حيرة الحكومة بين -التعطيش- و-التسقيع-

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2244 - 2008 / 4 / 7 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قرار وزير التجارة والصناعة، المهندس رشيد محمد رشيد، بوقف تصدير الأسمنت – مؤقتاً – خطوة جيدة من جانب الحكومة فى محاولة كبح جماح الارتفاع الجنونى وغير المبرر للأسعار، بعد إصرار بعض المنتجين والتجار على "تعطيش" السوق، أى الخفض المتعمد لكمية المعروض من هذه السلعة الاستراتيجية، سواء عن طريق خفض الإنتاج أو عن طريق تخزينه لدى التجار والموزعين توقعاً – أو سعياً – لارتفاع جديد فى الأسعار.
وليس فى هذا القرار مساس بقوانين اقتصاد السوق، كما يروج البعض، بل إنه يهدف – بالأحرى – إلى إعمال هذه القوانين، وبخاصة توازن العرض والطلب وتحريرهما من التأثيرات المصطنعة والمفتعلة للممارسات الاحتكارية.
وعلى سبيل المثال فإن الحكومة الهندية قررت حظر تصدير الأرز غير البسمتى فى إطار سلسلة من القرارات التى تستهدف السيطرة على الارتفاع الكبير فى أسعار المواد الغذائية ولم يقل أحد هناك أن هذا عدوان على "مقدسات" الاقتصاد الحر!
وبناء على ذلك فإن قرار المهندس رشيد يستحق التحية، حتى وإن جاء متأخراً كثيراً، أو كما يقال بعد " خراب مالطه"، كما أنه جاء ناقصاً، لأنه لم يشمل سلعاً استراتيجية أخرى تحتاج نفس المعاملة.
ويلفت النظر أيضاً أنه فى ذات الوقت الذى أصدر فيه وزير بالحكومة هذا القرار، بأبعاده التى أشرنا إليها، نجد أن وزيراً ثانياً بنفس حكومة الدكتور أحمد نظيف، هو المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، قد أصدر قراراً بإعطاء مهلة زمنية محدودة لأصحاب الأراضى بالمدن الجديدة للبناء وإلا سحبت منهم الأرض.
هذا القرار الأخير، فى هذا الوقت بالذات، معناه زيادة الطلب على الأسمنت، وسائر مواد البناء.
صحيح أن هدف قرار المغربى هدف جيد، ألا وهو الحيلولة دون "تسقيع" الاراضى، لكن تزامن القرار الذى يحارب "التسقيع" مع القرار الذى يحارب "التعطيش" للأسواق يخلق تناقضاً بين قضيتين كلتاهما عادلة، خاصة وأن القرار الأخير جاء والبلاد على وشك إلغاء الاعفاءات الضريبية على المشروعات الصناعية والسياحية اعتباراً من بداية يونيه القادم، الأمر الذى دفع المستثمرين العقاريين إلى تسريع وتيرة البناء فى ذات الوقت.
وهذا معناه أن ما يبنيه "رشيد" يهدمه "المغربى"، دون قصد طبعاً، الأمر الذى يجعلنا نتساءل عن مدى فاعلية التنسيق على مستوى مجلس الوزراء ناهيك عن المسئولية التضامنية للحكومة.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات