احمد الطالبي
الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 10:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعتقد الكثير من الناس ان السلطة هي كما نراها متجلية في رجالاتها و اجهزتها و اداراتها التي تسهر على تنظيم المجتمع و تطبيق القانون . غير ان هذه الاجهزة الظاهرة , ما وجدت الا لحماية الانساق الاخرى التي توجه السلوك البشري وهي انساق خفية لا تبدو للعيان , و فيها تكمن السلطة الفعلية الموجهة للسلوك و الضامنة للسيطرة و التحكم .
فما هي هذه الانساق ؟
ان المواطنين في سلوكهم اليومي يرجعون دائما الى نظم ثقافية و قيمية توجههم في عملهم و تصرفاتهم , و هذه النظم و القيم يتم استبطانها و بناؤها منذ الصغر في المؤسسات التربوية وكل اشكال الثقافة الاخرى التي تحظى بالرعاية و التشجيع من طرف الدولة و هي تشكل اللبنات الاساسية للمشروع المجتمعي الذي تعمل الطبقات المتحكمة في الدولة على بنائه و تطبيقه للحفاظ على مصالحها السياسية و الاقتصادية ، ولاتسمح للاطراف الاخرى ببلورة مشروع تقدمي نقيض , لذلك نجدها دائما تسن القوانين و التشريعات الزجرية لحماية تلك الانساق .
واذا كان لا بد من بناء مشروع نقيض فعلى الفاعلين استيعاب هذه الاشياء و يعملوا على التفكيك النقدي للبنى الثقافية و الرمزية التي تؤسس عليه الطبقات الرجعية السائدة مشروع سيطرتها , ومن هنا يغدو العمل الثقافي اولويا قبل الساسي دون اغفال اهمية هذا الاخير . و لا يمكن الحديث عن طفرة نوعية في المجتمع دون التأسيس لها في و عي المواطن , لان التغيير من فوق يعد مغامرة سياسية ولا يتوفر على ضمانات مجتمعية للاستمرار .
فما هي الاداة المعرفية التي يمكن توظيفها قبل غيرها في هذا المسلسل ؟
ان التجارب الانسانية اثبتت بما لايدع مجالا للشك ان الفلسفة هي المفتاح و الطريق الى التغيير فلا احد يستطيع ان ينكر الزوبعة التي اثرها ديكارت بمقولة الكوجيطو : انا اشك اذن انا افكر ؛ انا افكر ، اذن انا موجود . هذه المقولة التي قلبت ثوابت الفكر الغربي راسا على عقب .
فما احوجنا نحن ايضا الى هذا الشك النقدي لاعادة صياغة سؤالنا المعرفي ومساءلة ذواتنا و صياغة وجودنا وفق ما تقتضيه المرحلة .
#احمد_الطالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