سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 10:56
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
القدرة على الحب هبة ربانية، وأول القدرة هذه هو العطاء، أن تنشغل بآخر ( كَ ) قبل الانشغال بنفسك، أن تمنح قبل أن تفكر ماذا ستأخذ.. الحب هو الخروج من حبس الأنا نحو الآخر، مغادرة صحرائك نحو فردوس الآخر.. هو السر الجميل اللاعب بين كائنين، هناك في تلك المسافة المضيئة التي تكاد تكون بلا أبعاد لأنها حية، متألقة، عامرة بما هو فذ وباهر، ومفعمة بالرواء والعافية.
والحب هو ذلك النور الداخلي الذي يغمر النفس ويفيض ليستحيل إشراقة في الوجه وبريقاً في العيون، واستعداداً لمعانقة العالم، حيث يبدو كل ما يحيطك أروع وأبهى. والحب هو أس وقرين تلك المشاعر والقيم السامية كلها ( الحنين، الشفقة، التسامح، التعاطف، الصداقة، الخ ). ومن غير الحب تغدو الحياة بلا نكهة، لا تُطاق.
ثم أليس ميل أي مجتمع إلى التناحر والتفكك والعنف سببه غياب الحب وإخفاق البشر في إيجاد قنوات صلة بين بعضهم بعضاً؟. ألا يفضي الحقد والبغض والكراهية، في نهاية المطاف، إلى الخراب والتعاسة والموت المجاني؟.
لا أحسب أن الإنسان يولد وفي داخله بذور حقد وكراهية، فالأصل فيه هو الحب. وما انحرافه إذا ما انحرف إلا لأن الحب فيه لم يجد المرتع الخصب ولم يعثر على شروط النماء. وفي النهاية يكون المجتمع مسؤولاً إذا ما حاد الفرد عن جادة الصواب وأظهر ما هو سيئ فيه.
إذن، هل يمكن أن نعلّم الحب، أن نعلّم المرء كيف يحب؟ كيف يسقي في داخله بذور الحب؟ أهناك طرق وتقنيات في التربية تعيننا في إشاعة المحبة في النفوس، وفي بناء شخصية الإنسان على القيم العليا المشرّبة بالحب؟. أن تكون أحاسيسه مرهفة، تُرعش روحه الكلمة الطيبة والنغمة العذبة والمشهد الساحر والموقف الإنساني النبيل؟ أن ينغمس في حمى الإبداع، إذ لا إبداع إذا لم يكن المبدع عاشقاً كبيراً؟. كان هذا شأن الكتّاب والفنانين والعلماء العظام، بناة العالم. وكان هذا شأن الأنبياء والقديسين الأتقياء هُداة البشر إلى الخير والحق.
في هذا الزمن الصعب المضرّج بالدم ما أحوجنا للحب. أن نكتب ونردد ونتبادل كلمات حب ورسائل حب، وقصائد حب، وقصص حب، وأغاني حب. فلا خلاص لنا إلا بالحب، ولا وطن لنا نبنيه معاً من غير أن نحب.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