|
خمسة اعوام من احتلال العراق ياقمة العرب
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 11:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بضعة ايام فقط ، تفصل قمة العرب الجديدة ، عن يوم بدا القوات الامريكية لعملية غزوها للعراق ، ومثلها عن يوم اتمام واعلان احتلالها لكامل اراضيه ، وهو يتم عامه الخامس تحت سيطرة ذلك الاحتلال . فما ذا اعد العرب (لتحرير!) العراق ، من اقذر احتلال ، عرفه تاريخ البشرية ؟ وقبل ان نحاول الاجابة على هذا السؤال ، علينا توصيف اثار وحجم الدمار الذي الحقه هذا الاحتلال ، بالعراق و شعبه . لعلي لا اكون مغاليا اذا ما قلت ان العراق اليوم يمر بمرحلة تحلل ، لكافة قواعد بناه ، المادية والمعنوية ، بسبب حملة التخريب المتعمد التي يتعرض لها . ولعل اول هذه البنى التي طالها التخريب هي ثروته البشرية ، التي لم يكتفي الاحتلال بابادة ثلاثة ملايين شاب منها ، بل عمل جاهدا على تعطيل قدرات 50% ، مما تبقى منها ، وركنها على ارصفة الشوارع ، نهبا لكل امراض الحاجة والعوز . ولكم ان تتخيلوا حجم الدمار الاجتماعي والاقتصادي الذي ممكن ان يلحقه ، التعطيل المتعمد ، لعجلة اقتصاد بلد ، من اغنى بلدان العالم ، وثروته البشرية ، التي يشكل الشباب ، بين سن 16 و35 سنة 62 % من عدد سكانه . بل وقبل هذا ، والاهم منه ايضا ، هو اعتماد ادارة الاحتلال وادواتها الحكومية لنهج سياسة تجويع الشعب العراقي وحرمانه من مستلزمات ادامة بقاءه على قيد الحياة ، بقصد اذلاله ، وكسر كبريائه واجباره على الخنوع بطلب اقل القليل ، والهائه في دوامة الركض خلف تحصيل مستلزمات عيشه وادامة حياته ، عما يحاك وينفذ ضد بلده ومستقبل شعبه واجياله القادمة ، تكريسا لوضع الاحتلال الدائم - بغض النظر عن شكل ذلك الاحتلال ، مباشر، عسكري سافر ، او سياسي - اقتصادي ، مستتر او غير مباشر - في حياته . هذا اضافة الى ما انتجته سياسة اثارة النعرات الطائفية والقومية والمناطقية من سبل الخلاف ووجوه الاختلاف ، بين ابناء الشعب الواحد والدين الواحد ، وما خلفته من نتائج خطيرة ، في مساحة اثرها الاجتماعي والنفسي ، والتي تمثلت في اعمال التصفية والتهجير على الهوية الطائفية والمذهبية والعشائرية . اما على الصعيد التنظيمي وبنة الدولة المؤسساتية ، فقد عملت ادارة الاحتلال على شن حملة منظمة لتخريب وتفتيت البنية المؤسساتية للدولة العراقية ، والاستعاضة عنها بمقرات الاحزاب ، المنفذة لسياساته واهدافه ، وهياكلها الادارية واطلاق يدها في ما تبقى من تلك البنية ، امعانا في تخريبها ، و كسرا لهيبة الدولة ، وسطوة القانون والنظام العام في نفوس المواطنين ؛ وخاصة في ظل حالة الفوضى التي انتجها حل المؤسسات الامنية والدفاعية للبلاد . اما الخراب الاكبر الذي عملت ادارة الاحتلال على تكريسه ، فهو الذي شهده النظام السياسي ، تحت غطاء الديمقراطية الزائفة ، والتي لم تكن في حقيقة الامر ، اكثر من فوضى منظمة لعملية التخريب للبنية السياسية ومؤسساتها التي تعاني الخراب من الاساس .. ولم يزد شكل النظام السياسي الذي فرضه الاحتلال سوى هياكل شكلية وتزويقية ، تحولت بعد اول عملية انتخابية الى ضياع واقطاعيات للاحزاب المتنفذة ، بدعم وسطوة قوات الاحتلال وتدبير ادارته السياسية ، من اجل تكريس حالة الفوضى والفساد الاداري ،كبديل للنظام العام . ولعل حالة انسحاب وزراء الكتل البرلمانية المؤتلفة في اول ( حكومة منتخبة ) ، وعجز رئيس هذه الحكومة وبرلمانه عن ملء شواغر هذه الحكومة ، انصع دليل على ما نقول . وقد كانت اول نتائج هذا الخراب المنظم ، اطلاق احزاب الحكومة ليد ميليشياتها المنظمة في دوائر الدولة ومصادر الثروة الوطنية والمال العام ، والمتمثلة في عمليات تهريب النفط وسرقة ميزانية الدولة وتخصيصات الوزرات عن طريق عقد الصفقات الوهمية واستيراد البضائع والتجهيزات الرديئة والفاسدة ، باسعار المواصفات القياسية ، خدمة لجيوب قادة ووزراء الاحزاب التي تحظى برضى وقبول ادارة الاحتلال . وقد جاءت حالة التناحر والفرقة الطائفية والقومية ، بين مكونات المجتمع العراقي ، بتدبير وتنفيذ تلك الاحزاب ، وكل وفق اجندة واهداف مموله الخارجي ، لتكون الفصل الاخير لمسلسل التخريب هذا ، وكخاتمة لحلم الوحدة الوطنية ، التي مثلت وتمثل العائق الاول بين هذه الاحزاب ومشروع تقسيم العراق وتجزيئه الى اقطاعيات طائفية ومناطقية ، لتلك الاحزاب وقياداتها ، وطبعا تحقيقا لاهداف ادارة الاحتلال ، التي لايخدم وجودها ، طويل الامد في العراق والمنطقة ، غير ( مجموعة عراقات) مجزئة ومتناحرة ، تفصل بينها حدود مرسومة ومحروسة بفوهات البنادق والاحقاد الطائفية والدينية والمذهبية والقومية والحزبية ... بل وحتى العشائرية . هذه صورة مبتسرة لما يعانيه العراق تحت سيطرة الاحتلال ... فماذا اعد قادة قمة العرب لانقاذه من الاحتلال ؟ بيان استنكار ام مطالبة ادارة الاحتلال الامريكي ان تسحب قواتها باسرع وقت ممكن ؟! اللافت للنظر هو حالة الاهمال العربي ، المستعصي على الفهم ، لقضية احتلال العراق ونذر تفتيته ، سواؤ من قبل قادة العرب اومؤسسة قممهم ، جامعة الدول العربية .. بل ان جامعة الدول العربية تتعامل مع حالة الاحتلال كامر واقع ، من خلال مساعيها وجهودها الصورية في عقد ما يسمى بمؤتمرات المصالحة العراقية ؛ وكأن مسؤولي هذه المنظمة الكسيحة ، لايعون ، او لا يرغبون بتحميل ادارة الاحتلال الامريكي وادواتها من الاحزاب ، مسؤولية ما حل من خراب وفرقة بين العراقيين ! فلماذا يتنصل قادة قمم العرب ومؤسستها الادارية ( جامعة الدول العربية ) عن مسؤولياتهم ( القومية ) تجاه العراق ووحدة ارضه وشعبه وكيانه السياسي ؟ هل هو قصر نظر في تحديد الاسباب ، ام عدم جرأة على شق عصا الطاعة على حماة عروشهم ؟
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصالحة على طريقة المنطقة الخضراء
-
القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى ب
...
-
الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
-
طفولة التفاحة الاولى
-
لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
-
تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
-
عطور الدواعي
-
العراق في حقيبة احمدي نجاد
-
في عيد المرأة العراقية ..البنية المفهومية لحرية المرأة في ال
...
-
طفولة الترجل في المواخير المطرقة
-
ظهيرة عربية على النت
-
الحزب الشيوعي العراقي .. النكوص والهزيمة
-
الموت على حافة العزلة
-
اطارد سماء بلا نوافذ ... بلا عيون
-
خواتم آية الرحيل
-
يقين بلا جدران
-
صدع النبوات الزائفة
-
احزاب اليسار العراقي ومعضلة سم خياط المنصب(نظرة تقييمية)
-
تراجيع نذوري المسفوحة على مذبح الريح
-
ثنائية الحكومة واللحم الابيض
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|