أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - معتز تروتسكي - قراءة في جدلية المرأة والرجل















المزيد.....



قراءة في جدلية المرأة والرجل


معتز تروتسكي

الحوار المتمدن-العدد: 2230 - 2008 / 3 / 24 - 11:18
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


قضية المرأة قضية قديمة قدم الفكر البشرى نفسه ؛ فان الإنسان منذ الخلق ولع بالتميز والمفاضلة ؛ وكان حريص على تعرف أوجه الخلاف والماثلة ؛وقد وجد في (الذكورة) و(الانوثه) ثنائية جديدة يضيفها إلى قائمة ثنائياته المعهودة؛ حيث قال : فيثاغورث ((إن هناك مبدأ خير لخلق النظام والنور ألا وهو الرجل،ومبدأ شرير خلق الاضطراب والظلام ألا وهو المرأة)) .هكذا وجد الإنسان موضعا للتفرقة بين الرجل والمرأة ؛ فخلق لنفسه من ذلك مشكلة ولكن الرجل هو المسيطر فتلبست المشكلة بالمرأة ومن ثم نشأت تلك القضية (قضية المرأة) لا الرجل..! ،وظن الرجل في نفسه انه المعيار فأصبحت (الرجولة) في نظرة هي القاعدة السوية وصارت (الانوثه) عنده مرادفة لظاهرة غير طبيعة . كذلك كان الرجل وحده هو مقياس لجميع الأشياء ولعل هذا هو السبب في إن كلمة "الفضيلة" في معظم اللغات الأوربية المشتقة من اللاتينية اشتقت من كلمة الرجولة ، كما نجد إن كلمة الرجل في بعض هذه اللغات قد أصبحت مرادف لكلمة الإنسان. أما المرأة فنجد انه قد تم إطلاق عليها (الموجود الأخر) أو (الجنس الثاني)،الذي كُتب عليه ابد الدهر يبقى مغلقا بالأساطير والتهاويل والخرافات وارتبطت في أذهان بلاد الشرق كلمة المرأة بمسميات كثيرة مثل (الحريم) (الحرمة) ووالخ، ونجد في دلالة ذلك أنها أصبحت دون غيرها؛ ثم جاء علماء النفس بنظرياتهم في (الليبيدو) وعقدة اوديب وعقدة الخصاء، وعقدة النقص، وعقدة الذكورة ، فلم يكن شان عقدهم هذه سوى أن تزيد المشكلة تعقيدا (هذا من الجانب الذكوري)؛ حيث المرأة مخلوق غريب لا سبيل إلى فهمه ،أما الأدباء حيث وجد البعض في عبارة (فتش عن المرأة) مفتاحا أراد البعض أن يحلو به مشاكل المجتمع الناشبة من خلال الصراع بين الجنسين ، وكان لهذه العبارة من السحر ما تستطيع معه أن تمحو المشكلة بجرة قلم ! ، حيث إن هنالك تعقيدا للمشكلة تم من جانب المرأة نفسها.

كذلك عندما تُثار مسالة المنافسة حول المفاضلة بين الرجل والمرأة أو المساواة أو التكامل بينهما، نجد بان كل تلك المناقشات العقيمة لم تعمل إلا أن تزيد القضية تعقدا وتشابكا ،إذ أصبحت المرأة تقف وجها لوجه أمام الرجل ، تناضله وتذود عن نفسها كأنما هي خصم عنيد؛ ومن هنا نجد بان الأمر ينتهي بالمرأة إلى الشك في قدرة الرجل على فهم نفسيتها؛ ونجد اقرب مثال لذلك هو ما قلته إحدى الكاتبات في مقدمة كتاب ضخم لها عن المرأة حين قالت: ((إن كل ما كتبه الرجال عن النساء مرفوض ومردود لان الرجل نصب نفسه خصما وحكما في وقت واحد)). ونجد لمزيدا من تعقيدات ألازمه الناشبة ما قله بلزاك في كتابة ((فسيولوجية المرأة)) موجها حديثه إلى الرجال: لا تابهوا بأنات النساء وصرخاتهن وآلامهن فان الطبيعة نفسها هي التي وضعت المرأة تحت تصرف الرجل. كذلك ما قله نبيه زرادشت في معرض حديثه عن المرأة ،إن الرجل يجب أن ينشا للحرب والقتال، اما المرأة فيجب أن تُعد للترويح عن المحاربين وكل ماعدا ذلك فهو حمق .يصب السؤال كيف ترتضى المرأة إذنا حكم الرجل وهى تعلم انه قد نسب لنفسه في كل زمان ومكان ؟؟!!؛ لا الأولوية والسبق فحسب ؛ بل السيادة المطلقة والامتياز التام ؟؟!. نعم قد ذُكر في التوراة بان الله خلق ادم أولا ثم خلق حواء من ضلعه بعد ذلك ؛ لكن نجد بان الرجل لم يقتنع بهذه الأولوية بل أراد أن يجعل من نفسه خالقا للمرأة نفسها وذلك منك من خلال حديث نيشته (( أن الرجل هو الذي خلق المرأة وهو من خلقها من ضلع الله ،اعني ببضعه من مثله الأعلى!)) ؛ ليس مستغربا أو بدعا أن يظن الرجل نفسه انه نفسه هو من خلق المرأة ،فان الرجال بالفعل هم من خلقوا صورة "الأنثى الخالدة" وخلقوها بأوهامهم وأحلامهم ،كما ساعد في هذا الفهم أيضا المرأة نفسها اى نجدها تهتم بان تكون من أميز اهتمامات الرجل مما يدفعا بان يمجدها ويخلدها وفى اقرب شلخ للعلاقة الموجودة تصبح صدمه ويصبح انهيار للمثال وتبدأ الساديه والخ من أساليب الاضطهاد.
مدخل للجنس البشرى عبر الفروق البيولوجية بين الجنسين:
ليس هناك أيسر من أن يُقال إن الرجل هو "القضيب" أو أن يعرف بأنه "الحيوان المنوي" ،وان تُعرف المرأة بأنها "الرحم" أو "البويضة"، لكن هناك ثمة سؤال هل يكفى اختلاف عضو التناسل لدى الرجل والمرأة لفهم نفسية كل منهما؟ وهل تصلح الفروق البيولوجية القائمة بين الجنسين أساسا نستند عليها في وضع فروق سيكولوجية حاسمة بين الواحد منهما والأخر؟. لكن هناك ما هو أهم وهى تلك المشكلة التي لابد لنا من التعرض لدرستها ،حتى نستطيع أن نعرف على وجه الدقة إلى اى حد تتحكم العناصر البيلوجيه في مصير المرأة .علم الفسيولوجي هو الكفيل بإظهار العلاقة التي تربط سلوك الفرد بمظاهر نموه البيولوجي وحالة نشاطه الهرموني ، وقد نجد فيما ذهب إليه العلماء إلى أن "المعادلة النفسية" للفرد ترتد في نهاية الأمر إلى "معادلته الغددية" ،حيث توجد صلة قوية بين الغريزة الجنسية) والهرمونات التناسلية. مثلا من خلال التجربة التالية تظهر جليا النتائج المختلفة التي توصلت إليها دراسات الباثولوجي "علم الأمراض" .*نلاحظ أن فترة التهيج الجنسي لدى الحيوانات تحدث في الربيع عادة؛ فتكون هناك الرغبة في الحيوانات إلى النزوع والرغبة الجنسية، كذلك فان هذا الاستعداد الجنس لا يلبث أن يختفي فتختفي معه الغريزة الجنسية ويصبح الذكر في حالة عدم اكتراث تام للأنثى ، فإذا حقنا (ضفدع) المخصي بخلاصة الخصيتين سواء كانت مستمده من احد الطيور أم من حيوان ثدي أم من اى نوع من الزواحف، فان الرغبة التناسلية لا تلبث أن تعود إلى الظهور لدى ذلك الضفدع ؛ بالتالي فان نزوعه إلى الجماع سرعان ما يتخذ مجراه الطبيعي، وقد اثبت العالم البيولوجي اشتيناخ في تجارب مشهورة يستند عليها العلم ألان رغم أنها أصبحت كلاسيكية (أن مخ الذكر ونخاعة الشوكي ينطويان أثناء الربيع على مبدأ شبقي ) ، بحيث إننا لو حقنا اى ذكر مخصي بتلك الأعضاء تحت الجلد لترتيب على ذلك الغريزة الجنسية من جديد لدية، وكانت الغدة التناسلية قد أنتجت في فصل التهيج الجنسي هرمونا يشيع في الجهاز العصبي كله النزوع إلى الرغبة الجنسية. أيضا هناك تجارب كثيرة مشهورة تم من قبيل العالم الفرنسي بيزار –وتمت على الدجاج، فاستطاع بواسطتها أن يظهرنا على أن الديك يختلف عن الدجاجة من حيث الريش ونمو الزوائد المخلبية ونمو العرف ووالخ.

