أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الناس والحمير بين راكبٍ ومركوب














المزيد.....

الناس والحمير بين راكبٍ ومركوب


بدرالدين حسن قربي

الحوار المتمدن-العدد: 2247 - 2008 / 4 / 10 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في جمهورية الخوف والرعب تنتشر مفاهيم ومصطلحات يراد لها أن تكون ماضية ومعتمدة رغم خطئها وبطلانها بل وضلالها على الغالب. فللناس والحمير الراكب منهم والمركوب يريدون لعربتهم أن تكون أمام الحمار، وللحمير أن تركب على الناس من أجل راحتها باعتبار أن الحمير أولاً، وللوطن والبلد أن تتبع مصلحة النظام الحاكم باعتبار أن النظام والحكومة أولاً.
خيار العقلاء والأشراف من الناس كما المواطنين المخلصين إذا جدّ الجدّ واحتدمت معركة الحق والحقيقة هو الوطن والأرض والعرض، لأنه الخيار الصحيح والشريف فالإنسان والوطن أولاً ولا شيء يعدلهما. أما الانحياز إلى لصوص الوطن وسرّاقه ومافياته فهو خيار من يعتقد أن النظام الحاكم وجوقته وشلته ومنتفعيه أولاً.
أبو إلياس مواطن شريف عمل فرّاشـاً ولفترةٍ طويلةٍ في مواضع شتى لعلها كانت في مجلس شعب أو مراكز قيادة محلية أو قطرية أو قومية أو غيرها من الوزارات وأجهزة النظام ومكاتب السلطة لست أدري. كل مانعرفه عن هالمواطن النظيف أنه تقاعد حاملاً خبرة أربعين عاماً من الجدّ والعمل، ثم سـجل بعدها مذكراته وهو بالكاد يفك الحرف من أخيه الحرف، فاختصرها بكلمات لطيفة وقالها ببراءة الرجل الكريم والمواطن الشريف على لسان المرحوم الزجّال اللبناني سلام الراسي:
محتاس بأمرو بوالياس، ليش الناس جناس جناس، في ناس بتركب ع جحاش ، وفي جحاش بتركب عالناس.
وبمناسبة الناس والحمير بين راكب ومركوب فقد حظرت سلطات مدينة بلاكبول الساحلية في إنجلترا منذ أيام على الأطفال البدناء ركوب الحمير والتجول بها على شواطئ المدينة التي تتميز بكثرة حميرها التي يقدر عددها بنحو 200 حمار. أما عن قانون الحمير الجديد بتحديد الحمولة فقد مُنع الأطفال الذين تتجاوز أوزانهم 50 كغ من امتطاء الحمير والتجول بها، كما حُدّد ألا تتجاوز ساعات عمل الحمار ستة أيام في الأسبوع في الفترة بين العاشرة صباحا والسابعة مساء متضمنةً أيضا ساعة راحة خلال اليوم لتناول وجبة الغداء ويوم عطلة أسبوعية علاوة على إجراء اختبارات صحية إلزامية قبل بدء موسم الصيف، وهم يريدون أيضاً تطبيق القانون وتعميمه في مدن انجليزية أخرى حتى لاتبقى حقوق الحمير سائبة وتصبح مثل حقوق الإنسان في دول أخرى فالتة.
وأما الأهم مما نقلناه عن القانون الحميري الانجليزي الجديد، فهو صاحبنا النكدي الذي يناكفنا على الدوام كالكثيرين غيره بأن كل حسنات الغربيين في مثل هذه الأمور أساسها وبداياتها من عندنا نحن أهل المكارم مذكّراً بأن الخليفة عمر بن الخطاب كان أول من حدد حمولةً لمثل هذه الحيوانات وعاقب المتجاوزين والمخالفين. وزاد في النكد بلّة حديثه عن تطبيقاتنا الحديثة ورحمتنا ومشاعرنا الإنسانية تجاه الحمير من خلال قصة الرجل البسيط الذي ركب القطار مع حماره، وعندما سأل (التذكرجي) عن الأجرة فأخبره أن الحمار بعشرة ليرات تكريماً للحمير وأما صاحبه فبعشرين، فترجّى (التذكرجي) أن يحسب الاثنين حميراً تضامناً مع حماره وامتناناً لتقدير الجهات الرسمية المسؤولة على مشاعرها الحميرية.

