|
تصعيد خطير للفوضى الخلاقة لتحقيق الاستراتيجية الامريكية في العراق والشرق الاوسط
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 2235 - 2008 / 3 / 29 - 11:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تبنت الادارة الامريكية استراتيجية الفوضى الخلاقة لتدمير البني الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للشعوب التي تهيمن عليها بدعوة اعادة بنائها على اسس من الديموقراطية وحقوق الانسان التي تنتهكها حتى في بلدها . ومارست ذلك في كل من يوغسلافيا والعراق وافغانستان . فهدمت كل اسس بناء هذه الدول وعملت على تفتيت كيانها وقضت بلمح البصر على انجازات شعوبها لقرون مستخدمة افضع اساليب ووسائل التهديم ولاسيما الحرب الالكترونية والسلاح الجوي ، فاحالت بلحظات المدن العامرة الى خرائب . دون ان تعيد بناء أي منها رغم مرور عشر سنوات على تفتيت يوغسلافيا وخمس سنوات على تهديم العراق وافغانستان. ولكن لهذه الاستراتيجية الهدامة تأثيرها على النقيض الاخر،على العولمة الراسمالية عامة وعلى الامبريالية الامريكية خاصة. فقدهدد مواقعها الاقتصادية والسياسية والاخلاقية على الصعيد العالمي . فقد ادت تكاليف هذه الاستراتيجية الاقتصادية الباهضة ولاسيما تكاليف حروبها، الى تصاعد الازمة الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة و الى تدهور عملتها وهزت مواقعها في الاقتصاد العالمي بل والى اتساع مدى الازمة لتشمل العالم . وتصاعد النضال العالمي ضد حربها واحتلالها للعراق وادانة جرائمها المنافية لكل الاعراف والقوانين الدولية . ومس تاثير تكاليفها حياة كل اسرة وفرد امريكي فتصاعد النضال الجماهير في جميع مدن الولايات المتحدة مطالبين بانهاء الحرب وسحب القوات الامريكية من العراق . كما تصاعدت مقاومة الشعب البريطاني للحرب على العراق وادانته لمساهمة حكومته فيها ولم يكتف بازاحة حكومة بلير التي خاضت الحرب مع الادارة الامريكية وتقاسمت معها الاحتلال وتكاليفه من خلال نشر قواتها في مدينة البصرة وبعض مدن الجنوب، بل وارغمت حكومة براون على سحب القوات البريطانية من العراق. الامر الذي وضع امام الادارة الامريكية مهمة نشر قوات احتلالها في البصرة المركز الاسترتيجي الرئيس للهيمنة على العراق وثرواته بعد بغداد والمعبر الرئيس للنفوذ الايراني واسلحته . كما تتصاعد مقاومة الشعب العراقي مع تصاعد وعيه وادراكه من خلال التجارب اليومية بان الاحتلال هوايغال في الاستعباد وليس تحرير هو تهديم وليس تعمير هو تجهيل وليس تنوير هو افقار وليس اغناء . وفشلت كل وسائل قوات الاحتلال لاثارة الحرب الاهلية والتمهيد لتقسيم العراق وتفتيته على اسس اثنية وطائفية ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات في المحافظات. ولم تستطع حكومة المالكي تمرير قانون النفط رغم كل محاولاتها خلال ما يزيد عن سنة على طرحه ، الامر الذي يجسد امامها صعوبة تمرير اتفاقيات التعاون التي يتزايد وعي الشعب بانها تفوق جميع الاتفاقيات الاستعبادية التي فرضها الاستعمار البريطاني والتي مزقها شعبنا بدماء شهدائه. فجاءت زيارة دك تشيني لاطلاق اوسع واشمل فوضى في العراق، لتحقيق الاهداف الاستراتيجية الامريكية في العراق وبالتالي في الشرق الاوسط. والتي تتمثل اولا - باحكام الهيمنة على البصرة من خلال نشر القوات الامريكية فيها بطلب من الحكومة وثانيا - تشريع اتفاقيات التعاون أي الاحتلال الدائم والنهب الدائم لخيراته وثالثا- تفتيت العراق وانهائه كمقدمة لتفتيت جميع بلدان الشرق الاوسط . فاثارت الحرب الاهلية وقيادتها بعد ان استمرت الادارة الامريكية وادواتها من اقطاب العملية السياسية لخمس سنوات تبرر استمرار الاحتلال بحماية الشعب العراقي من الحرب الاهلية !! وكانت نقطة الانطلاق من البصرة عاصمة العراق الثانية واكبر منابع النفط ومركز تصديره فضلا عن الشريان الرئيس لتدفق الاسلحة وتموين قوات الاحتلال، ومركز التأثير الكبير على محافظات الجنوب. والمدينة التي تحظى بعمق تعبوي ولوجستي من دول الجوار ، التي بدورها انشأت المليشيات التابعة لها وحولت البصرة الى ساحة لتقاسم النفوذ والنفط فيما