ومن خلاصة تجربته انه لو أجرينا نفس التجارب على دجاجه فان ريشها لا يلبث أن يتساقط لكي ينمو مكانه ريش ملون من نوع ريش الذكر ، كما أنها تكسب معظم خصائص الذكر مثل النزوع في المقاتلة والحمية الجنسية ووالخ والتجارب كثيرة. أما فيما يتعلق بالآثار النفسية التي تترتب على استئصال الغدد التناسلية لدى الحيوانات الثديية بصفه عامة ، ولدى المستأنس منها بصفه خاصة فان خير مثال ذاك الفارق الكبير الذي نشهده بين الثور المخصي والثور الطليق. يوجد شي مهم في تناول مدخل الفروق في الإنسان عبر الحيوان، فكثير من التجارب التي أجريت على الحيوان تنطبق إلى حد كبير على الإنسان ؛ مثل تجارب الاخصاء هذه وغيرها. فالغريزة التناسلية لا تظهر لدي الخصى والخصائص الجنسية الثانوية من مورفولوجية وسيكولوجية لا تجد عنده مجالا للظهور وهذا هو سبب في إن للخصى ((معادلة سيكو- فسيولوجية)) . ونجد كثير من علماء الجنس يرفضون التحدث عن نو ع مذكر أو مؤنث لأنهم يعلمون أن ليس ثمة سوى سلسله طويلة من الحالات الجنسية التي تمتد ابتداء بالخنثى، حيث دلت التجارب أيضا انه ليس ثمة رجولة خالصة أو انوثه خالصة، فحتى ما يميز السويين عن غيرهم من الشواذ إنما هو زيادة حظهم من الإفرازات الهرمونية الخاصة، حيث نجد بأنهم آخذو من الجنس الآخر بقسط أوفر مما أخذنا فلذلك ظهرت لديهم حالات الاختلاط بشكل أوضح، لكن مهما كان حظنا من الذكورة فان من المؤكد أننا نحمل في ثنايا تكوينا الجسماني والنفسي قسطا قل أو كبر من الانوثه أو الرجولة، وقد دلتنا التجارب على أن التميز التام بين الجنسين قد يكون ضربا من المستحيل ،وهذا ما اعبر عنه العالم بيدل بقوله (أن الرجل الخالص والمرأة الخالصة هما حالتان قلما يلتقي بهما المرء في الظروف العادية)، اى أن الموضوع شائك في شكل التحديد والمفاضلة حتى البيلوجية. مثلا: هل نقول أن الرجل هو "التستسترون-هرمون الذكرأو إن المرأة هي "الفوليكولين-هرمون المرأة "؟! ؛ أم نقول أن الفارق بين الرجل والمرأة إنما هو مجرد فرق كيماوي تتكفل بتفسيره بيلوجيا الغدد الصماء؟ ؛ من تلكم الأسئلة يظهر الخطاء في أن نظن بان للوظيفة التناسلية عند الإنسان تلك البساطة الدورية التي نجدها لدى بعض الحيوانات؛ لكن هل يكون معنى هذا أيضا بان الفروق البيولوجية لا تقوم باى دور في حياة المرأة؟؟ ،أم هل يكون معنى هذا أن التكوين البيولوجي للأنثى لا يتدخل باى حال في تحديد مصير المرأة؟، بالتأكيد نكون على خطاء لو تعاملنا مع هذه الفروق على إنها فروق للتميز أو المفاضلة لأنها فروق بيولوجية حتمية تتكامل كلها متلخصة في شكل الكائن المسمى المرأة ، ابتداء من عهد الطفولة الذي تدرك فيه أنها مختلفة جسميا عن الرجل حتى الشيخوخة الذي تصل فيه إلى سن اليأس بعد أن تكون مرت بمراحل البلوغ والحيض والحمل والولادة ووالخ، هذا كله يجتمع يوضعنا في خانة أننا فعلا لا نفهم الوقائع البيولوجية إلا في سياق ضؤ وجودي ،اقتصادي، نفسي، اجتماعي، لكننا لا ننسى أن تكوين المرأة البيولوجي في حد ذاته هو الذي جعلها منذ البداية فريسة لصراع نفسي عميق بين اهتماماتها بذاتها وخدمتها للنوع البشرى؛ وهذا ما وقع فيه اغلب النساء مابين الصراع الداخلي لتبليه نهم النساء بأشيائهن الخاصة ومابين المقارعة والإفراط في الصراع مع الرجل وعملية الحقوق والواجبات؛ اي أننا مهما حاولنا أن نخفف من حدة الفروق بين الجنسين فإننا لن نستطيع أن ننكر بأية حال إن المرأة إلى حد كبير أسيرة للنوع ،حتى أن معظم المتاعب النفسية لدى الكثير منهن إنما هي في العادة وليدة هذا الصراع الكامن لدى المرأة بين (الفرد) و (النوع) ،وبينهما يكاد الرجل يحيا لنفسه دون أن يجد ذاته مأخوذة في حبال (النوع) ومن هنا يجب النظر للأشياء بان التعامل ككائن متكامل مختلف اختلاف طبيعي فرضته الطبيعة ، ومن ثم يكون منطق التعامل مع هذا الكائن بشكله الظاهري وعقله دون النظر إلى جزئيات الأشياء من تلكم الفروق ثم تأتى بعدها شكل أدوات التعامل من احترام وغيرها .أن الانوثه ليست وليدة التكوين البيولوجي وحده بل ربما كان الأدنى إلى الصواب أن نقول إنها عبارة عن نواة مركزيه تتألف من عناصر (بيولوجية؛ فسيولوجية؛ وتشريحية ؛ وسيكولوجية) وإذا كان في وسعنا أن ننظر إلى العناصر العضوية نسبيا باعتبارها عناصر ثابتة فإننا نجد إن العناصر السيكولوجية تختلف باختلاف الأفراد؛ وكذلك لا ننسى شي مهم ألا وهو تأثير البيئية على سلوك المرأة وطريقتها في الاستجابة للمؤثرات الاجتماعية.

