أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد الفضلي - اغتيالات الأمل














المزيد.....

اغتيالات الأمل


وليد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 11:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أوشكت فوضى الأحداث اليومية أن تحجب الأبصار عن رؤية حقيقة المشهد في العالمين العربي والإسلامي، والتي توارت خلف قيم إنسانية مجزئة ومشوهة، وإحصائيات موت وتدمير الإنسان والوطن، وأزمات وصراعات متجددة، بالإضافة إلى احتقانات سياسية ومذهبية دفينة. كما تضافرت تفاصيل نشرات الأخبار، وتحاليل الساسة المتقاعدين، ومزايدات “بازار” الإعلام، في بناء مدن من أصنام اليأس في العقول والنفوس، وتثبيت الصورة عند مشهد الانكسار وهزيمة الإنسان، والوطن، ليكون مشهداً نمطياً متكرراً من دون أدنى استشعار بالألم والحزن. فإليكم أربعة من رؤوس الموضوعات التي نراهن على أنها سوف تبقى حاضرة في وسائل الإعلام، ولكن بتفاصيل وشخوص مختلفين ومنها:

مازالت صفحة الرسوم المسيئة لرسول الإنسانية “محمد” (ص) مفتوحة لم تطو، بل إن نيرانها تسعرت من جديد في صحف السوق الأوروبية، تحت مسوغات حرية التعبير، ولنا أن نتساءل: هل أن مشكاة الحرية لا تنير إلا بانتهاك أنوار الآخر؟ والتعدي على رموز ديانات، وثقافات الآخر؟ أوليس هذا النوع من الإساءة هو تفخيخ، ونسف لكل جسور الأمل بمشاريع الحوار، والتعارف المنشود بين الحضارات الإنسانية؟. ومن بعد ذلك، أي ردة فعل نتوقعها إزاء هذه الإساءات، غير تلك الردود التي لا تقل عنفاً عن انتهاكات الآخر؟

أما “غزة” فهي لم تتوقف عن تسيير مواكب الشهداء، وأفواج الأطفال الضحايا الذي سلبوا حلمهم، فتراكمت استغاثة إنسانها على جدران الصمت، والعزلة، والخذلان.

في غزة أمّ تريد أن تلملم ضفائر مستقبل أطفالها، وإنسان يريد أن يتنفس ذلك الأمل، ولوحة خالية من ألوان الحياة وأطيافها، كل تفاصيل ذلك المشهد القديم لم تحرك ساكناً فينا؛ لأن الأحاسيس والأمل قبرا منذ زمن ليس بقريب.

حتى شجرة الأرز اللبنانية غطتها سحابة سوداء من الخارج، فلم تعد كما كانت تظلل فسيفساء الداخل، فلُوثَت حريتها ببكتيريا مهددة من الشرق، وفيروسات من الغرب، ولم تعد كما كانت مشربة المبدعين العرب الأولى من ماء الحرية المتدفق من بيروت والبقاع. لقد بحّت المبادرات من المناداة على رئيس للجمهورية اللبنانية، الذي غاب في ما بين جموع المشجعين والمشعلين من جهة، والموالاة والمعارضة من جهة ثانية.

كما نعيش حالة القلق من الاحتقان المذهبي، والاقتتال الطائفي في العراق، وامتداد دخانهما الخانق إلى دول المنطقة وبالأخص الى دول الخليج، فالمفخخات في العراق لم تحصد المئات من القتلى والجرحى فقط، بل إن جريرة جرائمها أصابت بقايا الأمل، بعد زوال النظام الطاغوت في العراق، ويشارك في هذه الجريمة جميع المتخندقين باسم المذاهب الدينية، أو الأحزاب السياسية التي أشعلت شرارة الاحتراق الكبير بين فئات المجتمع، وبررت سلوك التكفير والعنف.

