العلاقة الجدلية بين المجتمع و الانسان

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 10:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ان الشخصية الانسانية هي حصيلة نشأة و ترعرع و تربية الانسان في بيئته الاجتماعيةو الثقافية و الاقتصادية و السياسية و لذلك فإن تأثيرات هذه العوامل البيئية لها دور فعال ايجابيا أو سلبياً فهناك علاقة جدلية بين الانسان و بيئته فكلما كانت البيئة مدركة و واعية و مثقفة ينشأ و يترعرع الانسان تشبع بالجوانب و المؤثرات الايجابية و كلما كان الجهل و الامية و المرض يعشعش في تلك البيئة تغرز الجوانب السلبية في الانسان و لذلك تعتبر الشخصية الانسانية من أهم عوامل و أسباب المعرفة و التقدم و التطور في المجتمع .
توجد داخل كل انسان ( منظومة قيم ) هي التي تحرك السلوك الانساني و توجهه نحو الاهداف التي يروم و يسعى اليها ايجابية كانت أم سلبية و ان الانسان لا يدرك هذه المنظومة من القيم و تأثيرها عليه و تحركه و توجهه في سلوكه و تصرفاته في حياته و لذلك فإن سلوك أي إنسان يختلف بين شخص و أخر بسبب منظومة القيم و الثقافة الناجمة عنها و تكون مختلفة توعياً و كما بين شخص و أخر هذه القيم لا تولد مع الانسان منذ الفطرة و إنما يكتسيها من خلال ( النظام التربوي ) ( المدرسة ) ( الاسرة ) ( السلطة أي نظام الحكم ) إضافة الى إن هذه القيم تحركها و تؤثر عليها في ظروف مختلفة شخصيات من خلال سلوكهم و أعمالهم كالفلاسفة و المفكرون و المبدعون و السياسيون و يكون لهذه القيم و دورهاو الشخصيات بمثابة الاطر الانسانية التي تمثل النخب المؤثرة و الفعالة في الشخصيات الانسانية و يعتبر مجمل السلوك الذي يتعلمه الفرد في إطاره الاجتماعي و السياسي و الثقافي فينشأ الانسان بكنفه كموروث من عادات و تقاليد و أعراف و اداب و فنون و تكون ذات تأثير كبير على وعي و معرفة الانسان و شخصية التي يكون لها دور فعال و مؤثر يشغل حيزاً كبيراً في مجالات الوعي و المعرفة الإنسانية و اعتزازها و إرتباطها بهويتها الوطنية بالرغم من مكوناتها القومية و الطائفية المختلفة داخل المجتمع الواحد كالعربي و الكردي و التركماني و الصابئي و الشيعي و السني و المسيحي و الايزيدي . . . الخ بحيث تترك أثارها الايجابية داخل المحيط الإنساني في المجتمع العراقي و تخلق وعي و معرفة و ثقافات تحافظ على ثوابت شخصيتها الوطنية و النسيج العراقي بالرغم من صفات شخصيتهم الفرعية الا انهم يتمسكون بهويتهم العراقية .
ان الاحداث و المتغيرات على الساحة العراقية و الدولية متسارعة و تتسابق مع الزمن نتيجة للظروف و الاوضاع المأساوية التي أتاخت بثقلها و الامها على صدور أبناء الشعب العراقي طيلة العقود الاضية من الزمن مما يحتم و يفوض ان تكون من أوليات الأحزاب الوطنية و التقدمية و منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الانسانية التي تعمل و تناضل من أجل النسان الذي يعتبر أرقى و أرفع الكائنات الحية و أثمن رأس مال في الوجود لكونه يمتلك العقل الواعي و المدرك و الخالق لجميع المستلزمات و الحاجيات الانسانية المادية و المعنوية ، هذه الأحزاب و المنظمات و الجمعيات التي تزدهم شعاراتها ( بالوطن المذبوح و الشعب المستباح ) ان تضع الانسان العراقي أما استحقاقات حتمية و ضرورية التي تشمل مفاصل الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية عن طريق دراسة أسبابها و مسبباتها و غرس الوعي الفكري و الثقافة الانسانية بعد معالجة ظروف الانسان و معاناته كالبطالة و التهجير و الازمات المختلفة و المتشعبة التي تنهكه و تهمشه و تسلب عقله و طاقته و معنويته .
ان الذي ورثناه من العقود السابقة كان و لا يزال تأثيره السلبي على شخصية الانسان العراقي نتيجة طبيعة لامتداده لمرحلة طويلة فتركت بصماتها عبر قرون من الزمن شملت التخلف و ضعف النشاط الانساني من حيث القيم و التعامل و العلاقة الاسرية و نشئة المجتمع فأصبح الانسان العراقي عاجز و غير مؤهل لاداء دوره الايجابي في المجتمع في دفع مسيرة التاريخ الى أمام فأصبح المجتمع العراقي يعيش تحت كابوس أزمة حقيقية متشبعة و متفرعة لها إمتدادات منذ عقود طويلة من الزمن حتى الوقت الحاضر فأفرزت سلبياتها في المجتمع العراقي و تأثيراتها على الوعي الفكري و المعرفة و الثقافة فإنعكس ذلك من خلال سلوك و تصرف الانسان العراقي المختلف سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً و جعلت منه شخصية منمرده و لا أبالية مستهلكة لا منتجة و جسد هذا الواقع باغتراب الانسان و السلوك السلبي في التعامل و العلاقات الانسانية مما جعلها ان تنغرس في نفسية الانسان العراقي و تصبح حالة مرضية مزمنة مستعصبة الحلول و العلاج حسب القاعدة التي تقول ( ان التأخر في إنجاز الايجابيات يؤدي الى إفراز السلبيات ) .

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات