|
خمسة في زنزانة
شهاب رستم
الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 02:02
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
كانوا خمسة في الزنزانة ، في الطابق الثالث في الامن العام في بغداد . كانوا شبة عراة ، ملابسهم ممزقة ، لا زيارات لهم ، بل لا احد يعلم اين هم ، ولا من يعرف خبرا" عنهم . كان الجو باردا ، كان ذلك في شهر كانون الاول من عام 1977 . الزنزانة طولها متران وشيء من المتر وعرضها متر ونصف المتر . بطانية سوداء عسكرية تفترش الارض ، لم يكن وضع البطانية بافضل من ملابسهم ، غطائهم سقف الزنزانة الرطبة . نزلاء يدخلون الى القاعة التي تقع الى الجانب الايسر من الزنزانة . ثم زنزانات على اليمين . مطرب معروف كان جارنا في الزنزانة المقابلة لنا ، الحارس يطلب منه ان يغني له اغنية ، ما عساه ان يفعل لغراب الشئم ، يدندن ، يطلب منه ان يرفع طبقات صوته ، يفعل ، يخرج الحارس صوتا مقززا من فاه وهو يسخر منه ، فيسكت المطرب وامره لله . شباب مكبلين يدخلون الى القاعة ، اشقيائية بغداد موقوفين ممن اتذكر منهم ، احسان البغدادي ، عامر بزون ، طارق حنظل وأخرون كلهم مستاؤون مما هم عليه ، احسان البغدادي يتذمر ، لقد غدروني والا فان ابن ... رجال يوكف امامي . كان الاشقيائية يساقون في اول النهار الى خارج السجن ، يشغلونم في السخرة ، ويهينونهم ابشع الاهانات ، يرجعون اخر النهار ، وقد خار قواهم ، فينامون كالصخر حتى اليوم التالي . عامر بزون يبحث عمن يكتب له رسالة الى صديق خارج السجن. كريم الفلسطيني موقوف لاغتصابه بنت صاحب الفندق الذي يعمل عنده ، اما سعد من السعودية لا يعرف لماذا هو موقوف ، ربما انه تعرف من خلال عنوان منشور في احد المجلات على شاب عراقي ، ضيفه في السعودية ، واستضافه الشاب العراقي فوجدوا انفسهم في الامن العام . على ابو العيون موقوف لماذا ؟ .. لانه كان يحب اخت ضابط الامن . الشيخ المصري ، ادخل القاعة وهو واقف على رجليه كتمثال خوفوا ، طلب النزلاء منه ان يقرأ لهم بصوته الجهور آيات من القران الكريم ، ففعل الشيخ ، الكل ينصت اليه ، من الشيوعيين والماركسيين والمتدينيين ، والاشقيائية وحتلى الحرامية . ثم مراقب القاعة ، المحامي الموقوف لاسباب غير معروفة ، ولكن لا شيء يبقى مخفيا في هذا المكان ، لقد خدع عوائل ، انه سيدافع عن اولادهم لانه من المقربين لمسؤلين كبار ، لم يكن توقيفه لانه خدع الناس بل لانه لم يدفع للمسؤول الحصة من المبلغ المعلوم . الزنزانة ، لا منافذ لها للخارج ، سوى حفرة في الجدار كانوا يسمون هذه الحفرة بالشباك ، ليش لا عدهم شباك على الشارع .. ولكن اين الشارع ، كانوا يضعون فتات من الخبز ( الصمون) في هذا الشباك ، ثم عصفور ياتي وياكل فتات الصمون ، منظر جميل يتكرر كل يوم . الليل ، نادى الحارس على الشيخ المصري ، اخذوه ، من خلال الدهليز الاظلم ، بعد ساعتين او شيء فوق ذلك عاد الشيخ منفوخ الرأس ، الدم ينزف من وجهه ، وثيابه ممزق ،حتى تاب من قراءة القران . هذا الشاب الاشقر ، على ما اعتقد كان سويسريا ، ممن لا يعترفون بالحدود الدولية ، زار دول العالم بدون جواز سفر ، في ايران القي الفبض عليه ( زمن الشاه) فلم يجدوا عنده وثائق تثبت شخصيته ، طردوه من البلد وكان وجهة سفره التالي هو العراق ، من الحدود القي القبض عليه واصبح من نزلاء الامن العام . مات الرجل الذي كان في قاطع التحرش ، رغم انه لم يكن متحرشا ، سأل احدهم ما هو قاطع التحرش ، هم الشباب الذين قذفوا بنتا في الشارع بكلمة ، سمعه رجال الامن ، فما كان عليه الا ان يقضي شهورا في الامن العام . ولانهم شباب تجمعوا في قاطع واحد ، كل يتكلم عن طريقة محاولته لجذب انتباه البنت الذي اراد ان يفاتحها بحبه . كانت المراقبة شديدة على الزنزانات لانهم سياسين . الزنزانة ، مكان المناقشات السياسية ، لانهم كانوا رفاق الدرب ودعوة واحدة . الهدوء يخيم على الموقف ، الساعة تشير الى الواحدة والنصف تقريبا ، من يعلم ذلك ، الساعة ممنوعة الاستعمال للموقوفين السياسين ، كل من يدخل الموقف ياخذ منه كل شيء ، ما لديه من مال ، وحلقة الزواج ، خواتم ، ساعة ، كل ما يجدونه في جيب الموقوف السياسي . على كل حال فالوقت في ساعات متأخرة من الليل ، سمع احد نزلاء الزنزانة صوتا مريبا ، قال : هناك طربكة. ماذا ؟ فتح الباب الخارجي ، دخل رجل طويل القامة ، تحت انفه شاربا لا يحمله حمالي الشورجة ، خلفه ، العديد من ضباط الامن ، نظر الى الزنزانة من خلال فتحة موجودة فب الباب . سأل .... ها اشلونكم ؟ بدون تردد قال احد النزلاء ، نحتاج بطانية نفرشة على الارض ، نظر الى ارضية الزنزانة ، قال ، لا ما ما يحتاج الكاع ما يبين . ثم دار وجهه ، وسار من كان خلفه وراءه . وللقصة بقية .
#شهاب_رستم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحية الى مهاباد قره داغي وقلمها الحر في يوم المرأة العالمي
-
اللقلق
-
المادة 140 ما بين التطبيق والاقصاء
-
الوفد الكردي
-
الهارب من وجه العداله
-
و........الحبل على الجرار
-
كلام بلا كمرك
-
الزنزانة وحقوق النزيل
-
الاب
-
من شعر الشاعرة النرويجية انجر ياغورب
-
ونطح الصخرة
-
قصيدتان للشاعرة النرويجية انجر ياغورب
-
رئيس الوزراء في حارتنا
-
الشخير
-
قصيدتان للشاعرة النرويجية إنجر هاغَروب
-
اشاعة الديمقراطيه
المزيد.....
-
الجيش السوداني يسيطر على الخرطوم بحري والمجاعة تنهش الشعب
-
مؤسسات الأسرى الفلسطينيين: استشهاد أسيرين من غزة في سجون الا
...
-
هيئة الأسرى تتسلّم قائمة بأسماء 69 أسيرا من غزة ومصير مجهول
...
-
“وقف إطلاق النار” أم وقفة في التطهير العرقي في غزة؟!
-
مكتب إعلام الأسرى: الإفراج عن 110 أسرى فلسطينيين ضمن صفقة ال
...
-
منظمة التعاون الإسلامي تحذر من خطورة إجراءات الاحتلال الإسرا
...
-
الأونروا توقف كافة أنشطتها بالقدس.. ما هي تداعياته على اللاج
...
-
مذكرة اعتقال ترامب -تحرج- الحكومة.. ما مصيرها عند القضاء الع
...
-
صحيفة إسرائيلية: مواقف نتنياهو قد تفجر صفقة الأسرى في المرحل
...
-
وزير الخارجية الفرنسي يشدد على دعم عمل الأونروا
المزيد.....
-
١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران
/ جعفر الشمري
-
في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *
/ رشيد غويلب
-
الحياة الثقافية في السجن
/ ضرغام الدباغ
-
سجين الشعبة الخامسة
/ محمد السعدي
-
مذكراتي في السجن - ج 2
/ صلاح الدين محسن
-
سنابل العمر، بين القرية والمعتقل
/ محمد علي مقلد
-
مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار
/ اعداد و تقديم رمسيس لبيب
-
الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت
...
/ طاهر عبدالحكيم
-
قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال
...
/ كفاح طافش
-
ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة
/ حـسـقـيل قُوجـمَـان
المزيد.....
|