وعندما لاحظ صاحبي النكدي سكوتي تابع حديثه طولاً وعرضاً:
(شوف) القانون الحميري الانجليزي جاء متأخراً، وهو في حقيقته مع كل ماتتحدث عنه من عنايتهم بالحيوانات كلاباً وحميراً وبإعجاب دائم مجرد توهمات خادعة سطحية بعيدة عن أعماق القضية، وخالية من الحس الوطني في النظر لهكذا مسألة حميرية. يعني من دون (مؤاخذه)، الغرب عموماً والأوروبييون أناس يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن حقيقتها هم غافلون. فهم أمة مظاهر وكذب ودجل وتآمر وأفكار ضالّة ومضللة، فرحمتهم بالحيوانات حميراً وكلاباً وعنايتهم بها لاترقى إلى ماعندنا في جمهورية الخوف والهلع ولافخر. فالأمر عندنا ومنذ زمن تجاوز حدّ تكريمهم بتخفيض الأجرة إلى تعيينهم في أماكن مرموقة ومحترمة وقيادية في المجتمع تأكيداً على معاملة حميرية وكلابية مرهفة تجاوزت قوانين الغرب المتأخرة والتي صدرت منذ أيام في بعض بلديات انجلترا.
نحن ولافخر ونقولها بكل تواضع، بأننا نطمع ومن خلال خططٍ طموحة - لن يهدأ لنا بال حتى تحقيقها - أن نجعل من كل مواطن كلباً يلهث خلف لقمة العيش وطوابير الخبز تأكيداً على محبتنا للكلاب بوفائهم وإخلاصهم. نحن ولا فخر نواصل أيضاً وبجهود حثيثة خطط (الحَمْرَنة) للمراكز المتقدمة والقيادية في جمهورية الخوف والفزع الأكبر باعتبار أن الحمار عُرف بصبره وتحمله، وهو ماتحتاجه القيادات والجهات المسؤولة العليا في معاملة الناس وكثرة مطالبهم وغلاظاتهم.
قلت لصاحبي النكدي: إن كانت (الحمرنة) بالصبر والتحمل فمعروف للجميع من يصبر على مَنْ، ومن يتحمل من...!!
سمع الكلام خبيث يتنصت على حديثنا فهز رأسه طويلاً وهو يتلمظ شفتيه ثم قال:
المواطن - ياشباب - في جمهورية الخوف والقمع والفساد، وبالدليل القاطع والبرهان الساطع يتحمل الضرب والركل والتعذيب والإهانة والذل أكثر من الحمار ولو جادل المجادلون ومارى الممارون. ودليلي ماتحملتُ من ضرب وكهرباء وفلقات وعلقات وتعليقات ورفس وعفس وتجويع وشتم وسبّ مالا يتحمله حمار بالتأكيد.
قلت: ويْحَكُم، والحديث شجون..!! عرفنا حمار الحكيم والحمار الحكيم. ثم إننا نتفق ونختلف مع الغرب والشرق وفيما بيننا على كثير من مسائل الحياة والأولويات، ونزعم مانزعم من الرقي والإنسانية والتحضر على غيرنا، ولكن مما لاخلاف فيه أن في جمورية الخوف والصمت اهتماماً واضحاً وجلياً، وجهوداً دؤوبةً وحثيثةً لتعميم ثقافة (الكلْبَنَة) بين الناس والكلاب تابعاً ومتبوعاً، وثقافة (الحمرنة) بين الناس والحمير راكباً ومركوباً.



#بدرالدين_حسن_قربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة دمشق ليست كغيرها من القمم
- الشرق الأوسط على صفيح ساخن
- يافقراء سورية اتحدوا
- خطاب التحدي والمنازلة والذاكرة المثقوبة
- أبراج حزب الله
- مقتل مغنية..!! هل يفتتح حرب النجوم..!؟
- أفاضل إعلان دمشق وتوهين نفسية الأمة
- سورية مثل هولندا..!!!
- الهاربون من الجحيم والمؤتمر الوطني الفلسطيني
- المعقول اللبناني في زمن اللامعقول
- الأزمة اللبنانية في طورٍ جديد
- حصار ولكنه ليس كحصار غزّة
- حجاج غزّة والهاربون من الموت
- لبنان والنظام السوري والعام الجديد
- حراميّة..!! ولكن لمال اليتامى والأوقاف لا
- لبنانيات 2/2
- لبنانيات 1/2
- خطاب حزب الله التمزيقي
- من لطائف القراصنة والمستبدين الجدد
- كلمة وردّ غطاها


المزيد.....




- مشهد سريالي للإمساك به.. نادر وآكل لحوم من أمريكا الجنوبية ي ...
- هجوم بـ-سهم- يستهدف سفارة إسرائيل في صربيا ومقتل المهاجم..وا ...
- -صلب وصامد-.. السيسي يوجه الشكر للشعب المصري: تحمل تحديات ضخ ...
- سكان جنوب غزة ورحلة نزوح لا تنتهي: الآلاف يفرون من الملاجئ ب ...
- الاتحاد الأوروبي يدشن حزمة تمويل استثماري ضخمة لمصر
- على شفا حرب: الأجانب يغادرون لبنان بأعداد كبيرة على خلفية ال ...
- إطلاق سراح أسانج يمنح بايدن ورقة رابحة أمام ترامب
- الخارجية السعودية تدين قرار إسرائيل توسيع الاستيطان في الضفة ...
- وزير خارجية أرمينيا يناقش مع نظيره الأوكراني قضايا التعاون م ...
- أوربان: قادة الاتحاد الأوروبي يريدون جر أوروبا للصراع الأوكر ...


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين حسن قربي - الناس والحمير بين راكبٍ ومركوب