فاطمة الهلال
الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 07:21
المحور:
الادب والفن
إن بعض أصحاب محمد عبد الوهاب دخلوا عليه وهو يلحن تلك القصيدة وسمعوه يدندن جملة (على المقاعد بعض من سجائره) فقفزوا من مكانهم وقالوا له: ما هذا الانقلاب الخطير في ذوقك يا أستاذ.. يعني بعد قصيدة مجنون ليلى تغني للسجاير والجرانيل؟! حرام عليك يا أستاذ.
وضع الأستاذ العود جانباً وقال لهم بكل ثقه (يا حضرات الأساتذة، أنا لحنت قصيدة نزار قباني لأنها تعبر عن الحب في العصر الذي نعيشه.. وفي هذا العصر لم يعد العشاق يمارسون الهوى تحت الخيام وإنما صاروا يجلسون في الكافيتريات ويدخنون السجائر ويطالعون الصحف ويتابعون أخبار العالم.. إن الأغنية يجب أن تكون صورة من القرن العشرين، لا صورة من القرن الجاهلي) وكنت فعلاً مبهورة برد الأستاذ محمد لكن ما أرعبني هو أن الأغنية يجب أن تكون معبرة عن العصر الذي نعيشه، فأي عصر عربي نعيشه الآن؟ فالعالم العربي الآن يعاني من انحطاط لا أعرف إذا كان عارض أو مزمن لن ينجلي من جميع النواحي، فهل أصحاب الموجة الحميرية والتكسية (نسبة إلى أغنية بحبك يا حمار والتاكسي) معذورون إذاً؟ لكن هناك ما يحيرني لماذا عندما نسمع أغنية لأم كلثوم وعبد الحليم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم من عظماء الفن نطرب للأغنية مهما كانت قديمة وتدعو إلى الحب تحت الخيام، ومحلاها عيشة الفلاح، وعلى رمال الصحاري الذهبية، ونموت ضحكاً على أغنية لمطرب جديد مر على ظهورها عدة سنوات أو أشهر وكأننا نشاهد مهرج يؤدي نمرته في سيرك، راجت في فترة معينة وكسرت الدنيا كما يقول الإخوة في حركة (الجمهور عايز كدة).
إن الصوت الجميل هو هبة من عند الله، ولكن الصوت الذي لا يثقف نفسه ولا يجدد معارفه ولا ينفتح على ثقافات العالم يبقى صوتاً أمياً حتى لو غنى عن أكبر قضية في زمنه الذي يعيش فيه. أعتقد بأن الصوت الأمي الذي يعتمد على الغرائز يشتعل بسرعة وينطفئ بسرعة لأنه لا يملك الوقود الثقافي الذي يسمح له بالاستمرار.
#فاطمة_الهلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