|
ما علاقة عمليات البصرة العسكرية بالضربة الامريكية المتوقعة لايران
علاء الهويجل
الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يخفى على احد ان من اهم الاسلحة التي كانت ايران تهدد بها امريكا هو التلويح بانها ستؤجج الوضع الامني في العراق اذا ما اقدمت الاخيرة على ضرب طهران او ضرب المفاعلات النووية الايرانية او الترسانة العسكرية لها . وبما اننا نعلم كذلك بان ايران تمتلك نفوذا كبيرا في المدن الشيعية من العراق اذا فالتهديد الايراني كان يقتصر على تأزيم الوضع الامني في محافظات الجنوب فقط ومناطق الشيعة في بغداد والتي كانت تعد هادئة بفضل ارادة ايرانية . فالكل يعلم تماما ان ايران تدرب عناصر المليشيات من عراقيي الجنوب في معسكرات داخل اراضيها وتزودهم عن طريق المنافذ الحدودية في البصرة بالسلاح وتجهيزات الدعم اللوجستي ووسائل الاتصال العسكرية وصواريخ كراد وقذائف الهاون . اذا فقد كان من اهم اسلحة طهران امام التهديد الامريكي هو زعزعة امن الجنوب العراقي في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن جاهدة فرض الامن في العراق مع حلول الذكرى الخامسة للحرب ووسط دعوات الاستياء من الشارع الامريكي وتزامنا مع الانتخابات الامريكية . لكن الاشتباكات اندلعت في الجنوب وتازم الوضع الامني فيه قبل الضربة العسكرية ما يفقد بالتالي طهران واحد من اهم اسلحتها خصوصا وان المليشيات المدعومة من ايران استنزفت تماما في هذه المعارك وان من الصعوبة تحفيز هذه المليشيات لاثارة العنف مرة اخرى بعد الضربة الامريكية المتوقعة لايران. هذا الاشتباك مع المليشيات في جنوب البلاد سيصب حتما في مصلحة واشنطن حيث فقدت ايران الان سلاحا كان ممكن ان يهدد ويعرقل مساعي واشنطن لضرب ايران والسؤال هنا هل جاء توقيت الاشتباكات وزعزعة الامن في جنوب البلاد مصادفة في هذا الوقت ام ان العملية جاءت ضمن ترتيب امريكي يهدف الى حرق الاوراق بيد نجاد قبل اللعب بها, أي حرق الاوراق الايرانية قبل الضربة الامريكية وبذلك تخسر طهران اهم اسلحتها بوجه الضربة الامريكية المرتقبة. أي ان السؤال هل سعت واشنطن الى ان تسحب البساط من تحت اقدام الايرانيين حيث ان اندلاع الاشتباكات قبل الضربة الامريكية سوف يجرد ايران من اي تاثير بعد الضربة حيث ستقطع الامتدادات الايرانية التي ممكن من خلالها ان تعبث طهران بامن العراق خلال الحرب الامريكية القادمة ضد ايران . الجواب هو ان الامر دبر باتقان ومهنية عالية ولم يكن مصادفة وجاء ليحقق عدة اهداف للعراق ولامريكا في ان واحد وان الرئيس الايراني نجاد بلع الطعم دون ان يدري كيف ولماذا. ولنبرهن ذلك نقول ان واشنطن قامت قبل اندلاع اشتباكات في الجنوب العراقي بوقت قصير جدا بسلسة اجراءات تبدو تحضيرية لضرب ايران منها اقالة قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الأدميرال ويليام فالون، من منصبه والسبب لم يكن خفيا فقد كان فالون معارضا لتوجيه أي ضربة الى طهران في الوقت الحالي . وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس قبل استقالة فالون, فورا ودون تاخير ما يشير الى ان الامر لم يعد يستدعي وجود أي معارض للضربة الامريكية الى ايران فالوقت قد ازف . هذا الاجراء تبعه مباشرة وبعد وقت قصير فقط قيام واشنطن بتحركات مهينة للايرانيين تمثلت بعدم حضور الوفد الامريكي الذي كان من المقرر ان يصل العراق للمشاركة بالمباحثات الثلاثية الامريكية العراقية الايرانية . الوفد الامريكي امتنع عن الحضور بعد ان كان حدد موعدا للجانب الايراني لبدء تلك المباحثات وهو ما حصل فعلا حيث وصل الوفد الايراني ليفاجئ بعدم حضور الامريكيين ثم ليعود الى طهران بوضع مخزي بعد ان كانت تحاول ايران ان تظهر للعالم انها هي التي تحدد موعد المفاوضات وهي صاحبة كلمة الفصل بها . عدم حضور الوفد الامريكي كان متعمدا واستفزازيا ولم يكن مصادفة او بسبب فني كما اشيع والاستفزاز كان مقصودا هنا حتى يقدم الايرانيين على ما كان