فهل هنالك متسع للكتابة في هذه الكيمياء البائسة؟ وماذا عسى أن يسكب القلم الواعي؟ هل يعيد صياغة الجراحات كرّة بعد كرّة، ويدعي أن هنالك أملاً؟ هل يرتل أسفار ومشاريع إنقاذ وتحرير الإنسان العربي، ومن ثم يهدي الكلمات إلى أرواح من دفنوا تحت الركامات المتحركة؟ هل يستنجد بالسحرة والعلماء ليعيدوا عقارب الساعة للوراء، فيكحل العيون بصورة قديمة نسيناها، ويدهن الروح بدهان الحب وقيم الإنسان بعد نفادها من وسائل الإعلام؟ أم يترك الدخان القاتم يلتهم عطر المستقبل، ويغيب إرث الوطن، وبصمت متآمر يبحث عن حضن يخبئ فيه يأسه؟ أتراني أترك معصية الكتابة، وأستيقظ من كابوس التفكير والسؤال وأتحالف مع فوضى الأحداث والأفكار، فأندد وأرعد بالكلمات؟ هل بقي ثمة أمل؟.

نحن في حاجة إلى القليل من الأمل ليعيد لنا الأمل، ويفضح التبرير الذي لطالما قرأناه على أنه هو التفسير، ويكشف اليأس المعيق لخطى الحاضر، والقادر على قراءة خيوط المستقبل. وأن نضبط بوصلتنا الإستراتيجية، التي يمكنها أن تعبر الأزمات وتذهب بنا إلى أية نقطة نريد. فلا قيمة للهاث خلف فوضى الأحداث، لأنه خير دعم ومساهمة في زيادة رصيد الفوضى.

إن الاعتقاد أن نصرة تلك القضايا الأربع ومؤازرتها يكون عبر سلسلة من الإدانات والبيانات الاستنكارية لهو سذاجة إستراتيجية، فالإدانات والخطب لا تحقق الشرط الحضاري للتغيير والإصلاح، فهي أشبه ما تكون بحقن التخدير التي تنسي المريض لساعات معدودة المرض، ليستيقظ صباحا ليجد المرض وقد اشتد واستفحل توغله في الجسد.

بالإضافة إلى أن غالبية قراءتنا ومعالجتنا لتلك القضايا تقع في منطقة البديهيات الأولية لجهة نيل الحقوق، فأضحت نوعا من اجترار، وتسويق لدواء يعالج بعض الأعراض من دون يداوي الجسد العليل. كما أنها لم تخرج من المنطقة الخضراء الآمنة في بحثها وتمحيصها عن حوامل الداء، وطرح الأسئلة، وخلق البديل الحضاري القادر على مواجهة داء الفوضى الذي يمتد ويصيب بالعدوى بقية مجتمعاتنا ودولنا.

خلاصة القول، إن مشروع الفوضى الذي تعيشه أكثر من بقعة في العالمين العربي والإسلامي مرشحة للتزايد والتمدد إلى مناطق جديدة، والمعالجة لا تكون إلا عبر مشروع حضاري يطول بمشرطه النقدي المناطق الأكثر حساسية وثباتاً في تفكيرنا وحراكنا في الواقع. حري بنا أن نبحث عن ذلك الذي يتنفس دخان حرائق الفوضى والفتنة، ونكشف مصدر حركته؟ وإلى أين تتجه بوصلته التدميرية. وتبقى علامة الاستفهام معلقة... هل هنالك ثمة أمل؟



#وليد_الفضلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم من أيام الوطن
- المغامرة النقدية
- أوطان بلا مواطنين ...!
- من سرق المصحف..؟!
- الفجوة بين صُناع القرار وصُناع الأفكار
- عاشوراء.. برسم كل المسلمين
- مَأسسة الفعل الثقافي في الكويت
- الدين.. وممانعة التحديث في المجتمع
- المشهد الثقافي في الكويت... شيخوخة المؤسسة
- خرائط الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- نحو شراكة مجتمعية


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد الفضلي - اغتيالات الأمل