كل هذا يتضافر مكون البيئية التي تعيش فيها المرأة (عوامل حياتية واجتماعية والخ) ؛ أما فيما يتعلق بمجال المقارنة من الناحية الضعف الجسمي فان من المؤكد أن تكوينها البيولوجي يجعلها اقل قوة وصلابة من الرجل ، فالقوة العضلية لها اقل من الرجل كما أن عدد الكريات الحمراء أيضا اقل ،كذلك مقدرتها على التنفس اضعف مما يجعلها اقل قدرة من الرجل في العدو، كذلك تعجز عن رفع الكثير من الأثقال والخ ، فضلا عن انه لا تكاد توجد رياضه تستطيع فيها المرأة بحق تنافس الرجل،أيضا نجد أن المرأة تصف بعد الثبات؛مما يترتب عليه عجزها عن تنفيذ الكثير من المشروعات التي تتجه إلى تحقيقها نتيجة لعدم قدرتها على ضبط نفسها ومواصلة نشاطها،وهذا ما حدا بالبعض بان سيطرة المرأة على العالم الخارجي محدودة، حتى توارد للكثيرون واستقر في أذهانهم بان حياة المرأة الفردية اقل خصبا وادني ثراء من حياة الرجل. لكن هل تكفى كل هذه المبررات للقول بان المرأة تمثل (الجنس الضعيف)؟ أو بعبارة أخرى هل يجوز لنا بيولوجيا وفسيولوجيا أن نسميها بالضعف والنقص والقصور؟ ؛ هي ليس أسئلة لفتح باب الدفاع المستميت عن المرأة لكن يجب توضيح أشياء قد اختلطت على الكثيرون ألا وهو القوه والذكورة- وبين الضعف والانوثه، وعلى الرغم من ضعف المرأة من الجوانب البيولوجية والأخرى ؛لكن مع ذلك فان العلاقة بين الرجل والمرأة ليست مجرد علاقة بين موجب وسالب أو حتى إذا نظرنا إلى الناحية الجنسية الخالصة قد نرى من تلكم الناحية الجانب المازوشي في المرأة بوضوح، لكن أيضا قد لا نكون على صواب إذا قلنا بان موقف المرأة سلبي، إن تلك التعميمات التي قد تطرقنا إليها ليس لتبين الفوارق وعلى هذا الأساس يتم التعامل بها ولكن هي في الحقيقة تقسيمات تسهل البحث ولكنها قد تضللننا إذا اعتبرناها فورقا عامة، وإذا ما عاودنا النظر ألان في قضية (الجنس الضعيف) لتبين لنا أن كثير من مظاهر الضعف المزعوم تقترن بمظاهر (قوة) تعويضها إلى حد كبير.فمن المعروف مثلا إذا تعرضت المرأة لظروف عدوى فان احتمال إصاباتها بالمرض يكون اقل من احتمال الرجل به في نفس الملابسات، ولهذا إن نسبة الوفيات بين النساء اقل منها بين الرجال على رغم من الأخطار الكثيرة التي تتعرض لها المرأة من (حمل وعند الوضع) ،فضلا عن متوسط العمر عند النساء أعلى منه عند الرجال ،هذا كله يدحض بان عملية القوه عملية نسبية تختلف مفاهيمها من مجال لمجال، كذلك فانه حتى بالنسبة للجانب البيولوجي الذي ينظر له البعض كعامل ضعف ومفاضلة ، كان هو المسؤل عن هذه المقدرة على الاحتمال الآلام لخدمة النوع البشرى، فان الثابت أيضا أن هذه المقدرة قد تتجاوز حدود المجال البيولوجي المحض سؤاء أكانت قدرة المرأة على احتمال الآلام محدده بيولوجيا أم معنويا فان من المؤكد أن هذه القدرة المعنوية على المقاومة هي حقيقة واقعية، ولا تقتصر هذه القدرة الفائقة على احتمال الآلام لدي المرأة على تلك المتاعب الاضطرارية التي تفرضها عليها طبيعتها البيولوجية والنفسية ، بل إننا لنجد لدى النساء أحيانا استعداد هائلا لقبول الكثير من التضحيات الإرادية.

