|
شبح - ثورة الجوع - يحلق فى سماء المحروسة !
أحمد بهاء الدين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 2246 - 2008 / 4 / 9 - 11:01
المحور:
المجتمع المدني
يقول تقى الدين أحمد المقريزى فى كتابه " المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطط والآثار " ، ( القرن الخامس عشر ) ، أن الله " عندما خلق الدنيا أعطى لكل شيئ فيها زوجاً : قال العقل : " سأذهب إلى سوريا " ، فقالت الفتنة : " سأذهب معك ! " . قال الفقر : " سأذهب إلى الصحراء " ، فقالت الصحة : " سأمضى معك " . قال الرخاء : " سأذهب إلى مصر " ، فقالت الطاعة : " سوف أصحبك ! " . " لكن مصرالخصب والرخاء ، أو " سلطان الأرض كلها " ، و" خزائن الأرض " كما وصفها " أبو بصرة الغفارى " ، أو " شبه الجنة " ، كما وصفها " كعب الأحبار" فى كتب التراث ... " أم الدنيا " و " فريدة الزمان " ، أو " المحروسة " ، كما كانت تسمى ، لم تعد الآن كذلك ، لم تعد أرض الرخاء والنماء ، ولا أرض الطاعة والصبر ، أيضا ً ! . فبعد أكثر من ثلاثة عقود ، قضتها تحت حكم حسنى مبارك ، ( نائبا ً للرئيس ، ثم رئيسا ً) ، أصبحت ، بعد أن تم تجريف ثرواتها ، ونهب خيراتها ، على العكس تماما ، أرض العطش والجوع ، والبؤس والمعاناة ، وموئل العنف والغضب ، تحيا على تخوم الانفجار ، ويُخيم عليها شبح حريق جديد للقاهرة ، يتضاءل بجواره ماحدث فى منتصف القرن الماضى ، وكان أحد مقدمات ثورة يوليو ( تموز ) 1952، وأبرز النذر المبشرة بزوال عصر الملكية ، وانهيار حكم الملك فاروق ، الذى ينظر إليه الكثيرون الآن نظرة تعاطف ، لأن ماكان يعيشه المصريون ، فى عهده ، من مشقةٍ ومن جهدٍ ، يهون كثيرا ً، بالقياس لما يكابدونه فى الوقت الراهن من معاناة ومهانة ، وما يواجهونه من عذابٍ وكمدٍ ، للحصول على أبسط متطلبات الوجود ، وللبقاء على الحافة الحرجة للحياة ، يستوى فى ذلك الفلاح البسيط ، والعامل الكادح ، وساكن أكواخ الصفيح وعشش العشوائيات ، أوابن الطبقة الوسطى ، التى كانت تسمى ، فى الماضى ، " الطبقة المستورة " ، فإذا بها تنحدر ـ بدون رحمة ـ إلى أسفل سافلين ! . ولا يمكن تحديد مجال دون آخر للحديث عن التدهوره الذى شمل كل مناحى الحياة فى مصر ، البلد التى كانت سبّاقة إلى التطور، ومبادرة إلى بناء مرتكزات الدولة الحديثة ، منذ نحو القرنين ، مع بدايات القرن التاسع عشر، وتولى " محمد على " مسئولية الحكم ، عام 1805، فيها . منذ ذلك التاريخ سعت مصرلامتلاك نظم خدمية متطورة ، حتى بالنسبة للعديد من دول أوروبا ذاتها ، فكانت من أوائل الدول التى بنت خطوط السكك الحديدية ، وأنشأت شركات للطيران والملاحة ، وعرفت السينما والصحافة والبرلمان ، والبورصة والنقابات والمستشفيات والنوادى الرياضية ، والهيئات التعليمية ، كما اهتمت بإرسال البعثات الطلابية للخارج ، وبنت مؤسسات كبرى للخدمات العامة : الصحة والنظافة والنقل والتعليم والمواصلات ( البرية والبحرية والجوية ) والاتصالات والثقافة ... إلخ ، فضلا ًعن المؤسسة الأهم والأعرق : المؤسسة العسكرية ، التى كانت فى صلب عملية التحديث المستمرة للمجتمع ، وعنصراً رئيسياً من عناصر تماسكه وتطويره . لكن هذا الوضع أخذ فى التآكل ، بدءاً من هزيمة يونيو ( تموز ) 1967 ، ثم أخذت وتيرة التآكل فى التسارع خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، حتى أصبحت الدولة المصرية ،" بجلالة قدرها " ، عاجزة عن أن تنظف شوارع عاصمتها التاريخية ، " القاهرة " ، من القمامة ، حتى بعد الاستعانة بشركات أجنبية ! ، وفاشلة فى تنظيم حركة انسياب السيارات فى شوارعها التى كادت تصاب بالشلل الكامل ، أو السيطرة على معدلات التلوث التى وضعتها على قمة أكثر المدن تلوثا ً فى العالم . أوضاع لاتُحتمل ! غير أن الفشل الأعظم لنظام حكم مبارك ، تجسد فى عجزه المشين عن توفير مياه الشرب والرى للمواطنين الذين خرجوا يقطعون الطرق ، غضباً ، بعدما أُجبروا على شرب المياه الملوثة ، ووقفوا يشهدون حقولهم تموت من العطش ، فى البلد الذى وصفه هيرودوت باعتباره " هبة النيل " ، والتى كانت مهمة تنظيم مد المصريين بها وضمانة استخدامها الرشيد هى مهمة حكومتها المركزية منذ فجر التاريخ ، ومبرر وجودها الأساس ... ثم انضاف إلى هذا العجز عجزاً آخرَ لا يقل خطورة ، يرج مصر رجاً ، فى الأسابيع الأخيرة ، هو العجز المزرى عن توفير الحد الأدنى من الخبز للناس . يسمى المصريون الخبز " العيش " ، تأكيداً لنظرتهم له باعتباره مكوناً حيوياً من مكونات الحياة ذاتها ، وهم يقسمون بـ " العيش والملح " إذا احتاج الأمر للقسم !، وإذا وجد واحد منهم قطعة خبز ملقاة فى عارضة الطريق ، تحتم ثقافته الشعبية المتوارثة إبعادها عن مواطئ الأقدام ، فالخبز ـ بالنسبة للمصرى ، ليس مجرد نوع من الغذاء ، يمكن الاستغناء عنه ، أو استبداله بغيره من أنواع الطعام ، لكنه يمثل غذاءاً أساسياً يحظى باحترام يقترب من حدود التقديس ، وهو أمر مفهوم لشعب تليد ، يمتلك واحدة من أقدم الحضارات الزراعية فى التاريخ ، كانت زراعة القمح وتخزينه واستخدامه من أبرز وأهم إنجازاته ! . ثم أن هناك أمر آخر جعل لرغيف الخبز هذا القدر من الأهمية ، فى مصر ، وبالذات فى الفترة الأخيرة ،هذا الأمرهوالارتفاع المضطرد لأسعارباقى المواد الغذائية ، وبشكل غير منطقى ، ( ولا مثيل له فى اى دولة أخرى ، حتى تلك التى تشكو من ظاهرة ارتفاع الأسعار) ، فهى تتزايد ، بشكل جنونى ، كل يوم ، وبصورة دمرت أى قدر من الاستقرار فى المجتمع ، وجعلت أغلب طبقاته تجأر بالشكوى ، وخاصة بعدما بدا عجز جهاز الحكم المهترئ ، والفاسد ، عن التدخل لوقف التدهور الشامل فى أحوال الأغلبية العظمى من المواطنين ! ، أو بالأحرى تواطؤه ، مع كبار التجار والمحتكرين ، لعدم إيقاف هذا التدهور ! . السبب الأساس لهذا الوضع الخطير يعود إلى سيطرة نخبة من رجال الأعمال ، المحدثين ، الجشعين ، ومجموعة من الوزراء عديمى الخبرة السياسية ( درس أغلبهم فى أمريكا ! ) ، أتوا حاملين لأجندة " نيو