|
القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى بوترعة)
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 07:31
المحور:
الادب والفن
بآلية (التقابل) الديالكتيكي ، او تقانة جمع الشيء ونقيضه في صورة واحدة ، تدخل بنا الشاعرة، ضحى بوترعة ، غيبة القصيدة ... او ..
لعبة الندى والموت الهاديء
كما حصدتها احاسيس الشاعرة من سواحل التيه .. الشعر اضطرار ، الاخفش يقول .. ونحن ، مع ارتكابات ضحى ، امام لوحة تعصف باشتغالاتها ، وحشة غابة مفزعة من صور المتناقضات التي ينضمها نزيف الشعر في عقد ، يكبح عنف تنافراتها في ابهى صورة ، يمكن ان تنتجها قصيدة . مرارات الحياة كثيرة ... ولكن اضطرارات الشعر اكثر . (هل سقولها احد بعدي ؟) . ومن هذه النقطة ، وعلى اساس هذا الهجس ، أمسكت ضحى بوترعة ، شفرة الفنان ، لا قلم الشاعر ، لتملأ هواجسنا ومخيلاتنا ، قبل احاسيسنا ، بصور الشعر ، واستفحالاتها ، عندما تتحول القصيدة ، او روحها - بالمعنى الادق - الى .. غيمة تستحث سلالات السواد لتمطرنا ، نحن المتلقين ، المتظللين والمتحصنين بمألوفات هواجسنا وخيالاتنا ، بألوان وصنوف خادشة من دهش وفزع الغابة ، (غابة الذات القصية ) ، بسيول من سلالات السواد .. من يستطيع الجزم بسيادة اللون ، غير هجس الشاعرة ؟ سنؤجل هذا الحكم لما بعد تذوق ..
فاكهة صباح ... القصيدة / الشاعرة وسماع بوحها .. الذي تنام الكائنات فوق ( ه ) .
ثمة دوي حركة ، هو بين هدير البحر ورجرجة قضبان السكة التي يحدثها زحف افعوان قاطرة، تسود أجواء القصيدة ، وتهيئنا ... بل تفرض علينا - نحن ركاب امواج لوثة الشعر - لانطلاقة ضرب أكباد رواحلنا الى اقاصي المجهول ... ( سأفترضه انا ) : مجهول الذات ..، بدلالة صيغة الخطاب الذي توجهه ( بوترعة ) لكل منا : ( انت يا هذا ... ) ، قبل ان تزيحه الى - من وحدة مفاصل جسد القصيدة - فضاء مدخلها ، كعنوان او رأس لجسد القصيدة .
تختلف فيك الالوان
تظل وحيدا في سلالة تأريخ الحجر ... وتاريخ العشب
ولكن ، وهذه ضربة شفرة الشاعرة القاطعة في عنق (لوحة) القصيدة ... لتظل ...
مهمتك الاولى الموت على عتبات التأويل ..
وهي ، ايضا ، ضربة القطع بمصير الانسان ونهايته المحتومة : الموت . والموت ، بجميع معانيه ، ( الفيزيقية والميتافيزيقية ) ، انما يعني نهاية رحلة الانسان ومصيره ، مهما خلع على نفسه وحياته من معاني التأويل والتفلسف .
عبثا تحفر غموضك في صوت القصب
تسكب عريك في جحيم اللغة ...
ان تقانة التدفق سريع التلاحق ، التي تعتمدها الشاعرة ، لا تترك لنا لحظة لا لتقاط انفاسنا او الاستجمام الا على قمة ( سواحل التيه ) ، لانها ، ومن اول لحظة لانبجاس تدفقها ، حددت لنا ملامح قمة الجبل الذي تنتظر النهاية عليها ؛ وهي ايضا لحظة الاستجمام او لحظة انفاث التوتر المحموم الذي يقود مسيرة الانسان من ساعة ولادته :
الموت على عتبات التأويل !
وهنا نتوقف لنتسائل مع ضحى عن حقيقة هذه النهاية ( المجحفة) لمهمة حياتنا ومصيرنا : هل حقا ان مهمتنا الاولى الموت على عتبات التآويل ؟ واذا كانت هذه هي مهمتنا فعلا ، وفحواها ونهايتها ، فلم اذن علينا قبول عناء خوضها ... والى النهاية ؟ وطبعا سنتجنب هنا عناء الخوض في البحث عن اجابة لهذا السؤال ، لانه سيقودنا الى اقاصي مجاهيل غابة الفلسفة وديالكتيكها الذي لا يتوقف عند حد اجابة قاطعة . وبحسب ( فتاوى ) اغلب منظري الحداثة ، سأسمح لنفسي ، انا المتلقي ، اعادة كتابة الجزء التالي من النص ، وفق لحظة انفعالي معه وبه ..
ايها الاعمى الجاثي في كف الطفولة ..
ب ... ما كتبت عيناك وصلت شفتاك
لالهة ومحاربين ينتظرون القيامة والطين ،
و ... لانثى انهكها العطش ،
س ... يقتلك اليأس ...
ولكل متلقي ان يختار قائمة ادوات ( يأسه القاتل ) ، الموسيقا ، التأويل ، الهفوات صغيرها وكبيرها ، الجنس ، العشق الصوفي والفناء في ذات المعشوق / المعبود ، قهوة الصباح ، فيض الحبر في الحنجرة ، رهن الهموم على مشاجب المواخير والحانات ، فضائح الصحف ... ( مع وضع كل اداة بين هلالين طبعا ) ... لا لشيء سوى ان ..
براءة الحدس في خطواتك المتقاطرة ... ( تحصدها من ) ... ربيع ذابل .
غيري سيتهم الشاعرة بالتشاؤم ، ويلومها على سوداوية وقتامة الصورة التي ترسمها للحياة الانسانية ، وكأنها تدعونا للانتحار ، يأسا مما لا يرتجى ، ولو املا صغيرا او بصيص ضوء في نهاية نفقه . اما انا فاسميها لحظة كشف و وقوف بصلابة - الرفض - بوجه مجهول اعمى - وبغض النظر عن هوية هذا المجهول الكوني - لا يفرق بين الحدائق والمزابل (بحسب نزار قباني) وهو مسرف في عملية انتاج اخطائه وتكرارها بكل غباء ورعونة ! لانه لا يعي ، وان وعى فانه لا يهتم ، لهول ما تقترف يداه من اخطاء واوزار تكديس الارقام بلا غاية منظورة ومقنعة ! وعلى قاعدة فتاوى المحدثين ، آنفة الذكر ، سأعيد انتاج المقطع التالي كما يلي ..
انت يا هذا ...
المنحصر في مدن الخوف
ارحل من هذا المدى والنشوتين
بحملك : طعم الحصى في الريح
والطفل الذي : سجنه غبار المدن التي تركتها العصافير
اعبر الان : اقتفي اثري !
اغسل ( غموض المعنى الذي خلعه على حياتك وهم الكلمة )
بصابونة المعجزات واقتفي اثري ..
فربما ثمة امل خلاص في انتظارنا ... لان ما يقودني ، هاجس ... حدس ... توقع او قرار رفض - بشفرة ضحى ، كما توحي لي الوان لوحتها ..
ذاهب للباب الذي يجمع الدم والمطر في مضيق ارضين .
انها - الشاعرة - تكشط بشفرتها الحادة ، كنصل السكين ، طبقات الوهم وغمامات الطمأنينة الزائفة عن روعنا وعقولنا وعيوننا من اجل ان تضعنا في مواجهة حقيقة مصيرنا ، و ما هدرنا من سلالات اجيالنا السابقة قبل ان ..
تتحرك الرمال بنا ويذبحنا الوقت .
هل تخففت الان من عبء سفر وصايا ضحى بوترعة ، وسأعود الى حضن وسكينة سريري ومقعدي امام شاشة التلفزيون بهدوء و وداعة قطة او خروف شبع من( برسيم وشعير ) قداسة الكتب ؟ ... في اذن من كانت تصرخ ضحى اذن ؟!!
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
-
طفولة التفاحة الاولى
-
لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
-
تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
-
عطور الدواعي
-
العراق في حقيبة احمدي نجاد
-
في عيد المرأة العراقية ..البنية المفهومية لحرية المرأة في ال
...
-
طفولة الترجل في المواخير المطرقة
-
ظهيرة عربية على النت
-
الحزب الشيوعي العراقي .. النكوص والهزيمة
-
الموت على حافة العزلة
-
اطارد سماء بلا نوافذ ... بلا عيون
-
خواتم آية الرحيل
-
يقين بلا جدران
-
صدع النبوات الزائفة
-
احزاب اليسار العراقي ومعضلة سم خياط المنصب(نظرة تقييمية)
-
تراجيع نذوري المسفوحة على مذبح الريح
-
ثنائية الحكومة واللحم الابيض
-
الرغبة عند درجة الاستواء
-
وشم على ذاكرة البحر
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|