا نقول لهم بكل صدق : رفقا بأبنائكم وأحفادكم، فهؤلاء سيتجرعون من الكأس التي جرعتموها للآخرين، فلا تظنوا أن حصونكم ما نعتكم من الله أو من غضب الشعب، لأنكم ستؤتون من حيث لم تحتسبوا، فأنتم تخربون بيوتكم بأيديكم، فاتعظوا يا أولي الألباب.



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يتيمة الدهر في مثالب أهل العصر
- فـــك المــربــوط
- فضل الكلاب على كثير من الصحفيين والكتاب
- الخوف والتقيَّـــة في الديموقراطية العربيّــــة !
- تأبّـــطَ شَـــرّاً
- منتخــــب الكـــــــلام في تفســــير المنــــام
- حوار رزكار المتمدّن وأنظمة الإستبداد المتعفن !
- الحـــــــرباء في آراء ســـــــيادة اللـــــواء
- الدَّهــلَــزَة والكَهْرَزة!
- - العــورة - الوثقــى
- بيضــة العقــر وديموقراطية الثيب والبكــر!
- الأطيبان و الأخبثان و الأمـــران !
- وداعاً للسلاح …
- صناعة القرار في زمن التراجع والفرار
- تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !
- الوصــايا العشـــر
- الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح
- مرشــد الحيران في ذكـر ما جـرى في بطـــــانة الســــلطان
- حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصباح الغفري - الظلمُ مرتعُه و بيلُ