ليبرالية " متشددة ، لا تكره ، قدر ما تكره ، إلا الحديث عن أدنى دور اجتماعى للدولة ، أوحتى للقطاع الخاص ، وتؤمن إيماناً غيبياً ، وغبياً ، بنجاعة " اقتصاد السوق " ، وضرورة " الخصخصة " الكاملة للملكية العامة ، وإطلاق يد القطاع الخاص ، فى الحركة ، دون إلزام ، أو رقيب ، أو قيود . وقد ضاعف الفساد الهيكلى الذى وسم النظام المهترئ ، فى العقود الأخيرة ، من معاناة المواطن المصرى [ شهد جهاز الحكم ، حسب الاحصاءات الرسمية ، 164 ألف قضية انحراف مالى وإدارى ، خلال عام 2007 فقط ، تم كشفها ] ، وما خفى كان اعظم ! ، ( جريدة " نهضة مصر" ـ 20 مارس / آذار 2008 ] ، وهو ما سرّع من وتيرة افتضاح النتائج المدمرة لممارسات المجموعة الحاكمة ( التى يتزعمها جمال مبارك ، أمين " لجنة السياسات " بالحزب الوطنى ) ، وبرامجها الاقتصادية ، المتحررة من أى رقابة أو مساءلة أو مراجعة ! ، والتى تنحاز انحيازاً كلياً لفئات محدودة للغاية من نخبة المجتمع ، وتهمل إهمالاً جسيما ً مصالح عشرات الملايين من المواطنين ، وترفض رفضاً قاطعاً الالتزام بأى مسئولية تجاه الفقراء أو محدود الدخل ، أى تجاه " المواطن مصرى " ، الذى يمثل الأغلبية العظمى المصريين الآن ! . يؤكد ذلك تقريرصدر عن " المجلس القومى للإنتاج والشئون الاقتصادية " ، التابع للمجالس القومية المتخصصة ، ( وهى هيئة حكومية ) ، يشير إلى أن %77 من سكان الريف المصرى يعيشون تحت حد الفقر المقدر ( بمتوسط 2500 جنيه سنويا ً ) ، أى مايوازى 7 جنيهات يوميا ً ( أى أقل من دولار ونصف ! ) ، وهذا الوضع لم يعد حكراً على الريف وحده ، بل شمل جميع المصريين ، إلى حد دفع صحفى محسوب على الحكم ، هونقيب الصحافيين ،" مكرم محمد أحمد " ، إلى الاعتراف بأن " كل فئات المجتمع المصرى تكتوى بموجة غلاء متصاعد شملت جميع السلع الغذائية بدون استثناء ، (حيث ) ترتفع كل أسعار السلع بلا تمييز بنسبة تزيد على الضعف خلال عام واحد ، كما شملت زيادات الأسعار مواد البناء ، خصوصا ً الأسمنت والحديد ( وهما احتكار مغلق لكبار قادة الحزب الوطنى وأبناء النظام ! ) ، التى ترتفع أسعارها بمعدلات أسبوعية ، إضافة إلى زيادة أسعار الوقود وخدمات النقل ".(جريدة " الأهرام " ـ 8/3/2008 ) . لقد فجرت هذه الحالة غير المسبوقة ، ومن قبلها الصراع حول الخيار الديموقراطى للبلاد ، موجات من التظاهرات والاعتصامات والإضرابات الواسعة المدى ، شملت جميع المحافظات ومجالات العمل والطبقات : فلاحين ، عمال ، موظفين حكوميين ، أساتذة جامعيين ، أطباء ، صيادلة ، مهندسين ، صحافيين ، قضاة ، مواطنى العشوائيات والمهمشين ، أهل سيناء وبدو الصحراء الغربية وأهل النوبه... إلخ ، وهو أمر دفع " لجنة الدفاع والأمن القومى" بمجلس الشعب ، إلى التحذيرمن عواقب استمرار تدنى أجورحتى ضباط الشرطة ، وباقى العاملين بوزارة الداخلية ، وبما قد يدفعهم إلى الانضمام إلى جحافل المضربين ! ، وأشارأحد عناصر اللجنة إلى أن " الأحوال المالية المتدنية كانت وراء تورط فئة صغيرة من الضباط فى تجارة المخدرات " ، ولفتت إلى أن كل منظومة المرتبات فى الدولة تحتاج إلى إعادة نظر ، فمن" غير المقبول أن يتقاضى القاضى وضابط الشرطة والطبيب رواتب هزيلة لا تكفى الحد الأدنى من الحياة الكريمة " . ( جريدة " البديل " ـ 25/2/2008) . ثورة الجوع على هذه الخلفية جاء تصاعد " أزمة رغيف الخبز " التى اصبحت الشغل الشاغل للجميع : حكومة ومعارضة ، صحافة وتلفزيون ، أحزاب وحركات سياسية ، فالصراع من أجل الفوز ببضعة أرغفة ، أصبح قضية بالغة الأهمية ، ليس فى العاصمة الأولى ، ( القاهرة ) ، أو العاصمة الثانية ، ( الإسكندرية ) ، فحسب ، وإنما فى جميع المحافظات ، وفى وقت متزامن ، بعد أن عض الجوع بنابه الملايين ، وسقط 12 " شهيداً من اجل لقمة العيش ! " فى الطوابير المتزاحمة ، والمتلاطمة ، حتى الآن ، كان آخرهم سيدة مسنّة من مدينة الإسكندرية ، بينما فى محافظة " المنوفية " يقف الناس منذ الثانية فجراً ، فى الطوابير، من أجل الحصول على خمسة أرغفة ، وفى " البحيرة " أنشأت المحافظة مشروعا ً لتوزيع خبز " لا يصلح للاستخدام الآدمى " ، ببطاقات التموين ، ويسميه الناس " المشروع القومى لإذلال المواطنين ! " ، أما فى محافظة " الفيوم " ، فيخرج الآلاف فى مظاهرات حاشدة فى القرى والمدن ، احتجاجا ً على اختفاء الخبز ، ويحطمون مكاتب التموين ، ( ورغم بؤس الحال ، لم يفقد المصريون حس الدعابة والسخرية ، فردّا ً على مظاهرات الحزب الوطنى التى كانت تخرج للهتاف : " بالروح .. بالدم نفديك يامبارك " أثناء حملة الانتخابات الرئاسية ، أخذ المواطنون الغاضبون يهتفون : " بالروح والدم نفديك يادقيق ! "، (جريدة " الدستور" ـ 25/2/2008) ، أما فى محافظة " المنيا "، ( بصعيد مصر ) ، فقد أنذر تقرير " الاتحاد النوعى لحماية المستهلك " : المحافظة مقبلة على " ثورة جياع " تأكل ما تجده أمامها من أخضر ويابس ! " . ( جريدة " البديل " ـ 17/3/2008 ) ، وفى محافظة الاسماعيلية ، أرسل مواطن بدرجة مدير عام ، رسالة للرئيس مبارك ، يطالب برحيل " نظيف " ( رئيس الوزراء ) ،" قبل أن تحدث ثورة جياع ويفلت الزمام ! " ، وكتب لرئيس الوزراء نفسه : " أحب أن أوضح لسيادتكم ، بعد سماع أغنية شعبان عبد الرحيم " أنا باكره إسرائيل " ، أننى أكره " نظيف " وحكومته ، فإسرائيل تجوع الفلسطينيين ، وحكومتكم تجوع الشعب المصرى بأكمله ، وسيادتكم تتحدثون عن القرية الذكية ، بينما الناس مش لاقية الفول والطعمية ! ... باكرهك... باكرهك ... باكرهك !!! " . (جريدة " المصرى اليوم " ـ 17/3/2008) . ويصف الصحفى " سعيد عبد الخالق " ، وضع الشارع المصرى الآن : " إن الشارع يغلى ، وأصبح أشبه بالماء المغلى الذى قد يطيح يوما ً بغطاء الحلة ! . إن الشعب لن يتحمل ما تفعله الحكومة يوما ً بعد آخر ، ويقال بأن هناك أكثر من %45 من المصريين يعيش تحت خط الفقر ...