متوقعا منهم ,فرفض التفاوض مع الايرانيين حول الامن في العراق سيدفعها الى الانتقام واثبات الوجود واثبات ان الامن لن يتحقق بعيدا عن الجلوس معهم وبالتالي كان متوقعا اثارة الوضع الامني جنوب البلاد حيث تتمتع طهران بنفوذ المليشيات هناك . أي ان التدخل السلبي الايراني في جنوب البلاد كان منتظرا تماما من قبل الامريكيين لانه اصلا كان باستفزاز امركي مقصود غير ان الايرانيين لم يكن ببالهم ان الرد الحكومي سيكون قويا وحازما الى هذه الدرجة ما يجعل الوضع الامني يصل في الجنوب الى حيث لا ترغب طهران والى حيث يفقدها عملائها في الجنوب ومخازن اسلحتهم وموارد تمويلهم نتيجة حرب شرسة ويفقدها بالتالي ما هو اهم من ذلك وهو ورقة الضغط التي كانت تهدد بها امريكا اذا ماحاولت ضرب ايران. وهنا نعود الى التخطيط المتقن للولايات المتحدة الامريكية بمساعدة من حليفها القوي بريطانيا حيث كان الابتعاد البريطاني الكلي عن مشاكل البصرة الامنية مقصودا وكان يهدف الى الوصول الى مرحلة انتفاضة حكومية ضد المليشيات في البصرة التي بدات تجد في الفسحة الامنية مساحة لممارسة المزيد من عمليات القتل والاختطاف . كما ان عمليات الاغتيال التي اصبحت تطال مسؤولين وضباط من الاحزاب الحاكمة كانت كذلك دافعا قويا لزج الحكومة في مواجهة مليشيات البصرة المدعومة من ايران . اذا فان اشتباكات الجنوب العراقي جاءت متناسقة تماما مع التحركات الامريكية لضرب طهران فضلا عن ذلك فان واشنطن سارعت الى تصوير المواجهات على انها مصيرية لرئيس الوزراء حتى تكون المعركة استنزافية الى اخر مدى وحتى لا يبقى لطهران أي تاثير مستقبلي كبير على الامن في جنوب البلاد. وبادر الرئيس الامريكي جورج بوش الى دعم الحكومة العراقية مباشرة وعلانية رغم حساسية ان يكون الدعم علني ووصف بوش العمليات في البصرة بانها مصيرية وحاسمة حتى لايبقى مجال امام القيادة العراقية للتراجع في منتصف الطريق وقبل القضاء كليا على المليشيات المسلحة او إنهاكها بدرجة كبيرة . الصحف الغربية قالت كذلك انه ليس امام المالكي العودة الى بغداد الا منتصرا وهذا كله جاء ضمن الزخم الامريكي البريطاني لحسم التهديد الايراني من خلال القضاء على وسائل طهران في جنوب البلاد قبل أي ضربة متوقعة . واخيرا صدر امر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاتباعه بالقاء السلاح والبراءة ممن يواجه الحكومة , فهل سيؤثر ذلك على موعد الضربة الامريكية الى ايران ام ان الاستنزاف المتحقق خلال مواجهات الايام الستة الماضية كان كافيا لتحييد التهديد الايراني بزعزعة امن العراق .
#علاء_الهويجل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشوائية اقحام المراة في السياسة ضمن الديموقراطيات العربية ال
...
-
عشوائية اقحام المراة في السياسة..العراق نموذجا
-
اعلان حكومة الطوارئ في فلسطين .. هذا أول يوم انتصف فيه العرب
...
-
انهيار - برجي - مرقد الامامين العسكريين في سامراء
-
عندما يصبح الشعب برمته مصدر ازعاج للمنطقة , الشعب الفلسطيني
...
-
شكرا للملحدين الجدد لقد اقتنعت
-
تخبط الملحدين الجدد
-
باي حق يطالب عمر موسى بانسحاب القوات الامريكية الصديقة من ال
...
-
هلو .. شلونها بغداد ؟ اهلا.. والله بغداد بخير وكل الكلام ال
...
-
قصة اغتيال لا تستحق النشر
-
رحلة الى معاقل المسلحين في الانبار
-
اشياء لم تذكر حصلت في الساعات الاخيرة لذبح كبش العيد صدام حس
...
-
محامي صدام يقول ان الافراج عن صدام بات وشيكا
-
القاعدة في العراق اصبحت لا تجاهد -لتحرير- العراق بل لتحرير -
...
-
هذا ما قالته لي -همسة- قبل ان تموت
-
دعوة لجعل الحوار المتمدن برلمان ثقافي يعطي اراءه بالتصويت ال
...
-
القوات البريطانية في العراق تتحرك بسرعة الى الحدود الايرانية
...
-
نصنع أسلحة .. وننتظر الحرب
-
اضحكتنا يا بشار
-
الرئيس العراقي يعتذر لفصيل سياسي صغير .. فكم انت كبير ايها ا
...
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|