وعندما يتحدث البعض والذين دأبوا على تكرار ضعف النساء جسمانيا هو ضعف حقيقة أسسه بيولوجية من شكل التركيبة للمرأة ليس أكثر (لان عملية القوه عملية نسبية تختلف مفاهيمها من مجال لمجال) ؛ فنجد من خلال هذا إن كثير من النساء يستطعن القيم بالكثير من الأعمال العضلية العنيفة فحيث كثير من الأعمال الجسمانية التي تقوم بها المرأة تحتاج لعناء من خلال الحياة اليومية وبالتحديد الآتي يعشن في مناطق (شده)؛ أو تحتم عليها التعاريف الاجتماعية القيام بأعباء أحيانا يقوم بها الرجل، فضلا عن ذلك أيضا يحق لنا أن نطرح سؤال عما إذا كان الضعف الجنسي(النسبي) الذي نلاحظه لدى المرأة وليد تكوينها البيولوجي وحده أو ما إذا كانت عوامل أخرى تربويه واجتماعية قد عملت التجارب على زيادته وتقوية مظاهره؟!؟، على اى حال فقد أثبتت التجارب انه حتى إذا لم يكن في مقدور المرأة أن تنافس الرجل في مضمار الرياضة البدنية فان إقبالها على ممارسة الكثير من الألعاب الرياضية قد ساهم إلى حد كبير في تقوية بنيتها الجسمية حتى أصبحنا نجد بين النساء كثيرا من الرياضيات الممتازات خصوصا في مجال (السباحة- تسلق الجبال- التزحلق على الجليد وهلم جرا) ؛ ولو إننا رجعنا إلى التاريخ لتبين لنا أن نساء اليونان كثيرا ما استطعن أن يتغلبن على الرجال ،كما لانعدم نظيرا لهذه الظاهرة أيضا بين بعض نساء المانيا خصوصا أبان القتال حيث كانت المحاربات ينافسن الرجال في ميدان الصراع وما إلى ذلك من الأمثلة، وهذا بالطبق لا ينطبق على الأماكن في العالم حيث يظل نشاط المرأة مقيدا ومحصورا في بعض الأماكن، فان مثل هذه المقدرة الجسمية لابد من أن تكون اضعف واقل كما هو مشاهد مثلا لدى نساء الشرق بصفه شبه عامه.

هناك حجج أخرى كثيرة تُثار ضد المرأة في معرض إثبات ضعفها ، فنجد في مقدمته تلكم الحجج على القول (بنقص قوة المرأة العقلية) حيث يذهب أنصار تلكم الحجة إلى الحد البعيد في التدليل قصور المرأة فكريا فيقولون إن المرأة ذاتها تؤمن في قرارة نفسها بان دون الرجل ، بدليل أن النساء قلما يقبلن عن طيب خاطر على استشارة محامية أو طبيبة!.. ، واعتقد لإنصاف هذا الحديث نستطيع أن نقول انه لما كان عدد النساء المشتغلات فعلا بالدراسة العلمية أو البحث الجدي لازال ضئيلا بالقياس إلى عدد الرجال فانه من الطبيعي أن يكون إنتاج المرأة اقل إنتاجا من إنتاج الرجل خصوصا في مضمار الفتوحات العلمية والاختراعات الحديثة ، بيد أن هذا إلى أن الكشوفات العلمية لا يتوقف على القدرة العقلية والمجهود الذهني فحسب بل هو يفترض ضربا هائلا من الثقة بالنفس والثقة بالمجتمع الذي نعيش فيه، لكن هنا تكمن المعضلة في أن هذه الثقة لازلت تعوز المرأة ، ولأنهن عشن في مجتمعات دأبت على الإقلال من شانئهن والانتقاص من مقدرتهن كانوا هم من أسباب ترسيخ هذا الفهم لان 80% من تلك الجدلية ساهمت فيها المرأة بشكل أو أخر؛ وأكثر دلالة على أن المرأة هي سبب كثير من معضلاتها بسبب فقدان الثقة في النفس في إنها لم تستطيع أن تحرز نجاحا ملحوظا حتى في بعض الميادين التي هي حكر لها ومفتوحة أما النساء؛ مثال: حيث المجال الموسيقى والفنون الجميلة التي طالما كان المجال مفتوحا أمامهن لارتيادها!!.هذا خلاف بعض الأشياء الأخرى والمهن (كالطبيخ-التجميل-التصميم- والخ من ضروبهن) ،والحق يُقال إن انعدام ثقة المرأة في نفسها قد حال بينها وبين الإنتاج في شتى الميادين ولكنها ما كادت تتحرر من هذا الإسار النفسي ،حتى أخذت تنافس الرجل في شتى الميادين الإنتاج الفني فضلا عن ذلك نلاحظ أن المرأة لا تكترث في كثير من الأحيان بالعمل في ميادين قد لا تتطلب قسطا من النشاط العقلي هي دون مداه وإنما كل ما هنالك إنها لا تجد من نفسها اهتمام ، حيث يقودنا هذا التصرف (الأنثوي) في شكل مقاربه 100% من حديث (هيمانز- Heymans) حيث يقول : براجع إلى إن التفكير المجرد البارد هو أمر قد لا ترتاح إليه المرأة عموما نظرا لأنها لا تقنع في العادة إلا بما يرضى حاجاتها الوجدانية وطبيعتها العاطفية ؛ أن الفروق الجنسية كثيرا ما ترتبط بالأساطير استمدادا لها من الطبيعة ،مثل بعض الصفات المتعلقة بالسلوك نجد إن كثيرها اشتق من الأساطير والطبيعة (كالنرجسية)، لذا نجد بان كل هذه الفروق الجنسية ليست فروق جوهريه أصلية ، لأنه الاشتراك عامل مشترك كالنرجسية التي هي اشتقاق من الجانب ألذكوري واتسمت بها المرأة، وكذلك شكل الفهم الدال لعدم وجوده رجولة خالصة أو انوثه كاملة ووالخ . كل هذا يصب تجاه انها فروق فرعية مستجدة وبعبارة أخرى يمكننا القول إن التركيب الجنسي لأفراد كل (فصيلة) أساسا مشتركا يحتمل التذكير والتأنيث، وهذا نجده بوضوح أكثر من خلال ما عبر عنه العالم الاسباني "مارانون" بنظريته (الإمكانية الجنسية المتعادلة) في كتابة(تطور الجنس).

أما عن الجانب العاطفي في حياة المرأة والنساء عموما نستطيع أن نقول انه جانب ثانوي ،لكن ربما كان من الصواب أن يُقال إن وظيفة الامومه قد اقتضت أن تكون المرأة أكثر حساسية من الرجل وأسرع استجابة للمواثرات الوجدانية، وهذا تفنيد بالقول الذي ينظر للمرأة بأنها لا تنظر للحياة إلا من خلال عواطفها وجداناتها أو إنها كثير ما تهتدي عن طريق شعورها وبصيرتها إلى حقائق لا يستطيع الرجل أن يهتدي إليها بعقله وتفكيره المجرد، فهو في نظرنا قول لا يخلو من مبالغه وإسراف خصوصا إذا عرفنا إن ملكة الحدس المزعومة كثيرا ما تجنح بالمرأة إلى إصدار أحكام سريعة ليس لها سند من عقل أو عاطفة، وإذا دققنا النظر فيما دأب الناس على تسميته باسم العاطفية المؤنثة فقد نجد أنفسنا بإزراء منطق خاص أمتله على المرأة طبيعة حياتها النفسية باعتبارها مخلوق يتعامل في العادة مع الأفراد والأشخاص لا مع الأفكار والمبادئ العامة ،فالرجل في الغالب حريص على تطبيق المبدأ العام ،أما المرأة فإنها لا تعرف سوى الحالات الخاصة !.والرجل في العادة إذا طُلب إليه أن يصدر حكما لا يفكر إلا في مخالفة القانون باعتبارها واقعة تستلزم الادانه، بينما المرأة إن وُضعت موضع القضاء فأنها لا تفكر إلا في مصير فرد، إذا فان منطق النساء لا ينكر الوقائع (كما يحلو للبعض أن يقول : إنما هو منطق يهتم بالأشخاص أكثر مما يهتم بالوقائع!) ؛ففي كل ما تطرقنا إليه من هذه الفروق السيكولوجية والبيولوجية بين الرجل والمرأة حتى نتذكر إن التكوينات تلك وبالأخص (البيولوجية منها) لم يكن يوما هو المسئول الأوحد عن ذلك المصير الذي انتهت إليه، فليس يكفى لتفسير سلوك المرأة أن نحلل جهازها العضوي أو نفسر علاقتها بمختلف وظائفها العضوية؛ أو أن نقول إنها دائما في خدمة النوع؛ لكن يجب تصحيح هذه المفاهيم من خلال تعاضد الجنسين براديكاليه بعض المفاهيم كذلك يجب أن نستفيد من شكل الدراسات المتعلقة بالجنس البشرى ولانحصر شكل الاستقاء من فرع واحد دون تكملة ببقية الجوانب مثال: أن نستفيد من دراستنا لبيولوجية المرأة دون أن نجعل من التركيب البيولوجي لجسم المرأة مصيرا جامدا يرين عليها وكان الطبيعة وحدها هي التي تتكفل بتفسير كل مظاهر السلوك الأنثوي!، لذا يجب أن نتحرك بعيدا عن اللغو وأزمة الفكر الطافح هذا وبان الإلمام بأهم مراحل النمو النفسي الذي يختلف على شخصية المرأة مهم ،كما نجد بان السمات الخلقية التي تتصف بها المرأة هي وليدة البيئة والتربية وحقا إن للتكوين البيولوجي أهميته باعتباره الأساس الذي تستند إليه معظم مقومات المرأة مثل: السلبية والمازوشيه والنرجسية، ولكن نلاحظ أيضا إن معظم الفروق الكائنة بين الجنسين من حيث القدرة العقلية والإنتاج الفكري إنما ترجع إلى عدم تكافؤ الفرص وحاجة المرأة إلى الثقة في نفسها وفى المجتمع، وكذلك نجد بان خلاصة التطور السيكولوجي لشخصية المرأة يقودنا إلى القول بأنه ليس ثمة (أنوثة محضة) ولا (ذكورة محضة) ،إذ قد نلاحظ أن هناك عناصر ايجابية وعدوانية ذكوريه تدخل ضمن مقومات (الأنا) عند المرأة ، وعلى الرغم من إننا قد جعلنا من الامومه المركز الذي يواجه معظم دوافع المرأة؛ ولكن هناك تنبيهات كثيرة وفى أكثر من موضع إلى انه ليس ثمة امومه خالصة كما انه ليس ثمة انوثه مطلقه أو ذكورة مطلقه ، واية ذلك إن بعضا من العناصر الذكرية قد تدخل في صميم الصادر عن دوافع الامومه فضلا عن انه قد لا يكون ثمة موضع لحد فاصل بين (الأم) و (العاهرة) مادامت بعض العاهرات قد يتصفن ببعض صفات الامومه ، أما تلك الفروق الحاسمة التي اعتدنا أن نقيمها بين الرجل والمرأة في كذلك تعميمات مطلقه نلتجئ إليها لتسهيل البحث ولكنها قلما تنطبق على الأفراد الذين نلتقي بهم في حياتنا العادية، وإذا كانت هي حقيقة أصلا بين الذكورة والانوثه فما أحرا بان نبتسم باؤلئك الذين برجولتهم متناسين أن هناك أنثى تكمن في قرارة نفوسهم ،حقا هؤلاء قد لا تكون كل بيوتهم مصنوعة من الزجاج ، ولكنهم ينسون أن نوافذ بيوتهم مصنوعة من الزجاج فما يليق بهم أن يقذفوا الآخرين بالحجارة!.


ومادامت الرجولة الكاملة تكاد تكون معدومة (مثلها كمثل الانوثه الكاملة) فليس هناك معنى لان نتهم الآخرين بنقص الرجولة فلنترك إذن لاؤلئك الواهمين تلك الأسطورة الرائعة (أسطورة الرجولة الكاملة) ، ولنقنع نحن بان نكون إنسانين ننظر إلى الرجل على انه إنسان قبل أن يكون ذكر وننظر إلى المرأة على إنها إنسان قبل أن تكون أنثى ،ونعتبر أن جوهر الإنسانية واحد كل منهما مهما كان من الأمر تلك الفروق البيولوجية التي اقتضت طبيعة تقسيم العمل بينهما. بيد أن النظرة الإنسانية التي يجب الدعوة لها لا تعنى أن تتناسى المرأة وظيفتها الأصلية لكي تنافس الرجل في ميادين قد لا تكون بحاجة إلى خوضها وإنما يجب أن تتذكر دائما أن هدف المرأة الأسمى هو أن تكون أماً ، وان تعمل على العناية بطفلها على الوجه الأكمل ، حقا أن الظروف قد تضطر المرأة إلى العمل على عدم المساواة مع الرجل خصوصا قبل الزواج حينما يكون عليها أن تكسب عيشها حتى لا تحيى عالة على المجتمع، ولكن من المؤكد أن المرأة لا تمنع في العودة إلى وظيفتها الأصلية حينما تُتاح لها الفرصة لان تساهم في تكوين جيل سليم متزن ناضج ، وأما حينما يُضن عليها بمثل هذه الفرصة فقد لا يكون حرج عليها أن اتجهت إلى ميادين العمل النسوي حيث هناك متسع لإرضاء حاجتها إلى الامومه بطريقة روحية سامية، ولا اعتقد بان هناك من يمانع اليوم في أن تتمتع المرأة بسائر الحقوق التي تتمتع بها الرجل في شتى ميادين الحياة الاجتماعية – الاقتصادية - والفكرية والسياسية، ولكن هذه المساواة الاجتماعية بين الرجل والمرأة أمام القانون وفى الحياة العامة لا ينبغي في نظرنا أن تتم على حساب الأسرة، وإذا كان البعض قد أصبح البعض ينظر إلى الامومه إلى إنها مجرد وظيفة اجتماعية بحيث يكون على الدولة أن تنهض بعبء تربية الأطفال وتنشئة المراهقين كما هو الحال في بعض البلاد ، فان هذه النظرة قد تؤدى إلى القضاء نهائيا على الامومه الحقيقة التي ينعم فيها الطفل بحنان الأم ورعايتها خصوصا في السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفولة، وليس يكفى لحل مشاكل الاسره أن نحرر المرأة اقتصاديا ، وان نسمح لها بان تساهم مع الرجل في حمل أعباء الأسرة المالية ، بل يجب أن نكفل لها العناية بأسرتها دون التضحية بواجبات الامومه التي تستلزم الاستقرار العائلي والارتباط المباشر بالطفل والعمل على تقديم الغذاء الروحي للأبناء صغارا وكبارا، لكن أحيانا نجد أنفسنا أمام مشكله عسيرة ، فقد أصبح من المربين أن يفكروا جديا في طريقة تعليم البنت ومدى صلاحية التعليم المشترك ، ونوع الدراسة التي يمكن أن تحقق لها تكامل الشخصية، وليس من السهل بطبيعة الحال أن نقطع براى حاسم في هذه المشكلة المعقدة، لكن اعتقد انه لابد للجميع من أن نذكر دائما بان عملية تكامل الشخصية لدى المرأة عملية عسيرة معقدة فضلا عن دور المرأة في الحياة الاجتماعية الحديثة قد أصبح مزدوجا، إذ أصبح من الضروري أن تُعد المرأة للامومه بما يترتب عليها من مطالب وتبعات للحياة الحرة المستقلة بما تقتضيه من واجبات واستعداد.