وهناك الكثير من الأزمات بسبب غياب الرقابة والمحاسبة على للوزراء ، الذين راحوا يعبثون فى البلاد ، ويزيدون الطين بلة ، ويضعون مصر فوق فوهة بركان .. واحذروا انفجار... سوف يدوس وقتها الأخضر واليابس ! " ( جريدة " الوفد " ، 12/3/2006) . الطوفان قادم ! يعترف المهندس " رشيد محمد رشيد " ، وزير الصناعة والتجارة ، بحجم الكارثة التى أطاحت بصبر الناس وقدرتهم على الاحتمال : " بلغت الزيادات فى أسعار بعض المنتجات الحيوية مابين 400% و500% ، وأسعارالأغذية زادت بنسبة 70% العام الماضى ، وبنسبة 30% خلال يناير وفبراير الماضيين ، وزادت أسعار الحبوب بنسبة 150% !! " ، وعملا ً ببيت الشعر الشهير القائل " وداونى بالتى كانت هى الداء ُ ! " ، فالطريف أن روشتة علاج هذا الوضع المتردى التى يكتبها الوزير ، لا تتضمن مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية الكارثية النتائج ، المفروضة من البنك الدولى ونظرائه ، وإنما " اتباع المزيد من سياسات " الإصلاح الاقتصادى " !! " ،( جريدة " البديل " ، 18/3/2008 ) ،وهو الأمر الذى يعنى استمرار العمل بالسياسات التى دمرت أحوال المصريين ، دون اية نوايا للتراجع او حتى المراجعة ! ، مما يقطع الطريق على أية نية لـ " التصحيح الاقتصادى " ، تماما كما حدث فى قضية " الإصلاح السياسى " ، الذى انتهى إلى غير رجعة ، وأصبح أمراً فلى ذمة التاريخ ! . والحديث عن " الانفجار الاجتماعى " ، أو " الزلزال " المرتقب ، أصبح حديث الجميع الآن ، فهاهو نائب مجلس الشعب ، الصحفى" مصطفى بكرى " ، يحذر من أن " مصر مُعـرّضة لانفجار خطير قد يحدث فى الفترة المقبلة ، لأن هناك بركانا ً داخل المصريين لما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية المتردية والوضع السياسى المتدهور ، إضافة إلى تقزم سياسات مصر الخارجية ، وفقدها لدورها القيادى " ، ( جريدة " المصرى اليوم " ، 11/3/2008) ، ... والمؤسف أن الحكم واجه هذا الوضع الصعب ، بالتهديد بالضرب على أيدى من يعتصمون أو يتظاهرون احتجاجا ً على تدهور الأوضاع ، بدلاً من تفهم الأسباب و الدواعى ، .. ورغم ذلك استمرت وقائع الاحتجاج والغضب ، ذلك أن " الموشك على الموت جوعا ً، كما يقول الصحفى " عزت القمحاوى " ، " لن يستمع إلى تحذيرات الدكتور نظيف ( رئيس الوزراء ) ، من عواقب الإضرابات والاعتصامات ...ولا يمكن أن تستمر الحياة فى بلد وصل فيه سعر كيلو العدس إلى عشرة جنيهات ، بينما يتقاضى الطبيب خمسمائة جنيه بعد خمس عشرة أو عشرين سنة خدمة ...ولا أن تستمر الاستثمارات التى يحاولون مراكمتها لدى قلة من المحتكرين ( الذين سدد سبعة عشرة منهم فقط حقوق الدولة من الضرائب هذا العام ! ) ... ولايمكن للنشاط الاقتصادى الخاص أن يتوسع إلى الأبد وسط شعب سقطت غالبيته فى الفقر المذل ... إن هناك أيدى خفية تدفع الأمور باتجاه الفوضى ... وهذا احتمال غير مستبعد ! " ، ( جريدة " المصرى اليوم " ، 11/3/2008) . بل أنه ، حتى الصحف الأجنبية ، لفت أنظارها ، بشدة ، " مدخلات " هذا الوضع الخطر، الذى تتجمع نذره ‘ فى فضاء " المحروسة " ، ويشم مقدماته كل صاحب حواس متيقظة ، فتوقعت جريدة " لوس أنجلوس تايمز " الأمريكية : " أن تشهد مصر ربيعا ً ساخنا ً من المظاهرات والاعتصامات ، حيث ينوى الأطباء تنظيم إضراب يوم 15 مارس ( آذار) ، ( أجل لفترة لاحقة ) ، يتبعه إضراب لأساتذة الجامعات فى 23 مارس ( آذار)، ومن بعده عمال النسيج فى 6 أبريل ( نيسان ) . وتقول الصحيفة : " إن هذا الانتشار والتمدد للمظاهرات والإضرابات ، من القطاعات العمالية إلى القطاعات المهنية ، يكشف عن أن الارتفاع المتوالى فى أسعار الغذاء والوقود قد ألقى بقطاعات عديدة فى محرقة الفقر ! ، وهناك إحصائية تقول أن أسعار المواد الغذائية زادت بمقدار 122% مرة واحدة ، فى الآونة الأخيرة ، وتشكل كل هذه التطورات تحديات لنظام حسنى مبارك الذى يقبع فى السلطة منذ 27 عاما ً ، وقد تعيد مرة أخرى انفجار مظاهرات الخبز التى اندلعت فى 1977" . (جريدة " العربى " ، 9/3/2008 ) . أما النائب حمدين صباحى ، فيكتب فى جريدة " الكرامة " ، ( 17/3/2008) ، صارخاً فى آذان أصابها الصمــــم : " ستنفجر مصر ... لن يبقى المواطن ، رجلا ً أو امرأة ً ، واقفاً فى طابور المذلة وامتهان الكرامة وإهدار الحقوق ، إلى الأبد .. سيخرج المذلون المهانون يوما ، أراه قريبا ً ، من الطــابور إلى الانفجــار ، وعندها لــن يصـدّ الجـيـاع فى انفــجارهــم أحد : لا الرئيس ، ولا الوريث ، ولا أحمد عز [ الملياردير ، وصاحب أكبر احتكارات حديد البناء ، وأمين تنظيم الحزب الوطنى ، ورجله القوى ! ] ، ولا " الأغلبية " البرلمانية ، ولا المحليات المزورة ، ولا صحف النفاق ، ولا الحزب الوهمى ( الحاكم ) ، ولا الحكومة الفاشلة .. لا سلطة ، ولا قوة ، ولا أمن مركزى ، ولا قوات خاصة ، ولا حرس جمهورى ، ولا جيش !! ... سيأتى الطوفان ... ويجرف كل شئ ! " .
#أحمد_بهاء_الدين_شعبان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر : قانون - مكافحة الإرهاب - ودولة القهر العام !
-
برنامج «حزب الإخوان» ليس الحلّ!
-
نهوض جديد لصراع الطبقات فى مصر
-
- ثورة العطش - تجتاح وادي النيل
-
المعذبون فى الأرض
-
الحركات الاحتجاجية الجديدة فى مصر
-
برنامج - حزب الأخوان - ليس الحل !
المزيد.....
-
الاحتلال يفجر منازل المقاومين والأسرى في الضفة
-
جنوب السودان: اعتقال وزير النفط وقادة عسكريين كبار متحالفين
...
-
-أدوات تعذيب وآثار دماء-.. مداهمة مخبأ لعصابة خطف في سوريا
-
الأغذية العالمي: إمدادات غزة تكفي أقل من أسبوعين
-
اعتقال وزير النفط في جنوب السودان على خلفية سياسية
-
الداخلية السورية تعلن اعتقال وتحييد -عناصر إجرامية- في اللاذ
...
-
جماعات حقوقية تدين تصريحا لترامب وتراه هجوما -مروعا- على حري
...
-
3 أصدقاء يُصدمون باعتقال الشرطة لهم فور خروجهم من سيارة استأ
...
-
ترامب:خرجت من اتفاقية باريس للمناخ والصحةالعالمية ومجلس حقوق
...
-
الأونروا: نحث على استمرار التكاتف العالمي حتى يتمكن سكان غزة
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|