بينها من جهة وبينها وبين قوات الاحتلال المتمثلة بقوات الامن العراقية والقوات البريطانية . وتقود هذه الحرب قوات الاحتلال ميدانيا واعلاميا . فقد استنفرت قوات الجيش والشرطة العراقية التي انشأتها ودربتها على خدمة مصالحها وطاعة مستشاريها العسكريين والمدنيين. وزجت برئيس الوزراء باعتباره قائد القوات العسكرية لقيادة هذه الحرب لاثبات جدارته في تعينه بهذه المناصب كما يردد بوش في كل مرة يجبره على اقتراف الجرائم بحق شعبه ووطنه . فقد سمعنا هذا المدح الممزوج بالتهديد، مع بدء القتال وسمعناه قبل سنه عند توقيعه على قانون النفط وسمعناه عند توقيعه على اتفاقية التعاون قبل اشهر . فوفقا للمخطط سوف لم تستطع الحكومة بقوات امنها ومليشياتها انهاء الحرب الاهلية، رغم كل الدعم الجوي لقوات الاحتلال والتشجيع المعنوي علنا وتزيدها اشتعالا سراوعلنا سواء من خلال التحريض وحتى المساهمة فيها في مناطق اخرى ولاسيما في بغداد والمدن الاخرى. و اعلان بوش بان قواته سوف لن تتدخل في هذه الحرب ليرى العالم اوضاع الشعب العراقي وحاجته الماسة لحماية القوات الامريكية، وحتى تطلب الحكومة العراقية التدخل . وهو واثق بل ومخطط لحتمية طلبها الاستعانة بقوات الاحتلال، لقاء تمكين الكتلة الرئيسية في الحكومة ومليشياتها المتمثلة بالمجلس الاعلى وحزب الدعوة من تشكيل فدرالية الجنوب ، الامر الذ ي يخدم اهدافها الثلاثة نشر قواتها في البصرة بعد انسحاب القوات البريطانية منها وتشريع اتفاقية التعاون بطلب من الحكومة و تقسيم العراق وانهائه ككيان . ولكن ما لم يكن في حساب قوات الاحتلال وادواتها من كتل سياسية ومليشيات تحول هذه الحرب الاهلية الى انتفاضة شعبية ضد قوات الاحتلال وضد الحكومة والكتل الطائفية عموما والكتل المتنفذه خصوصا ولاسيما المجلس الاعلى وحزب الدعوة التي اذاقت الشعب صنوف التعذيب والقتل والحرمان لخمس سنوات . وعلى الرغم من عدم نضوج القيادة السياسية التي تستطيع تو جيه هذه الانتفاضة توجيها استراتيجيا نحو تحرير الوطن من الاحتلال وترك الجماهير مرة ثانية ترضخ للاحتلال للتخلص من الدكتاتورية او الحرب الاهلية ، ولكنها ستكون التجربة الاولى التي تثبت للجماهير بان الاحتلال هو العدو الرئيس ولابد من الربط بين النضال ضد جميع ادواته ووسائله لتركيع شعبنا من انظمة دكتاتورية وحكومات تابعة وكتل سياسية باردية دينية او طائفية وفرق ارهابية، بالنضال من اجل التحرر من الاحتلال وهوالسبيل الوحيد لبناء العراق الحر والشعب السعيد. سعاد خيري في 29/3/2008
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي عيد ميلاد عراق حر وشعب سعيد
...
-
الدراسة العلمية للواقع ولتجارب الماضي ضمان لوحدة القوى الوطن
...
-
العراق القلب النابض للبشرية
-
الوطن يناديكم والشهداء يستصرخونكم والنضال يحرركم ويوحد صفوفك
...
-
مؤتمر البرلمانيين العرب ومخطط تعميم النموذج العراقي في الهيم
...
-
تحية حب وتقدير للسيدة شهرزاد
-
يوم المرأة العالمي هو يوم النضال لتحريرالانسان من استغلال اخ
...
-
اين اقطاب مدنيون من اعلان اقتسام الهيمنة على شعبنا وثرواته ب
...
-
تحرير شعبنا رهن بتحويل دعوة مدنيون ديموقراطيون الى حركة جماه
...
-
الفوضة الخلاقة تهشم الهيمنة الامريكية وتنعش رمم الامبراطوريا
...
-
هل انتقلت المقاومة الوطنية حقا من روح الوطنية الى حضن الطائف
...
-
jتكفي القوى الوطنية خمس سنوات من التطلع وآن الاوان لاطلاقها
...
-
اين تحالف مدنيون من الاتفاق الامني مع الامبريالية الامريكية
-
ليبقى 14/تموز العيد الوطني لشعبنا ومفخرة كفاحه واول انتصارات
...
-
كل الادانة لجرائم النظام السلفي العنصري الايراني ضد الشعب ال
...
-
الاتفاق الامني المتبادل مع القطب الاكبر للعولمة الراسمالية ا
...
-
المخاض الجديد للحركة الشيوعية الوطنية والعالمية يفرضه المنعط
...
-
تحالف -مدنيون- حركة جماهيرية يضم: الاحزاب والمنظمات والحركات
...
-
تحالف -مدنيون- فرضته انطلاقة الجماهير والنضال الجماهيري كفيل
...
-
جريمة بيع اطفال العراق احد افضع جرائم الاحتلال الامريكي التي
...
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|