ولما كان عامل الزمن لدى الجنسين مختلفا ، فان التعليم المشترك قدر لا يكون في مصلحة الجنسين إلا في الفترات الأولى من الحياة الدراسية، ولكن إذا كان من الحق أن الاختلاط ضار ومستحيل وإذا أريد له أن يكون ظاهرة عامة تستمر طوال مراحل التعليم فان هذا لا يعنى أن يتم الفصل بين الجنسين منذ البداية وليس من شكل في أن ضرورة أعداد النشء لمواجهة حقائق الحياة ومستلزمات العلاقات الجمعية هي التي تدعونا إلى أن نفكر جديا في توفير أسباب التضامن والتآزر بين الجنسين، وقد يبدو من الصواب القول بان جانبا كبيرا من مشاكل الحياة الاجتماعية إنما يتولد عن خوف البنت من الجنس الآخر أو عجزها عن التعاون معه بسبب شعورها بالنقص، وحينما يكون الفرد قد نشأ في جو من العزلة والانعكاف بعيدا عن كل صلة أو رابطة بالجنس الآخر فانه يلقى كثير من الصعوبات فيما بعد حينما تضطره طبيعة الحياة الاجتماعية إلى تكوين علاقات مع الجنس الآخر أو العمل في مجتمع مختلط يضم رجالا ونساء، فقد دلت التجارب على أن كثير من مشاكل الحياة الزوجية إنما ترتد في نهاية الآمر إلى هذا النوع من التربية الانفصالية التي فيها ينشا الولد أو البنت في شبه عزلة جنسية دون أن تتاح له فرصه التعارف أو الاختلاط بالجنس الآخر ، وليس في شك أن هناك مهنا كثيرة تقتضى الإلمام التام بسيكولوجية الجنسين ؛ لاعن طريق الكتب أو الدراسات المجردة بل عن طريق الصلات الشخصية والتجارب الحية، هناك أيضا عدة أسئلة تتلخص إجابتها عن حلول لهذه المشكلة، عن كيفية أن يتسنى للطبيب أو المدرس أو رجل الدين أن يتعامل مع الجنسين ، إذا لم يكن قد اختبر نفسه بتجربة الاختلاط فاستطاع أن يعرف من خلالها إلى اى حد تختلف سيكولوجية المرأة عن سيكولوجية الرجل؟ .لكن هذا يرجعنا إلى القول إلى أن سيكولوجية المرأة لا تعنى وصف ذلك الموجود المجرد الذي أطلق علية البعض اسم (الأنثى) الخالدة كما أن سيكولوجية الرجل لا تعنى وصف ذلك الموجود المجرد الذي اعتدنا أن نسميه باسم (الذكر)؛ إنما يجب أن لا نقع في الانسياق إلى تلك التجريديات الجوفاء التي لا تؤدى إلا إلى تزايد الصراع بين الجنسين وعجز كل من المرأة والمرأة عن تحقيق((التكــامل)) الذي يضمن لنا أسباب السعادة ، في المنطق مثلا وعندما نقول إن الرجل هو (القوة) والمرأة هي (الجمال) نستطيع أن نجد في المنطق قوة لتحليل هذا الواقع من خلال عدة أسئلة ؛ أليس للقوة جمالها كما أن للجمال قوته.؟. ونجد بعضهم من خلال تلك الأسئلة يدللون على امتياز الرجل بقولهم أن الله خلق ادم أولا ثم خلق حواء بعده من ضلعه!!، أيضا يمكن صياغة منطق أخر من خلال الأمثلة اللاهوتية ،كمثال : قول القديس أوغسطين ((لو أن الله أراد أن تكون المرأة حاكمه على الرجل لخلقها من رأس ادم ، ولو انه أراد أن تكون أسيرة الرجل لخلقها من رجلة ، ولكنه خلقها من ضلعه لأنه أراد أن يجعل منها شريكة للرجل ومساوية له)) .كل هذا يسوقنا إلى قصة ((ادم وحواء)) وبداية الجدلية فيما يتعلق بمسالة طردهما من الجنة، حيث تقول احد الأساطير الهندية القديمة (( انه حينما خلق (براهمه) الكون فانه أودع الرجل والمرأة في جزيرة نائية ساحرة الجمال وحينما اختار لهما (براهمه) تلك البقعة الفريدة خاطبهما قائلا: فلتجمع بينكما رابطة المحبة لان ارداتى قد شاءت أن يكون الحب الصادق أساسا للزواج)) ؛ وهكذا توثقت رابطة الحب بين ادم وحواء ؛ثم لم يلبث (براهمه) أن عقد الزواج بينهما قائلا لهما أيضا : امكثا هنا ولا تغادرا هذه الجزيرة؛ بيد أن ادم المخلوق المتنقل والولوع بالأسفار سرعان ما مضى إلى حواء يقول لها: اننى أريد أن امضي إلى بعيد؛ فتركته ؛حواء يستطلع أنحاء الجزيرة إلى أن قادته قدماه إلى أقصى الشمال حيث أغراه سراب وخداع أوهمه بوجود جبال شامخة ووديان جميله مغطاة بالجليد الأبيض؛ عاد ادم إلى زوجته يقول لها: أن البلاد البعيدة لهى أجمل بكثير من البقعة التي نسكنها فهيا بنا إلى هنا، ولكن حواء (ذلك المخلوق المستقر الولوع بالثبات) لم تلبث أن أجابته قائلة: فلنمكث هنا لان لدينا كل ما نرغب فيه ومآبنا حاجة إلى أن نهاجر بعيدا؛ عاد ادم يدعوها إلى الهجرة مجددا فاستجابت حيث حملها (الرجل) على ظهره ومضى بها غير أنهما سرعان ما سمعا صوت انفجار شديد خلفهما ؛فلما نظر إلى الوراء وجد أن الأرض قد انهارت وسقطت في أعماق اليم واختفى السراب فلم يكن ثمة غير صخور ورمال ؛ عندئذ تعالى صوت (براهمه) يلعنهما وينهى إليهما حكمة العقل وبالبقاء في الجحيم ،وهنا تكلم الرجل فقال: فلتحل اللعنة بى وحدي ولكن ليس بزوجتي فأنها ليست خطيئتها بل خطيئتي، فاستجاب (براهمه) وقال له: اننى سوف أنقذها هي أما أنت فلن يكون لك خلاص ، وهنا فاض قلب المرأة حبا، فقالت في حنان وخوف: إذا كنت لن تعفو عنه فلا تعف عنى أنا أيضا لأني لا أريد أن أحيا بدونه اننى أحبه؛ وعندها ارتفع صوت (براهمه) الإله قائلا: لقد عفوت عنكما معا وسوف أرعاكما وأرعى ابناكما من بعدكما.

