أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الطناني - أبي أريد أن أرسمك... القصة المثيرة للجدل














المزيد.....

أبي أريد أن أرسمك... القصة المثيرة للجدل


أسماء الطناني

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 05:36
المحور: الادب والفن
    


تعجبت لأمر هذه القصة .. فمنذ نشرتها في مارس 2007 في مجلة العربي ( الشهيرة) بالكويت وانهار عليها الجدل لدرجة لم أتوقعها لكل من قرأها أو استمع إليها في الندوات الأدبية التي ألقيها فيها .. لدرجة أن أحد الكتاب قد سرقها مني وكتبها باسمه وتعدي علي حقوق الملكية الفكرة وجاري محاكمته.. لا أدري ما سبب كل هذا الجدل لا أقول أنني نجيب محفوظ ولا أنني سأكون يوماً هو فأنا أقل بكثير من العمالقة .. لكن لا أدري كيف أحدثت هذه القصة هذا الجدل..
فقط ما أتمناه هو ان تحيي هذه القصة القصيرة في القاريء شيء ما،، لعل هذا الشيء هو ما جعلها مثيرة لهذا الجدل ...


أبي.. أريد أن أرســــــــــــمك
نظرت إليه، نظر إليها، ابتسمت له، ابتسم لها، كانت تملك شمساً وسماءاً وسط أكوان عينها، شمسٌ خضراء وسماءٌ بيضاء، جعلت شمس عينها تشرق علي وجهه، تدور بين أجوائه وأركانه المتعددة، بدأت رحلة شروقها من أعلي فهي شمس خاصة جداً لا تخضع لقوانين الشموس الكونية الأخرى، أشرقت علي الشجيرات المتدلية من زراعات شعره، مرت علي حدائق جبهته البيضاء ومنها إلي عينه اليمني، وهنا التقت بشمس صديقة ، خضراء اللون أيضاً، ألقت عليها السلام بلغة مشفرة لا تعرفها سوي الشموس، تفحصتها بدقة وكأنها تدرس أبعادها الشمالية والشرقية والجنوبية والغربية بل و اتجاهاتها الفرعية، قالت له: "أبي أريد أن أرسمك"، تعجب قاسم من هذا الطلب الغريب لكنه قال لها: "تفضلي يا صغيرتي"، ظن أنها سوف تذهب و تأتي بالفرشاة و الألوان لكنها لم تفعل و وقفت تتفحص باقي وجهه وهو لا يدري ماذا تفعل، نظرت إلي عينه اليسرى ، غربت شمسها حزناً عليها فلا شمس في عينه اليسرى ولا سماء بها، بها ليل فقط ، عليها آثار عملية جراحية أجرتها مجموعة من الملائكة بمباضع من نور.
وسط جبال الأحزان و تحت سحب المواساة و بين سرادقات الشهداء دلفت زهرة إلي حجرتها الصغيرة التي كانت تعتبرها حياة أخري ينبع منها الحب والحنان والإبداع، علي الأرض كانت هناك الفرشاة والألوان فدائما ما كنت تحب أن ترسم وهي جالسة أرضاً قرباً من أرض وطنها المسلوبة، كانت تشعر أنها بهذه الطريقة تحمي جزءاً من أرض وطنها ولو أمتاراً بسيطة.

جلبت ورقة رسمها البيضاء، كانت من عاداتها الدائمة أن تشاهد آخر ما رسمت قبل البداية في أي عمل جديدة فقد كان ذلك يقوي روح الحماس بداخلها ويقوي من شكيمتها وقدرتها علي التعبير عما يجول بخاطرها، و أخرجت ملاحمها الممتزجة بألوان الأنين ، الرسمة الأولي، طفل يبكي بجوار بيته المتهدم، ينعى رفاته وبقايا جدرانه، الرسمة الثانية، جندي من العدو يقذف وابلاً من طلقات غادرة علي أطفال يحاربون بالحجارة، الرسمة الثالثة، سيدة عجوز تقف بجوار بقايا عائلتها الشهيدة ترفع يديها إلي السماء تدعو رب الكون أن ينتقم لها من الأعداء.
اكتفت زهرة بهذا القدر، شعرت بشيء ما يقول لها ارسمي عبري عن غضبك، عن اعتراضك، كانت تشعر أن الرسم هو طريقها الأوحد للتعبير عن كل هذا، وبدأت في رسم والدها بأحاسيس الابنة الصامدة الغاضبة الثائرة ، انتهت من رسم وجهه لكن شيئاً ما بداخلها جعل يتصارع، شعرت أن الشكل غير متكامل من الناحية المعنوية فعينه اليسري سعيدة في اللوحة وهي في الحقيقة حزينة باكية، اشتد الصراع في داخلها هل تُبقي علي عينه اليسري بلا دموع أم بدموع؟ و بدأت يداها في العمل في اللوحة من جديد ثم سرعان ما سيطر عليها الصراع ثانية اشتد عليها لدرجة لا تحتمل، استسلمت زهرة للنوم هرباً من ذلك الصراع الخفي الذي سيطر علي جل تفكيرها.
مر الليل، أوله، منتصفه، و آخره، أتي الصباح بدون زقزقة عصافير فقد هربت بعيداً عن النيران والقنابل، لا شمس مشرقة في السماء فسحب الطغيان قد غطت علي نورها وحجبته، استيقظت زهرة، كانت اللوحة في يدها، خرجت لتريها لأبيها، وجدته نائماً علي الأريكة في الشرفة، اقتربت منه، بدأت تقارن ملامح وجهه بلوحتها، تحسست وجهه وعينيه، قالت له: "انظر يا أبي لقد رسمتك، هلا أعطيت لي رأيك؟ ، لا تحزن مني أرجوك إذا وجدت عينك اليسري تبكي، أنا أعتقد أنها حزينة، أليس كذلك؟، لماذا لا ترد؟، هل أنت نائم ؟"، تحسست وجهه ثانية، إنه بارد للغاية علي غير العادة، قالت له:" هل أنت مريض؟" ولا توجد إجابة لما يجول علي أطراف لسانها، بحثت عن أحد بالبيت، ولكن لا أحد، أين ذهب الجميع؟، جلست بجواره، نظرت إليه و إلي اللوحة، بعد دقائق أتي الجميع، دموع فرحة في عين أمها، حزن علي وجه أخيها، ألم علي وجه أختها، اتجهوا ناحيته، انزوت زهرة جانباً وفي يدها اللوحة تنظر لما يحدث، غطاه أخوها بعلم بلادها، حمله مع أصدقائه، انطلقت زغرودة من أمها وسط صديقاتها وهن يربتن علي كتفها، تجمع الجميع خلف الباب ومنهم من نظر من النافذة للمشهد، والدها يبتعد، يبتعد، يبتعد، أدركت أنه لن يعود، لن تراه ثانية، سمعت بقايا كلمات تقول: " لا تحزني انه شهيد"، " لقد خرج في الصباح وعاد بالمجد والشرف والشهادة"
لم يتبق لها سوي لوحتها التي تحمل ملامح وجه أبيها، نظرت إليها، قالت وهي تعلم أن لا إجابة، أن الإجابة سيصمت الصمت أمامها: "هل سأراك ثانية؟، هل سأرسمك ثانية؟، هل ستقبلني ثانية وتحتضنني في الليالي العصيبة وتقول لي لا تخافي؟، ألن تسهر معي علي ضوء شمعة منزلنا الوحيدة وتحكي لي قصص كفاح الشهداء، أين أنت؟، هل يمكنك أن تأخذني معك؟".
صمت الصمت وسكتت الإجابات الغير موجودة وانضم الليل مع النهار في لوحتها، اجتمعت الدموع مع الابتسام، رسمته ثانية، وسط الحدائق، بين الأنهار، وهذه المرة كانت عينه اليسري بلا دموع.



#أسماء_الطناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء الطناني - أبي أريد أن أرسمك... القصة المثيرة للجدل