أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال ناجي - جدليات الإيمان .. على هامش زلازل الجنوب















المزيد.....

جدليات الإيمان .. على هامش زلازل الجنوب


كمال ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 05:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في ظروف الأزمات و اضطراب الأمور العامة و الخاصة في المجتمعات تتداخل الكثير من القضايا و يثار بعض الراكد منها فيما تستحدث قضايا أخرى لم تطرق .. تتوالد و تتناسل و تلتقي و تتشابك ، و تفتح الشهية لنقاشات لا حصر لها . فلكل زاوية ينظر منها و مزاج يحركه و مصلحة يبتغيها و ...

إن سيادة حالة ما تصطحب لا محال ما يناوئها . لا توجد قناعة تستفحل و تستحوذ على أذهان الكثرة إلا و في مقابلها تنبثق قناعة مخالفة . ولا يكاد يسود لون إلا و تبدو هنا أو هناك بقعة للون آخر يمثل تماهيا مع سنة أو نسق كوني جار ، هو ذلك الصراع الذي لا ينتهي ، الجدل الذي بدونه تقف الحياة و الكون عند نقطة لا يمكن بعدها أن نتخيل معنى لوجوده . لست من دعاة الديالكتيك المادي ، و لكن تعودنا من الفلسفة أنها تطرح أنصاف الحلول أو إن شئت أنصاف المشاكل . لكي تبقي لمعناها معنى و لحقيقتها حقيقة .
حياتنا أضحت جدلا لا نهاية له في عراق تمزقه و تطحنه رحى المعارك بكل أنواعها و ألوانها و أدواتها الممكنة . كنا في زمن صدام الملعون أكثر معرفة بأنفسنا ، فنحن مظلومون ، مضطهدون ، نساق من حرب إلى حرب دون ملل أو كلل . نعرف أننا غير قادرين على التعبير عن موقفنا و لكن لم يكن ليهمنا ذلك ما دمنا جميعا نعرف عن أنفسنا الكثير ... و عن عدونا كذلك ، انه طاغية العصر .. دكتاتور فريد النوع . اليوم تتاح لنا حرية التعبير لأننا نعيش ديمقراطية العم بوش بكل أوجها و سطوعها و القها و تعاليها . نقول ما نشاء دون خوف أو تردد و لكن ..
و لكن ها نحن الآن لا نعرف ما نقوله ، و نحار في التعبير عما في دواخلنا . بتنا نجهل الكثير عن أنفسنا و عمن يحيط بنا و نشعر بالضياع في عالمنا الخاص و ضمن اصغر حدوده التي تقبلها فلسفة إنشتاين النسبية . ما أن سقط صدام و هوى صنمه الذي كان مخيما بظلاله على أرواحنا و قلوبنا و أيدينا المبسوطة للسماء حتى انطلقنا نبحث عن أصنام جديدة كوننا أناسا مسكونين بروحانية عجيبة . لا بد لنا من أرباب و آلهة . نحتنا هذه الأصنام و بنينا معابدنا و لكن وجدنا خلافاتنا مزمنة و شريرة فوكلنا آلهتنا بان يتفقوا فيما بينهم مع أن أساطيرنا الأولى تؤكد أننا نحن العراقيين نملك آلهة لا تتفق ، تتنازع في السماء و تمارس أبشع ما يمكن أن يمارسه إله يحترم قدسيته و سماءه . لهذا تفردنا دون خلق الله أجمعين ببداية خلق لا مثيل له حين عجنت طينتنا بالدم فيما كانت ولادات الآخرين و نشآتهم معجونة بالماء .
سألتني أختي الصغيرة عن سر هذا الهيكل الرث الذي يسمى العراق العظيم .. لماذا لا تشبع أرضه من دمائنا فيما لا تظمى ارض الآخرين ولو لقطرة واحدة ؟ قلت لها أنه قدر مقدّر فاعترضت كونها مؤمنة بخطايا المخلوقين .. و بعدالة رب العالمين .. فلماذا يغط الكويتي مثلا - ولا حسد ولا حتى اغتباط – بالبذخ و رحيق أيامه الصافية ، عيش رغيد و جنة على أرض صغيرة عرضها سماوات الأمير المفدى و طولها ساحل احمديّ بجزره المكسوة و العارية ! ليس له من أساطير و لا مخاوف تخالجه . لا يرى في عاصفة تمر مغبرة محمرة دلالة على شر آتٍ و لا يهمه أن خسف القمر أو كُسِفت الشمس إلا في حدود ضئيلة
اهو القدر حقا ؟ حيث لا نكاد نخرج من حلقة ضيق إلا و تستحكم حلقات أخر و لا فرج يا علي بن أبي طالب . أهي العلة فينا نحن الذين لا ينتهي جدلنا و لا تجف محابرنا كما سيوفنا و رماحنا من البطش و التنكيل بأنفسنا ..