تلك هي أسطورة المرأة والرجل على نحو ما تصوره خيال البشر و يبقى ما حولنا أن نسوقه هنا في توضيح بعض الأمور أهمها جدلية المرأة المبنية على لغز المرأة الخالدة ، لكن في خاتمه المطاف شي لابد من قوله بان (الحب) و(الامومه) الكلمتان الأخيرتان في لغز المرأة ، ولم تخل أسطورة بشرية من التعبير من هذين المعنيين بأسلوب جميل قد لا ترقى إليه أحيانا أعمق التحليلات العلمية ، ونجد كذلك وان البعض يقول :أن المرأة هي المخلوق الذي لا يستطيع المرء أن يحيا بدونه ، ولا يستطيع في الوقت نفسه أن يحيا معه!، وتعبا لذلك فان السعادة في الحب هي في نظر الكثيرين أشبه بالدائرة المربعة! ؛ ولكن من خلال دراسة لعلم السيكولوجي وبالتحديد سيكولوجية المرأة فقد نجد بان السعادة ليست منحه بل هي ثمرة لخبرة طويلة وكسب متواصل؛ وحينما يعرف الرجل كيف يعامل زوجته على أنها زهرة جميلة ورائعة فإنها لن تلبث أن تملا جو حياته بالعطر والبهجة والسرور.

خلاصة بعض القول إذا حاولنا أن نستقرى تاريخ المجتمعات من خلال الناحية الاجتماعية والنفسية، فإننا سنجد أن مركز البنت في الأسرة ضعيف مشوب بالكثير من الدونية، والتفكير الذكورى للرجل كان ناجم من عدة أشياء ابتداء من التفكير الذي يحدده شكل الأسرة ويتـفاقم إلى أن نجد في هذا المثال اليهودي نوعا ما ،من الاستدلال كما ورد في التلمود يستهل صلاته إلى الله قائلا : ((أحمدك يا الهي لأنك خلقتني يهوديا لا وثنيا- ذكرا لا انثى))؛ وكثير من النماذج اللاهوتية كما ورد في النصوص القرانية فيما يختص بمسالة الحقوق والميراث..الخ ؛ زائداُ التدنيس الذي حصل للأنثى على يد البطريكية القديمة كما وإنه حتى المسيحية - في مرحلة ما بعد المسيح - كانت السبب الرئيسي في تشويه صورة الأنثى في مسألة إتهامها بالخطيئة الكبرى ،بالإضافة إلى مظهر آخر يؤسس لهذه الدونية من خلال ترحيب الأسرة بمقدوم الطفل الذكر وتخليد اسم الذكور في العائلة، حتى من خلال الشكل البيلوجيي الذى يكون بمثابة سبب من أسباب التحفظ فعدما يكبر الطفلان يكون للطفل الذكر حق اختيار الملابس خلاف الطفل الأنثى في أن هناك اختلافات أحيانا تبدأ منذ عملية التبول في الصغر، مثلا: قدر روى احد الآباء بان طفله الصغير اعتاد أن البتول جالسا فما قاده أبوه إلى دورة المياه واره كيف يتبول الرجال واقـفين ،أصبح هذا الولد يحتقر البنات اللائي يتبولن دائما جالسات، كذلك من النماذج تجاه التفكير السلبي حيال مسألة التفريق بين عضو الذكر وفكرة الذكورة؛ من جانب المرأة حيث اعتلت بعض حالات الفوبيا بعض النساء. والحديث عن المازوشيه ، اعتقد بأننا نميل إلى الاعتقاد بان البيئية التي ينشأ فيها الطفل وهى التي تتكفل ببث هذا الشعور فيه، وان الأمهات هن اللائي يخلطن منذ البداية أمام الولد بين عضو الذكر وفكرة الذكورة ؛ فلا يلبث أن ينظر إلى قضيـبه باعتباره من صميم شخصيته أو باعتباره ذلك (الآخر) .

تظل المرأة هي سر الحياة الأعظم. وهو السر الذي لا نرغب في كشفه، لأنه متعته الحقيقية تكمن في كونه سراً. إن لوجود عشتار الإلهة الأنثى أكثر من مغزى فعلي فهو دليل كبير على مكانة المرأة في العصور القديمة جداً . وهذا يدل على أن استلاب حقوق المرأة تم منذ قديم الزمان ، وليته لم يحدث لأنه كان السبب في كل (البلاوي) التي أوقعتنا فيه الذكورية من عنف وحروب وغيره.لذا كأقل تكفير لتصحيح شكل الواقع الظالم الذي مُرس على المرأة أن تعمل منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع التنظيمات النسوية السودانية والناشطات النسويات؛ وناشطي وناشطات حقوق الإنسان ومنظماتهم؛ والمثقفين والمثقفات الديمقراطيين والديمقراطيات؛ والأحزاب الديمقراطية والليبرالية والتقدمية؛ إلي تبني فكرة إصدار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية في السودان بشكل يحترم المرأة بعيد عن الابتذال في القوانين الموضوعة سلفا ويُصاغ بشكل جديد ، وان تقوم بتأطير الجهد القانوني والدعائي والتنظيمي المصاحب لأعداد القانون والنضال من اجل إجازته ؛ في شكل تنظيم حملة شعبية واسعة للدعوة لفكرة ومشروع القانون والتعريف به والحشد له وجمع التواقيع له وبالضغط على مركز القرار ؛ وتعمل في مثابرة حتى يتم إجازته (قانون مدني موحد للأحوال الشخصية والأسرة في السودان)؛لكي يتم اعتماده كقانون ،على أن يُعتمد على المبادئ المدنية وليس الدينية يضم الخطوط العريضة التي كانت ولازالت تعمل على وأد المرأة فيما يختص بالزواج تعريفه وشروطه وموانعه ، الحقوق و الواجبات في الأسرة، حق الطلاق وإجراءاته، الأطفال مسؤوليتهم ونسبهم وحضانتهم، قضايا الميراث، حرمة الجسد والخ .


التحايا النواضر لأمي لأختي لصديقتي لحبيبتي ولكل الإناث في أعيادهن ...


وماشين في السكة نمد...



#معتز_تروتسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت الإكلينيكي للإنقاذ وتمرحل العملية الديمقراطية


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - معتز تروتسكي - قراءة في جدلية المرأة والرجل