ربما نعم .. حين نرى إلى أنفسنا و عقولنا و مواقفنا المتشنجة فلا يقبل بعضنا إلا أن يحوز الحقيقة كاملة مكملة و فوقها نصف للاحتياط من شبهات غير متوقعة . لا نريد سلطة إلا إذا كنا جميعنا متسلطين على جميعنا وهو أمر باطل و حال محال . خرج المتحمسون منا وهم يرون أنفسهم اعدل الناس و أكثرهم ثباتا على الحق ، الحق الذي لا يعرفه اغلبنا . خرجوا لأجل الإصلاح في دين عراقنا الذي بلا دين ، ليسفكوا انهارا من الدماء البريئة و يهدموا البيوت و يقطعوا الأرزاق . لا يناقشهم الآخر في حرمة الدم بل يركز و نركز جدا هنا على ما في السياسة من ثمار لك أن تحصدها أو أحصدها و حصادي و حصادك ليس في موسم واحد ، علينا أن نخترع إذن طريقة ما لتعديل مواسم أعوامنا السياسية .. و من قحل إلى قحل فلا ثمر و لا حصاد . سالت أحد الصدريين لماذا تحمل سلاحك بوجه الشرطة و الجيش وهم من جلدتك و مذهبك ؟ الجواب الحاضر لديه أنهم خونة و عملاء للمحتل و .. إلى آخر الأسطوانة . قال لي صاحبي دعك منه انظر إلى ثيابه الرثة لا نغالط أنفسنا فهم شباب ضائع و منهك ... جائع و متعب ... فأجبته لكنه يحمل قذيفته لماذا لا يبيعها وسعرها أصبح خياليا ليشتري لنفسه ثيابا تكفيه بقية العمر .. ؟
في زمن صدام حسين كان هذا الصدري أكثر تقوى و ازهد في الحياة من زهاد التاريخ الوهميين . كان يتحرج من السلام على البعثي .. لا اعني طبعا هنا كل من يدعي الآن أنه صدري كلنا كنا صدريين حتى من كان يقلد غير الصدر ذلك لكوننا نجتمع على حب الله و كراهية البعث و صدام . الحرج من السلام على البعثي لأنه شريك مع الظالمين و مريقي دماء الناس دون ذنب .. أما الآن فليس للدم قيمة ، ليس شيئا ان تقتل شخصا يخالفك في رؤيته و لا يشاطرك حبك لمقتدى الصدر ..
دارت معارك الجنوب فزهت الأرواح و هدمت المنازل على ساكنيها و بلغت القلوب الحناجر من الخوف . .و بعد أن هدأ زلزال المعركة تزلزلت الأرض زلالها الحقيقي في الناصرية . ضحكت رغم ما داخلني من خوف حين قرأت تصريح الأستاذ ضياء الدين كاظم مدير البحث الجيولوجي في محافظتي ذي قار والمثنى الذي قال : إن سبب الزلازل في منطقتنا هو لـ " اصطدام صفائح القارات بين الصفيحة العراقية والصفيحة الإيرانية مما يشكل الالتواءات ونتيجة إلى هذه الفعالية تتحرر طاقة تتسبب بحدوث الزلزال " . مصدر ضحكي الذي ترك فيما بعد ذيوله على شكل شعور غامض في نفسي لا أعرف كنهه أن الزلزال الذي تعرضت له مناطق شمال الناصرية و على فكرة هي المناطق التي شهدت أعنف المعارك في الأيام الأخيرة في حين كانت الضفة الأخرى من المدينة هادئة إلى حد بعيد ، كان بسبب اصطدام الصفيحة الإيرانية بالصفيحة العراقية .. !
سارعت إلى أختي التي سألتني عن سر العراق " العظيم " و العظمة هنا للسر و أقمت عليها حجتي " القدرية " ، أخبرتها باصطدام الصفائح من تحتنا كما اصطدمت من فوقنا .. فاكتفت بابتسامة باهتة و عادت تتابع مسلسلا تلفزيونيا معادا على إحدى الفضائيات تجري فيه انتخابات لحزب فاضل من الأحزاب المصرية .



#كمال_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- RT ترصد التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
- بوتين: نسعى للريادة في الذكاء الاصطناعي
- فرنسا تسحب مقاتلتين ميراج من تشاد إيذانًا بانسحابها العسكري ...
- منظمة ألمانية تنتقد تمويل أوروبا لتونس وليبيا لإدارة الهجرة ...
- الجيش الروسي في سيفاستوبول يسقط 5 مسيرات أوكرانية ويصد اثنتي ...
- هل هناك تواصل مباشر بين طهران وإدارة العمليات العسكرية في سو ...
- وكالة الطيران الروسية تمدد القيود على الرحلات إلى إسرائيل
- أوربان: زيلينسكي يرفض مقترحا قدمته هنغاريا بإعلان هدنة مع رو ...
- الحرس الثوري الإيراني: طورنا مع وزارة الدفاع طائرة مسيّرة -ف ...
- مسيّرات غامضة على الساحل الأمريكي وعضو في الكونغرس يقول: على ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال ناجي - جدليات الإيمان .. على هامش زلازل الجنوب